عرض مشاركة واحدة
  #65  
قديم 2012-11-17, 06:35 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 302
افتراضي

السرايا والبعوث بين أحد والأحزاب

بعد غزوة أحد وقعت بعض الأمور التي آذت النبي صلى الله عليه وسلم ، أولها بعث الرجيع ، وبعث الرجيع في السنة الرابعة من الهجرة ، وذلك أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من عَضَل وقَارَة(قبيلتان)، وذكروا أن فيهم إسلاماً، وسألوا أن يبعث معهم من يعلمهم الدين، ويقرئهم القرآن، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم معهم عشرة من أصحابه ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت ، وقيل أمرَّ مَرْثَد بن أبي مَرْثَد الغَنَوِي ـ ولكن المشهور أنه أمرَّ عليهم عاصم بن ثابت ـ فذهبوا معهم، فلما وصلوا إلى مكان يقال له الرجيع استصرخوا عليهم حياً من هذيل يقال لهم‏:‏ بنو لَحْيَان(يعني هؤلاء الذين جاءوا من عضل وقارة لما كانوا مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يقال له الرجيع صاروا يصيحون في الناس أدركونا أدركونا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) يقول: استصرخوا عليهم حيا من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فتبعوهم بقرب من مائة رام(يعني خرج إليهم مائة رام من هذيل بنو لحيان فلحقوهم، وأحاطوا بهم ، ثم لجؤوا إلى مكان يصدهم عن الأعداء ، فقال لهم أعداؤهم لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلاً‏.‏ فأما عاصم أبى أن ينزل وقاتلهم مع أصحابه، فقتل منهم سبعة، وأما خُبَيب وزيد بن الدَّثِنَّةِ ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق مرة أخرى، فنزلوا إليهم(يعني بعض الصحابة وهو عاصم رضي الله عنه ومعه رجالا امتنعوا ، وثلاثة من الصحابة رضوا بالمواثيق التي أعطوها )، مائة أو أكثر من المائة مقابل ستة ، وليس معهم سلاح ، يقول فأعطوهم العهد والميثاق ونزلوا إليهم ولكنهم غدروا بهم فربطوهم بأوتار قِسِيهم(يعني النبل ربطوهم بالأوتار يعني بالحبال من النبل)، فقال الرجل الثالث ‏:‏ هذا أول الغدر(يعني لما ربطوا زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي) قال: هذا أول الغدر(يعني الآن صالحتمونا فتربطوننا)،فأبى أن يستسلم لهم فقاتلوه فقتلوه، وأخذوا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فباعوهما بمكة، وكانا قتلا من رءوسهم يوم بدر،يقول: فأما خبيب فمكث عندهم مسجوناً، ثم أجمعوا على قتله.
وخبيب قصته عجيبة رضي الله تبارك و تعالى عنه ، وذلك أنه لما أسر رضي الله عنه وقعت له حادثتان.
الحادثة الأولى: ذكروا أنه رضي الله عنه عندهم الطعام ولم يطعمه أحد طعاما.
الحادثة الثانية:أنه طلب الموسى حتى يحلق الشعر الذي في جسده، فأرسلت امرأة الموسى مع ولدها لزيد ، فلما أتاه الولد خافت المرأة على ولدها تذكرت كيف أرسلت مع ولدها الموسى وهذا رجل مقتول مقتول يقتل ولدها مقابل نفسه فينتقم، فجاءت مسرعة ، فلما رأى زيد المرأة والموسى معه والولد عنده قال لها : أخشيتي أن أقتله .فالمسلمون ليسوا كغيرهم في أمثال هذه الأمور .
ثم أخذ خبيب رضي الله تبارك وتعالى عنه إلى التنعيم خارج مكة (يعني إلى الحل ، لأنهم كانوا يستحرمون القتلى في الحرم وهنا عذر لكن يستبحونه فتحريمهم وتحليلهم هوى وليس تبع دين إنما أهواء، يحرمون أحيانا ويحلون أحيانا ،يؤجلون الشهر الحرام إلى وقت آخر ، وهكذا) .يقول: فلما أجمعوا على صلبه قال ‏:‏ دعوني حتى أركع ركعتين، فتركوه فصلاهما، فلما قضى قال‏:‏ والله لولا أن تقولوا‏:‏ إنما بي جزع لزدت(يعني خشيت أن تقولوا جزع من الموت فأطال في الصلاة حتى مع هذه سبحان الله وبحمده وإلا أنه في نيته يصلي لله تبارك وتعالى ويريد أن يطيل لله تبارك وتعالى ، ولكن خشي أن يفهموا أنه إذا أطال في الصلاة أنه خائف من الموت ، فقال : حتى هذه ما أعطيهم إياها فصلى صلاة قصيرة ، وهي ركعتان . قال أهل العلم : سنة القتل صلاهما خبيب رضي الله تبارك وتعالى عنه، صلى ركعتين خفيفتين ثم التفت إليهم ، قال: لولا أن تقولوا أني جازع لأطلت الركعتين ، ولكن حتى أريكم أني لست بجازع واقتلوني إن شئتم ، ثم قال‏:‏اللهم أحْصِهِمْ عَدَدًا، واقتلهم بَدَدًا ، ولا تُبْقِ منهم أحدا، قال‏ معاوية رضي الله عنه قبل أن يسلم كان موجودا في مكة في هذا الوقت ، يقول : كنت فيمن حضر قتل خبيب ، فلقد رأيت أبا سفيان (يعني والده) يلقينني إلى الأرض فرقا من دعوة خبيب ، وكانوا يقولون إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع زلت عنه الدعوة(يعني لم تصبه هذه الدعوة ، كانوا يعتقدون أنه مهلوك)، وأن دعوته حق ، ولكن لما دعا عليهم ارتموا على الأرض حتى لا تصيبهم الدعوة، وكان كذلك ممن حضر قتل خبيب بن عدي ، سعيد بن عامر وهذا سعيد بن عامر قصته عجيبة ، وذلك أن عمر قد جعله واليا على الشام بعد إسلامه، تولى على الشام فسأل عمر رضي الله تبارك وتعالى عن سعيد بن عامر قال: كيف حال واليكم ؟ قالوا : لا نهطم عليه شيئا إلا ثلاثة أشياء. قال عمر: وما هي؟ قالوا: في يوم من الأسبوع لا يخرج إلينا(ما نراه يوم من الأسبوع ما يخرج إلينا أبدا). والثانية: قالوا: كل ليلة لا يخرج إلينا (في الليل ما يخرج إلينا أبدا ، هذا كل ليلة يعني كل ليلة ما يخرج ويوم في الأسبوع لا يخرج ، والليلة معروفة من بعد غروب الشمس واليوم بعد طلوع الفجر). والثالثة: قال: أحيانا وهو جالس عندنا تصيبه الغشية مثل الصرع(يغمى عليه ). فناداه عمر، قال: يا سعيد ما هذا الذي يحدث؟ قال: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: يقولون : إنك في يوم من أيام الأسبوع لا تخرج إليهم. قال: يا أمير المؤمنين ، هذا اليوم أغسل فيه ثوبي وليس عندي ثوب غيره ، فهل أخرج إليهم بدون ثوب؟ فإني أبقى حتى يجف الثوب ثم أخرج إليهم.(هذا اليوم لا أخرج حتى أغسل ثوبي). قال: يقولون إنك لا تخرج إليهم في الليل دائما. قال: يا أمير المؤمنين النهار لهم والليل لربي. قال: وما هذه الغشية التي تصيبك؟ فبكى وقال: يا أمير المؤمنين إني حضرت قتل خبيب بن عدي ، وإني كلما تذكرت دعوته وقتله أغمي علي من الخوف من الله تبارك وتعالى.
المهم أن خبيب بن عدي رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تبقي منهم أحدا . ثم قال أبياتا من الشعر:
لقد أجمع الأحزاب حولي وألبوا*** قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وقد قربوا أبنـاءهم ونساءهم *** وقربت من جذع طويل ممنَّع
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي*** وما جمع الأحزاب لي عند مضجعي
فذا العرش صبرني على ما يراد بي *** فقد نضعوا لحمي وقد بؤس مطمعي
وقد خيروني الكفر والموت دونه ***فقد ذرفت عيناي من غير مدمع
ولست أبالي حين أقتل مسلما*** على أيِّ شِق كان في الله مضجعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع

فالتفت إليه أبو سفيان‏ وقال له:‏ يا خبيب أيسرك أن محمدا عندنا نضرب عنقه، وأنك في أهلك‏؟‏ أيسرك هذا؟
فكان جواب المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال‏:‏" لا والله، ما يسرني أني في أهلي وأن محمداً صلى الله عليه وسلم في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه"‏ صلوات الله وسلامه عليه، كانوا صادقين في حبهم للنبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه.‏ ثم صلبوه رضي الله عنه ووكلوا به من يحرس جثته، فجاء عمرو بن أمية الضمري، فاحتمله بالليل خديعة دون أن يراه أحد فذهب به ودفنه. ويقال أن الذي قتل أو باشر قتل خبيب بن عدي خبيب هو عقبة بن الحارث ‏.‏
-وأما عاصم رضي الله تبارك وتعالى عنه فإنه كما قلنا امتنع إلى النزول إليهم ولم يستسلم فقاتلهم حتى قتلوه ولكن سبحان الله البغض والحقد الذي في قلوب المشركين عظيم، وذلك أن قريشا بعثت لمن يأتي لهم بجسد عاصم حتى يتأكدوا أن عاصما قد قتل ، وتشفى قلوبهم من الغل الذي فيها ، فبعث الله تبارك وتعالى مثل الظُّلَّة من الدَّبْر(دبر نوع من الحشرات كالبعوض)، يقول: فحمته من الرسل ما استطاع أن يصلوا إليه‏.‏ وكان عاصما قد أعطى الله تبارك وتعالى عهداً ألا يمسه مشرك (الله أكبر تعاهد مع الله تبارك وتعالى بعد أن أسلم لبغضه للمشركين ، عاهد الله تبارك وتعالى أن لا تمس يده يد مشرك ، فوفاه الله تبارك وتعالى عهده حتى بعد موته، لم يجعل الله تبارك وتعالى للمشركين عليه سبيلا بأن تمس أيديهم يده رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه، ولذلك لما قيل لعمر، قال عمر: ‏ يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته ‏.‏


رد مع اقتباس