الموضوع: قرأت لى ولكى
عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 2013-05-09, 02:00 PM
امة الرحيم امة الرحيم غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-03-29
المشاركات: 80
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
نستكمل الحديث عن سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

يوم الرجيع
وفي صفر من السنة الرابعة للهجرة قدم علي النبي صلى الله عليه و سلم رهط من قبائل " عضل " و " القارة" وذكروا ـ كذبا ـ أن فيهم إسلاما وانهم بحاجة إلى من يفقههم في الدين ، ويقرئهم القرآن ويعلمهم شرائع الإسلام ، فبعث إليهم النبي صلى الله عليه و سلم ستة من أصحابه وهم مرثد بن مرثد الغنوي ، وخالد بن البكير الليثي ، وعاصم بن ثابت ، وخبيب بن عدي ، وزبد بن الدثنة ، وعبد الله بن طارق

وأمر الرسول عليهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي فخرجوا مع الوفد حتى إذا كانوا بالرجيع ـ وهو موضع ماء لهزيل بين عسفان ومكةـ غدروا بهم واستصرخوا عليهم هزيلا فأحاطوا بهم وهب الدعاة يقاتلون الغادرين ولكن ماذا عسي أن يصنع هذا العدد القليل ضد مائة من الرماة أو تزيد

لقد قتلوا جميعاً إلا اثنان فقط بيعا في مكة هما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وقد بيعا لبعض الموتورين في بدر ليقتلوهما

فأما خبيبا فقد اشتراه حجر بن أبي إهاب ليقتله بأبيه إهاب ، وأما زيد بن الدثنة فقد اشتراه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف

فلما جئ بزيد ليقتلوه في حشد من قريش سأله أبو سفيان بن حرب:أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك تضرب عنقه وأنك في اهلك ؟
قال زيد : والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه ، وأني جالس في أهلي
قال أبو سفيان:ما رأيت من الناس أحداً يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمداً ثم قتل

وأما خبيب فلما جاءوا به ليصلبوه قال لهم إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا ، قالوا : دون فأركع ـ فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما ثم اقبل علي القوم فقال أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعاً من القتل لاستكثرت من الصلاة فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين ثم رفعوه علي خشبه فلما أوثقوه قال : اللهم إنا قد بلغا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا ثم قال : اللهم أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تغادر منهم أحداً وانشد قائلاً
فلست ابالى حين اقتل مسلما على أى شق كان فى الله مصرعى
وذلك فى ذات الاله إن يشأ يبارك على وصال شلو ممزع
ثم قتلوه رحمه الله
ولا شك أن ما أصاب هؤلاء المجاهدين في سبيل الله قد أدخل الحزن والألم في قلوب المسلمين جميعاً، ولكنهم كفكفوا دموعهم واحتسبوهم عند الله مؤمنين أن طريق الدعوة جهاد ، وأن ما حدث إنما هو حلقه في سلسلة الكفاح المتواصل ضد أعداء الله والإسلام حتى يقضي الله أمر كان مفعولاً

ملحمة بئر معونة
وفي نفس الشهر وقعت بالمسلمين كارثة أخري أكبر واشد إيلاماً من يوم الرجيع تلك هي كارثة بئر معونة ، فقد قدم أبو براء عامر بن مالك المشهور بملاعب الأسنة علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلب منه أن يبعث رجلا من أصحابه إلى أهل نجد ليدعوهم للإسلام فقال له الرسول "إني اخشي عليهم أهل نجد" فقال أبو براء أنا لهم جار فأبعثهم فليدعو الناس إلى أمرك

فبعث رسول الله معه سبعين رجلا من القراء فساروا حتى نزلوا بئر معونة من مياه بني سليم شرقي المدينة

فلما نزلوها بعثوا رسولا منهم بكتاب رسول الله إلى عامر بن الطفل من بني عامر فلما أتاه لم ينظر في كتابة بل عدا علي الرجل فقتله واستصرخ عليهم قبائل من بني سليم عصية ، ورعل ، وذكران ، فغشوا القوم و أحاطوا بهم فقتلوهم جميعاً إلا اثنان هما كعب بن زيد الأنصاري فإنهم تركوه وبه رمق فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيداً

وكذلك عمرو بن أمية الضمري كان في رحال المسلمين فنجا من الموت وفي طريق عودته إلى المدينة لقي اثنين من بني عامر فاغتالهما في نومهما وهو يرى انه قد أصاب من ثأر أصحابه وإذا معهما عهد من رسول الله لم يعلم به عمرو فلما وصل المدينة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما حدث فبادر النبي إلى دفع ديتهما عملا بقوانين العرب

وكان وصول خبر هذه الكارثة إلى النبي و المسلمين حتى أن الرسول ظل يدعو علي الغادرين بعد كل صلاة شهر كاملاً

ولقد وجد أهل المدينة من المنافقين واليهود فيما أصاب المسلمين الرجيع وبئر معونة ما أعاد إلى ذاكرتهم انتصار قريش في غزوة أحد وما أنساهم نصر المسلمين علي بني أسد فأضعفت هذه الملاحم المتتابعة من هيبة محمد و أصحابه في قلوبهم ، وكان لابد من عمل يعيد إلا قلوب هؤلاء الأعداء هيبة الرسول والمسلمين ويذكرهم بقوة المسلمين ويجدد أمجاد بدر وذكرياتها الغالية
فشاء الله تبارك وتعالى أن يكون إجلاء يهود بني النضير وتخلص المسلمين منهم ومن شرورهم

إجلاء بني النضير
ذهب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى منازل بني النضير وهم قبيلة عظيمة من اليهود كانوا يسكنون علي بعد ميلين من المدينة علي مقربة من قباء ليستعين بهم في دية القبيلتين للذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري في بئر معونة كما ذكرنا وذلك لوجود عقد بين بني النضير وبني عامر

فلما أتاهم الرسول اظهروا الرضا ورقوا في الكلام ووعدوا بخير ولكنهم في الحقيقة اضمروا الغدر والاغتيال

وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قاعداً إلى جنب جدار من بيوتهم فقال بعضهم لبعض:إنكم لن تجدوا الرجل علي مثل حاله هذه فمن رجل يعلوا هذه الميت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه، وصعد رجل ليلقي عليه الصخرة وكان رسول الله في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي ، وأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم فقام وخرج راجعاً إلى المدينة فلما إبطا قام أصحابه في طلبه فأخبرهم الخبر من اعتزامهم الغدر به ، أمر الرسول بالتهيؤ لحربهم

وقبل أن يسير أرسل لهم محمد بن مسلمة الأنصاري يقول لهم:"إن رسول الله أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلادي لقد نقضتم العهد الذي جعلت لكم بما هممتم به من الغدر بي لقد أجلتكم عشراًِ فمن رئي في المدينة بعد ذلك ضربت عنقه" فتملكتهم الحيرة البالغة وبدأ القوم يستعدون الرحيل وبينما هم في حيرتهم يتجهزون إذ جاءهم رسول من قبل عبد الله بن أبي بن أبي سلول يقول لهم:أن اثبتوا وتمنعوا فأنا لن نسلمكن إن قوتلتم قاتلنا معكم وأن خرجتم خرجنا معكم

فأغراهم هذا الوعد وتأخروا عن الجلاء وانتهت مدة الإنذار التي حددها الرسول لهم فأمر الرسول بقتالهم فتحصنوا منه في الحصون

وحاصرهم الرسول ست ليال ثم أمر بقطع نخيلهم وحرقها ليكون ذلك ادعي لتسليمهم فنادوه "أن يا محمد قد كنت تنهي عن الفساد وتعيبه علي من صنعه فما بال قطع النخيل وحرقها" فنزل قول الله تعالى:{مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}سورة الحشر آية 5

ومضت الأيام ولم يصل إليهم من عبد الله بن أبي مساعدة فتسرب اليأس إلى قلوبهم وقذف الله في قلوبهم الرعب فسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم علي أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم أمتعتهم إلا السلاح فقبل الرسول ذلك وصار اليهود يخربون بيوتهم بأيديهم كيلا يسكنها المسلمون ولينقلوا ما استحسنوه منها

وجلا اليهود عن المدينة فمنهم من خرج إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام إلا رجلين منهم أعلنا إسلامهما يومئذ فبقيت لهما أموالهما ولم يخرجا مع المخرجين

وقسم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أفاء الله به عليه مما تركه بنوا النضير بين أصحابه من المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك أبن خرشة ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه و سلم

أثر جلاء بني النضير

لقد أتم الله نعمته علي المسلمين بهذا النصر العظيم وتخلص المسلمون من وكر من أوكار التآمر والمكيدة والخداع في يسر وسهولة وبذلك ضعف اليهود المقيمون حول المدينة وكان ضعفهم بلا شك يؤدي إلى إضعاف العنصر الثاني المعادي للرسول وهم المنافقون وكذلك أفاء الله علي المسلمين ما تركه بنو النضير من ارض ومتاع قسمها الرسول علي المهاجرين وفقراء الأنصار فرفع المهاجرون عن كاهل الأنصار بعض العبء وكان للسلاح الذي غنمه المسلمون أثره في قوة المسلمين واشتداد بأسهم

وللحديث بقية عن سيرته صلى الله عليه وسلم
وجزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس