عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2013-02-27, 09:20 AM
محمود مديو محمود مديو غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-12-20
المشاركات: 0
افتراضي أهمية الخطابة والمسجد في الدعوة إلى الله تعالى

أهمية الخطابة والمسجد في الدعوة إلى الله تعالى
الدرس14:


المدخل
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول اللّه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد فأخي الطَّالب.
سلام الله عليكَ ورحمته وبركاته.
ومرحبًا بك في الدرس الرابع عشر من سلسلة الدُّروس المقرَّرة عليك في إطار مادَّة وسائل الدعوة وأساليبهاMeans and Methods of Da‘wah لهذا الفصل الدِّراسيّ.
آملينَ أن تجدَ فيها كلّ المُتعة والفائدة.
وإليك هذا الدرس الذي تتعرف فيه على: شرح الفواصل الموجودة في سُور: أهمية الخطابة والمسجد في الدعوة إلى الله تعالى.
فأهلاً وسهلاً بك.

الثمرات التعليمية
عند نهاية هذا الدَّرس يتاح لك بإذن الله أن:

تتعرف على مفهوم الخطابة وقواعدها وأهميتها في مجال الدعوة.
تقف على خصائص الخطابة..
تتبين دور المسجد وآدابه..
تعرف مكانة المسجد في الإسلام.



عناصر الدرس

مفهوم الخطابة وقواعدها وخصائصها وأهميتها في مجال الدعوة.
خصائص الخطابة.
المسجد وآدابه.
مكانة المسجد في الإسلام.



ملخص الدرس
مفهوم الخطابة وقواعدها وخصائصها وأهميتها في مجال الدعوة.
- مدخل حول الخطابة:
الخطبة: فن قولي يحمل الدعوة إلى الناس، وألوانها عديدة وصورها متنوعة. إن ارتباط الخطابة بالعاطفة الدينية دافع إلى الاهتمام بها، وأيضًا فإن وجود الأمية وكثرة الأعمال وضيق الوقت، دوافع رئيسية إلى ضرورة الخطابة؛ ولأهمية الخطابة للدعوة، كان لها الدور الرئيس في صدر الإسلام، حيث خطب النبي- صلى الله عليه وسلم- في يوم الجهر بالدعوة، وكان يخطب في الوفود القادمة وفي الجيوش الذاهبة، ووسيلة الخطابة في العالم الإسلامي وبخاصة الوعظية منها، من أهم وسائل الدعوة في العصر الحديث لارتباطها بصلاة الجمعة؛ حيث يحرص المسلمون على سماعها، ولو أتقن الدعاة رسائلهم الدعوية التي تحتويها الخطبة لأمكنهم عرض الإسلام وتعليمه للناس.
إن الخطابة تحتاج إلى إعداد جيد، يتم من خلاله تقسيم الخطبة إلى عناصر مترابطة في إطار موضوع متكامل. وأهم مزايا الخطبة كوسيلة للدعوة أنها تأخذ صورة دينية واجبة.
إن الإسلام دين حي، ومن دلائل حياته وامتداده أن رسوله- صلى الله عليه وسلم- وخلفاء رسوله -رضي الله عنهم- كانوا باستمرار يصلون أمداد الوحي بين الناس.
2- مفهوم الخطابة:
الخطابة اصطلاحًا؛ بأنها فن مشافهة الجمهور وإقناعه واستمالته.
فالخطيب في مجال الدعوة إلى الله لا تنتهي مهمته عند تصوير الواقع كما رآه، وإنما لا بد له من خطوة أخرى على الطريق لا تتم مهمته في غيابها؛ وهي أن يستميل الناس إلى ما يدعو إليه استمالة تتوج بالطاعة والامتثال، وهذا هو الفارق بين الإقناع والاستمالة.
ومما نوجه الأنظار إليه في هذا المقام، الحذر من الاكتفاء بالخطاب العاطفي، فمهمة الخطيب لا تقتصر على استمالة الناس فحسب، بل من واجبه التأثير الفكري عليهم ورفع مستواهم الثقافي وإحياء الوعي في صفوفهم.
والاستمالة تكون بصادق القول.
3- أهمية الخطابة:
إن الخطابة قد حافظت على أهميتها في البلاغ ، فالخطيب الحكيم يستطيع بما وهبه الله تعالى من نور الحكمة وقاطع الحجة وساطع البرهان، أن يصح القلوب وينبه العقول ويطهر النفوس حتى ترجع عن غيها وتعود إلى الاعتدال، وتتحلى بفضائل الأعمال وتحيا بنور العلم والإيمان.
وتنبثق أهمية الخطابة من أمور ثلاثة:
الأول: كونها حاجة نفسية.
الثاني: كونها ظاهرة اجتماعية.
الثالث: كونها سلاح من أسلحة الدعوة.
ومن هنا كانت الضرورة ملحة والحاجة ماسة إلى دعاة مخلصين، يبلغون رسالة الله عز وجل، ويبينون للناس أصولها وحقائقها، ويشرحون لهم قيمها وفضائلها.
وأهم خصائص الخطب في هذا العصر:
الأول: الطول؛ وهذا من أهم ما تمتاز به الخطبة العربية عمومًا بعد الإسلام.
الثاني: الحرص على تقسيم الخطبة.
الثالث: الحرص على اتباع الترتيب المنطقي السليم في عرض الموضوع.
الرابع: الاقتباس من القرآن والسنة وأحاديث الحكماء والأمثال السائرة.
الخامس: اختفاء السجع، إلا إذا جاء عفوًا وبغير قصد، لنهي النبي- صلى الله عليه وسلم- عنه.
السادس: قوة الأفكار؛ حيث صارت الخطبة أداة التعبير في المجتمع الإسلامي الجديد.
فالخطابة عملية مشافهة وإلقاء، تميزت عن الكتابة المدونة التي يقرؤها الجمهور دون مشافهة، والمتتبع لكتابة العلماء يجدهم خصصوا الخطابة بما يلي:
أ- خصائصها في ألفاظها:
ألفاظ الخطابة سهلة جزلة بعيدة عن التعقيد اللفظي والمعنوي.
ب- خصائصها في موضوعاتها:
تمتاز الخطابة في موضوعاتها بمناسبتها لحال الجماهير، حيث تخاطب عواطفهم وتناقش ما يشغل بالهم، وتقدم الحلول لمشكلاتهم ليجد فيها الناس متنفسهم، ويحصلوا منها على ما يقنعهم ويشفيهم.
ت- خصائصها في أسلوبها:
الخطابة لا تعرف شكلًا واحدًا من الأساليب، وإنما يختلف أسلوبها تبعًا لنوعية الجمهور المتلقي؛ لذلك كانت الخطابة في الصفوة من المثقفين ذات أسلوب رفيع وبلاغة عالية وطريق في العرض خاصة، ولا مانع من التقسيمات العلمية والتعليق عليها.
ج- خصائصها في الإقناع:
الإقناع في الخطابة لازم من لوازمها، بل غرضها الأساسي الذي تدور حوله وتسعى له.
- قواعد الخطابة وأساسياتها:
لا يختلف علم الخطابة عن سائر العلوم، في أن له موضوعًا يتخذه مجالًا لدراسته ومباحثه، وفي أن له هدفًا يسعى لتحقيقه والوصول إليه، وليس مسلمًا ما يدعيه البعض من أن الخطابة موهبة، ولا مدخل للاكتساب إليها؛ لأن الموهبة في حقيقتها لو وجدت تحتاج إلى التنسيق بالدراسة.
والخطبة ليست عملية سهلة ولكنها أمر شاق، يحتاج إلى وقت وجهد.
كما يقول ابن المعتز: إن البلاغة بثلاثة أمور؛ أن تغص لحظة القلب في أعماق الفكر، وتتأمل لوجوه العواقب وتجمع بين ما غاب وما حضر، ثم يعود القلب على ما أعمل الفكر، فيحكم سياق المعاني والأدلة ويحسن تنفيذها، ثم تبديه بألفاظ رشيقة مع تزيين معارضها واستعمال محاسنها.
وأما عن تركيب العناصر: فبعد تحديد الموضوع واختيار نوعية الدليل، لا بد وأن يحدد العناصر، وأن يميز كل عنصر على حدة، وأن يجعل كل العناصر تدور حول موضوع واحد.
وعلى الخطيب أن يتأدب بلسان القوم.
ولا ريب أن الخطبة في مقام الدعوة إلى الله تعالى من الوسائل الصعبة، يستشعر ذلك كل من مارسها عمليًّا وواجه جمهورًا من الناس في يوم ما. يقول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: ما يتصعدني كلام كما تصعدني خطبة النكاح، "ما يتصعدني" أي ما يشق علي ويجهدني كلام كما تصعدني خطبة النكاح، يريد بها خطبة الجمعة.
وصعد عثمان بن عفان- رضي الله عنه- المنبر أول عهده بالخلافة، فارتج عليه، فقال: أيها الناس إن اللذين كانا من قبلي-يعني أبا بكر وعمر- كانا يعدان لهذا المقام مقالة، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قائل، وستأتيكم الخطبة على وجهها في الجمعة الأخرى، ثم نزل.
وتبدو فائدة الإعداد في أمور كثيرة، منها:
الأول: يكسب الخطيب الثقة والقدرة على الأداء الجيد.
الثاني: يجعل من الخطبة مادة ثرية بالمعلومات والمعاني.
الثالث: يبرز المعنى في ثوب قشيب مؤثر.
الرابع: يشعر المستمع بأنه محل الاحترام والتقدير.
المسجد وآدابه:
إن المساجد هي المنطلق الأكبر للدعوة إلى الله تعالى، وهي أحب البقاع إلى الله، وهي بيوت الله التي أذن أن ترفع، ويذكر فيها اسمه يُسبح له فيها بالغدو والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارة ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار.
فالرسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقدم مهاجرًا من مكة إلى المدينة؛ ليصل إلى قباء خارج المدينة؛ فيجعل أول عمل يقوم به تأسيس مسجد قباء، وبعدها بأيام يتجه إلى المدينة؛ ليكون أول مشروعٍ يقوم به في دولته الجديدة بناء المسجد. ومن الأعمال المسجدية التي تُشَكّل مَعَالِمَ أساسية في رسالة المسجد: الإمامة، وإقامة الصلوات، والدعوة، والبيان والتعليم.
وكذلك الدور الاجتماعي للمسجد من تزاور وتشاور، وتكافل وتفقد لأحوال المسلمين، والوعظ والتذكير، والإصلاح والفلاح.
ولكي يقوم المسجد برسالته على أكمل وجه لا بد أن يتوفر له الإمام الناجح، الذي يتصف بمجموعة من الصفات مثل: الإخلاص لله، والرفق في المعاملة؛ فلا يشق على الناس بالإطالة عليهم في صلاته أو خطوته،
- رسالة المسجد ودوره في الإسلام:
رسالة المسجد في الإسلام رسالة عظيمة؛ حيث تتمثل في ترسيخ المبادئ التي جاء بها الإسلام الحنيف. ولقد قام المسجد بدور عظيم في التاريخ الإسلامي، ومن هنا نشأت الأجيال المسلمة الأولى على هذا المنهج النبوي، وتخرجوا في المساجد؛ ليفتحوا الدنيا كلها.
مكانة المسجد في الإسلام:
إن مكانة المسجد في المجتمع الإسلامي تجعله مصدر التوجيه الروحي والمادي؛ فهو ساحة للعبادة ومدرسة للعلم، وندوة للأدب.
إن المساجد تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض، وهي أفنية الله بارك فيها، ميمونةٌ ميمونُ أهلُها، والمدارس الإسلامية الأولى نمت وترعرعت في أحضان المساجد وكانت علومها تدور حول تلاوة كتاب الله وتفسير أحكامه.
إن رسالة المسجد رسالة سامية؛ فلقد كان المسجد في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- والعهود التي تلته، موئلًا لجميع المسلمين والمسلمات؛ فيه يتفقهون في دين الله. وفي مسجد النبي- عليه الصلاة والسلام- تخرج كبار الصحابة في القيادات العلمية والحربية، في كل علم وميدان، وقادة الفكر في التخصصات في أبواب القضاء والبيان؛ وكذلك تخرج فيه من النساء من صرن في المجتمع الإسلامي.
إن الإسلام لم يكن مجردَ علاقة رُوحية خاصة، يُرمز إليها بالصلاة أو المسجد، وإنما هو دين شامل نظم العلاقات الاجتماعية، ومن هنا لم تكن علاقة الإنسان الروحية بربه قاطعة عن علائق الدنيا.
ومشاكل المجتمع الإسلامي على الخصوص كثيرة، وما يوجد الآن من انحرافات نتيجة ظهور آراء وأفكار ومذاهب وفلسفات دخيلة، وردت إلينا من المجتمعات الأجنبية بصبغتها الخاصة، وطابعها المعين. في مجتمعنا الإسلامي مشاكل للعمال والفلاحين، والتجار والموظفين والجماهير عمومًا، وهم جميعًا ينتظرون رأي عالم الدين؛ والمسجد في المجتمع المعاصر يستطيع أن يقدم خدمات جليلة، عن طريق الدين الذي كان من المرونة والصلاحية، بحيث يمكن أن يوجد حلًّا لكل مُشكلة، وحُكمًا لكل حادثة، وجوابًا لكل سؤال، والداعية الديني المؤمن لرسالته يمكنه تناول كل ما يحدث في المجتمع تناولًا يوضح المهم، ويُصَحّح الخطأ، ويُقَوّم المعوج، ويعالجه معالجة تساعد الخير على أن يبقى ويثبت ضد الشر ليزول ويختفي.
صفحات من دور المسجد في التاريخ الإسلامي:
فلقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يُعَلّم أصحابه، وكان أصحابه- رضي الله عنهم- يعلمون الناس في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وبعد وفاته، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رسولًا ونبيًّا وقائدًا ومعلمًا؛ فكانت حياته- صلى الله عليه وسلم- مدرسة في كل نبضة من نبضاتها، هذه المدرسة لها آدابها وأسلوبها، تختلف به عن كل ما وضعه الناس من عند أنفسهم من أساليب وآداب؛ إنها كانت آداب النبوة وأساليبها، ومدرسة النبوة هذه كانت امتدادًا لمدارس النبوة.

خاتمة الدرس
بهذا نكون قد وصلنا أخي الدارس إلى ختام الدرس الرابع عشر، فإلى لقاءٍ يتجدّد مع الدَّرس الخامس عشر، والّذي ينعقدُ بإذن الله، حول: ( مفهوم الرسائل وأهميتها، وسائل الاتصال الحديثة وكيفية الاستفادة منها في مجال الدعوة، ضوابط استخدام وسائل الاتصال الحديثة).

هذا، والله وليُّ التَّوفيق.

والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ملاحظة: للاطلاع على باقي تفاصيل الدرس الرجاء تحميل الملف المرفق

الملفات المرفقة
GDWH5093 Lesson 14.doc
رد مع اقتباس