عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2012-05-23, 10:09 AM
أبو حب الله أبو حب الله غير متواجد حالياً
محـــاور
 
تاريخ التسجيل: 2011-10-24
المشاركات: 305
افتراضي


وهذه إضافة أخرى في صميم ما نتحدث عنه ..
وقد طلب مني بعض الإخوة ذكرها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ..
-------------

جاء عن ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى :
"{قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} : ومن هذا الباب - باب المصالح والمفاسد - تولى يوسف الصديق خزائن الارض - بيت المال أو وزارة المال - مع علمه أن ملك مصر وقومه كفار {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به} غافر34 .. ومن المعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وسنة - مخالفة لشرع الله - في قبض الأموال وصرفها على الملك وحاشيته وجندة ورعيته ولا تكون تلك جارية مع سنة الانبياء في عدلهم، ولم يكن يوسف يتمكن أن يفعل كل ما يريد من دين الله فإن القوم لم يستجيبو له - أي ظلوا على كفرهم - لكنه فعل الممكن من العدل والاحسان - برغم كفر العزيز ملك مصر وقومه - ونال بالسلطان - السلطة والوزارة - من إكرام المؤمنين من آل بيته ما لم يمكن أن ينله من دون ذلك وهذا كله في قول الله : {فاتقوا الله ما استطعتم} " ..

ويوضح ابن تيمية رحمه الله تعالى ذلك أكثر بقوله :
" فمَن وُلي ولاية يقصد بها طاعة الله وإقامة ما يمكنه من الواجبات واجتناب ما يمكنه من المحرمات لم يؤاخذ بما يعجز عنه، فإن تولية الأبرار للأمة خير من تولية الفجار حتى وإن لم يستطيعوا أن يحكموا بكل ما أنزل الله إذا عجزوا عن ذلك " ..
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 28 / 369 ..
-----------

ومن مجموع الفتاوى أيضا ً: ننقل الكلام التالي :
سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - عن :
رجل متول ولايات، ومقطع إقطاعات، وعليها من الكلف السلطانية ما جرت به العادة، وهو يختار أن يسقط الظلم كله، ويجتهد في ذلك بحسب ما قدر عليه، وهو يعلم أنه إن ترك ذلك، وأقطعها غيره وولي غيره، فإن الظلم لا يترك منه شيء؛ بل ربما يزداد، وهو يمكنه أن يخفف تلك المكوس التي في إقطاعه، فيسقط النصف، والنصف الآخر جهة مصارف لا يمكنه إسقاطه فإنه يطلب منه لتلك المصارف عوضها، وهو عاجز عن ذلك، لا يمكنه ردها، فهل يجوز لمثل هذا بقاؤه على ولايته وإقطاعه؛ وقد عرفت نيته واجتهاده، وما رفعه من الظلم بحسب إمكانه أم عليه أن يرفع يده عن هذه الولاية والإقطاع، وهو إذا رفع يده لا يزول الظلم بل يبقي ويزداد، فهل يجوز له البقاء على الولاية والإقطاع كما ذكر؟ وهل عليه إثم في هذا الفعل أم لا؟ وإذا لم يكن عليه إثم، فهل يطالب على ذلك أم لا؟ وأي الأمرين خير له: أن يستمر مع اجتهاده في رفع الظلم وتقليله أم رفع يده مع البقاء الظلم وزيادته؟ وإذا كانت الرعية تختار بقاء يده لما لها من المنفعة به، ورفع ما رفعه من الظلم، فهل الأولي يبقي ويزداد برفع يده؟

فأجاب:
الحمد لله، نعم إذا كان مجتهدا في العدل ورفع الظلم بحسب إمكانه، وولايته خير وأصلح للمسلمين من ولاية غيره، واستيلاؤه على الإقطاع خير من استيلاء غيره، كما قد ذكر، فإنه يجوز له البقاء على الولاية والإقطاع، ولا إثم عليه في ذلك؛ بل بقاؤه على ذلك أفضل من تركه إذا لم يشتغل إذا تركه بما هو أفضل منه.

وقد يكون ذلك عليه واجبا إذا لم يقم به غيره، فنشر العدل بحسب الإمكان، ورفع الظلم بحسب الإمكان، فرض علي الكفاية، ويقوم كل إنسان بما يقدر عليه من ذلك إذا لم يقم غيره في ذلك مقامه، ولا يطالب والحالة هذه بما يعجز عنه من رفع الظلم.

وما يقرره الملوك من الوظائف التي لا يمكنه رفعها لا يُطلب بها، وإذا كانوا هم ونوابهم يطلبون أموالا لا يمكن دفعها إلا بإقرار بعض تلك الوظائف، وإذا لم يدفع إليهم أعطوا تلك الإقطاعات، والولاية لمن يقرر الظلم أو يزيده، ولا يخففه كان أخذ تلك الوظائف ودفعها إليهم خيرًا للمسلمين من إقرارها كلها، ومن صرف من هذه إلى العدل والإحسان فهو أقرب من غيره، ومن تناوله من هذا شيء أبعد عن العدل والإحسان من الظلم، ويدفع شر الشرير بأخذ بعض ما يطلب منهم، فما لا يمكنه رفعه هو محسن إلى المسلمين غير ظالم لهم، يثاب ولا إثم عليه فيما يأخذه على ما ذكره ، ولا ضمان عليه فيما أخذه، ولا إثم عليه في الدنيا والآخرة إذا كان مجتهدا في العدل والإحسان بحسب الإمكان.

وهذا كوصي اليتيم، وناظر الوقف والعامل في المضاربة والشريك، وغير هؤلاء ممن يتصرف لغيره بحكم الولاية أو الوكالة إذا كان لا يمكنه فعل مصلحتهم إلا بأداء بعضه من أموالهم للقادر الظالم؛ فإنه محسن في ذلك غير مسيء، وذلك مثل ما يعطي هؤلاء المكّاسين وغيرهم في الطرقات، والأشوال والأموال التي ائتمنوا، كما يعطونه من الوظائف المرتبة على العقار، والوظائف المرتبة على ما يباع ويشتري فإن كل من تصرف لغيره أو لنفسه في هذه الأوقات من هذه البلاد ونحوها فلا بد أن يؤدي هذه الوظائف فلو كان ذلك لا يجوز لأحد أن يتصرف لغيره لزم من ذلك فساد العباد وفوات مصالحهم.

والذي ينهي عن ذلك لئلا يقع ظلم قليل لو قبل الناس منه تضاعف الظلم والفساد عليهم، فهو بمنزلة من كانوا في طريق، وخرج عليهم قطاع الطريق، فإن لم يرضوهم ببعض الماء أخذوا أموالهم وقتلوهم، فمن قال لتلك القافلة :لا يحل لكم أن تعطوا لهؤلاء شيء من الأموال التي معكم للناس، فإنه يقصد بهذا حفظ ذلك القليل الذي ينهي عن دفعه، ولكن لو عملوا بما قال لهم ذهب القليل والكثير وسلبوا مع ذلك، فهذا مما لا يشير به عاقل، فضلا أن تأتي به الشرائع، فإن الله تعالى بعث الرسل لتحصيل المصالح،وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان.

فهذا المتولي المقطع الذي يدفع بها يوجد من الوظائف، ويصرف إلى من نسبه مستقرا على ولايته وإقطاعه ظلما وشرًا كثيرا عن المسلمين أعظم من ذلك ولا يمكنه دفعه إلا بذلك، إذا رفع يده تولي من يقره ولا ينقص منه شيئا، وهو مثاب على ذلك، ولا إثم عليه في ذلك ولا ضمان في الدنيا والآخرة.

وهذا بمنزلة وصي اليتيم ، وناظر الوقف الذي لا يمكنه إقامة مصلحتهم إلا بدفع ما يوصل من المظالم السلطانية، إذا رفع يده تولي من يجوز ويزيد الظلم، فولايته جائزة، ولا إثم عليه فيما يدفعه: بل قد تجب عليه هذه الولاية.

وكذلك الجندي المقطع الذي يخفف الوظائف عن بلاده، ولا يمكنه دفعها كلها: لأنه يطلب منه خليل سلاح ونفقة لا يمكنه إقامتها إلا بأن يأخذ بعض تلك الوظائف، وهذا مع هذا ينفع المسلمين في الجهاد. فإذا قيل له: لا يحل لك أن تأخذ شيئا من هذا؛ بل ارفع يدك عن هذا الإقطاع فتركه وأخذه من يريد الظلم، ولا ينفع المسلمين كان هذا القائل مخطئا جاهلا بحقائق الدين؛ بل بقاء الجند في الترك والعرب الذين هم خير من غيرهم، وأنفع للمسلمين وأقرب للعدل على إقطاعهم، مع تخفيف الظلم بحسب الإمكان، خير للمسلمين من أن يأخذ تلك الإقطاعات من هو أقل نفعا وأكثر ظلما.

والمجتهد من هؤلاء المقطعين كلهم في العدل والإحسان بحسب الإمكان يجزيه الله على ما فعل من الخير، ولا يعاقبه على ما عجز عنه، ولا يؤاخذه بما يأخذ ويصرف إذا لم يمكن إلا ذلك، كان ترك ذلك يوجب شرا أعظم منه .. والله أعلم
" ..
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 30 / 256 : 260 ..
__________________


<< حضور متقطع >>
حوار مع مسلم - اضغط هنا
ما يجب أن تعرفه عن نظرية التطور - اضغط هنا
هدم أسس الإلحاد - اضغط هنا
مدونتي - اضغط هنا
فرق ومذاهب وأحزاب وأديان معاصرة - اضغط هنا
إلى كل نصراني - اضغط هنا
فضح جهالات المدعو عمر المناصير - اضغط هنا
حقيقة المجوس الشيعة الروافض - اضغط هنا
عقد الضفيرة على شانئي أبي هريرة - اضغط هنا
الثورة المصرية .. وعقول ٌسلفية - اضغط هنا
رد مع اقتباس