عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2009-10-14, 01:32 AM
فاروق فاروق غير متواجد حالياً
عضو شيعي
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المشاركات: 40
افتراضي لبيك حبي لرسولي

صدكني مادريت انت تطلبني وان بالخدمة الك وللرحالة
وراح اجاوب سؤال بعد سؤال لان ماعندي وقت
التوسل بالأنبياء والأئمة عليهم السلام واولياء الله وعباده الصالحين يتمثل في ثلاث وجوه :
الوجه الأول : الحضور عندهم لطلب الحاجة ، سواء في ذلك الحضور عندهم احياء أو عند قبورهم ، وهذا مما ورد في الكتاب العزيز ؛ قال تعالى : ( ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجودوا الله تواباً رحيماً
) . فنفس الحضور عند الرسول يؤثر في استجابة الدعاء. والسر في ذلك ان الانسان يقرب من الله تعالى في مواضع وحالات.
فالمواضع منها : المساجد ، وكل موضع يصلي فيه المؤمنون وان لم يكن مسجداً ، كالمصلى في دائرة أو فندق ، فالانسان هناك اقرب الى الله في غيره ، فأولى به ان يكون اقرب إذا حضر عند الرسول أو الامام أو عالم متعبد يذكّر الانسان بالله تعالى ، فإن القرب والبعد انما هو من جانب الانسان والله تعالى اقرب الى كل انسان من نفسه ؛ قال تعالى : ( ونحن اقرب اليه من حبل الوريد
) . ونسب الاشياء إليه تعالى واحدة وانما البعد يحصل للانسان من جهة معاصيه وتوجهه الى الدنيا وملاهيها ، فكل موضع يشعر فيه بالقرب ويذكّره بالله تعالى يؤمّل فيه استجابة الدعاء ، قال تعالى : ( في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها الغدّو والآصال رجال لا تلهيهم تجاره ولا بيع عن ذكر الله...
) . بل هناك مواضع يشعر الانسان فيها بالقرب من الله وان لم تكن لها قدسية ، ككونه تحت السماء ، ولذلك أمر في بعض الصلوات والادعية ان يخرج الانسان بها من تحت السقوف الى ما تحت السماء والصحراء ، فإن الانسان يشعر فيها بقربه من الله ولذلك أمر في صلاة العيد والاستسقاء ان يصحروا بهما.
وهناك حالات للانسان تؤثر فيه بشعور القرب ، كالبعد عن زخارف الدنيا ، ولذلك أمر الحاج بلبس ثوبي الاحرام والتنعل وكشف الرأس.
كل ذلك للتأثير في الانسان ليشعر بالقرب ، والا فلا شيء يؤثر في الله تعالى. بل الدعاء والصلاة أيضاًللتأثير في الانسان ، فرحمة الله واسعة شاملة وعلى الانسان ان يصقل مرآة نفسه ليمكنه الاستضاءة من هذا النور الغامر ، والصلاة والدعاء وغيرهما من العبادات تحقق الارضية الصالحة لاستقبال انوار الرحمة الالهية. فكذلك التوسل والحضور لدى الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وكل من يذكّر الانسان بالله تعالى يؤثر في ذلك.
ولا فرق في ذلك بين ميتهم وحيهم وذلك لأن المفروض ان المراد تأثر الانسان بقدسية المكان وهو حأصل في كلا الموردين ، مع انهم لا يقصرون مقاماً عند الله من الشهداء في سبيله ، وقد قال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون
) . بل حياة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام اقوى واعظم.
بل يظهر من بعض النصوص ان الانسان اقوى حياة بعد موته حتى الكفار ؛ ففي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله وقف على شفير قليب بدر وخاطب الكفار المقتولين بما معناه : قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ أو غير ذلك. فتعجّب اصحابه وقالوا : ان هؤلاء اموات فكيف تخاطبهم يا رسول الله ؟ أو كما قالوا. فقال لهم الرسول صلى الله عليه وآله : لستم باسمع منهم ولكنهم لا يقدرون على الجواب.
ويلحق بهذ الامر ـ اي : الحضور عند النبي والولي ـ التوسل بأسمائهم وأرواحهم وان لم يحضر عندهم ، وذلك بأن يدعو الله تعالى ويطلب منه حاجته مع الإستشفاع بذكر الرسول أو الامام ، وهذا أيضاًيؤثر في الانسان من جهة انه يرى نفسه تابعاً لهؤلاء ، مهتدياً بهداهم ، سالكاً سبيلهم محباً لهم ، وليس هذا الحب والولاء إلا المتابعة ؛ لانهم اولياء الله واصفياؤه ، وبذلك يوجب القرب من الله تعالى ويدخل في قوله سبحانه : ( يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة
) . والامام هو من جعله الله تعالى مثلاً للناس يقتدون به فانه للطفه بعباده لم يكتف بارسال الشريعة والكتب بل جعل للناس من انفسهم مثُلا يستنّون بسنّتهم ويحتذون بسيرتهم ؛ قال تعالى : ( وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا ) ويوم القيامة تحاسب اعمال الناس بالقياس الى ائمتهم ، قال تعالى : ( يوم ندعو كل اناس بإمامهم فمن اوتي كتابه بيمينه...
) وعلى ذلك فلا استغراب ان يكون في ذكر الامام والتوسل به تقرباً الى الله تعالى ، فهو كما يذكّر الانسان بربه عملا وقولاً وشمائلاً كذلك يذكّره بربه إذا تذكّره وتذكّر افعاله وتعبده لله تعالى.
الوجه الثاني : ان يطلب من النبي أو الولي ان يدعو الله تعالى ليقضي حاجته. وهذا أيضاًمما ورد في الآية السابقة ؛ إذ قال تعالى : ( واستغفر لهم الرسول...
) بل هذا مما لا شك ولا خلاف في جوازه وتاثيره حتى بالنسبة لغير النبي والامام من عامة المؤمنين ، وقد وردت بذلك أحاديث كثيرة في كتب العامة والخاصة. ومما يلفت النظر في هذا الامر ان الله تعالى خلق ملائكة يدعونه تعالى ويستغفرون للمؤمنين ؛ قال سبحانه : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم...
) وغير ذلك من الآيات والروايات .
الوجه الثالث : ان يطلب الحاجة من نفس النبي أو الامام . وهذا هو الذي يقال انه شرك بالله العظيم. ولا شك انه لو اعتقد الانسان ان النبي أو الامام أو أي احد أو شيء في العالم يستقل في التأثير فيؤثر شيئاً من دون ان يأذن الله تعالى فهو نحو من الشرك وان كان خفياً ، والموحّد يعتقد بأن الله هو المؤثر في العالم وان كل شيء يحدث فانما هو بإذنه تعالى الا ان هذا لا يختلف بالنسبة الى العلل والاسباب الغيبية والعلل والاسباب الطبيعية ، فلو اعتقد احد ان الطبيب يستقل في المعالجة والشفاء فقد اشرك ، بل الشفاء من الله تعالى ، بل الصحيح ان العمل الطبيعي الذي يقوم به الطبيب أو من يباشر العلاج ، أو أي عمل آخر ، فإنما هو بإذن الله تعالى ، مع ان مراجعة الطبيب وغيره لا يعد شركاً ولا فسقاً.
وربما يقال ـ كما في تفسير المنار لمحمد رشيد رضا وغيره ـ بأن : هناك فرقاً بين التوسل بالعلل الطبيعية والتوسل بالعلل الغيبية ، والثاني يعدّ شركاً دون الاول ، ويستدل على ذلك بأن الله تعالى اعتبر المتوسلين بالملائكة وغيرهم مشركين ، والمشركون ما كانوا يعتقدون انهم يؤثرون بالاستقلال فليس ذلك الا للاعتقاد بتأثيرهم الغيبي.
والجواب : ان هذا الفرق تحكّم واضح ؛ اذ لا شك ان الاعتقاد بالتأثير المستقل لغير الله تعالى شرك ، وان كان طبيعياً. فالصحيح ان المشركين كانوا يعتقدون بنوع من الاستقلال للملائكة وغيرهم من العوامل الغيبية ، كما انه ربما يحصل هذا الاعتقاد لبعض المسلمين بالنسبة لبعض الأنبياء أو الأئمة أو الاولياء ولا شك ان هذا نوع من الشرك يجب تطهير القلب منه .
ونحن نعتقد ان الله تعالى أذِن لبعض عباده الصالحين ان يعملوا اعمالا لا يقدر عليها البشر العادي ، ولكن كل تاثيرهم بإذن الله تعالى ، ولا فرق بين هذا التأثير الغيبي وتأثير الصدقة مثلاً في دفع البلاء فهو أيضاًتأثير غيبي ، فقد جعل الله فيها هذا التأثير ولكنه لا يحدث ألا بإذنه تعالى ، كسائر العلل والاسباب الطبيعية وغير الطبيعية.
وقد اخبر الله سبحانه في كتابه العزيز ان عيسى عليها السلام كان يحيى الموتى ويبرئ الأكْمَه والابرص كل ذلك بإذنه تعالى ، ومن اللطيف ان الآية الكريمة تصرّح بأن كل عمله باذنه تعالى حتى ما كان طبيعياً ، إذ قال : ( واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيراً باذني...
) .
ولا شك ان صنع الطين كهيئة الطير عمل عادي طبيعي والنفخ فيه وجعله طيراً حياً عمل غير طبيعي وكل ذلك باذنه تعالى. فإذا توسل احد بعيسى عليه السلام حال حياته وطلب منه شفاء مريضه لم يكن ذلك شركاً بالله سبحانه كما هو واضح. وإذا كان كذلك فسيّد الأنبياء والمرسلين وعترته الطاهرين اولى بذلك. ولا فرق بين حيهم وميتهم كما مر ذكره.
نعم انما يصح التوسل إذا صح الاعتقاد بأن الله تعالى فوّض اليهم بعض الامر وهذا ما نعتقده للروايات القطعية المتواترة أو للتجربة. ولو فرضنا جدلاً عدم صحة هذا الاعتقاد فهذا لا يبرّر تهمة الشرك وانما يكون كمراجعة طبيب لا علم له. ونحن على ثقة وبصيرة من انهم عليهم السلام ابواب رحمته تعالى. وقد قال في كتابه العزيز : وما ارسلناك الا رحمة للعالمين .
وقد صح عنه صلى الله عليه وآله : مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى. ونحو ذلك من الروايات المتواترة معنىً. الحمد لله رب العالمين.


رد مع اقتباس