عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 2013-07-19, 04:23 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

ثم راح البيهقي يفصل طرق هذا الحديث فقال: وقد روي الحديث من أوجه أخر كلها فيه مقال:


* الطريق الأول:

عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن الأصبع بن محمد بن أبي منصور أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الحديث على ثلاث فأيما حديث بلغكم عني تعرفونه بكتاب الله فاقبلوه، وأيما حديث بلغكم عني لا تجدون في القرآن موضعه، ولا تعرفون موضعه فلا تقبلوه، وأيما حديث بلغكم عني تقشعر منه جلودكم، وتشمئز منه قلوبكم وتجدون في القرآن خلافه فردوه ". قال البيهقي: وهذه رواية منقطعة عن رجل مجهول.


* الطريق الثاني:

عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث، فاعرضوا حديثهم على القرآن، فما وافق القرآن فحدثوا به، وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به". قال البيهقي: قال الدارقطني: هذا وهم، والصواب عن عاصم عن زيد بن علي منقطعًا.


* الطريق الثالث:

عن بشر بن نمير عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنه سيأتي ناس يحدثون عني حديثا فمن حدثكم حديثا يضارع القرآن فأنا قلته ومن حدثكم حديثًا، لا يضارع القرآن فلم أقله"، قال البيهقي: هذا إسناد ضعيف لا يحتج بمثله؛ حسين بن عبد الله بن ضميرة قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وبشر بن نمير: ليس بثقة.



* الطريق الرابع:

بسنده إلى صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه سيأتيكم عني أحاديث مختلفة، فما أتاكم موافقا لكتاب الله وسنتي ؛ فهو مني وما أتاكم مخالفا لكتاب الله وسنتي ؛ فليس مني " قال البيهقي: تفرد به صالح بن موسى الطلحي، وهو ضعيف لا يحتج بحديثه. قال السيوطي معقبًا: ومع ذلك فالحديث لنا لا علينا ألا ترى إلى قوله موافقًا لكتاب الله وسنتي.


* الطريق الخامس:

عن يحيى بن آدم عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه، ولا تنكرونه، قلته، أو لم أقله فصدقوا به، فإني أقول ما يعرف ولا ينكر، وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه، ولا تعرفونه، فلا تصدقوا به فإني لا أقول ما ينكر، ولا يعرف". قال البيهقي: قال ابن خزيمة: في صحة هذا الحديث مقالٌ، لم نر في شرق الأرض ولا غربها أحدًا يعرف خبر ابن أبي ذئب من رواية يحيى بن آدم، ولا رأيت أحدا من علماء الحديث يثبت هذا عن أبي هريرة. قال البيهقي: وهو مختلف على يحيى بن آدم في إسناده ومتنه اختلافا كثيرا يوجب الاضطراب، منهم من يذكر أبا هريرة، ومنهم من لا يذكره، ويرسل الحديث، ومنهم من يقول في متنه: إذا رويتم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله. وقد أشار إلى هذا الاضطراب أيضًا ابن معين كما في التاريخ رواية الدوري (3 : 446) قال الدوري: سمعت يحيى يقول: كان يحيى بن آدم يحدث بحديث ابن أبي ذئب عن سعيد، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله "، وغير يحيى بن آدم يرسله. وقال البخاري في التاريخ الكبير: ذكر أبي هريرة فيه وهم.



* الطريق السادس:

أخرجه البيهقي من طريق الحارث بن نبهان عن محمد بن عبد الله العرزمي عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما بلغكم عني من حديث حسن لم أقله فأنا قلته ". قال البيهقي: هذا باطل والحارث والعرزمي متروكان، وعبد الله بن سعيد عن أبي هريرة مرسل فاحش. وقال القرطبي كما في تفسيره (1 : 38): حديث باطلٌ لا أصل له. وقال العجلوني في كشف الخفا: "باب إذا سمعتم عني حديثًا فاعرضوه على كتاب الله ؛ فإن وافقه فاقبلوه، وإلا فردوه، لم يثبت فيه شيء، وهذا الحديث من أوضع الموضوعات، بل صح خلافه: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، وجاء في حديث آخر صحيح: لا ألفين أحدكم متكئا على متكأ يصل اليه عني حديث فيقول: لا نجد هذا الحكم في القرآن، ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه".

فهذه طرق الحديث التي روي بها، وهي معلولة مطعون فيها عند التحقيق العلمي، وهي على هذا لا تصح لئن يستدل بها من الأصل، وهذا حتى على مذهب من يأخذ بالقرآن فقط لأن القرآن العظيم يأمرنا بالتثبت في نقل الأخبار كما يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا )28 ، فعلى كل الأحوال طالما لم يثبت النقل والنبأ فلا حجة لكم فيه. فثبت بطلان استدلالكم بهذ الحديث.

وكل ما سبق بيانه يتعلق بنقد السند، أما المتن فمعلول أيضا، ويحمل الدليل على وضعه بين طياته، فإن حديثهم المزعوم بطلب عرض أقوال النبي صلى الله عليه وسلم على القرآن، فإن وافقه كان حديثا، وإلا فلا، وهذا ما فعله العلماء ثم قالوا: عرضنا حديث العرض على كتاب الله تعالى فوجدناه مكذوبا، فإنا لم نجد آية في كتاب الله تعالى تطلب منا عرض أقوال نبيه صلى الله عليه وسلم على القرآن، بل وجدنا عكس ذلك، وجدنا القرآن الكريم يطلب طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم بصفة مطلقة وبشكل قاطع، وبدون هذا العرض المزعوم، كما في قوله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا"