عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2023-07-22, 08:44 PM
ناصرالشيبي ناصرالشيبي غير متواجد حالياً
باحث
 
تاريخ التسجيل: 2023-06-18
المكان: مكة المكرمة
المشاركات: 37
افتراضي الرد على زعم م/ شحرورأن السنة المشرفة بمثابة القانون المدني وأنها غير ملزمة للمسلمين

رداً على ما كتبه م/ شحرور بتاريخ 25/ 11/ 2018 م على صفحته الرسمية قلت : لا زال م/ شحرور يؤكد مجدداً في كل مقال يكتبه جحوده لحجية السنة المشرفة . وهو ليس متفرداً بهذا الموقف ، بل هناك آخرين مثله . ولكنه يتفرد عنهم بأمرين . أولهما: أنه رغم جحوده بحجيتها جملة ، إلا أنه يستدل مزاجياً ببعضها فقط . في المواطن التي يرى بأن حديثاً شريفاً يدعم رأياً أو توجها له ، مع أنه يكذب بأحاديث أخرى صحيحة ويطعن فيها . بل وحتى يسخر من ألفاظها إذا خالفت توجها له ، ولم تتماشى مع رأي من آرائه. و ثانيهما: أنه ينتهج التقية ، أو(النفاق) في كلامه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهو يستعمل ألفاظاً وأساليب مخادعة يعبر ظاهرها عن إجلاله لشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا محبة فيه ولا في سنته ، بل ذراً للرماد في العيون . كيلا يخسر مسطحي الثقافة الدينية من المفتونين بآرائه الشاذة الزائغة ، وهم يمثلون الأكثرية من مناصريه . ولكن العتب ليس عليه ، لكونه صاحب أجندة معادية للإسلام. بل العتب على المنساقين وراءه من المسلمين ، الذين صدقوا زعمه التمسك بالتنزيل الحكيم على الطريقة الشحرورية . فمن مزاعمه في هذا المقال:
أولاً: قوله عن المتقين (ويكفيهم هذا الكتاب ليكون على ما هم عليه ، أي يمكن للمرء أن يهتدي بما جاء في هذا الكتاب ويكون من المتقين . دون أن يحتاج لعلم الرجال ولا علم الجرح والتعديل . ولا ما قاله أنس بن مالك ولا ما ألفه أبو هريرة) مستدلاً بقوله تعالى(ذَلِكَ الْكِتَاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) 2 ، البقرة . فمع أنه لا خلاف في أن (الكتاب) يعني كامل المصحف . إلا أنه يؤمن ببعضه فقط ، فما لبث أن تجاهل قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) 36، الأحزاب . فوصفت هذه الآية حال من يجحد حجية السنة المشرفة ، وم/ شحرور منهم ، وهو لا يخفي ذلك . بل يجاهر به ، ويدعو إليه .
فمع أنه لا خلاف كذلك في أن الإيمان سابق للتقوى ، فلا يصح وصف غير المؤمن بالتقوى ، قال تعالى(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) 65 ، النساء . فالمتقون لا بد أن يكونوا ممتثلين لما أمرهم الله تعالى به في نصوص الكتاب من لزوم طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، واتباع سنته ، ليس ذلك فحسب . بل قد جعله الله شرطاً للإيمان . وبين تعالى وجوب رضا المؤمنين بحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ، طيبة به نفوسهم . لا كما هو حال م/ شحرور المتحرج صدره ، والمتبرم منطقه بسنته المشرفة ، الجاحد لحجيتها في الدين أصلاً . فلا جرم أن قوله هذا زعم باطل .
أما تهجمه على بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنس بن مالك ، وأبي هريرة) رضي الله عنهما ، وطعنه فيهما ، بالتعريض بهما تكذيباً لهما وغمزاً ولمزاً لهما ، وكذلك بعلم الرجال (الجرح والتعديل) . فكل ذلك من توابع جحوده للسنة المشرفة . فحاله كناطح صخرة يوماً ليوهنها ،، فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل . أما من طعن فيهم : فما ضر شمس الضحى في الأفق ساطعة ،،، أن لا يرى نورها من ليس ذا بصر.
ثانياً: أما قوله (ونحن إذ نجل رسولنا الكريم محمد (ص) ونقتد بما قام به ونتأسى بتصرفاته ، لا يعني أننا ملزمون بالامتناع عن أكل البصل والثوم لكرهه لهما ، ولا بتنظيف الأسنان بالمسواك ، فهي تصرفات تخص محمد الرجل كإنسان يأكل ويشرب ويحب ويكره ، كذلك لسنا ملزمين بما يسمى "الطب النبوي" فما وصلنا في هذا المجال لو صحّ فيعني أن النبي كان يطبب بما هو متوفر في بيئته و وفق المستوى الطبي آنذاك).
فلا يخلو من كلمات حق أراد بها باطل . فنظمها في سياق مغالطات كعادته ، بغرض التلبيس ، وتشويه السنة المشرفة تنفيراً منها ، فأما
1 ـ قوله (ونقتد بما قام به ونتأسى بتصرفاته) ، فمع أنه يرى عدم منطقية الاحتجاج بالأحاديث أصلاً مهما بلغت درجة صحتها . فقد قال في مقال سابق له بأنه (لو وصله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصوت والصورة فإنه لا يرى منطقية لحجيته) .
2 ـ كما أنه يخلط عمداً بين أنواع السنن ، متجاهلاً بأن منها التطوعية (المستحبات) ، القولية منها والفعلية وهي التي يثاب فاعلها ، ولا يعاقب تاركها ، وبين أوامره ونواهيه صلى الله عليه وسلم الذي يثاب ممتثلها ويعاقب عاصيها ، وهذه ينكرها (م/ شحرور).
أما ما ذكره من كراهته صلى الله عليه وسلم لأكل الثوم والبصل ، فهذا خاص به صلى الله عليه وسلم ، لمناجاته لربه، ولتلقيه عن الملائكة .
ولكن م/ شحرور تعمد أن لا يبين ، أنه صلى الله عليه وسلم لم ينه أحداً عن أكلهما ، وإنما نهى الذي يأكلهما من إيذاء المصلين برائحة فمه . وأما تنظيف الأسنان بالسواك ، فهو من السنن التطوعية ، والغاية منه تنظيف الأسنان ، فكل ما يحقق هذا الغاية فهو مقبول ، ولكن يظل الثواب منوطاً بالإتباع . وكل هذا تعمد شحرور بالطبع توضيحه للمسلمين ليلبس عليهم ، وينفرهم من السنة المشرفة .
أما " الطب النبوي " فبصرف النظر عن تهكمه به ، فإنه لم يبين للمسلمين كذلك أن من تطبب بما صح عنه صلى الله عليه وسلم بنية الإتباع مع الاستشفاء ، فقد جمع لنفسه بين رجاء الشفاء ، وثواب الإتباع . أما من لم يفعل ، وتطبب بغيره فلا إلزام يمنعه من اختياره ، ولكنه فوت على نفسه ثواب الإتباع .
ثانياً : أما قوله (أما أحاديث تنظيم الحلال مثل " نهى رسول الله عن بيع النخل حتى يزهو ، والثمر حتى يطيب) ، ( تزوج الرسول ميمونة وهو محرم) ، (لا تسافر امرأة ثلاث إلا مع ذي محرم) ، فهذه الأحاديث وأمثالها منظمة للمجتمع ولاقتصاده ، ولا تؤسس لتشريع صالح على مر العصور، مع التأكيد أن التحريم لله وحده ، والرسول يأمر وينهى في تنظيم الحلال لمجتمعه فقط ، أي بمثابة القانون المدني اليوم وليس ديناً .
ويمكننا الاستئناس بأحاديث لا تتعارض مع التنزيل الحكيم مثل (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان) ، (المسلم من سلم الناس من لسانه و يده (وتتوافق أيضاً مع القيم الإنسانية) . فهو تابع للفرية الكبرى ، ألا وهي تجريد رسول صلى الله عليه وسلم من كل مهام رسالته . حيث حصرها شحرور في نطقه بآيات التنزيل الحكيم فقط بعد تلقيه لها من أمين الوحي . وبيان ذلك على النحو التالي:
ففي مجال التحريم ، ينكر شحرور أن من حقه صلى الله عليه وسلم التحريم أصلاً . مكذباً ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم ( ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله) . وأما في مجال الحلال ، فقال بأن أوامره ونواهيه عليه الصلاة والسلام منحصرة في مجتمعه فقط ، وهي مؤقتة لعصره فقط . مع علمه بأنه رسول الله وخاتم النبيين قال تعالى (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) 40 ، الأحزاب ، وأنه عليه الصلاة والسلام رسوله تعالى لكل الناس ، قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) 158، الأعراف .
أما قبوله الجزئي ، والانتقائي الباطل لبعض الأحاديث دون بعض ، فنجده في كلماته وعباراته التالية ، في هذا الجمل من مقاله (تنظيم الحلال) ، (منظمة للمجتمع ولاقتصاده) ، (لا تؤسس لتشريع صالح على مر العصور) ، (اليوم وليس ديناً) ،(يمكننا الاستئناس بأحاديث لا تتعارض مع التنزيل الحكيم) . بالطبع بعد أن يقرر لنا شحرور أيها المتعارض منها ، وأيها غير المتعارض ! . وأما آخر جملة من هذا القبيل فهي قوله (وتتوافق أيضاً مع القيم الإنسانية) .
ثالثاً : أما بشأن قوله (وهناك أحاديث لا يقبلها العقل ولا المنطق مثل "إنما الشؤم في ثلاث المرأة و الفرس والدار" فهل يمكن لله تعالى أن يضع الجماد والحيوان مع الإنسان العاقل في المستوى نفسه ؟ أو حديث " توفي الرسول ودرعه مرهونة عند اليهودي ، فأين كان أغنياء قريش كعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ؟ وهل رهن درعه بفائدة مثلاً ؟ فهذا الحديث يناقض الواقع جملة وتفصيلاً، ولا يعنينا في شيء ، ومثله كثير) . ففيه:
1 ـ بيان صريح من شحرور لمنهجه في التعامل مع الأحاديث الشريفة . بأن يعرضها على عقله ومنطقه هو شخصياً . فما أجاز عقله من الأحاديث قبل بها . وما لم يجزه فإنه ، لا يكتفي برده فقط ، بل يتناوله بالتهكم والسخرية عليه . لتنفير الناس منه ، بدلاً من محاولة فهمه بسؤال أهل العلم .
2 ـ تعمده اختيار حديث من الأحاديث المتشابهة التي لا يدرك دقائق معانيها إلا الراسخون في علم الحديث . ليسهل عليه تناول ظاهر لفظه بالتهكم والسخرية . كحديث (إنما الشؤم في ثلاث المرأة والفرس والدار) . وهو حديث صحيح روي بألفاظ مختلفة ، ولكنه اختار لفظا منها ، ظن أنه أدعى لتيسير مهمته ، أي للتشكيك والطعن فيه . علماً بأن طعنه مزاجي كما بينت في أولاً ، وليس رداً علمياً البتة. وتؤكد هذا أسئلته الخاطئة التي طرحها (فهل يمكن لله تعالى أن ـ ـ الخ ؟ ، فأين كان أغنياء قريش ـ ـ ـ الخ ؟ ، وهل رهن درعه بفائدة مثلاً ؟) ، فلماذا جاء بهذه الشبهات ، وتجاهل وجوه الرد عليها ، فلم يذكر أو يناقش منها شيئاً ؟ . لم يفعل ذلك . لعلمه بأنها ردود صحيحة وشافية . ولكن الغرض مرض . كما يقول المثل .
ولولا ضيق المقام هنا لذكرت منها ما يفند شبهاته تفصيلاً . وعلى كل حال هي موجودة في كتب شروح الحديث المعروفة ، وبإمكان من أراد معرفة الحق الرجوع إليها بسهولة .
وقد اختار م/ شحرور كالعادة أن يختم مقاله بالتصريح بتكذيبه الآثم لحديث صحيح ثابت ، وهو حديث (رهن درعه صلى الله عليه وسلم عند يهودي) . فقال شحرور(فهذا الحديث يناقض الواقع جملة وتفصيلاً، ولا يعنينا في شيء ، ومثله كثير) .
وأما عما أود أن أختم به ردي هذا ، فبقوله تعالى (وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) 27 ، الفرقان .
رد مع اقتباس