[محمد محمد البقاش]

بسم الله الرحمن الرحيم
لا بأس من الرد على مداخلتك رغم ما فيها من تجاوز فأقول:
أولا "من لم يعجبه المغرب ويمزق جواز سفره فالماء والشطابة حتى لقاع البحر"، هذا القول منك يدل على وطنية ضيقة تظهر عند وجود الاستعمار وتختفي بعد أن يرحل بعسكره، وها نحن اليوم نجد الوطنيين معدومين فكيف تتشبث أنت بالمعدوم؟
في خمسينيات القرن الماضي وستينياته كان الوطنيون موجودون في سائر البلدان العربية التي كانت مستعمرة، فالوطنية رابطة مؤقتة لا تصلح للربط الدائمي بين الإنسان والإنسان، والإسلام رابطة أرقى لأنه الجامع بين المسلم والمسلم وليس الرابطة الوطنية الضيقة ولا الرابطة القومية العنصرية، الرابطة المبدئية هي الجامع، وهي رابطة الإسلام، وهذا الإقرار يجعل من المغرب بلدا إسلاميا لا تملكه أنت ولا أنا، فلا يحق للمغاربة أن يعتبروا مسلما غير مغربي في المغرب أجنبيا كما هو الحال حاليا، فحالنا فرضه علينا الاستعمار يجب نبذه، فأنا لست أجنبيا في الشام والخليج والعراق ومصر وسائر البلدان الإسلامية وكذلك غير المغاربة ليسوا أجانب في بلدي المغرب، وهذه الثقافة هي التي يجب أن نتبناها ونسوِّدها، أما تمزيق جوازات السفر المغربية فقد حصل لوجود بدائل غيرها لأن من مزقوها يحملون جنسيات أجنبية مع جنسياتهم الأصلية، أضف إلى ذلك أن التمزيق ليس لذات التمزيق فهو كناية عن الغضب ويكفي سبعة أشهر من الحراك بين صعود وهبوط دون جدوى، واسمح لي أن أخبرك أن عشرات العائلات قد هاجرت دورها ومساكنها جراء انعدام الماء الشروب ولا أحدثك عن غير الماء، فهل غياب الماء الشروب للساكنة أمر جلل أم لا؟ وهل توفيره مسؤوليتي أنا؟ وهل يكون الجواب ببدء العمل لإنشاء سد يعلم الله متى يتم الانتهاء منه؟ أم يكون الجواب عمليا وحالا بتوفير الماء الشروب للناس؟ أليس الأمر مستعجل؟
لا أحدثك عن الصحة والتعليم وغيرهما فالأمر مشترك بينهم وبين العديد من المغاربة في كثير من المدن والقرى..
ثانيا موضوع عدم تطرقي لموضوع الانفصال قد صدر مني عن قصد ذلك أنه أمر جلل لا يحتاج إلى مقال كتبته على استعجال، فلانفصال مسألة مطروقة منذ زمن، وأخبرك أن في مدينة طنجة من ينادي بإعادتها إلى ما كانت عليه أيام كانت مدينة دولية، يوجد من يحن إلى العهد الدولي (الاستعماري) بسبب الغبن الذي أصاب ساكنتها جراء سياسات جائرة، وعليه فالانفصال نبتة خبيثة لها روادها ولها مؤيدوها، وأكبر المؤيدين له؛ الغرب، لأنه ينتهج اليوم في بلادنا تقسيم المقسم وتمزيق الممزق، وأنا أخشى أن يتم احتضان الانفصاليين من طرف جهات معينة وعندها سنعاني أكثر وسيكون المتسبب كل مسؤول في الشأن العام يمكنه من موقعه أن يقف في وجه الانفصال ولم يقف، فالبحر المتوسط كبير والمحيط الأطلسي أكبر وافتعال صراعات في المغرب العربي دَيْدن أمريكا وبريطانيا ولنا فيما يحصل في ليبيا من صراع أنجلو أمريكي وقود خبيث هو حفتر من جهة ومن ينازعونه السلطة من جهة أخرى، والرابح هو الاستعمار والخاسر هم نحن، هذا ما يجدر بنا أن نهيئ الأجواء الثقافية والسياسية للتصدي له لأنه آت وأراه قريبا جدا، أما حكمك على الانفصاليين بالكفر ففيه تسرع لأنه يدل على خواء شرعي دلت عليه كلماتك.
ثالثا قولك باستهزائي بالأمن فيه تجن وتقويلي ما لم أقل، فالأمن بشكل عام موجود بالمغرب والحمد لله ونرجوه للمسلمين وللبشرية جمعاء، وحادثة خروج مجرمين بالسيوف في مدينة تطوان منذ أيام قليلة وترويعهم للناس حادثة عرضية قد تحدث في كل مكان، ولكنها مؤشر خطير على وجود خلل في الأمن المغربي، وأكبر الخلل الخصاص في رجال الأمن، والحل فتح المجال للتوظيف، ولكن التوظيف باتت أبوابه موصدة لدرجة أن الخريجين من الجامعات من دكاترة ومجازين لا يجدون عملا، ومن وجد عملا اليوم ووفقا لما صدر من حكومة غير ناضجة لا يدخل الوظيفة إلا بعقْد، وإجمالا فنحن محظوظون عن إخواننا بالعراق والصومال وليبيا وغيرها، ولكننا لن ننجوا مما هو قادم، وعندها ستدرك حضرتك أنك كنت في ردك قصير النظر، وأما عن عمالتي فهي كائنة لمبدئي الإسلامي ولثقافتي الإسلامية وهذه الأخيرة لا تؤمن بتعدد الدول بل تؤمن بما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منها)) ومعناها في الكناية تحريم وجود دولتين وخليفتين وكيانين وهذا هو الذي يوصلنا إلى الوحدة الحقيقية وليس الوحدة التي نسمع عنها في الجامعة العربية، لو كنت منضبط الفكر لما رميت غيرك بما ليس فيه ولما قوّلته ما لم يقل.
رابعا اتهامك لي بالجهل قول موفق ذلك أنني أجهل الكثير، فأنا من صنف من صفاتُهم النقص والعجز والاحتياج والمحدودية الشيء الذي يحتم جهلهم بأكثر الأمور في الحياة، ولكن من عَلِم عن ضبْط وانضباط أدلى بعلمه دون أن يقول عن نفسه أنه معصوم عن الخطأ، ودون أن يقول رأيه هو الصواب المطلق، ولكن من يستند إلى المعصوم وهو الرسول صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يقف الموقف الذي يجعله من العقلاء وأرجو أن نكون منهم ثم يصدر رأيه مستندا إلى كتاب الله عز وجل وإلى المعصوم صلى الله عليه وسلم، وأما إحسانك الظن بي فقد دلت عليه كلماتك بشكل مقلوب حين وضعت احتمالين، فالأصل إحسان النظر في الأفكار والسلوك لأنه ترجمان الدخائل والنوايا.
خامسا يبدو أنك لا تعرف في السياسة، ذلك أن إقحام ليبيا في المقال له ما يبرره، فليبيا القذافي ليبيا تابعة لبريطانيا، وليبيا بعده مقسمة وممزقة يتصارع عليها الأمريكيون بشخص حفتر وبريطانيا بما يقابل حفتر في الصراع، وأما دخول مصر فهو دخول عميل أميركي من أجل المساهمة في إنجاح المخططات الأمريكية فالسيسي معروف بعمالته لأمريكا، وكمعلومة ربما تجد ما ينبني عليها أقول لك أن جدته يهودية مغربية وأسألك: هل يتبع اليهود في أصولهم أمهاتهم؟.
دخول مصر ليبيا تم التمهيد له بتفجير الكنيستين المصريتين مار جرجس ومار مرقس بتاريخ: 09 أبريل 2017م في محافظة الغربية والإسكندرية وأسفر عن قتل 38 و 100 جريح.
تم وضع المتفجرات في الكنيستين من طرف انتحاري، فهل من يضع المتفجرات ولا يراه أحد ثم يرحل يوصف بالانتحاري؟ كيف يضع المتفجرات انتحاري في كنيسة أو كنيستين وهما فارغتين من الناس وينجح في الابتعاد عن منطقة وضع المتفجرات ثم ينتظر قدوم الناس إليها ثم يحصل الانفجار ثم يتم الإعلان عن انتحاره؟
إن المراد من التفجيرين هو صرف أنظار الشعب المصري عن جرائم السيسي أبرزها دفع الشعب المصري إلى الحرب الأهلية وسياسته المخفقة في معالجة قضايا حساسة كغلاء المعيشة والفقر وانقسام المجتمع المصري بسبب إزاحة رئيس شرعي جاء بانتخابات نزيهة والزج به في السجن، ولم لا الزج بمصر في حرب سوريا.
إن مصر بحربها للشعب الليبي ومقارعة بريطانيا بضرب عملائها بدعوى محاربة الإرهاب إنما تنفذ الأجندة الأمريكية خصوصا بعد وضع أولويات من طرف ترامب في توجيهه للمؤتمر العربي الإسلامي الأمريكي الذي انعقد بالرياض في 21 ماي 2017م.
جاء التفجير المفتعل من طرف المخابرات المصرية من أجل إنجاح مخططات أمريكا من بينها تلك التي ينفذها حفتر من أجل الوصول إلى السلطة ومن ثم يتم تغيير توجه ليبيا، وعندها ستكون مشاكل كبيرة في المغرب العربي أكثر مما هي الآن، فإذا قامت عندنا أزمة فستكون على غرار ما تشاهد في ليبيا وعندها لا ينفع رميي بالعمالة والجهل، عندها سنعاني وسنتقاتل وكل منا إلى جانب عدوه وعدوه هو الغرب المستعمر.
إذا كتبت ردا علي بركاكتك فلن أتجاوب معك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش طنجة في: 08 / 06 / 2017م
جريدة طنجة الجزيرة