عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2023-06-30, 11:05 AM
ناصرالشيبي ناصرالشيبي غير متواجد حالياً
باحث
 
تاريخ التسجيل: 2023-06-18
المكان: مكة المكرمة
المشاركات: 37
افتراضي الرد على اتهام(م/ شحرور)الأمة الإسلامية بالأمية السياسية والدينية

أولاً : الرد على قوله في مقاله المؤرخ في 19/4/ 2019 م :(استطاع الخليفة المتوكل القضاء على فكر المعتزلة لصالح مدرسة الحديث ، من خلال طرح سؤال : " ألا يسعكم ما وسع الصحابة ؟ " وكأن مجتمع الصحابة كان متطوراً بما يتناسب مع الرسالة الخاتم ، في حين أنه مجتمع بسيط قد لا تعوزه الكثير من الأمور ولا يحتاج لأن يطرح الكثير من الأسئلة . ومن ثم دخلت الأمة مرحلة من الأمية الدينية لم تستطع الخروج منها حتى اليوم . فنحن مضطرون للقبول بما قبلوا به ضمن مسارات مجتمعهم . بغض النظر عما آلت إليه مجتمعاتنا ، وعن كون الرسالة المحمدية عالمية يفترض صلاحيتها لكل زمان ومكان) أ.هـ
أقول:إن الخليفة العباسي المتوكل ، والذي كانت مدة خلافته ( من عام 232 إلى عام 247 هـ) كغيره من الخلفاء له ما له ، وعليه ما عليه، ولسنا بصدد تقييمه أوتقييم حكمه.
إلا أن أجل وأعظم عمل وفقه الله تعالى للقيام به هوالقضاء على عقائد المعتزلة الباطلة ، وفكرهم المنحرف . وإعادته مسيرة الأمة إلى تحكيم السنة المشرفة وعرفان مكانتها، وإحيائه العمل بها .
ولا يستغرب أبداً - أن هذا الذي صنعه المتوكل ( رحمه الله) من إلزام الأمة بالرجوع للتمسك بالسنة المشرفة ، ولما استقاه الصحابة الكرام رضي الله عنهم من معينها الصافي- لا يروق أبداً لـ ( شحرور) ولا يعجبه ، وكذلك أمثاله من اتباع المنهج " المسخ" الهجين بين القرآنية المشوهة ، والعلمانية اللادينية ، المعادية للدين .
ولقد تعمد تجاهل حقيقة أن خلافة المتوكل كانت في النصف الأول من القرن الثالث الهجري .الذي بلغت فيه الإمبراطورية الإسلامية ، بذراعيها الشرقي العباسي، وعاصمته بغداد ، والغربي الأموي ، وعاصمته قرطبة أوج الحضارة الإنسانية - في وقتها -على الإطلاق.
والتي أصبح العالم كله بعدها عالة عليها في كل شيء . فيما كانت شعوب العالم ، لاسيما الغربية غارقة في ظلمات الجهل والتخلف . يلهثون (دون جدوى) للحاق بركب تقدم العالم الإسلامي ، ورقي مستوى معيشة مواطنيه .
علماً بأنه قد بدأ ذلك التقدم الهائل والرقي المذهل ، قبل خلافة المتوكل بما يزيد على قرن كامل من الزمان ، واستمر كذلك لما يزيد على الثمانية قرون بعد خلافته .
فهذه الحقائق التاريخية تثبت أن م/شحرورتعمد قلب الصورة الحقيقة لما جرى ، رأساً على عقب . حقداً منه (على المتوكل) . فقط بسبب انتصاره لمدرسة الحديث النبوي الشريف.
فلم يخرج( شحرور) بصنيعه هذا عن إطار محاربته الدائمة للسنة المشرفة كعادته . لأن غايته في هذا الخصوص ثابتة . وهي زعزعة ثوابت الإسلام في نفوس وعقول المسلمين ، مع تغييره زاوية الهجوم أوالتكتيك أوالأشخاص فقط ، في كل مقال . أما هدفه فثابت لا يتغير.
وأما وسائله لإنجاز هدفه فإن قائمتها طويلة ، فمنها : الكذب ، تزييف الحقائق ، المغالطات ، التلاعب بالأسماء ، تحريف معاني الألفاظ ، استعمال أساليب المراوغة ، تمييع الموضوع ، تعمد تشتيت تركيز القارئ باستعمال (السوابق واللواحق الشحرورية) التافهة التي لا دخل لها بموضوع البحث ، والاستدلال بالأدلة الشرعية على نقيض ما تدل عليه - - - الخ القائمة.
وفيما قاله مثال واضح على الكذب وتزييف الحقائق ، فقد افترى على فترة خلافة المتوكل وما بعدها . ونسب للمسلمين فيها الأمية والتخلف . على نقيض الحقيقة تماماً . حيث قال ( ومن ثم دخلت الأمة مرحلة من الأمية الدينية لم تستطع الخروج منها حتى اليوم) .
أما تذرعه بحجة عدم ملاءمة مستوى تطور مجتمع الصحابة رضي الله عنهم بما يتناسب مع كون هذه الرسالة هي الخاتم . فهي مغالطة ، خلط فيها الأوراق ، بغرض تلبيس الأمر في أذهان المتلقين عنه .
وإلا فهل ما ذكره من بساطة مجتمع الصحابة والذي عبر عنه بقوله ( قد لا تعوزه الكثير من الأمور ولا يحتاج لأن يطرح الكثير من الأسئلة) . فهل لهذا أي علاقة بالدين وثوابته ومبادئه . أم أنه يتعلق بوسائل الحياة ، وأسباب المعيشة ووسائلها من مساكن وملابس وطرق ووسائل مواصلات ونظم إدارية - - - الخ) ؟ . والجواب واضح ومعروف .
فلا يبقى بعد الإجابة إلا أن يكون قصد بكلامه ما كان عليه مجتمع الصحابة من التزامهم بصحيح ثوابت الدين ، وهو يرى أنها هي سبب إعاقة مسيرة تطور الأمة الإسلامية . وهذا بالتأكيد رأي فاسد باطل ، مبني على باطل .
بل إن نصوص الكتاب ، ونصوص السنة المشرفة التي كانوا يطبقونها في حياتهم رضي الله عنهم جميعاً ، تحث المسلمين على تحصيل كل العلوم النافعة ، وتوجه المسلمين للعمل بجد وإتقان ، وتدفعهم لابتكار كل ما ينفع الناس ، و يسهل عليهم أمور حياتهم ، ويرتقي بمستوى معيشتهم . ولكن ذلك لا يلزم منه تغيير أي شيء من ثوابت الدين ومبادئه البتة.
ثانياً :الرد على قوله:( وكانت الأمة قد سبق لها الدخول بالأمية السياسية بعد معركة صفين ، وانتصار التوريث والامبراطورية على مبادئ الشورى ، وما زلنا نعيش هذه الأمية حتى يومنا هذا أيضا ً، حيث رفد الاستبدادان أحدهما الآخر ، وكانت النتيجة ما نحن عليه اليوم من عبادة الأصنام ، بشتى أشكالها ، أئمة ، وصحابة ، وفقهاء ، وحكام ، وفراعنة ، فلا نملك الجرأة للخروج عما جاؤوا به ، ولا نقد أعمالهم أو أقوالهم ،
وإذا كنا مغرمين بتحميل الاستعمار جل المسؤولية ، فعلينا أن نعترف بكوننا مؤهلين ونملك الأرضية التي تمكن الغير من التآمر علينا ، وإذا كنا نود الخروج من المستنقع فيجب العمل على إعادة الأمور إلى نصابها، من خلال تحطيم الأصنام وكسر التحالف السياسي - الديني ، وبلورته وفق أساس رئيسي ، قوامه الشورى وفصل الدين عن الدولة ، إضافة إلى وهو الأهم ، إعادة الاعتبار للعقل ، لا للنقل ) أ. هـ
إن نسبة ( شحرور) تأسيس الأمية السياسية والتوريث لمعركة صفين . هو زعم باطل تماماً .
لأن الحقيقة هي أن كل الصحابة المشتركين في معركتي الجمل ، وصفين كانوا قاصدين الخير وإحقاق الحق ، دون أدنى شك في أحد منهم البتة . وقد اختلفت اجتهاداتهم في تأويل النصوص الشرعية . وكانت بغيتهم جميعا هيً الاقتصاص من قتلة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه .
إلا أن المجرم اليهودي ( عبدالله بن سبأ)اندس في صفوف المسلمين للفتك بالإسلام من داخله . ومعه طائفة الغوغائيين الذين ناصروه - من رعاع الأمصار، وأصحاب المصالح من الموالي والأعراب - الذين سبق أن تآمروا لقتل الخليفة الراشد عثمان حتى قتلوه . ثم استغلوا بعد قتله ثغرة خلاف الرأي الذي حدث - بين علي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، بشأن توقيت (لا بشأن مبدأ) الاقتصاص من قتلة الخليفة عثمان رضي الله عنه - ليفلتوا من العقوبة . فرأوا في التعاون مع ابن سبأ طوق نجاتهم من الاقتصاص منهم .
وأدركوا (أثناء مناقشات الصحابة) أنهم لو أبطأوا إلى حين اتفاق الصحابة على رأي واحد . فإن معنى ذلك هلاكهم لا محالة . فبادوا بإشعال فتيل القتال بين معسكري الصحابة ليلاً قبل أن يصبحوا ، فنجحوا - بأسلوب الغدر والقتل غيلة من الفريقين - في جعل الفريقين يقتتلان .
ثالثاً : أما ما سماه م/ شحرور( انتصاراً للتوريث والامبراطورية على مبادئ الشورى) . ووصفه تلك الأحداث بأنها أمية سياسية واستبداداً ، استنكاراً منه لها واشمئزازاً منها . فهي تسمية باطلة واعتبار مردود . لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه صلحاً بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
فقد ثبت أن صلى الله عليه وسلم أخبر المسلمين قبل ما يقارب نصف قرن من حدوث هذه الأحداث وهو على المنبر: أن حفيده الحسن بن على بن أبي طالب رضي الله عنهما " الذي كان يومها طفلاً" : ( إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ) . رواه البخاري في صحيحه .
فحقق الله تعالى هذه النبوءة التي اخبر بها رسوله صلى الله عليه وسلم بتنازل الحسن بن علي بن أبي طالب لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن الخلافة عام 41 من الهجرة الشريفة . وسماه المسلمون (عام الجماعة) لاجتماع شمل الأمة .
رابعاً : أما قول شحرور(وكانت النتيجة ما نحن عليه اليوم من عبادة الأصنام ، بشتى أشكالها، أئمة وصحابة وفقهاء وحكام وفراعنة) أ.هـ فعلاوة على كون كل هذه اتهامات آثمة . فهي كذلك افتراءات كاذبة بهت بها عموم المسلمين بأنهم من عبدة الأصنام . وحاشاهم ذلك . وحاشا الصحابة رضي الله عنهم أن يقبلوا بهذا الكفر البواح . وكذلك حاشا علماء المسلمين وفقاءهم ، بل وحاشا معظم حكامهم ، عدا بعض الطغاة منهم ، وهم الشاذ عن الأصل عبر تاريخ الإسلام . والشاذ الأقل ، لا عبرة به.
أما إن كان دافع ( شحرور) لاعتبار من ذكرهم أصناماً هو طاعة المسلمين لهم ، فإن طاعة المسلمين لما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم ، وطاعتهم للأئمة والفقهاء فلا يصح بسببها اعتبار أن المسلمين قد جعلوهم اًصناماً يعبدونها من دون الله تعالى كما زعم .
لأن طاعة المسلمين لهم ليست لأشخاصهم . بل هي امتثال منهم لما أرشدوهم إليه من أوامر دين الله تعالى ، ونواهيه . التي استمدوها من كتاب الله تعالى ، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . فما الصحابة والأئمة والعلماء إلا نقلة لدين الله . فطاعتهم ما هي في الحقيقة إلا طاعة لله تعالى، وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم .
وأما طاعة المسلمين للحكام . فإما أن تكون طاعة تمليها أصلاً الشريعة ( أي إن كان ما أمروهم به مما تأمر به النصوص الشرعية ، فهذه لا شك في وجوب الامتثال لها. لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) 59 ، النساء . فالطاعة الأولى في الآية الكريمة هي لله تعالى . والثانية لرسوله صلى الله عليه وسلم ، أي لسنته المشرفة. وأما طاعة أولي الأمر فهي تابعة لطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم - المتقدم ذكرهما في الآية - لأنها لم تذكر في الآية مستقلة ، بل بالتبعية للطاعتين قبلها .
وأما إن كان يقصد طاعة المسلمين لما يأمرهم به أولي الأمر ، مما لا يوافق الأحكام الشرعية ، أعني الأوامر القهرية القمعية . فإنما يجب ان يلام عليها الحكام الطغاة المستبدون الذين أمروا بها . لا أن يلام عليها الذين أطاعوها مرغمين .
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) 40 ، الحج (في هذه الآية دليل على أن نسبة الفعل الموجود من الملجأ المكره ، إلى الذي ألجأه وأكرهه ؛ لأن الله تعالى نسب الإخراج إلى الكفار) . ( أنظر:الجامع لأحكام القرآن 5/ 78) . و زاد القاضي أبو بكر بن العربي على هذا فقال ( وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ فِعْلِهِ) أي على المُكْرِهِ له.( أنظر: أحكام القرآن 431/5) .
ولذلك فإنه لا ملامة على عامة المسلمين في بذل الطاعة وهم مقهورون مغلوبون على أمرهم . إذ ليس بإمكانهم إلا أن يصبروا حتى يجعل الله لهم فرجاً ومخرجاً يزول به طغيان الطغاة. وليس هنا مجال تفصيل الكلام بهذا الشأن .
إنما أود أن أذكر فقط بأنه قد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) . متفق عليه . في صحيح البخاري ، باب من انتظر حتى تدفن ، 9 / 63) ، ومسلم في صحيحه ، 8 باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، 3/ 1469) ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ .
فمعلوم أن المكره يرتفع عنه التكليف. لأن الله تعالى قد استثناه حتى في حال النطق بكلمة الكفر . وبالتالي ترتفع عنه المؤاخذة بقدر إكراهه على مخالفة أحكام الشريعة . قال تعالى (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) 106، النحل .
وأما قول شحرور( فلا نملك الجرأة للخروج عما جاؤوا به ، ولا نقد أعمالهم أو أقوالهم) أ.هـ فقد تضمن تدليسين باطلين :
أولهما في قوله ( فلا نملك الجرأة للخروج عما جاؤوا به) . لأن في حكم هذه المسألة تفصيلاً دقيقاً . وما تعمد إثارتها دون أن يذكر أي تفصيل من تفاصيل حكمها ، إلا بغرض التشكيك فقط في وجوب اتباع الصحابة ، وعلماء الأمة ، من حيث أن اتباعهم إنما هو اتباع لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
لأن ما تلقته الأمة عن الصحابة والأئمة العلماء نوعان نقلي ، واجتهاد. فأما النقلي (فهو نقلهم لنصوص الشريعة) فلا
يصح اعتبار أنهم قد جاءوا به من عندهم كما زعم كذباً .
ولذلك فإن ما نقله الصحابة من أحكام الدين ونصوصه . فإن الأمة لا تملك الحق ( وليس الجرأة كما قال) في الخروج عنه ، لأنه دينهم الذي يدينون لله تعالى به. وما الصحابة إلا ناقلوه إلينا عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وكلهم عدول ، وليسوا بمتهمين على النقل.
وأما من سوى الصحابة ممن بعدهم . فتتوقف الثقة بنقلهم لنصوص الشريعة على تطبيق قواعد قبول الرواية على كل ناقل منهم (وهم الرواة) عن الصحابة ، من جيل التابعين ، ومن بعدهم .
وأما ما سوى النصوص الشرعية والأحكام التي تضمنتها ، من أمور الدين . فهي من الاجتهاد والرأي . فما كان من اجتهادات الصحابة رضي الله عنهم ، فليس للأمة إلا أن تختار من ضمن اجتهاداتهم وآرائهم . أي تأخذ منها ، وتترك . لكن دون الخروج عنها إلى الأخذ برأي غيرهم . حيث أن اجتهاداتهم مقدمة على اجتهادات من بعدهم . لأنهم الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقوا عنه وفهموا منه مباشرة.
وأما من بعد الصحابة من (العلماء والفقهاء) فالصواب في شأن آرائهم واجتهاداتهم ، هي القاعدة التي قالها الإمام مالك بن أنس رحمه الله (كل منا يؤخذ من قوله ويترك ،إلا صاحب هذا القبر) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أ.هـ ( أنظر: الانتصار لأهل الحديث لأبي المظفر المروزي 1/ 133 ، روح المعاني للألوسي 11/ 188، إرواء الغليل للألباني 2/ 269) وقد قال الإمام أبو حنيفة مثل هذا القول.
وأما التدليس الثاني ، ففي قول شحرور( ولا نقد أعمالهم أو أقوالهم) . فهو باطل كسابقه . لأن لحكمه نفس تفصيل سابقه ، وقد تعمد - إخفاء للحقيقة عن القراء - أي عدم بيان ما سماها (أعمالهم) . ليتسنى له تمرير زعمه الباطل عليهم.
خامساً : أما الوقفة التي ختم بها مقاله الآثم ، فهي (وصفة شحرورية) قدمها للأًمة الإسلامية ودعا الأمة للعمل بها. إن أرادت - حسب قوله -( أن تخرج من المستنقع).
وهي ذات شقين : الأول منهما ، والذي اعتبره الأهم هو( إعادة الاعتبار للعقل ، لا للنقل) . وأما الشق الثاني منها ، فهو( فصل الدين عن الدولة).
فأما الشق الأول فهو باطل محض . لأنه مناقض للأصل الأصيل الذي ينبني عليه الدين (الكتاب والسنة) . وأما مطالبته الأمة بالعمل على تحقيقه ، فهي دعوة رسمية منه لإسقاط الدين . وقد أطلقها دون أدنى خجل . بل وحتى دون أي احترام لمشاعر المسلمين . وكأنه يخاطب جماعة من الملحدين ، الذين يخططون لمحاربة الإسلام.
لأن من المعلوم بأن أساس الدين الأول والأهم هو الإيمان بالغيب . الذي مصدره النقل . وليس العقل . فالذين آمنوا إنما صدقوا ما أخبرهم به الرسول عليه الصلاة والسلام عن الله تعالى . فقد استهل الله تعالى كتابه الكريم بوصف كتابه بأنه (هدى للمتقين) وأعقب ذلك مباشرة بوصف هؤلاء( المتقين) بأنهم هم (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) 3 ، البقرة. وأما ( شحرور) فيدعو الأمة لضد هذا تماماً . يدعوها لترك نصوص شرع الله تعالى.
ليتاح له المجال ، ولأمثاله من الجهلاء الضالين المضلين ، ليضعوا للأمة ديناً مزاجياًً ، لا علاقة له بدين الله تعالى الذي بعث به الله تعالى خاتم رسله محمداً صلى الله عليه وسلم .
وأما الشق الثاني ، فدعوته الأمة لـ ( فصل الدين عن الدولة ) . وهي دعوة باطلة آثمة . لتبني عقيدة العلمانية المناقضة للإسلام بالكلية . وفصل الدين عن السياسة والحكم هو قطب رحى فكر المذهب العلماني . المنحرف عن صحيح الإسلام ، بل والمناوئ له.
علماً بأنه لم يرد في نصوص التنزيل الحكيم الفصل بين الدين والدولة إطلاقاً . وكذلك لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه فصل بينهما البتة. ولا الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم.
ولولا عدم ملاءمة هذا المقام لاستقصاء الأدلة الشرعية الدامغة - على أن نصوص الشريعة الإسلامية لا فصل فيها بين الدين والدولة ، بل كلها تؤكد أن الإسلام دين وسياسة حكم للدولة معاً - لأتيت على ذكرها .
علماً بأن إيجادها للاطلاع عليها أصبح في هذه الأيام ميسوراًُ جداً . فهي متاحة بسهولة في العديد من الكتب والرسائل العلمية المتعلقة بالموضوع ، والمتاح تحميلها، ببرنامج (PDF) على الحواسيب الشخصية ، وكافة الأجهزة الإلكترونية الأخرى . وهي منشورة كذلك في المواقع الإسلامية على الشبكة العنكبوتية .
رد مع اقتباس