مسألـة التترس:
الوجه اﻷول:
ما قرره أهل العلم من أن قتل المسلمين المتترس بهم ﻻ يجـــــــوز إﻻ بشــرط أن يخاف على المسلمين اﻵخرين الضرر بترك قتال الكفار، فإذا لم يحصل ضرر بترك قتال الكفار في حال التترس بقي حكم قتل المتترس بهم على اﻷصل وهو التحريم.
فجوازه - إذن - ﻷجل الضــــرورة وليـــــس بإطﻼق.وهذا الشرط ﻻ بد منه، إذ الحكم كله إعمال لقاعدة دفع الضرر العام بارتكاب ضرر خاص..
[2]قال القرطبي:«قد يجوز قتل الترس وذلك إذا كانت المصلحة ضرورية كلية وﻻ يتأتى لعاقل أن يقول ﻻ يقتل الترس في هذه الصورة بوجه, ﻷنه يلزم منه ذهاب الترس واﻹسﻼم المسلمين.
[3]»أما لو قتل المسلمون المتترس بهم دون خوف ضرر على المسلمين ببقاء الكفار، فإننا أبطلنا القاعدة التي بني عليها الحكم بالجواز
فقتل المسلمين ضرر ارتكـــب ﻻ لدفع ضرر عام بل لمــجرد قتل كفار.
قال ابن تيمية:
«ولهذا اتفق الفقهاء على أنه متى لم يمكن دفع الضرر عن المسلمين إﻻ بما يفضي إلى قتل أولئك المتترس بهم جاز ذلك.[4]
»الوجه الثاني*:
أن مسألة التترس خاصــــــة بحــــــــال الحــــــرب - حال المصـــــــافة والمواجهــــــة العسكرية - وهؤﻻء الكفار المستهدفون بالتفجير لسنا في حال حرب معهم، بحيث يكون من ساكنهم من المسلمين في مجمعاتهم لـــــيـــــس في حكم المتترس بهم.بل هم معاهدون مسالمون.
الوجه الثالث:
بين أهل العلم أن قتل المسلمين الذين تترس بهم الكفار ﻻ يـــــــجوز، إﻻ إذا لم يتأت قتل الكفار وحدهم.
والكفار المستهدفون في تلك التفجيرات يمكن قتلهم -على فرض أنه ﻻ عهد لهم وﻻ ذمة وأن دماءهم مهدرة - دون أذية أحد من المسلمين، فضﻼً عن قتله!.
(ومن يقتل معاهداً لم يرح رائحة الجنـــه)
الوجه الرابع:
اختﻼف حــال المتترس به عن حال الحراس ونحوهم؛ فالمتترس به عادة هو أسيــــــر لدى الكفار ينتظر الموت غالباً على أيديهم، لكنهم يتقـــون به رمــــي المسلمين .
أما الحــراس – فضﻼً عن المارة والجيران – فهم آمنــــون في بــﻼدهم.
الوجه الخامس:
أن الله تعالى بين أن من مصالح الصلح في الحديبية أنه لو سلط المؤمنين على الكافرين في ذلك الحين ﻷدى إلى قـتل أقوام من المؤمنين والمؤمنات ممن يكتم إيمانه، فلوﻻ ذلك لسلط المؤمنين على أولئك الكافرين،[5]
قال تعالى:"ولوﻻ رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطأوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليما"ً
[سورة الفتح 25]
قال القرطبي:«لم تعلموهم أي لم تعرفوا أنهم مؤمنون أن تطأوهم بالقتل واﻹيقاع بهم والتقدير: ولو أن تطأوا رجاﻻً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم ﻷذن الله لكم في دخول مكة، ولسلطكم عليهم، ولكنا صنا من كان فيها يكتم إيمانه.
وقوله (فتصيبكم منهم معرّة) المعرة العيب ... إي يقول المشركون:
قد قتلوا أهل دينهم ... لو تزيلوا أي تميزوا، ولو زال المؤمنون عن الكفّار لعذب الكفار بالسيف ... وهذه اﻵية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن.أهـ.[6]»
فتبين من هذه اﻷوجه أن قياس المسلمين الذين يساكنون الكفار في المجمعات السكنية على مسألة التترُّس قياسٌ غيـــر صحيح .
السؤال كـم من معـرة أصابت اﻹسﻼم بسبب أفعال هؤﻻء الخوارج الجهله في الدين؟
ثانياً:
الطائفة الممتنعة هي التي تمتنع عن إقامة شيء من شعائر اﻹسﻼم الظاهرة ولها شوكة، فﻼ تلزم بإقامة هذه الشعيرة إﻻ بالقتال، كقرية اجتمعت على ترك اﻷذان مثﻼً وكان لها شوكة ﻻ يمكن إلزامهم باﻷذان إﻻ بالقتال .
أما لو امتنع أفراد أو جماعة ﻻ شوكة لها ولم يقاتلوا فﻼ يقاتلون، بل يلزمون بأمر الشارع،
ومن امتنع عن أداء الزكاة من العرب بعد موت النبي –صلى الله عليه وسلم- كان لهم شوكة وقوة ﻻ يتأتى إلزامهم إﻻ بقتال، وقد قاتلوا فقاتلهم أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم.
انظر ما رواه البخاري (1457)، ومسلم (20) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه
"أما الممتنع عن الزكاة بدون شوكة فقد حكم فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله:"فإنا آخذوها وشطر ماله"رواه أبو داود (1575) والنسائي (2444) من حديث معاوية بن حيدة – رضي الله عنه.
وعليه فإن من أقام في مجمع سكني ﻻ تقام فيه أحكام الله ﻻ يكون في حكم الطائفة الممتنعة التي يجب على اﻹمام إنذاره وأمره بإقامة شرع الله، فإن امتنع وكانت له شوكة أو قاتل جاز قتاله حتى يذعن .
قال ابن تيمية رحمه الله: وﻻ يقتل من ترك الصﻼة أو الزكاة إﻻ إذا كان في طائفة ممتنعة فيقاتلهم لوجود الحراب كما يقاتل البغاة) مجموع الفتاوى (20/100).
والقول بأن حراس المجمعات من المسلمين وكذلك السائقون والطباخون وعمال الصيانة ونحوهم ممتنـــعون عن الشعائر ﻻ أساس له من الشرع أو الواقع، وﻻ يوجد أي وجه للشبه بينهم وبين الطائفة الممتنعة.
بل لو فرضنا أن بعضهم يخدم الكفار بما هو محرم كإدخال الخمور لهم فإن ذلك منكر تجب إزالته وعقوبة فاعله، ولكنه ﻻ يعد من الطائفة الممتنعة في شيء.
فــهل فهــم القــوم المسأله وهل اتضح لهم التلبيس عليهم في دينهم ؟
وهل اتضــح لهم جهل من يفتونهم بغيـر علم ويدلسون عليهم في الدين ويقتصون ماجاز لهم من اقوال السلف دون اكمال حتى ﻻيُكتشف عوار فتاواهم ؟
ونقول للخوارج تراجعوا عن هذه العقيدة المدلسة الفاسدة التي بسببها سفكتم الدماء التي حرم الله.
وقال تعالى:"قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَاوَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)
سورة الكهف.
وأسـمع يا رعاك الله لقول الله :
http://cutt.us/lc-ith2ir
اللهم اهدهم سبل الرشاد.
المصـــــادر:
اﻷشباه والنظائر ﻻبن نجيم ص96
الجامع ﻷحكام القرآن (16/287)
مجموع الفتاوى (20/52) ﻻبن تيميه.
*الجامع ﻷحكام القرآن 16/285.
منقول .
آخر تعديل بواسطة مناظر سلفي ، 2014-10-02 الساعة 07:57 AM
|