عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2009-01-23, 07:14 AM
abu_abdelrahman abu_abdelrahman غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-26
المشاركات: 779
منقول رد: كشف شخصية المستشار محمد سعيد العشماوي

مقال فهمى هويدى فى الرد على عشماوى
نشر فى جريدة الاهرام بتاريخ 25/2/1988



حديث الافك


عندما يكون الكلام اوله افك واخره افك فهل نتجنى أن وصفناه بانه حديث الافك حتى وان صبه صاحبه بين دفتى كتاب ووضع على غلافه عنوانا مغلوطا هو "الإسلام السياسى"

وفى "المنجد" فإن حديث الافك هو الذى لا أصل صحيح له وهو الحد الادنى الذى يمكن أن يوصف به هذا الكاتب المريب الذى صدر فى القاهرة خلال شهر ديسمبر الماضى محملا بجرعات من السم الردئ اريد بها اغتيال الشريعة الاسلامية وكافة المؤمنين بها والداعين اليها بلغة مقطوعة النسب بالعلم ومشكوك فى نسبتها إلى الادب.

يمطرنا الكاتب بوابل من الاوحال والحجارة فى الاسطر الأولى من مؤلفه فيقول ما نصه : ان تسييس الدين أو تديين السياسة لا يكون إلا عملا من اعمال الفجار الاشرار، أو عملا من اعمال الجهال غير المبصرين ثم يضيف بعد قليل أنه ازاء مزاعم اولئك "الفجار الاشرار" كان لابد أن يصدر هذا الكتاب ليناقش مزاعمهم "بأسلوب علمى سديد" وان يختبر الاستنارة والبعث والتجديد والنظريات التى بشر بها فانه يواجه بمسلسل الافك موزع على عشر حلقات استغرقت 220 صفحة لا تكاد تخلو واحدة منها من سند مكذوب أو استدلال فاسد.

مسلمون أم يهود ؟

المقوله الاساسية فى الكتاب أن الإسلام دين روحانى واخلاقى لا علاقه له بشئون الحكم والسياسة وان الشريعة التى ينادى بها البعض شئ مبتدع لا اصل له فى القرآن

وهذه الفكرة لا جديد فيها ولا اضافة ، فقد اطلقها الشيخ على عبد الرازق ، فى كتابه "الإسلام واصول الحكم" الذى صدر فى عام 1925م وان ردد الكاتب بعضا من حجج شيخه الا أن "نظرياته" التى اضافها كانت محصورة فى مجالات ثلاثة : الحيثيات الجديدة التى ساقها ليدلل على صحة المقولة تجريح التجربة الاسلامية فى مجموعها التعريض والتحريض على التيار الاسلامى القائم حاليا بكافة فصائله المعتدله قبل المتطرفة.

فى صدد دعوى انفصال الإسلام "الصحيح" عن الحكم، اورد الحجج التالية :

ان رسالة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ليست كرسالة موسى رسالة تشريع وانما هى رسالة رحمة ورسالة اخلاق أساساً بحيث يعد التشريع صفة تالية ، ثانوية غير اساسية (ص 35) واستدل على ذلك بمعيار رقمى هو أن القران الكريم يتضمن حوالى ستة الاف اية والآيات التى تعد تشريعات قانونية للمعاملات هى حوالى مائتين اى مجرد جزء واحد من ثلاثين جزءا من ايات القران.

ذلك فضلا عن أن لف الشريعة لم يرد فى القران بمعنى النظام القانونى ولم يتجاوز معناه فى القران وفى المعاجم حدود الطريق أو السبيل أو المنهج ثم ان الإسلام لم يحدد شكلا للحكم وانما حدد له العدل أساساً وفى الحديث الشريف "قد يدوم الحكم فى الشرك لكنه لا يدوم على الظلم" (ص 120)

ان لفظ الحكم لم يرد فى القران بمعنى الادارة السياسية وانما هو يعنى القضاء بين الناس والفصل فى الخصومات أو الرشد والحكمة

ان الاشارات القرآنية إلى من لم يحكم بما انزل الله فى سورة المائدة التى تعتبره كافرا مرة وظالما مرة وفاسقا مرة ثالثة هذه الايات نزلت فى أهل الكتاب (اليهود خاصة) ولا شأن للمسلمين بها.

وهو يذكر أن عبد الله بن عباس دعا إلى تفسير الآيات القرآنية فى ضوء اسباب نزولها وبنى على ذلك أنه "الضوابط والحدود والقواعد التى لابد من التزامها والتقيد بها حتى لا ينحرف تفسير القرآن ولا يجيد فهم المسلم هى – أولاً واخيرا- (لاحظ التشديد) أن يرتبط تفسير الآيات القرآنية باسباب تنزيلها (42).

وهو يحاول تعزيز واثبات حججه تلك اورد صاحبنا عددا من الشواهد والملاحظات فى مقدمتها:

أن حكومة عمر بن الخطاب هى حكومة تحالف طبائع الاشياء ولن تتكرر أبداً ذلك أن النبى قال فيه انه محدث اى ملهم ومتنبئ وان الحق على قلبه ولسانه وانه لو كان نبى بعد النبى لكان عمر ، ومن يقل عنه النبى هذا بوحى من الله -يكون من طبيعة خاصة وتكوين استثنائى ادنى إلى طبائع الانبياء" (ص8) – وخصوصية عمر هذه مكنته من أن يفهم روح الإسلام فى الحركة والتجديد لمواكبة الواقع ومتابعة الاحداث ورؤية المستقبل حتى وان خالف نصا صريحا فى القرآن. (ص8)

بعد وفاة عمر انقلبت الموازين وغلبت السياسة الدين وبدا التاريخ الاسلامى منذ هذا الوقت وقد اصطبغ فيه الدين بالسياسة، وظهرت الانحرافات والصراعات القبلية التى انتهت بتولى الامويين للسلطة واصبح الحاكم خليفة الله وليس خليفة للمسلمين مما اكسبه عصمة وقداسة، فى فعله وقوله. على حد تعبيره (ص11)

بالمناسبة ذكر المؤلف أنه على عكس الاعتقادات الشائعة فإن المجتمع غير مطالب بالاصرارعلى تطبيق الحدود بل انه مأمور بالتعافى فيها والتغاضى عنها استنادا إلى الحديث النبوى "تعافوا فى الحدود وكلما اعرض المجتمع عن تطبيق الحدود واغض عنها وتعافى فيها كان متبعا روح الإسلام محققا لدعوة النبى" (ص183)

فى هذه الصدد قال عن الخمر ، ان القران امر باجتنابها ولم ترد تلك العقوبة فى السنة أيضاً بالتالى فقد ظل الخمر اثما دينيا موكول النهى عنه إلى ضمير المؤمن "والمشرع المصرى لم يحل الخمر لكنه اتبع المنهج القرانى فى اعتبارها اثما دينيا موكولا امره إلى التربية الدينية والى ضمائر المؤمنين" ص 51.

تدليس مرصود

ووجه الافك والتدليس فى كلام صاحبنا مرصود فى نقاط بغير حصر فى مقدمتها:

1- القول بأن رسالة الإسلام ليست رسالة تشريع استنادا إلى كم ايات الاحكام والتكاليف هزل فى موضع الجد أولاً لأن العبرة بمضمون تلك الايات وما تقرره من مبادئ لمختلف مجالات الحياة بصرف النظر عن عددها وثانيا لأن مقتضى دوام الرسالة والشريعة أن تعنى احكامها بالمبادئ والاسس فتقرير مبدأ الشورى مثلا كاساس للنظام الدستورى ورد فى ايتين اثنتين لكنه اهم من اى تفصيل فى شكل النظام ومؤسساته وثالثا لأن حصر ايات الاحكام فى مائتى اية لا يخلو من تبسيط وتحكم لانه من العسير أن تفصل تلك الآيات عن مختلف قواعد السلوك المبسوطة فى القران كله. فالدعوة إلى التعفف وعدم اكل اموال الناس بالباطل المبثوثة فى مواضيع عديدة من القران وثيقة الصلة بالايات التى تنهى عن الربا وتلك التى تجرم السرقة وتوقع الحد على السارق وهكذا والصحيح أن يقال بأن الإسلام رسالة هداية حقا لكن التشريع جزء اصيل فيها. من ناحية رابعة هى الاهم فإن الحديث عن الإسلام بمثل ذلك المنطق يفرغ الرسالة من مضمونها ويلغى مبررها من الاساس اذ لو أن الهدف منها هو الرحمة والاخلاق كما يزعم صاحبنا وامثاله فرسالة المسيح تسد هذه الثغرة وتؤدى تلك الوظيفة بكفاءة عالية ولاحكمة فى أن ينزل دين اخر ويبعث رسول اخر ليؤدى الوظيفة ذاتها فى حياة الناس.

2- والحديث الذى ذكره صاحبنا عن الشرك والظلم وكرره مرتين فى الكتاب (83و 120) لا اصل له وانما هو مقولة جاءت على لسان الامام على فى نهج البلاغة نصها "الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم وهذا التخليط من ركائز المنهج العلمى السديد الذى اتبعه المؤلف وبمقتضاه استند إلى عدد من الاحاديث الموضوعة مثل حب الوطن من الايمان (ص152) وفساد ظاهره لأن كلمة الوطن بمعناها الشائع لم تكن معروفة على زمن النبى ومثل "لو كان نبى بعد النبى لكان عمر" الذى سنتحدث عن فساده بعد قليل غير مالا حصر له من الوقائع التاريخية المكذوبة والمفاهيم المغلوطة التى استلزمها منهجه السديد

3- واما القول بأن لفظ الحكم قد ورد فى القران بمعنى الفصل فى الخصومات وليس الإدارة السياسية فهو أيضاً من مبتدعات الشيخ على عبد الرازق التى نقلها مؤلف الكتاب بغيرعلم ولا هدى وممارسات النبى ذاته تكذب هذا الادعاء ورغم اننا نتحدث عن صيغة للحكم مضى عليها اربعة عشر قرنا ولابد أن تختلف عن مفهوم وصيغة الحكم فى زماننا الا اننا نحيل المكابرين فى هذه النقطة إلى ما ذكره الشيخ محمد بخيت فى نقضه لكتاب الإسلام واصول الحكم واعتمد فيه على مصادر أخرى اذ عرض بتفصيل دقيق لصيغة الحكومة النبوية انذاك وما تضمنته من انشطه الوزارة والحجابة وولاية البدن والسقاية والكتابة، وامارتى الحج والجهاد وبعثات المصالحة والأمان فضلا عن الفتوى والقضاء وكتابة الشروط والعقود إلى غير ذلك مما شرحه الشيخ بخيت موثقا بالأدلة والبراهيين على حوالى 80 صفحة (من ص 128 ص 217)

4- والقول بأن ايات الحكم ما انزل الله مقصورة على اهل الكتاب دون غيرهم افك من الوزن الثقيل – والدعوة إلى تفسير ايات القرآن فى ضوء اسباب النزول فقط هو جهل من الوزن ذاته ولا نعرف كيف ساغ لعقل رجل يزعم انتماءه إلى العلم أن يقول بأن الله سبحانه وتعالى الزم اهل الكتاب بتطبيق احكامه واعفى المسلمين من ذلك الالزام. صحيح أن الآيات نزلت فى اهل الكتاب لكن كافة المفسرين والراشدين من المسلمين اعتبروها احكاما عامة تسرى على المسلمين كما تسرى على غيرهم حتى الشيخ على عبد الرازق الذى حاول فى كتابه أن يتلمس اى سبيل لسد الطريق بين الإسلام والحكم لم يشر إلى مسأله اختصاص ايات الحكم باهل الكتاب، ليس لانها فاتته أو جهلها ولكنه لابد أن يكون قد استحى عن ذكرها. وكلام ابن عباس عن التفسير فى ضوء اسباب التنزيل الذى يتشبث به صاحبنا باسنانه واظافره اعمل فيه الرجل غرضه وهواه فهو لا ينصب على عموميات القران ولكنه يخص الايات الموصوفة بالمتشابهات وهى غير الحكم من ايات الله وقد نهى عامه المسلمين عن الخوض فى تلك المتشابهات حتى لا يخطئوا فى تأويلها وقد كان جيل الصحابة الذى تعلم على رسول الله هو الاعرف بها والأدرى باسباب تنزيلها. دليل ذلك أن ابن عباس ذاته هو القائل فى شأن الاية عامة على هذا "تفسير القرطبى ج6 ص 211) وفى الطبرى رواية منقولة عن الحسن البصرى يعقب فيها عن الاية ذاتها بقوله نزلت فى اليهود وهى علينا واجبة (ج6ص257) والمتفق عليه أن اسباب التنزيل تفيد فى فهم المراد بالايات والعلم بها ضرورى لاى مجتهد لكن القول بأنها المرجعة الأول والاخير فى التفسير هو ادعاء لا دليل عليه ونسبة الدليل إلى ابن عباس هو من نماذج الخلط بين الافك والجهل والطريف أن الكاتب الهمام هاجم المتطرفين مستندا إلى الآية القرانية التى تنهى عن الغلو (ص132) فى حين أن الآية موجهة فى التنزيل وفى النص إلى اهل الكتاب اى أنه استخدم هواه بصورة مكشوفة فتمسك بسبب التنزيل حين اراد أن يصادر الحكم بما انزل الله وتجاهله عندما عن له أن يدين الغلو والتطرف.

عن اكذوبة العصمة

5- الكلام عن عمر بن الخطاب افك من نوع اخر فحكاية احتمال نبوته بعد النبى وردت فى حديث مدسوس وفى "الموضوعات الكبرى" لابن الجوزى أن الحديث لا يصدر عن النبى وان رواية رجل يدعى زكريا بن يحيى وقد قال فيه لابن الجوزى كان من الكذابين الكبار وقد حرص الكاتب على أن يقدمه بحسبانه شبه نبى لينفى عنه صفة الحاكم، موحيا بانه لم يكن رجل سياسة وهو خطأ انبنى على خطيئة ليبرر فرية أخرى ولا تقل فداحة وهى أن عمر بصفته تلك خالف نصوصا صريحة فى القران بعد توقيعه حد السرقة وبوقف نصيب المؤلفة قلوبهم من الزكاة وهو كلام لا يصدر عن مبتدء فى فهم الإسلام ورجاله فعمر اورع من أن يخالف نص القرآن لكنه اوعى من أن يضعها فى غير موضعها أو يطبقها دون أن تتوفر لها شروطها.

6- مسالة عصمة الخلفاء اكذوبة أخرى لا سند لها فى تاريخ اهل السنة كله والاستناد إلى جملتين منسوبتين إلى معاوية بن ابى سفيان وابى جعفر المنصور على فرض صحتهما فهما بمثابة الاستثناء الذى يؤكد القاعدة مع ذلك فالعبرة ليست بما يزعمه احد من الحكام لنفسه ولكن العبرة بقبول الناس لذلك الزعم وتعاملهم مع الحكام على ذلك الاساس وهو مالم يحدث فى اى مرحلة من مراحل التاريخ الاسلامى.

7- حديث المؤلف عن الموقف من الحدود الشرعية وكون الاعراض عن تطبيقها من روح الإسلام فهو مزحة فجة تستخف بالعقول لتبرر الغاء الحدود وحذفها من القوانين الجزائية بحجة الاستجابة لروح الإسلام أما تناوله لمسألة الخمر وكيف عالجها القانون المصرى بالمنهج القرانى فهو مزحة من النوع ذاته نكتفى باثباتها دون تعقيب وأقف عند هذا الحد مضطرا ومستأذنا فى متابعة مسلسل الافك فى الأسبوع القادم باذن الله.

لقد قدم استاذ للتاريخ الاسلامى إلى نيابة امن الدولة قبل اسابيع لمجرد أنه شكك فى حجية بعض الاحاديث النبوية وقال عشر معشار ما يروج له صاحبنا من اكاذيب وقد انكرنا الكلام وانكرنا القبض على صاحبه فى حينه وهو موقف نثبته هنا حتى قبل أن تفاجئنا معلومات هوية الرجل التى سجلها على غلاف الكتاب المريب.

اذ كانت المفأجاة الأولى أنه مصرى ومسلم واسمه محمد سعيد العشماوى

أما المفاجاة الثانية فإنه أيضاً استاذ محاضر فى اصول الدين والشريعة التى ينكرها.

وهى مفاجأة لا يملك المرء ازاءها الا أن يفغر فاهة وينفجر ضاحكا لكنه ضحك كالبكاء
<!-- / message --><!-- sig -->
رد مع اقتباس