ودعوى التعارض ، هذه ، بين النصوص الشرعية قديمة ،أعلنها بعض أهل البدع بلسان حالهم ،وأعلنها البعض بلسا مقالهم ، وهؤلاء وأولئك لا يخرجون عن ثلاثة أصناف:-
1- جاهل بالدين.
2- مبتدع فى الدين.
3- خارج عن الدين.
فالجهل بالدين ينشأ عنه الإحساس بوجود تعارض ظاهرى ، مثال ذلك عندما ذهب نافع بن الأزرق إلى ابن عباس يسأله عن بعض الأمور التى تُشكل عليه فى القرآن ،فلما جلاها له حبر الأمة ، زال عنه هذا الإحساس بالختلاف والتعارض.
وأما الابتداع فى الدين فقد كان له نصيب الأسد فى هذا الادعاء الباطل ، ذلك أن دأب أهل البدع هو التمسك بنصوص شرعية وترك نصوص أخرى أو على الأقل تحريف معناها إلى معايير أخرى فاسدة توافق أهواءهم وبدعتهم.
خذ مثلاً : الخوارج الحرورية تجدهم يتمسكون بنصوص الوعيد ،ويتركون نصوص الوعد أو يحرفونها عن معناها ، بينما يسير المرجئة فى الاتجاه المخالف بحيث يؤمنون بنصوص الوعد ويهملون نصوص الوعيد .
كذلك المعطلة الذين ينفون صفات الله ونفوا أن يكون الله سبحانه قد تكلم مع احد من عباده ، ولهذا فسروا قول الله تعالى : (( وكلم الله موسى تكليماً )) فقالوا : الكلم هو الجرح ، والتكليم هو التجريح ، أى أن الله جرح موسى بالحكمة وملأه بها. ولاشك أن هذا باطل بإجماع الأمة ، فالتكليم المقصود به هو المخاطبة والقول والنداء. وهذا متواتر فى القرآن الكريم.
ولهذا نجد الجهم بن صفوان رأس مبتدعة الجهمية المعطلة كان عندما يأتى إلى هذه الآية كان يقول : "لو علمت سبيلاً إلى حكها من المصحف لفعلت".
فهذا - يا أخوانى - دأب أهل البدع فى كل زمان وفى كل مكان ، ولهذا خاطبهم القرآن قائلاً : (( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)). !؟؟؟
وهكذا .... فما وجدت بدعة فى هذا الدين إلا وأخذت منه ما تشاء ، وتركت منه ما تشاء.
أما الصنف الثالث فهم أعداء الإسلام وهؤلاء يغنينا الحديث عنهم ما نراه كل يوم من تهافتهم فى النت وغيرها على إلقاء الشبهات ، وما يحسبونه تعارضاً بين النصوص الشرعية على اختلاف أشكالها.
بل وصل الأمر عندهم إلى مرحلة الإسفاف حيث أنهم يعرضونلكلام العلماء ويقابلون بعضه مع بعض ، لإثبات دعوى التعارض المزيفةفى هذا الدين. هذا رغم أن أقوال العلماء لا تمثل نصاً شرعياً ، فهى تفسير للدين وليست نصاً من نصوص الدين.
|