عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 2013-04-09, 10:34 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

العلاقات السلمية بين الدولتين


رغم أن الطابع العام الذي ميز العلاقات بين الدولة الإسلامية والبيزنطية في عصر

الخلافة الراشدة والعصر الأموي كان عسكرياً نتيجة لحركة الجهاد واستمرارها في

العهد الأموي من حملات الصوائف والشواتي طوال السنة تقريباً، وكذلك الدور

الجهادي الذي كانت تؤديه مدن الثغور، إلا أن هذا لا يعني أن الطابع السلمي المتمثل

فيما جرى من مفاوضات ومداولات كان مفقوداً فقد اتخذت العلاقات السلمية بين

الدولتين، الإسلامية والبيزنطية في العهد الأموي أشكالاً مختلفة منها المراسلات،

وتبادل الخبرات، والمناظرات في المجالات الثقافية، وتبادل الأسرى والسفراء

فقد تم مراسلة قيصر الروم من قبل معاوية في فترة الفتنة وتوصل معه إلى عقد صلح

على أن يؤدي معاوية له مالاً وأن يأخذ كل طرف رهناً من الطرف الآخر، وارتهن

معاوية منهم رهناء فوضعهم ببعلبك، ثم إن الروم غدرت فلم يستحل معاوية



قلعة بعلبك القديمة

والمسلمون قتل من في أيديهم من رهنهم، وخلوا سبيلهم وقالوا: وفاء بغدر خير من

غدر بغدر،والمهم أن مثل هذه الحوادث يجب أن تُقدَّر بقدرها فلا يجوز للدولة

الإسلامية ـفي الأصل ـ أن تتهاون وتتكاسل عن الأخذ بأسباب القوة حتى تصل إلى

مرحلة من الضعف تمكّن الأعداء منها أو يطمع فيها الطامعون، بل الأصل في دولة

الإسلام أن تكون دولة قوية يهابها الأعداء، فإذا مرت بها فترة ضعف أو احتاجت إلى

دفع ضرر عليها بمال أو نحوه فذلك يدخل من باب ((الضرورات)) وليس حكماً عاماً

وما (( أبيح للضرورة يُقدّر بقدرها، كما قرر الفقهاء، فلا ينبغي عقد صلح دائم مع

العدو بدفع المال إليه، بل يجب أن يكون الصلح والدفع لفترة ضعف المسلمين أو حالة

الضرورة، مع العمل الجاد على رفع حالة الضعف وبناء قوة الأمة وقدراتها المطلوبة

بكل جدية وعزم، فإذا زالت يجب على المسلمين أن يمتنعوا من عقد أي معاهدة فيها

ذلة أو مفسدة لهم، والخلاصة: إنه يجوز للدولة الإسلامية عقد معاهدة اضطرارية تُقدّر

بقدرها وتنتهي بانتهاء حالة الضرورة التي عُقدت من أجلها

لم تقتصر المراسلات على الجانب العسكري فقط، ولكن رويت بعض المراسلات التي

تتناول المناظرة في الجوانب العلمية والأمور العامة، فقد كتب قيصر الروم إلى معاوية

سلام عليك أما بعد: فانبئني بأحب كلمة إلي الله وثانية وثالثة ورابعة وخامسة وعن

أربعة أشياء، فيهن روح ولم يرتكضن في رحم، وعن قبر يسير صاحبه، ومكان في

الأرض لن تصبه الشمس إلا مرة واحدة وغير ذلك من الأسئلة، فكتب إليه معاوية: أما

أحب كلمة إلى الله، فلا إله إلا الله لا يقبل عملاً إلآ بها، وهي المنجية، والثانية سبحان

الله صلاة الخلق، والثالثة الحمد لله كلمة الشكر والرابعة الله أكبر، فواتح الصلوات

والركوع والسجود، والخامسة لا حول ولا قوة إلا بالله. والأربعة فيهن روح ولم

يرتكضن في رحم فآدم، وحواء وعصا موسى والكبش، والموضع الذي لم تصله شمس

إلا مرة واحدة، فالبحر حين انفلق لموسى وبني إسرائيل والقبر الذي سار بصاحبه،

فبطن الحوت الذي كان فيه يونس-

يذكر العدوي: إن انعكاس التسامح الديني مع النصارى ظهر تأثيره على الدولة

البيزنطية، إذ من المعروف، إنها كانت تضظهد رعاياها من أصحاب المذاهب الأخرى

وتعاملهم معاملة قاسية وتعتبرهم هراطقة، وبظهور دولة الإسلام ودخول كثير من

المسيحيين في التبعية لها، اتجهت الإمبراطورية البيزنطية إلى تجديد أساليبها

وسياستها، وجعلت من نفسها صاحبة الحق في رعاية المسيحيين في بلاد الشام،

وكان معاوية رضي الله عنه يجلس إلى جماعات المسيحيين من المذاهب المختلفة

ويستمع إلى جدلهم الديني ومناقشاتهم المختلفة، وبهذا ضربت الدولة الإسلامية

الأموية مثلاً سامياً، يدل على عظمة الرسالة الإسلامية ومدى التسامح الديني تجاه

رعاياها من غير المسلمين وابتعادها عن التعنت والتعصب الديني الذي يتهمهم به

قسم من المستشرقين



( يتبع مع الجراجمة الى من ينتسبون )
رد مع اقتباس