الرد على فرية الأوعال تحمل عرش الله عند أهل السنة والجماعة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يدعي الروافض إيماننا بأن من يحمل عرش الله هم الأوعال والعياذ بالله ، ويدعون صحة هذه الروايات عندنا!
الرد:
الشيخ / محمد ناصر الدين اﻷلباني( السؤال ) :ورد إلى المجلة سؤال من بعض القراء اﻷفاضل عن صحة الحديث الذي أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره ولفظه :
" عن العباس بن عبد المطلب قال : كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمرت بهم سحابة فنظر إليها ، فقال :
" ما تسمون هذه ؟ " قالوا : السحاب ، قال : " والمزن ؟ " قالوا : والمزن ، قال : " والعنان ؟ " قالوا : والعنان - قال أبو داود : ولم أتقن العنان جيداً - قال :
" هل تدرون بعد ما بين السماء واﻷرض ؟ " قالوا : ﻻ ندري . قال :
" بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثﻼث وسبعون سنة ثم السماء فوقها كذلك ، حتى عد سبع سموات ، ثم فوق السماء السابعة بحر ما بين أسفله وأعﻼه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظﻼفهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم على ظهورهن العرش ، بين أسفله وأعﻼه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك " .
( الجواب ) :
إن الحديث ضعيف اﻹسناد ﻻ تقوم به حجة ، وإليك البيان:تخريجه:
أخرج الحديث اﻹمام أحمد في مسنده (رقم 0177 و7711) وأبو داود (2/276) وعنه البيهقي في " اﻷسماء والصفات " (ص 399) والترمذي (4/205-206) وابن ماجة (1/83) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص68-69) والحاكم في " المستدرك " (2/378) والحافظ عثمان الدارمي في " النقض على بشر المريسي " (ص 90-91) والبغوي في تفسيره (8/465-466) من طرق عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن العباس به
.وقال الترمذي:" هذا حديث حسن غريب "
وقال الحاكم:" صحيح اﻹسناد " ووافقه الذهبي ! وليس كما قالوا ، وقد تناقض الذهبي -كما يأتي بيانه-:
علة الحديث :
وللحديث علتان : اﻻضطراب في إسناده ، وجهالة أحد رواته وهو ابن عميرة ، فقال الحافظ ابن حجر في ترجمته من " تهذيب التهذيب " :
" وعنه سماك بن حرب ، وفيه عن سماك اختﻼف ، قال البخاري ﻻ يعلم له سماع من اﻷحنف ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وحسن الترمذي حديثه ( يعني هذا ) ، وقال أبو نعيم في " معرفة الصحابة " : أدرك الجاهلية ، وكان قائد اﻷعشى ﻻ تصح له صحبة وﻻ رؤية ، وقال مسلم في " الوحدان " : تفرد سماك بالرواية عنه ، وقال إبراهيم الحربي : ﻻ أعرفه " .
أما العلة اﻷولى:
فقد بينها بعض العلماء تعليقاً على التهذيب ، فقال:" قال شريك مرة : عن سماك عن عبد الله بن عمارة ، وهو وهم ، وقال أبو نعيم : عن إسرائيل عن سماك عن عبد الله بن عميرة أو عمير. واﻷول أصح .
وقال أبو أحمد الزبيري : عن إسرائيل عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن زوج درة بنت أبي لهب " .
وأما العلة الثانية فتتلخص بأن عبد الله بن عميرة مجهول ﻻيعرف ، وقد صرح بهذا الحافظ الذهبي فقال في " كتاب العلو " (ص 109 الطبعة الهندية) :" تفرد به سماك بن حرب عن عبد الله ، وعبد الله فيه جهالة " .#
وكذا قال في " ميزان اﻻعتدال في نقد الرجال " .
ثم نسي الذهبي هذا كله فوافق الحاكم على تصحيحه كما سبق ، فسبحان من ﻻ ينسى !وأما تحسين الترمذي للحديث فمما ﻻ يعتمد عليه ﻻ سيما بعد ظهور علة الحديث ، ذلك ﻷن الترمذي معدود في جملة المتساهلين في تصحيح اﻷحاديث كالحاكم وابن خزيمة وابن حبان ونحوهم ، ولهذا قال الذهبي في " الميزان " (ص 33) :
" ﻻ يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي " .قلت :
وكذلك ﻻ يعتمد المحققون من العلماء على توثيق ابن حبان لتساهله في ذلك كما بينه الحافظ ابن حجر في مقدمة " لسان الميزان " وزدته بياناً في ردي على الشيخ عبد الله الحبشي (ص 18-21) وخﻼصة ذلك أنه يوثق المجهولين حتى الذين يعترف هو بأنه ﻻ يعرفهم فيقول مثﻼً في ترجمة سهل :" يروي عن شداد بن الهاد ، روى عنه أبو يعقوب ، ولست أعرفه ، وﻻ أدري من أبوه " !!
وهذا موضوع هام يجب على كل مشتغل بعلم السنة وتراجم الرواة أن يكون على بينة منه ، كي ﻻ يخطيء بتصحيح اﻷحاديث الضعيفة اغتراراً بتوثيق ابن حبان ، كما فعل أحد أفاضل العلماء في تعليقه على المسند ، والشيخ الحبشي في " التعقب الحثيث " وغيرهما .
|