عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2022-08-07, 09:49 AM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,735
افتراضي الخوف عند الأطفال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( الخوف عند الأطفال ))
الخوفُ عند الأطفال ظاهرةٌ طبيعيةٌ لا تستدعي القَلَق في كثيرٍ من الأحيان، وعادةً ما يعاني الصغار من مشكلات في التعامل مع الحيوانات والحشرات، أو الوجود في مكان مُظلِم، أو حتى اقتراب أشخاص غرباء منهم.

والخوف حالةٌ انفعاليةٌ شعوريةٌ تتصاعد تدريجيًّا أو فجأة، تدل على أن شيئًا سيحدث للإنسان، فيتحرك حذرًا؛ كي يسلم من عواقبه وآثاره، وهو أمرٌ فطريٌّ موجودٌ لدى كل البشر، بمَن فيهم الأطفال، والحكمة الإلهية من زرع الخوف في نفوس البشر هي حمايتُهم من المخاطر التي تحيط بهم؛ لكن الخوف إذا ما تطوَّر، وخرج عن إطاره المألوف يصبح مَرَضًا، يتحوَّل لديهم من مجرد شعور مؤقت إلى حالة مرضية تؤثر في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، والسؤال هنا: ما الفرق بين الخوف الطبيعي والخوف المرضي؟

إن الخوف الطبيعي يلازم الطفل منذ السنة الأولى من عُمره تِجاه العديد من الأشياء؛ على رأسها الخوف من الغرباء، والظلام، والحيوانات، والأصوات العالية، وغيرها من المواقف التي تُشعِر الطفلَ بالخطر، ويكون ردُّ فعله عليها الصراخ والبكاء الشديد، وهذا أمر طبيعي تمامًا لا يدعو للقَلَق، ولا علاقة له بشخصية الطفل المستقبلية؛ لأنه في هذه المرحلة لا يزال مرتبطًا نفسيًّا بالأم، ولا يشعُر بالأمان أو الدفء إلا بجوارها فقط.

أما الخوف المرضي؛ فهو ملازم للمرء من شيء غير مخيف في أصله، وهذا الخوف لا يستند إلى أي أساس واقعي، ولا يمكن السيطرة عليه من قِبَل الفرد، رغم إدراكه أنه غير منطقي، ويصاحبه بعض الأعراض الجسدية؛ مثل: العَرَق والرعشة الشديدة والقيء، وسرعة ضربات القلب، وبرودة الأطراف، ومع ذلك فهو يعتريه، ويتحكَّم في سلوكه.

أما أسباب الخوف عند الأطفال؛ منها ما هو وراثي من جينات الأم أو الأب، ومنها ما هو مكتسب تدخَّلَتْ في وجوده أو زيادته بشكل مرضي أسبابٌ معينة.

ومن هذه الأسباب: العلاقات الأسرية المتوتِّرة بين الأم والأب، وكثرة المشاحنات، والصوت العالي، وعدم إحساس الطفل بالأمان في أسرته وبين والديه، وكذلك أفلام الرعب، ومشاهد القتل التي يشاهدها في التلفاز أو الأجهزة الذكية، أو أفلام الكرتون التي تحتوي على مشاهد أشباح وأشكال مخيفة تؤثر بشكل سلبي في الطفل.

ومن ناحية أخرى تهديد الأطفال عندما يُخطئون، وإدخالهم غُرَفًا مظلمةً للعقاب، والقسوة الزائدة من الأب أو الأم، والصوت العالي في التوجيه والصراخ، والنظرات الحادة المرعبة من الآباء.

أما خطوات العلاج فتكمن في التالي:

1- تحديد سبب الخوف ومنشئه أمرٌ مُهِمٌّ في علاج الخوف؛ لأن الخوف يزول بزوال أسبابه.

2- عدم السخرية أو الاستهانة بمخاوف الطفل، والإنصات لمشاعره، وتركه يُعبِّر عنها بحرية، وإظهار الاهتمام بما يقول؛ لأن مجرد الإفصاح والحديث عن المخاوف يُقلِّل من التوتُّر، ويساعد على مناقشتها، والتماس سُبُل مواجهتها.

3- يجب على الوالدين أن يكونا نموذجًا للهدوء والاستقرار في تصرُّفاتهم أمام طفلهم الخائف، فيمارسان حياتهما بصورة طبيعية؛ بحيث يكون جوُّ الأسرة باعثًا على الطُّمَأْنينة والأمان، كما يتوجب عليهما عدم تخويف الأطفال من أجل تسكيتهم، أو إجبارهم على النوم.

4- عدم محاولة إجبار الطفل على عمل شيء لا يريده؛ كالجلوس بمفرده في الظلام، أو الذَّهاب إلى مكان لا يرغب فيه، فقد تصيبه نوبات ذُعْرٍ تؤدي إلى زيادة الخوف لا تقليله.

5- محاولة الوالدين تقليل نسبة الخوف لدى الطفل بفعل بعض الاستراتيجيات من أجل التعايُش؛ ففي حالة الخوف من الظلام يحاول الأب الجلوس مع الطفل، ثم يخفض النور قليلًا، ويشعره بأنه معه في أمان، أو ينام الأب مع الطفل في غرفته والباب مفتوح، ثم يغلق الباب كلَّ يومٍ بشكلٍ أكبر من اليوم الذي قبله، وهكذا حتى يتعوَّدَ الظلامَ، ولا يخافه.

6- تجنب البرامج التلفزيونية المخيفة أو المقاطع الدموية في الأجهزة الذكية التي تحتوي على مشاهد عدوانية ومشاهد عنيفة.

7- إشاعة الكلمات الإيجابية (أستطيع، أقدر)، ونبذ الكلمات المحبطة (جبان، خوَّاف)، مع الحذر من التشهير بالطفل بسبب شدة خوفه.

8- تحصين الطفل بالأدعية القرآنية والنبوية فهي وقاية من كل مكروه.

9- محاولة تجنُّب الإفراط في حماية الطفل؛ فهذا سيجعل الأمر أكثر سوءًا؛ كمثال: إذا كان طفلك يخاف من الحشرات، لا تجعله يتفاداها تمامًا؛ لأن ذلك سيُعزِّز مفهومه أن الحشرات مخيفة، ويجب تجنبها، فعاجلًا أم آجلًا سيكون طفلك في وضع توجد فيه حشرات، وقد لا تكون أنت معه، فما الذي سيفعله حينئذٍ.

10- خلق جوٍّ صحي أسري في البيت مبني على التفاهم والحب والعلاقات الحسنة، والإقبال والجُرْأة والمباشرة، وإلقاء جميع عوامل الاضطراب والشِجار والكتمان واللف والدوران.

أسأل الله أن يُصلِح لنا ولكم الذريَّة، وأن يكرمنا بحُسْن الأخلاق، وأن يجعل بيوتَنا عامرةً بالطاعة والعمل الصالح، وصلى الله على سيِّدنا محمد.
§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس