عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2014-09-06, 11:01 PM
محمود5 محمود5 غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-10-17
المكان: مصر
المشاركات: 1,238
افتراضي

يقول الله عز وجل )) (((إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44))
1- قوله تعالى ( انا انزلنا التوراة ) تاكيد فوق تاكيد للتعظيم وبيان العلو والرفعة والقدرة واستخدام ضمير العظمة دلالة الخلق والقدرة وتأكيد فوق تأكيد , اظهارا لعظم القادر المنزل وعظمة الكتاب المنزل وعظمة الرسول المنزل عليه .والمناسبة بين صدر الاية وعجزها يدل على ان التكفير لا يكون الا ممن كفره الله تعالى او ورد بالتصريح فى كتابه فى على لسان من انزل اليه صلى الله عليه وسلم .
2- وهو قصر حقيقى تحقيقى لان الفاعل فيه حقيقى ظهر بالوا قع انه القادر على كل شىء فلم يدع احد وقوعه من غيره ولم يدعيها احد لنفسه فبان وحار الامر الى الله تعالى .وفيه اثبات توحيد الربوبية بالقدرة على الخلق والتدبير وانه يستحق العبادة من دون الخلائق كما سيأتى فى الرد على من شكك فى مطلق القدرة واثبات الكلام لله تعالى بالتضمين فان التوراة كلام الله تعالى كما ان القران كلام الله تعالى نزلا من نفس المشكاة .كقول ورقة بن نوفل لما سمع كلام الله تعالى (( انه الناموس الذى نزل على موسى وانهما امن مشكاة واحدة )).
3- واستخدام التوكيد بان وباسمية الجملة تقتضى وجود انكار لاستخدام اكثر من مؤكد ولكن هذا المنكر كفره عناد او كفر اعتقادى او كفر عمل او تكذيب وفى كل رد الله عليهم باكثر من مؤكد ان الخالق واحد كما ان منزل التوراة واحد فكما انكم لم تنكروا خلقكم (( ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله )) فلا حجة لكم ان تتبعوا من يكذب عليكم بقوله (( انا ربكم الاعلى )) او بقوله اليست هذه الانهار تجرى من تحتى )) فاجراها الله من فوقه . فانزال التوراة اقامة حجة على من وصلت اليه .
4- وقد يكون جاهلا خوطب على انه منكر تشنيعا لامره بعد اقامة الحجة عليه فقد علمت من انزل التوراة فلماذا العناد والتكذيب بمخالفة رب السموات والارض واتباع غير سبيل المؤمنين .
• القول فى قوله تعالى ((فِيهَا هُدًى وَنُورٌ )):
1- الحصر والاختصاص يفيد الاهتمام بالتوراة وانها خصت بامر الهداية من قبل الله تعالى ففيها هدى ونور وذلك لان القائل هو الله عزوجل وان الهداية الكونية من قبل الله تعالى (( انك لا تهدى من احببت ولكن الله يهدى من يشاء )) فالله تعالى بسط امر الهداية والنور فى التوراة كما بسطها فى غيرها من الكتب السماوية .
2- وعود الضمير على التوراة من باب التأكيد بعد الو ضوح والدلالة على ما اشتملته التوراة من الهدى والنور مما يفيد اصل الانزال من قبل الخالق عز وجل .
3- وعموم التنكير يفيد اصل وجود الدلالة على الهداية وانها مستلزمة فى ايات التوراة والنور يقتضى الوضوح فيكون فيها هداية ظاهرة ووضوح بين لا يحتاج الى اعمال عقل بقدر ما يحتاج الى التزام امر .ومن اعمل عقله مع النص ضل لوضوح الدليل وخفاء معنى ادراك العقل .وهذا عام فى كل الكتب السماوية .
4- ووضوح البيان يلزم منه تصديق الخبر بما اتى فى التوراة والتزام الامر بما فيها من هدى وهذا يقتضى العلم بما فيها والعلم قد ثبت بالانزال فلزمت الحجة على من وصلت اليه .
5- ومن ترك هذا الهدى الظاهر بالتزام الاوامر والنو ر الواضح بتصديق اخبار الذى لا يخطئه من عنده ادنى بصر ناهيك على من عنده بصيرة يكون ضلاله اختيارا من عنده يلزم منه ترك الاوامر والاخبار واتباع العقل " الهوى " والشيطان .وفيها دلالة الايات والمعجزات وكون التوراة التزمت الهدى والنور فيكون تاركها تاركا لما التزمت عليه باعمال عقولهم وترك الالتزام باوامرالتوراة وتصديق اخبارها باختيار منهم بغير عذر يؤيد ما ذهب اليه كما فى حديث الزانيين اليهوديين الذين ايتيا بهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم فيهما بحكم الله تعالى فسأل عن حكم التوراة فكذب اليهود عليه ثم نشروا التوراة فوجدوا فيها حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم موافقا لكتب الله تعالى .
وفى هذه الاية مسائل :
1-اثبات الايمان بكل ما انزله الله تعالى من الكتب كما قال الله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة واصلها اننا لسنا كاليهود والنصارى نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض ولكننا نؤمن بكل ما انزله الله تعالى . وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن حَكِيم بن جَابر قَالَ: لما نزلت {آمن الرَّسُول} قَالَ جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قد أحسن الثَّنَاء عَلَيْك وعَلى أمتك فسل تعطه
فَسَأَلَ {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} حَتَّى ختم السُّورَة بِمَسْأَلَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1- إثبات إفراد الله تعالى وتوحيده فى قدرته وانه فعال لما يريد على كل شيء قدير منزل
الكتب ففيها حكم الله تعالى الذى لا يتبدل ولا يتغير .
وفى عموم الاية وخصوصها مذهبان معتمدان لاهل العلم :
المذهب الاول :
2- إثبات خصوصية التوراة بما فيها من أحكام وأنها واجبة التنفيذ لأنها تحتوى على خبر السماء فواجب تصديقه وعلى أوامر الله تعالى فواجبة تنفيذها .وهو مطلق توحيد الربوبية والإلوهية مع إثبات صفات الله تعالى . ولذلك خصها بقوله تعالى (( هدى ونور )) وهى دلالة الهداية والعلم فمن حاد عنهما فقد ضل ضلالا مبينا .
3- ان الله تعالى أوكل حفظ التوراة للربانيين والأحبار ولا يخفى على عاقل أنهم بشر جار عليهم اعمال الهوى واتباع غير سبيل الحق (( افرأيت من اتخذ إلهه هواه ) فلما اعملوا عقولهم ضلوا وأضلوا وجرت عليهم السنن الكونية من قساوة القلب كما قال الله تعالى ((ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ) وقساوة قلوبهم ذكرها الله تعالى فى موضع اخر (( فبما نقضهم ميثاقهم وجعلنا قلوبهم قاسية ) فعلق قساوة قلوبهم على نقضهم الميثاق ثم ذكر الله تعالى أن قسوة قلوبهم اوجبت لهم خصلتان ( يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا ) فهذا المتسبب عن انهم استحفظوا كتاب الله تعالى . فى سبيل ان كتاب الله تعالى ( القرآن )تكفل الله عزوجل بحفظه فقال ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ولاحظ أيها المؤمن كثرة التأكيدات فى حفظ كتاب الله تعالى باسمية الجملة وان والضمير للتكلم وتضعيف الفعل نزل الدال زيادة المعنى فى حفظه فامتنع فيه التحريف بالزيادة او النقص .
4- وشرط الله تعالى لحكم التوراة ان يحفظوه وان يكونوا عليه شهداء عاملين به والا يخشوا احدا الا الله تعالى والا يشتروا بايات الله ثمنا قليلا ولكن هل حافظوا على هذه الشروط ؟ كلا يقول الله تعالى (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) البقرة وقال (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)البقرة .
5- ويترتب على ما سبق انهم خانوا الامانة التى اوكلها الله تعالى اليهم بحفظها فكان التذييل مناسبا لما اقترفوه من أثام فقال عنهم " ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون " اى بسبب ما جنت ايديهم على تبديل وتحريف لكتاب الله تعالى وانهم طلبوا به الرياسة والشهرة والمال وتركوا العمل بما فيه من احكام بتصديق الاخبار او تنفيذ الاوامر وكل ذلك تراه انهم فعلوه عن علم تام فلما اوكل الله اليهم حفظ كتابه علموا بما فيه ولكنهم تركوه عن عمد ولاحظ قوله تعالى حكاية عنهم (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة .يقول الشيخ السعدى : فهذا مثل علماء اليهود الذين لم يعملوا بما في التوراة، الذي من أجله وأعظمه الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والبشارة به، والإيمان بما جاء به من القرآن، فهل استفاد من هذا وصفه من التوراة إلا الخيبة والخسران وإقامة الحجة عليه؟ فهذا المثل مطابق لأحوالهم.
بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صدق رسولنا وصدق ما جاء به.) فصارت الشروط التى اوجبت لهم الحكم بالكفر ما تقدم بيانه وهو خاص بهم .
*** الوجه الثانى :
من قال ان الاية تدل على العموم وان امة محمد صلى الله عليه وسلم تدخل تحت هذا العموم واعتمدوا على :
6- ان لفظ (( من ) تدل على العموم فهى من الفاظها فنقول اذا كان الكلام على العموم فيجب ان تتوافر الشروط سالفة الذكر حتى يحكم على الرجل بالنتيجة التى ذكرها الله عز وجل ونتلمس ذلك فى قوله صلى الله عليه وسلم حاكيا عن وجه لشبه قد يقع من هذه الامة مع سابقيها من حديث حذيفة رضي الله عنه: "إنَّ أخوفَ ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن، حتى إذا رُئيت بهجته عليه وكان ردءاً للإسلام، انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك، قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك: الرامي أو المرمي؟ قال: بل الرامي" رواه البخاري في التاريخ وأبو يعلى وابن حبان والبزار، انظر الصحيحة للألباني (3201) فهذا اعطاه الله القرأن ولكنه انسلخ منه ورماه وراء ظهره ولم يعمل بما علمه من كتاب الله عزوجل . فهذا توافر فيه الشروط التى ذكرها الله عزوجل فحق عليه بيان النبى صلى الله عليه وسلم .
7- فوجب على كل من ينادى بتحكيم غير شرع الله تعالى ان يعى تماما الخطأ الذى يقع فيه وهذا يشمل الحكام والقضاة ومن وضع نفسه بمكان التحكيم بين الناس ولو كان بين متخاصمين ان يراعى فيهم حكم الله تعالى . وبالمقابل لا ينبغى لمن رؤى فيه انه يحكم بغير ما انزل الله تعالى ان يحكم بكفره الا بعد اقامة الحجج عليه وانتفاء الموانع منه وتوافر الشروط سالفة الذكر فيه والحكم فيه لاهل العلم الربانييين او القضاة وليس لمطلق عوام الناس حتى لا تكون فتنة وفساد كبير .على ما قرره اهل العلم على ما سبق وما ياتى بيانه باذن الله تعالى .
8- ولفظ ( يحكم ) دلالة الاستقبال مع لفظ الواو فى ( ومن لم يحكم ) يتطرق حكم جديد وهو ما سبق الحديث عنه ان الامر خاص بالمسلمين كما سيأتى فان الامر نزل فى كتابنا فيلزمنا العمل به على اعتبار عموم اللفظ مع توافر السبب والشروط فيجب على كل مسلم ان يراعى ذلك وفق ما ذكر . ولذلك من اهل العلم من جعل الواو للحال ويكون المعنى على اثرها ( الحال من لم يحكم ...)) فتكون من ذكر العام بعد الخاص فتلزمنا .
نواصل بعون الله عزوجل .
رد مع اقتباس