[ايوب نصر]

ما ابجح هؤلاء الغالين و الغاليات الذين نصبوا انفسهم في مقام ابراز و اظهار مكتسبات المراة في العالم العربي و الاسلامي ، فيصورون lh وصلت اليه على انه شيء ، و انما هو مع ابسط نظر فيه تجده لا شيء ، فضلا على ان يصح التبجح به و كشف صفاقة الوجه في اظهاره ، و ان من اكثر الامور التي يتبجحون بها ،و تظهر فيها صفاقة وجوههم ، هو ان المراة وصلت لمناصب عليا مثل الوزارات ، و هذا انما هو دليل جهلهم و عدم اطلاعهم على تاريخهم و تاريخ امتهم ، و لو انهم كلفوا انفسهم مشقة القراءة و عناء النظر في سير النساء من بنات هذه الامة ، لوجدوا المراة المسلمة كانت وزيرة في عهد الخليفة الراشد الثاني الفاروق رضي الله عنه ، و لم تكن وزيرة لاي ضرب من وزارات ، و انما وزيرة التجارة ، و انت يا صاحبي ، تعلم حال العرب قديما مع تالجارة و مكانتها عندهم و كيف كانت تدار ، مما لا يقدر على ادارته و سياسته ابرزالسياسيين الان ، و لا احصفهم رايا و اكثرهم امتلاكا لاسبابها ، لو وضعوه وزيرا انذاك ، و ما يدريني فلعلك ايضا لا تعلم .

فالامر الكبير و الدور الجليل هو ان تقوم امراة في ذلك الوقت بادارة وزارة التجارة ، و اما الان و في هذا الزمن فان تكون وزيرة ، ليس بالامر العجيب و لا المبتدع او المبتكر و الصعب الذي يذهل العقول و تطيش له الالباب ، فهو لا شيء ، و لكن ماذا نفعل مع اهل التطبيل و اصحاب التبندير (1) ، في تبجحهم الجاهل .
و اخوف ما اخاف ، ان يخرج علينا احد يوما ، يتبجح و يتباهى ، بان من ضمن الانجازات التي حققتها المراة العربية هو حصولها على جائزة اكبر مؤخرة ، و هو امر مخوف على كل حال ، و لكني اعدكم بالا اعقبه بقول او تعليق او نقد .

و هذا انما هو مثال واحد سقناه لمن صدعوا رؤوسنا بالتنكر لتاريخهم بجهلهم اياه ، و هيامهم وراء مؤخرات الفكر و نفايات الاذهان مما يتم تصديره الينا ، ممن يحرصون جهدهم في اسقاط هذه الامة و تفكيك روابطها ، ثم يابى الله الا ان تسود سنته في اعادة الامور الى اصلها ، كما بدات ، كلما اختلجت الاراء و تضاربت الاهواء ، وفسدت الحياة البشرية في جميع نواحيها ، فجاء هذا الوباء ليظهر للعالم كله ان تقدم الغرب ،و حضارفته ، فانه ليس على شيء مما يدعيه ، من قوة علمية و تقنية ، فيقف هذا العالم الغربي و ليس امامه شيء يفعله ، و لا سلاح يدفع به عن نفسه ، الا ان يوصي بلزوم البيوت و الاهتمام بالطهارة و الغسل ، فهو سبيل الوحيد ليكف هذا الوباء اداه ، و ينحصر و ينكمش بعدما فعل فعلته ، و هذه الامور الموصى بها من طرف العالم الغربي المتقدم ، انما هي من البديهيات و المسلمات في الاسلام ، فمبلغ التقدم عندهم انما هو البداية في الاسلام .

هذا و قد صدق الامام مالك _ رحمه الله _حين قال : " لا يصلح اخر هذه الامة الا بما صلح به اولها " فاذا كان سبب النجاة في اخر هذه الامة هو ما كان سببا في نجاة اولها ، فان تقدمها العلمي و التقني ، و اعادة مجدها القديم و فرض هيبتها بين الامم و رفع الذل عنها ، لن يكون ايضا الا بما بلغه اولها .
و قد كان من وحي هذا الوباء و فضل هذه العزلة ،ما ظهر لي من اطالة النظر في قوله _ صلى الله عليه و سلم _ : (( إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها )) و الفسيلة هي الجزء الصغير من النبات الذي يؤخذ منه و يتم غرسه لينبت، اي هو الجزء الصغير الضعيف من الحياة ، فاذا قامت القيامة عليك ، و هو بيدك ، فعليك العمل لاستمرار الحياة و لو امام القيامة ، و في هذا دلالة على ما هو اعلى بما هو ادنى ، فكان العمل على الحفاظ على الحياة البشرية هو اسمى الاعمال و اجلها ، و قد تاخر المسلمون عن ذلك الدور ، لا لكونهم مسلمين ، و انما لركونهم الى العجز و تلذذهم بالراحة ، و لما نبت فيهم من نابتة سوء و جهل ، لا ترى للامة اي سبب للتقدم و الزعامة الا ان تتتشبه بالغرب و تحذو حذوه ، و لعمر الله اي تقدم و اي زعامة تكون في التقليد ؟؟ و الان يهيء لهم الله الفرصة و يدفع اليهم بالوسيلة ، و بنبه اعينهم باقوى مهيج و منبه ، لاجل العمل على استرجاع مكانتهم .

******
(1) ماخوذة من البندير و هو الة قريبة من الطبل يعرفها اهل المغرب

كتب : الخميس 1 شعبان 1441 (26/03/2020)