[ايوب نصر]

المقدمة

(( ربنا هب لنا من لدنك رحمة و هيئ لنا من أمرنا رشدا ))(1)
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي أخرجنا في خير أمة أخرجت للناس ، و أساله التوفيق لما يحب و يرضى و الحفظ مما يكره و يسخط ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على أله و صحبه الكرام الميامين ، و من تبعهم باحسان الى يوم الدين .

اما بعد ، فقد صنف الامام الذهبي كتابا في طبقات المتكلمين في الرجال ، و سماه " ذكر من يؤتمن قوله في الرجال " ، و هذا الكتاب مطبوع ضمن كتاب " أربع رسائل في علوم الحديث " بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة . و الذهبي اقتصر في كتابه هذا على ذكر فقط أسماء من يؤتمن قولهم في الرجال ، دون أن يترجم لهم ، او يصنفهم وفق أقسام المتكلمين في الرجال مع أنه أشار الى ذلك في مقدمة كتابه .
و هذا البحث يخص بالدراسة أصحاب الطبقة الأولى من كتاب الذهبي ، و هي الطبقة السابعة على العموم ، و تمتد زمنيا حسب سنوات الوفاة ما بين سنة 148 _ 180 بالتقويم الهجري

اسباب هذا البحث :
من الاسباب التي كانت وراء انجاز هذا البحث هو اكمال ما بدأه الامام الذهبي _ رحمه الله _ ، حيث قمت بالترجمة لهؤلاء الأعلام ترجمة اعتمدت فيها على كتب الذهبي نفسه ، دون أن اتجاوزها لغيرها حفاظا على روح الذهبي ، فكأنما هو نفسه الذي قام بهذه التراجم ، و قد راعيت فيها منهجه في الترجمة ، فكنت أنقل الأقوال بنفس طريقته و منهجه ، و ارتبها غالبا حسب ترتيبه ، و أحيانا أنقل تعبقاته و مناقشاته للحفاظ على روح الذهبي .
و من الأسباب أيضا التي دفعت بي لانجاز هذ البحث تصنيف هؤلاء المتكلمين في الرجال حسب مراتبهم في ذلك ، و ذلك ببيان المتشددين منهم و المعتدلين و المتساهلين . و ايضا من الأسباب استخراج بعض الفوائد المتعلقة بعلم مصطلح الحديث ، و الحرص على السنة و اقتفاء الاثار الذي امتاز به هؤلاء الاعلام .
ان عدد من يؤتمن قولهم في الرجال قليل جدا مقارنة مع عدد رواة الحديث ، و لذلك جعلت همي في هذا البحث ، و خاصة في الفصل الثاني و الخاص بالتراجم أن أركز على الامور التي جعلت هؤلاء المتكلمين في الرجال يصلون لهذه المرتبة ، و هذه الامور تتجلى في درجة العلم و الضبط و العدالة و الزهد و تقوى الله و الخوف من المعاد و الاخلاص و الاتباع ، التي بلغها هؤلاء الرجال _ عليهم شآبيب الرحمة _ .
_____________________
(1)الكهف : 10