عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2012-07-17, 04:06 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 302
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)

مكة والأوثان:
وبعد أن تكلمنا عن الوحي الذي أوحاه الله تبارك وتعالى لنبيه وبشره به أنه رسول من عند الله صلوات الله وسلامه عليه ، ننبه هنا إلى أهل مكة ، وكيف وصل إليهم الشرك ؟ وهل كانوا على دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم ؟ أولا .
كانت خزاعة هم وُلّات البيت الحرام قبل قريش ، وكانوا يتوارثون الولاية على البيت كابرا عن كابرٍ واستمرت على ولاية البيت أي خزاعة ثلاثة مائة سنة وقيل خمسة مائة سنة . وفي زمانهم جلبت الأوثان إلى مكة على يد زعيمهم عَمْرٍ بن لحي ، وكان قوله فيهم كالشرع المتبع لمكانته عندهم . وكان عمر بن لحي هذا قد خرج إلى الشام فرأى أهل الشام يعبدون الأصنام . فقال : ما هذه الأصنام التي تعبدونها . قالوا: هذه أصنام نعبدها نستمطرها فتمطرنا ، ونستنصرها فتنصرنا. فقال: ألا تعطوني منها صنما أسير به إلى أرض العرب ، فيعبدونه. فأعطوه صنما يقال له هُبل، فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته فأطاعوه. قال الرسول صلى الله عليه وسلم :"رأيت عمر بن لحي يجر قصبه في النار"(أي أمعاءه ، أي يجر أمعاءه في النار) وهذا الحديث رواه الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما.
وكانت العرب تتوارث دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ولكن لطول العهد نسوا كثيرا من تفاصيل الشرع ، واستمر هذا الأمر وهو رئاسة خزاعة على البيت الحرام حتى قام قصي بن كلاب بالزواج من ابنة رئيس خزاعة ، ثم بعد ذلك استعان بالعرب على قتال خزاعة، فهاجمهم وأجلاهم عن مكة وتسلم قصي الرئاسة( وقصي كما هو معلوم من قريش) .
وأما ما بقي عند العرب من العبادات التي كانت على دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم الحج ، فكانوا يطوفون ويسعون ويقفون في عرفات ومزدلفة ويهدون الهدية ، ولكنهم صاروا يقولون في تلبيتهم بعد بُعْدِ العهد : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك ملكته وما ملك. قال ابن عباس رضي الله عنهما إذا سرّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام . قال تعالى :" قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)".
قال ابن كثير من ذلك ما كانت تدعوه من الشرائع الباطلة والفاسدة التي ظنها كبيرهم عمر بن لحي قبحه الله مصلحة ورحمة بالدواب والبهائم وهو كاذب مفتر في ذلك ، ومع هذا الجهل والضلال اتبعوه هؤلاء الجهلة الطغام فيه ، قال الله تبارك وتعالى :"ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام"والبحيرة هي التي كانوا يبحرون أذنها أي يشقونها ويجعلون لبنها للطواغيث ويمنعون الناس منها ، وأما السائبة فهي البعير يسيّب فلا يحبس عن رعي ولا ماء ولا يركبها أحد ويكون كذلك للآلهة ، وأما الوصيلة فهي الناقة إذا ولدت أنثى بعد أنثى فتكون لهم ، وإذا ولدت ذكرا فيكون للآلهة ، وأما الحام فهو الفحل إذا أنتج من ظهره عشرة ترك فلا يُركب ولا يُمنع من رعي .
وتابعه أهل مكة ، أي تابعوا عمر بن لحي في أكثر من ذلك كما يقول الحافظ بن كثير رحمة الله تبارك وتعالى عليه:" بل تابعوه فيما هو أطمّ من ذلك وأعظم بكثير وهو عبادة الأوثان مع الله عزّ وجلّ وبدلوا ما كان الله بعث به إبراهيم خليله من الدين القويم والصراط المستقيم من توحيد الله ، وعبادته وحده لا شريك له ، وتحريم الشرك ، وغيّروا شعائر الحج ومعالم الدين بغير علم ولا برهان ، ولا دليل صحيح ولا ضعيف ، واتبعوا في ذلك من كان قبلهم من أمم المشركين "انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقد كانت العرب اتّخذت مع الكعبة طواغيث تعظِّمها كتعظيم الكعبة ، لها سدلة وهم الخدم وحجاج يذبح لها ، ويُطاف حولها ، ومع هذا كله يعرفون فضل الكعبة .
أما تلك الآلهة فكانت لقريش :العُزّى وهبل ، وكانت اللاّت لثقيف ،وكانت مناة للأوس والخزرج ، وكان ذو الخُلُصَة لدوس.
رد مع اقتباس