عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2010-03-13, 12:21 PM
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 716
افتراضي

الفصل الرابع

الأمراض والعقد النفسية


في الشخصية الشيعية أو الفارسية

من خلال هذه البحوث والتحليلات العلمية، ومن خلال المعرفة الذاتية، والخبرة الميدانية المكتسبة من المعاملة الطويلة الأمد مع (الشخصية الفارسية) متمثلةً بكل شعوبي أو رافضي أو متشيع بتشيع الفرس - وإن كان في أصله عربياً هاشمياً - يمكن استخلاص جملة من الأمراض والعقد النفسية المكونة لتلك الشخصية التي نطلق عليها اسم (الشخصية الفارسية).
سأتناول في هذا الفصل أهم هذه الأمراض والعقد، بمزيد من التحليل وضرب الأمثلة الواقعية، لمعرفة أصلها ومنشئها وعلاقتها ببعضها. وأرجو أن لا يفوتن القارئ اللبيب أني لا أقصد أن هذه الأمراض - منفردةً - مقتصرةٌ على الشخصية الفارسية أصلاً، فلا يمكن أن يصاب ببعضها غير (الفارسي) أو المتشيع فارسياً، فرداً كان أم جماعة.فقد تجد شخصاً – وهذا كثير – مصاباً بعقدة النقص أو عقدة الاضطهاد أو غيرها من العقد، بل قد تجد مجتمعات تعاني من مثلها. إنما أقصد أن المجتمع (الفارسي) كمجموع مصاب بهذه العقد مجتمعة. فهذه العقد من مميزات (الشخصية الفارسية) وحدها، التي تطبع المجتمع الإيراني في عمومه بطابعها، وسائر المجتمعات الشيعية التي تأثرت به دون غيرها من الشعوب والمجتمعات الأخرى، على الأقل القريبة منها. وقد تجد شخصاً فارسي الأصل لا يعاني – كفرد - من واحدة من هذه العقد، لكنه حين يكون في موقف يعبر به عن المجموع - أو يكون حقيقة مع هذا المجموع - فإنه يتصرف تصرفاً آخر يتوافق مع التركيبة النفسية الجمعية المعقدة. أي يتصرف طبقاً لنفسية الجمهور، وليس النفسية الفردية التي هو عليها وحده منعزلاً عن ذلك الجمهور الذي ينتمي إليه. وهذا كما يتصرف شخص يعاني فردياً من عقدة الهزيمة ضمن مجموع لا يعاني من هذه العقدة، فإن شخصيته تذوب في ذلك المجموع، وتختفي تصرفاته المريضة وتستبدل بها تصرفات أخرى لا تمت إلى عناصر شخصيته الأصلية بصلة. والعكس صحيح.
العلاقة بين النفسية (الفارسية) والشيعية
إن الرفض أو التشيع الفارسي دين اخترعه الفرس للتنفيس عن أحقادهم وعقدهم أولاً، وتحقيق أغراضهم ومطامعهم ثانياً. لكنهم ستروا سوأته برقاعة (التشيع) ليروج على الناس، ويجد له بينهم آذاناً صاغية.
ومن الطبيعي أن كل فكرة أو مبدأ ينتشر - حين ينتشر - وهو يحمل معه أخلاق أصحابه وعقليتهم ونفسيتهم، ومناهج تفكيرهم، وطرائق سلوكهم وتعبيرهم. ولا يمكن أن ينتشر مجرداً عن ذلك. فالعرب حين خرجوا إلى العالم بدينهم حملوا معهم أخلاقهم وروحهم ومناهجهم وطرائقهم. ولم يقتصر تأثر العالم بهم على دينهم فقط، بل تجاوزه إلى لغتهم وأساليب معيشتهم وأزيائهم وآداب مائدتهم. فانتشر الإسلام، وانتشر معه الوفاء بالوعد، والالتزام بالعهد، والعفو، والسماحة، والصدق، والعدل، وحرية التعبير عن الرأي، والعقلية المنضبطة بالدليل، البعيدة عن الخرافة، القائمة على العلم المؤسس على التجربة، والمتحرر من الفلسفة.
الشيء نفسه حصل حينما اندفع الفرس بدينهم المحرف (التشيع الفارسي).فإنهم نشروا معه أخلاقهم وأفكارهم، أو عقائدهم المسبقة، وعقليتهم الخرافية، ونفسيتهم المعقدة، بل وألسنتهم المعوجة، وأزياءهم، وطعامهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وتواريخهم، ومشاعرهم، وشعائرهم، وطقوسهم، وفلكلورهم؛ فتجد جمهور المتدينين بدينهم مصاباً بالعقد والأمراض، ومتصفاً بالأخلاق، ومتمتعا بالعقلية الفارسية نفسها، على تفاوت في درجات الإصابة وظهور الأعراض شدةً وضعفاً. حتى إنها قد تزيد عند البعض من غير الفرس عنها في الفارسي المصاب بها أصلاً !
مثلهم كمثل المسيحية حين خرجت من أرض العرب ووصلت إلى روما، ارتدت إلينا صليبية تحمل أحقاد الرومانيين وعقدهم وخرافاتهم وعقائدهم، وأخلاق الأوربيين ورذائلهم منسوبة زوراً إلى المسيح و(العذراء). وهكذا تحول جمهور المسيحيين - دون أن يشعروا - إلى صليبيين، أو متدينين بدين آخر غير الذي خرج منهم أولاً، وهم يحسبون أنهم لا زالوا على دين المسيح.
إن الأوربي حين صار مصدر الديانة وانتقلت عاصمة المسيحية إلـى (رومـا) و(القسطنطينية) صار يصدر إلينا أخلاقه وعقائده وعقليته ونفسيته هو باسم (المسيحية).
الشيء نفسه حصل للإسلام حين خرج من أرض العرب إلى بلاد فارس، ثم صار
يصدر إلينا من (قم) و(مشهد) باسم (التشيع لأهل البيت) . فانتقلت معه أخلاقه وعقائده
وعقليته ونفسيته تحت هذا المسمى. فكل من تشيع بتشيع الفرس ينبغي أن ننظر إليه على أنه يحمل تلك العناصر، وأنه مصاب بالأمراض الفارسية نفسها. فإذا أردنا أن نصف له علاجاً فمن خلال هذه النظرة لنصل إلى التشخيص السليم الذي على أساسه يمكن توصيف العلاج الناجع له. أما التشخيص الذي نقطع به نحن - والذي أنا في صدد بيانه وتحليل جذوره ووضع الوصفة المناسبة له في هذا الكتاب- فهو أن الرفض أو التشيع الحالي عبارة عن أمراض وعقد نفسية، قبل أن يكون انحرافات عقيدية أو فكرية وسلوكية، وأن التعامل الناجح مع المتشيعين بهذا التشيع – وهم جمهور الشيعة وعامتهم - ينبغي أن ينبني على هذا التشخيص أو الأساس مهما بدا سوداوياً أو تشاؤمياً - كما قد يحلو للبعض أن يسميه - لكنه الواقع والحقيقة التي يجب علينا أن نعترف بها ونواجهها بشجاعة مهما كانت مرة أو كريهة المنظر، وإلا أخطأنا في توصيف العلاج.


(الفارسية) ظاهرة وليست عرقاً

من الحقائق المهم ذكرها أن النفسية الفارسية المعقدة، والسلوك المنحرف المنعكس عنها ليس مختصا بالفرس حصراً، فلا يمكن أن يصاب بها غير الفارسي أصلاً. إنما هي عقدة مرضية تصيب كل من تأثر بها، وظاهرة اجتماعية توجد في كل مجتمع تقبَّل جراثيمها، وإن لم يكن فارسياً في عنصره، أو إيرانيا في بيئته ومنشئه.
(الفارسية) وباء يمكن أن ينتقل بالحث والعدوى، فيصيب أجناساً أخرى عاشرت الفرس وتأثرت بهم. أو أفراداً عاشوا بينهم، لا سيما من وصل منهم إلى رأس السلطة في إيران؛ لأنه يجد نفسه مضطراً إلى أن تتمثل فيه جميع الأمراض والعقد النفسية الفارسية، وإلا لن يتمكن من ضم تلك الأشتات المختلفة من العناصر والشعوب التي تقطن الهضبة الإيرانية تحت جناحيه.


عقدة النقص وعقدة الاضطهاد وأثرهما في تكوين النفسية الفارسية أو الشيعية
يستطيع الدارس للشخصية الفارسية أن يرصد عقدتين كبيرتين، هما الأساس في كل الانحرافات النفسية التي تعاني منها تلك الشخصية. هاتان العقدتان هما:
1. أحداهما (عقدة النقص) التي تمثل الأصل والمنبع والأساس.
2. والثانية (عقدة الاضطهاد)التي نتجت عن العقدة الأولى، وساندتها في ولادة العقد
الأخرى، وصبغت النفسية الفارسية بصبغتها، حتى صارت طابعاً لها، ونقطة دالة تجعلك
لا تخطئ أبداً في تشخيصها ومعرفتها. فعقدة النقص هي الأصل الكامن، وعقدة الاضطهاد هي اللون والعلامة الظاهرة.
إن الشعور المزمن بالنقص ينعكس عند الشخص الفارسي - وسليله الشيعي -رد
فعل سلبي مؤذٍ ومخرب، يتجه إلى البيئة التي تحيط به بعنصريها: الطبيعة والإنسان. فهو خائف متوجس يشعر بالغربة والقهر من الطبيعة المحيطة، والشعور نفسه ينعكس باتجاه البشر المحيطين به. وهذا معنى قول الخبير الأمريكي جاك ميلوك السالف الذكر: (إن الشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين. وأكثر من ذلك فإنه لا يمكن الوثوق من الطبيعة ولا الاعتماد على المخلوق البشري. إن هناك توقعات بحصول التضليل والخداع في مكان ما. وهكذا يجد الفرد الإيراني نفسه داخل دائرة مليئة بالمرارة).
وعلى هذا الأساس - إذا أردنا أن نفهم نفسية الشيعي -علينا أن ندرس نفسية الإنسان الاضطهادي أو المقهور. إن (عقدة النقص) في أعماق النفس تنعكس في الخارج على شكل شعور طافح بالقهر والحرمان، ودعوى عريضة بالظلم والاضطهاد. وقد وجدت خير من قام بهذه الدراسة – كما نوهت سابقاً – هو الدكتور مصطفى حجازي في كتابه (التخلف الاجتماعي.. مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور). علماً أنه يستعمل أحياناً مصطلح (التخلف) و(الإنسان المتخلف)، بدل (القهر) و(الإنسان المقهور) من حيث أن الشعور بالقهر أو الاضطهاد ينعكس تخلفاً في الفعل والممارسة. وفي ذلك يقول: (إن سيكولوجية التخلف من الناحية الإنسانية تبدو لنا على أنها أساساً سيكولوجية الإنسان المقهور)1.


حيلة (الإسقاط) وأثرها في التركيبة النفسية الشيعية
الإسقاط – كما عرفه العلماء - عملية نفسية ينسب الشخص من خلالها - ويحوِّل إلى غيره - صفاته هو أو مشاعره أو رغباته أو نزواته أو أفكاره التي لا يرغبها ويخجل من الوعي بكونها جزءاً من ذاته. فهو يتهرب لا شعورياً منها بطردها عن نفسه أولاً، ثم إلصاقها بالغير، أو اتهامه بها ثانياً، كنوع من تبرئة الذات أو الدفاع السلبي عنها. إنه عبارة عن تخلص من كل ما هو سيء في الذات باتهام الآخرين به. فهي عملية أو حيلة نفسية دفاعية مزدوجة.وتتخذ مظهرين:
1. نسبة النقص الذاتي إلى الغير
2. لوم الغير على ما نلقاه من صعوبات وفشل، وما نقع فيه من أخطاء.
يلعب الإسقاط دوراً كبيراً في حياة الشيعي النفسية. وهو عميق الأثر فيها إلى حد (العقدة)! ولا أراني مخطئاً علمياً إذا أطلقت عليه عندهم مصطلح (عقدة الإسقاط). لم أر أحداً أو جماعة بنيت حياتهم على (الإسقاط) كالشيعة! فهم أكثر الناس اتهاماً للآخرين بعيوبهم وذنوبهم، كما أنهم أكثرهم إلقاء بتبعة أخطائهم وجرائمهم، وما يحصل لهم من مصائب ومصاعب على غيرهم!
خذ مثلاً سب الصحابة وتكفيرهم، كيف ينعكس لدى الشيعة اتهاماً لنا بكره (أهل البيت)؟! والتهمة ثابتة في حقهم ثبوتاً قطعياً مطلقاً. أما نحن فبريئون منها إلى حد الصفر المطلق. ومع ذلك فالأمر عندهم على العكس!
أحد معارفي داهمت بيته دورية للحرس الوطني، فأخرج لهم هويات الأحوال المدنية الخاصة بأولاده الأربعة: علي وحسن وحسين وحمزة. فكان مصيره الضرب والشتم والإهانة.
- لماذا؟!
- لأنك سميتك أولادك بهذه الأسماء كرهاً لأهل البيت!
- كيف؟!
- سميتهم كذلك من أجل أن تسبهم وتبصق عليهم وتضربهم، تشفياً بأهل البيت!

انظر إلى أحدهم – وهو من أكثر الشيعة اعتدالاً كما يقال – كيف تنقلب في رأسه الأمور ليقول: (يحدث المأزق الكبير في دوائر الدولة والأحزاب والمؤسسات العسكرية، حيث يلتقي المتعلمون من الطائفتين.. الشيعي الذي انسلخ عن طائفيته بسبب تعلمه، والسني الذي اتصل بالطائفية بسبب صلته بالسلطة. وهنا تبدو الفروق مكشوفة في ممارسة كل منهما لعمله في الدولة. إن الشيعي لا يفكر في أن يحجز وظيفة لشيعي آخر. وقد لا يفهم معادلة كهذه على الأغلب. أما السني فإنه متحفز ومهيأ للعب دور كامل مستمد من تمذهب الدولة.
قد يضاف سبب آخر.فبعض الشيعة ممن ينتبهون إلى فعل الطرف الآخر في مؤسسات
الدولة قد يحاولون فعل شيء مماثل. لكنهم سيصطدمون بتقاليد الدولة، وبالاضطهاد الرسمي. أو إنهم يقعون فريسة الخوف من أن يتهموا بالطائفية. إن العلماني الشيعي يتقبل أية تهمة سوى هذه. قد يتفاخر بخروجه على الإسلام، وبإلحاده وارتكاب المعاصي. قد يفاخر بماركسيته ووجوديته ونازيته وبعثيته، وبشذوذه وغرامياته، لكنه عند التهمة الطائفية يقف مذعوراً. وقد يتحول إلى الضد لإثبات الضد)1.
وأنا أقف هادئاً - لا مذعوراً – أمام هذه العقلية الإسقاطية، التي قلبت الأمور كلها إلى الضد لإثبات الضد؛ لأني أعرف على أي وتر تعزف. ولك – حتى تعود الأمور إلى نصابها – أن تقلبها مرة أخرى. وعندها تتبين الحقيقة.
هذا والكاتب صاحب النص السابق كان السكرتير الصحفي لصدام، ويعرف – قبل غيره – أن أغلب الصحفيين المقربين من الرئيس الراحل – إن لم يكونوا كلهم – من الشيعة. وسيأتي توضيح مختصر بهذا، ومن فم الكاتب لا غيره.
وقف مقتدى عند المقام الموهوم بـ(السيدة زينب) في دمشق في شباط 2006 ليذم المقاومة، ويقول دون حياء: (الإرهابيين حبيبي فجروا لهم دبابة دبابتين وصاروا مقاومة. كذابين. عملاء).
واقلب تعدل!
وهكذا


وفيما يلي أهم الأمراض والعقد النفسية في (الشخصية الفارسية):

عقدة النقص


ثمة فرق بين ((الشعور بالنقص))و((عقدة النقص)). (فالشعور بالنقص حالة نفسية يدركها الفرد إدراكاً مباشراً ويعترف بها. وليس من الضروري أن يكون بالفرد نقص كي يتملكه هذا الشعور... ويرى ((آدلر Adler))مؤسس مدرسة علم النفس الفردي أن الشعور بالنقص من أقوى الدوافع لدى الإنسان لأن غريزة السيطرة هي أقوى الغرائز. كما يرى أن الفرد يحاول أول الأمر التعويض عن نقصه، فإن فشل التعويض الناجح لجأ إلى التعويض الوهمي، كأن يهرب من مواجهة نقصه إلى أحلام اليقظة، يعوض في خيالاتها عما به من نقص كما يشاء، أو يصاب بمرض نفسي يتخذه عذراً وجيهاً عن عجزه ونقصه، لأنه لو لم يكن مريضاً لم يعرف العجز إليه سبيلاً، بل لتفوق على غيره. وهكذا يعفيه الاحتماء بالمرض من لوم الناس ولوم نفسه.
أما عقدة النقص فاستعداد لا شعوري مكبوت، أي لا يفطن الفرد إلى وجوده، وينشأ من تعرض الفرد لمواقف كثيرة متكررة تشعره بالعجز والفشل، وقلة الحيلة. ومتى اشتدت وطأة هذا الشعور على الفرد مال إلى كبته أي إلى إنكار وجوده، بل وإلى عدم الاعتراف بما لديه من عيوب فعلية. غير أن كل ما يذكّره بالنقص يحمله على الفور وبطريق تلقائية على الدفاع عن نفسه بأن يستجيب بعنف. والسلوك الصادر عن عقدة النقص يتسم بما يتسم به كل سلوك صادر عن الكبت، فغالباً ما يكون سلوكاً غريباً غير مفهوم، هذا إلى طابعه القسري. من ذلك العدوان والاستعلاء والزهو الشديد والتظاهر بالشجاعة والإسراف في تقدير الذات. وقد يبدو في صور متكلفة سخيفة كمحاولة استرعاء الاهتمام والانتباه بالتفاخر الكاذب والتباهي الزائف والاختلاق والكذب أو التأنق غير المحتشم في الملبس أو التحذلق في الكلام أو التطرف في كل ما يقول ويفعل).
منشأ عقدة النقص عند الفرس
لقد وضع الدكتور عماد عبد السلام رؤوف يده على أصل العلة في النسيج النفسي للشخصية الفارسية حين قال متسائلاً : (فما هي

إذن الأسباب الثابتة لهذا الصراع الطويل عبر المراحل التاريخية المتعاقبة؟) ثم أجاب بقوله: (إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في وضع إيران الجغرافي - السياسي نفسه).
ويمكن تلخيص ما قاله البروفسور عماد عن هذا الوضع بثلاث نقاط رئيسة هي:
[LIST=1][*]الفرس لا يشكلون سوى أقلية بالنسبة لمجموع الأقليات القومية الأخرى التي تستوطن الهضبة الإيرانية (عامل جغرافي).[*]إن لهذه القوميات جميعاً - باستثناء الفرس- امتدادات واسعة خارج حدود إيران نفسها (عامل جغرافي).[*] الرغبة في السيطرة على بقية القوميات المتباينة، وشدها باتجاه الدولة المركزية في الداخل (عامل سياسي).[/LIST] ولكنهم كانوا أقل عدداً وأدنى حضارة من أن يستطيعوا ممارسة دورهم هذا في شد هذه القوميات وتجميعها تحت سيطرتهم. لذا فقد كان الفعل السياسي والعسكري الفارسي على الدوام أكبر من حجمهم الحقيقي.
إن الرغبة في السيطرة - من قبل الفرس في قلتهم العددية وتدنيهم الحضاري - على شعوب تفوقهم عددا وحضارة، ولها امتدادات خارجية، هو الذي أنتج عندهم ذلك الشعور العميق بالنقص، والذي ترسخ بمرور الزمن وتراكم المعاناة حتى صار عقدة لا تفارقهم. مثلهم كمثل شخص جاءت به ظروف الحياة ليقود فريقاً من الرجال يفوقونه في تحضرهم وتحصيلهم العلمي وقوتهم ووجاهتهم، فإذا لم يكن متماسكاً نفسياً تولد عنده شعور بالنقص تجاههم. فإذا تكرر الموقف نفسه - بصورة أو بأخرى - نشأت عنده عقدة النقص.
وبما أن تحقيق رغبة الفارسي في هذه السيطرة بالوسائل الطبيعية غير ممكن، فإن
ذلك جعله يجنح دوماً إلـى أساليب ملتوية وحيل غير مألوفة يوازن بها هذا الفرق في التفوق، ويصل بها إلى هدفه من السيطرة.
لقد ترسخت هذه الأساليب الملتوية والحيل الشاذة على مر الدهور وكر العصور حتى صارت جزءا من شخصيته وسمة أو طابعا يدمغ تلك الشخصية. أي تحولت إلى عقد نفسية متأصلة، ممتدة الجذور عميقاً عميقاً في نفس الفارسي.


عقدة الدخالة
أما من صار على رأس السلطة في إيران فلا بد أن يتقمص تلك الشخصية ويصاب بتلك العقدة النفسية، وإن لم يكن فارسياً في أصله وعنصره؛ وإلا فقد زمام السيطرة على دفة الحكم. وكما أن رجلاً جاءت به الأقدار ليكون حاكماً أو شيخاً لقبيلة غير قبيلته لا يمكن له أن يقود القبيلة بتقاليد وأعراف غير تقاليدها وأعرافها، وإنما عليه - لكي يستمر في قيادتها - أن يتقمص روحها وشخصيتها، ويتمثل سلوكها، ويعبر عن أمالها وتطلعاتها، وإلا رفضته وفقد السيطرة على قيادها. بل إن هذا الحاكم أو الشيخ عادة ما يكون متطرفاً في كل ذلك إلى الحد الذي يتفوق فيه على ابن القبيلة الأصيل؛ لأن عقدة الشعور بالغربة أو الدخالة كثيراً ما تدفع الدخلاء إلى هذا التطرف أو التصرف ليغطوا به على هذا الشعور الذي لن يشفوا منه مهما تطرفوا، وكيف تصرفوا ! كذلك فعل كل حاكم إيراني من أصل غير فارسي. إنه يحكم إيران بروحية الفرس ونفسيتهم وأعرافهم وتقاليدهم، وقد يتطرف في سلوكه وعدوانيته فيتفوق على مثيله الفارسي على قاعدة (ملكي أكثر من الملك). كما فعل الصفويون ومن لف لفهم. وإلى هذا المعنى أشار البروفسور عماد عبد السلام رؤوف بقوله: (ومع أن سلالات غير فارسية حكمت إيران في بعض العهود إلا أن سياستها لم تكن لتختلف عن السياسة الفارسية التقليدية التي ذكرنا. فالافشاريون والزنديون والقاجاريون مثلا وهم ليسوا فرساً لم يكونوا ليصبحوا (شاهات)لإيران لو لم يلتزموا (بالعقدة الفارسية) فيحذون حذو أسلافهم في معاداة الأمة العربية1.
وعلى هذا الأساس فإن (الفارسية) قد تتمثل في شخص عربي في أصله؛ فيكـون
بلاءاً أكثر من الفارسي نفسه. وهنا يمسي التفريق بين عالم أو فقيه أو عربي وآخر فارسي -يحمل كلاهما العقيدة والعقدة نفسها -بلاهة وحمقاً.
العجمي والمستعجم
إن هذا يدعونا إلى الحذر من العربي أو العراقي المصاب بـ(العقدة الفارسية) أكثر من الفارسي أو الإيراني نفسه ؛ لأن الأول يزيد على الثاني بكونه يعاني من عقدة (الدخالة) التي تجعل من عدوانيته وحقده أكثر تطرفاً وحدة. بل قد نجد فارسياً بريئاً من هذا المرض إلى الحد الذي نعتبره فيه عربيا في لغته وروحه وديانته، فمن أحب العرب وتكلم بلسانهم فهو عربي.
خلاصة القول: أن العجمي والمستعجم طينة واحدة. هذا إن لم يكن المستعجم أكثر شراً وأضل عن سواء السبيل. ومن هنا قال من

قال: (إذا استعجم العربي فاقتلوه)؛ لأن العربي المستعجم شر من العجمي نسباً وأصلاً !


عقدة النقص أصل كل العقد النفسية في الشخصية الشيعية
هذه العقدة الخبيثة هي أصل كل العقد في نفسية الفارسي، أو الشيعي الذي انخلع من أصله وصار متشيعاً تشيعاً فارسياً يحمل عقائد الفرس وعقدهم، ويسعى – شاء أم أبى - في خدمة أغراضهم، وتحقيق أهدافهم.
فتجد أن عقدة النقص هي وراء (عقدة الشك) والتوجس والخوف الدائم من خطر ما يأتي من الخارج.
ووراء (عقدة الغدر) تلك السجية الملازمة للفارسي وأخيه الشيعي؛ لأن الضعيف لا يتوقع سنوح الفرصة ثانية فهو يضرب ضربته عند أول فرصة.
ووراء (عقدة الخداع) والمراوغة ؛ لأن عقدة الشك توحي إليه بأن الكل يريد خداعه؛ فهو يقوم بمخادعتهم مقابلة بالمثل.
ووراء (عقدة الكذب) والدجل (الشعار القومي للفرس)، فهو دائم الادعاء بأن جيرانه يبيتون الاعتداء عليه، وأن خطراً ما قادماً من هذا الاتجاه وذاك من أجل إثارة الخوف لدى الآخرين وتجميعهم حوله.
وهذا أنتج – إضافةً إلى ذلك – (عقدة العدوان) ، و(عقدة الاضطهاد) والمظلومية .
فهو يعتدي وفي الوقت نفسه يدّعي أنه معتدى عليه.
وفي المقابل تجد (عقدة الاستخذاء) والتذلل والمسكنة، قد نتجت عن عقدة النقص والشعور بالدونية، التي تجعله - في حال ضعفه - ذليلاً متملقاً متمسكناً.
و(عقدة الحقد) الفارسي المجوسي نابعة من عقدة النقص. إن الحقد هو القوة الضاغطة التي لا يستطيع بدونها تجميع عناصره المشتتة، وسوقها باتجاه واحد.
وهكذا تتسلسل النتائج فتظهر لنا (عقدة الانتقام) والرغبة الجامحة في الثأر.
ومن عقدة الحقد والعدوان والاضطهاد والرغبة في الثأر والانتقام نتجت (عقدة التخريب).
كما أنها منبع (عقدة التحلل الخلقي) والفساد الاجتماعي؛ فالناقص الدوني لا يتماسك أمام المغريات أو الشهوات.
وهذا كله تسبب في وجود (عقدة الذنب).
وبسبب الاعتياد على إتيان النقائص ترسخت عنده (عقدة الصفاقة).
ولنقصه تراه شديد الالتصاق بطائفته، متعصباً لها أشد التعصب (عقدة التعصب).
والحاجة إلى تعويض النقص تلجئ صاحبها إلى المبالغة في تصوير كل ما يتعلق بالذات من قوة وملكية وأماني وأحلام ورموز وتاريخ وقصص وأساطير حتى ينطبع الذهن بطابع الخرافة، ويصير صاحبه خرافياً (العقلية الخرافية).
والحاكم الناقص يتأله على شعبه، والشعب المتخلف يطيع حاكمه إلى حد التأليه (تأليه الحاكم).
وعقدة النقص هي السبب في نشوء (عقدة السيد) أو عقدة الاستكبار والتعالي. فهو يتظاهر بالقوة الفارغة، ويزيد من مظاهرها كي يغطي على نقصه (عقدة الاستعراض). ومثاله كبر عمامة السيد (مقوار المخنث).
وكذلك (عقدة اللؤم) ونكران الجميل : فلنقصه ، وشعوره بالحاجة يقبل الإحسان من
الغير، لكنه للسبب نفسه يتنكر لإحسانه، بل يتوجه بالأذى إلـى المحسن كي لا يذكره بنقصه وحاجته. إن الدونية أو عقدة الشعور بالنقص تجعل صاحبها يستجيب سلبياً أو عكسياً تجاه المؤثرات الخارجية الإيجابية، ويتعامل بلؤم مع من يحسن إليه؛ لأنه يرى فيه شبحاً مزعجا يذكره بـ(دونيته) ونقصه. فـ(الدوني) شخص متناقض: فهو يقبل الإحسان لحاجته إليه، لكنه يشعر بالكراهية تجاه من يحسن إليه ، وينـزعج من رؤيته
ويتمنى الخلاص منه، بل يسعى في الكيد له وإزاحته من أمامه.
وما لم نفهم هذه العقدة عند العجمي والمستعجم فإن إحساننا يذهب هباء، ولا يصل بنا إلى النتيجة الطبيعية المتوقعة لتلك المقدمة. بل لا نجني من ورائه إلا المتاعب.
لقد كان هذا نصيب العرب على مر التاريخ جزاء إحسانهم إلى الفرس الذي تمثل بدينهم ورسالتهم التي حملوها إليهم – وهو أعظم إحسان- وبحضارتهم العظيمة. لكن العقلية (الفارسية) تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بهـا لاضطرارها إلى ذلك؛ بسبب النقص الذي تعاني منه في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه؛ لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها وكيانها.
كل الشعوب التي اعتنقت الإسلام تحتفظ بالجميل للعرب وتحترمهم وتقدمهم. إلا العجم فمع ادعائهم الإسلام يشعرون بالحقد والكراهية تجاه من حمله إليهم لا سيما الصحابة وخصوصاً الفاروق عمر رضي الله عنه الذي كان أول ضحية لحقدهم ودونيتهم وغدرهم.
وهكذا.. فما من عقدة يعاني منها الشيعة إلا وترجع في أصلها وتكونها إلى عقدة النقص، التي تولدت جراء الوضع الجغرافي – السياسي الذي ذكرناه من قبل.

عقدة الحقد

كان للخميني -عندما كان في النجف - جار عراقي. وفي يوم من الأيام - وبينما كان الأولاد يلعبون في الزقاق - ضرب ابن الجار العراقي ابناً لخميني كان يلعب معه. فحصلت مشكلة كبيرة. وأراد العراقي أن يرضي خميني بكل وسيلة فلم يفلح! وظل خميني مقاطعاً جاره رغم الوساطات العديدة للصلح بينهما، حتى خرج من العراق! ويتحدث الدكتور موسى الموسوي عن الخميني فيقول: (وإن من أهم الصفات السيئة التي يحملها هو حقده الدفين على كل من أساء إليه، ولو قبل نصف قرن، فهو لا ينسى الإساءة. ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف. ولذلك نرى أنه أمر بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم، وهما عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضواً آخر؛ لأنهما تطاولا في الكلام عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه. أما سائر أعضاء مجلس الأعيان فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران).
نعم..!
الحقد داء، وعقدة متأصلة في نفسية الفارسي، لا يمكن لكيانه أن يقوم، ولا لوجوده أن يدوم من دونها! إنها القوة الضاغطة التي يستطيع بها تجميع عناصره المشتتة، ويسوقها باتجاه واحد. (الفارسي) غير قادر على جعل الحب قاعدة لانطلاقه في تعامله مع الآخرين؛ لأنه بذلك يفقد القابلية على تجميع تلك العناصر المشتتة في قبضة واحدة. يقول د. عماد عبد السلام: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي، وإثارة شعور التوجس لديها من خلال خطر مـا يأتي من الخارج).
لهذا أمسى الحقد ضرورة لبقاء الفارسي على قمة الهرم في الهضبة الإيرانية، التي لا يتربع عليها إلا من سلك السلوك نفسه، واعتمد إثارة كل أمر يؤدي بشعوب الهضبة المتناثرة إلى أن تخاف وتحقد على الدوام حفاظاً على تماسكها تحت قاعدة الهرم. وما اللعن والطعن إلا تعبير عن هذه العقدة التي يغذونها برواية كل قبيح

مخترع وإلصاقه بتاريخ الأمة ورموزها. ومن ذلك اختراع المآسي التي تعرض لها (أهل البيت) وتضخيمها، وإقامة مجالس التعزية والنواح على أولئك (المظلومين). وتأمل التناسب بين نفسية الفارسي المدمرة الحاقدة، وبين النار التي اشتهر بعبادتها من دون بقية قوى الطبيعة!
وعن طريق الحث والعدوى انتقلت هذه العقدة من المجتمع الإيراني إلى المجتمع الشيعي أينما كان: أفراداً وجماعات.


حقد مختص بالعرب
وإذا كان الفارسي وسليله الشيعي حاقداً بطبعه، فإن هذا الحقد يتوجه عنده تلقائياً - وبلا مقدمات - إلى العرب عامة، وإلى العراقيين منهم خاصة. ولذلك أسبابه الدافعة.أهمها أن عقدة النقص إنما تستثار – أشد ما تستثار – باتجاه العرب؛ لأنهم – في قوتهم الذاتية وتحضرهم العريق وتراثهم النبيل - يمثلون في خافيَّة أو لا شعور الفارسي النقيض التام المقابل للفرس في كل ذلك. ولأن العرب أكثر الأقوام فضلاً على الفرس، فإن عقدة نكران الجميل تكون أكثر انفعالاً وأثراً في انعكاسها بما يتناسب ودرجة الفضل السابق من العرب إليهم.من هنا نفهم عمق كلام د. عماد عبد السلام حين قال: (لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه).
انظر ما يقول محمد الطوسي في (غيبته) ومحمد المجلسي في (بحاره) منسوباً زوراً إلى جعفر الصادق: (اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أمَا إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد)(1).
وفي رواية للكليني: (ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب. قلت جعلت فداك كم مع
القائم من العرب؟ قال: نفر يسير. قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال
لا بد للناس أن يمحصوا ويغربلـوا ويستخرج مع الغربال خلق كثير)().
وانظر إلى شعوبية الكليني ذلك الحاقد الفارسي كيف يفتري على سيدنا جعفر بن محمد رحمه الله أنه يكفر أهل خيرة بقاع الأرض (مكة والمدينة والشام) فيقول: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة.
وعن أحدهما (ع) قال: إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة ، وان أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعف

ويفتري على محمد بن علي (الباقر) أنه قد كفر جميع الصحابة والتابعين وهم خيرة العرب فيقول: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد. وأناب الناس بعد: كان أول من أناب أبو ساسان وعمار وأبو عروة وشتيرة، فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة.
وتأمل ما قاله ميرزا حسن الإحقاقي:(إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران والروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين والمعاملة التي تلقوها من الأعراب البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة, أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب, وشريعة العرب, فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، وذلك الخراب والدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة, والأراضي العامرة في الشرق والغرب, وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة وناموس الدولتين الملكية والامبراطورية).
وفي فلم شيعي عن معركة صفين مدموغاً بعلامة (شبكة أنصار الحسين)يظهر عمرو وتحته مكتوب: (عمرو بن العاص لعنه الله)! أما عندما يظهر علي فمكتوب تحته: (السلام عليك يا قاتل صناديد العرب)!!!
واستمر هذا الحقد الفارسي ضد العرب يتأجج على مر العصور، لم تزده الأيام إلا عمقاً ورسوخاً! ومن أكثر الناس شعوراً بوجود وآثار هذا الحقد وإدراكاً لجذوره أشقاؤنا العرب الأحوازيون. وذلك بسبب معاناتهم الطويلة تحت الاحتلال الفارسي منذ أكثر من ثمانين سنة. يروي لي أحدهم فيقول: كنا من جنسيات متعددة نعمل في موانئ الكويت، منا العربي ومنا الفلبيني والهندي والباكستاني وغيرهم من الشعوب. وكان معنا إيرانيون أيضاً. فحين يحصل شجار بين إيراني وآخر من قومية أخرى، يتساءل العمال الإيرانيون؟ فإذا وجدوا الشجار حاصلاً مع هندي أو فلبيني، أو مع شخص من أي قوم كانوا سوى العرب، فإنهم لا يأبهون للأمر كثيراً. فإذا ما قيل: إن الشجار مع عربي تركوا كل شيء بأيديهم، وهبوا بالعشرات ينصرون صاحبهم الإيراني ضد العربي!وهم يتصايحون:(أرَب أرب)! - بترقيق الباء - أي عرب عرب.
وتأمل هذا النص المقتطع من كتاب (روضات الجنات) لأحد كبار دجاجلة علماء الشيعة وهو الخوانساري: كيف يتفجر حقداً على بغداد عاصمة الخلافة العربية الإسلامية. قال هذا الدجال الشيعي الحاقد في معرض ترجمته للّعين الخواجة نصير الطوسي: (ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان من عظماء سلاطين التاتارية وأتراك المغول، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد، وإخماد نائرة الجور والإلباس، بإبادة دائرة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال


الأنهار ، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم، دار البوار، ومحل الأشقياء والأشرار).
ويروي أخونا العربي الأحوازي أنه حين دخل الجيش الإيراني كان يتدرب في معسكر (كرمان)، وكان الهدف الذي يدربونهم على الرماية من خلاله هو العقال واليشماغ العربي! يقول: وهذا التقليد المعبر بعمق عن الحقد الفارسي تجاه العرب يجري في كل معسكرات التدريب الإيرانية.
وأما معاملتهم العنصرية لعرب الأحواز فشيء لا مثيل له في أكثر بلدان العالم تخلفاً ووحشية! إن أحدهم يتلقى يومياً عشرات الإهانات لا لشيء إلا لأنه عربي!. كما أن لبس العقال واليشماغ مستنكر عليهم في الأحواز، ويتلقون بسببه التضييق والتحقير وأنواع الأذى، لا سيما في الأسواق، وعند مراجعة الدوائر الرسمية،. وممنوع رسمياً تدريس المواد الدراسية باللغة العربية، فليس في الأحواز العربية مدرسة عربية واحدة! ولا يسمحون حتى بفتح مدرسة قرآنية! ولا يوجد في الأحواز كلها – ومساحتها تقرب من مساحة سوريا - مسجد خاص بأهل السنة، إما يهدمونه إذا بني، أو يحولونه إلى دائرة أخرى!إلا واحداً في عبادان، وأغلقوه أخيراً، واعتقلوا إمامه الشيخ عبد الحميد الدوسري. يقول صاحبي الأحوازي: في سنة 1995 شرعنا في بناء مسجد لنا في منطقة (كوت عبد الله)، وهي قرية نائية بعيدة عن مركز المدينة، واتبعنا في بنائه أسلوب التورية والتخفي على اعتبار أنه مسجد شيعي، ومر علينا في ذلك خمسة وأربعون يوماً، وفي صبيحة أحد الأيام أتينا إليه فلم نجد في المكان طابوقة واحدة! لقد جرفوه في منتصف الليل وأزالوه من وجه الأرض بالكامل!ولربما عرفوا هويته من وجود المحراب ومنارة واحدة لا اثنتين، وهذا يكفي – عندهم - لهدمه وإزالته من الوجود.كما أن جامعاً لأهل السنة في عبادان حولته الحكومة (الإسلامية) إلى نادي لرياضة البنات!.
كنت في زيارة لمكتب (هيئة علماء المسلمين) في دمشق، فحدثني أحد المشائخ الثقات ممن أعرفهم، فقال: زارنا شيخ سوري فاضل، ودار بيننا حديث عن إيران، وعلاقتها بالعراق، كنت ممن شارك في الحديث، وكان حديثي منصباً على عدائها المستحكم للعرب، ومؤامرتها الدائرة في العراق. لم يرق للشيخ ما سمعه مني. وصار يعاكسني ويدافع عن إيران. ثم جاء بعد مدة يسأل عني بالخصوص. لكنه لم يجدني فقال لمن استقبله من الإخوة الموجودين في المكتب: جئت لأخبر فلاناً بأن كل الذي قاله عن إيران صحيح و.. زيادة. ثم التقيته بعد ذلك، فقص علي ما رآه من عجائب حين ذهب إلى هناك لحضور مؤتمر إسلامي في رمضان الماضي/1427. من ذلك الذي رآه: أن الإيرانيين أخذوهم مساء أحد الأيام ليفطروا في مكان ما لم يخبروهم عنه. قال: وظلت السيارات تسير حتى دخلنا مقبرة كبيرة، مدت الموائد في وسطها. لم ندرك لماذا جاءوا بنا إلى هذا المكان الغريب، حتى أشار أحدهم إلى القبور الممتدة على طول مسرح النظر فقال: (أترون هذه القبور؟! هؤلاء هم الذين قتلهم العرب في العراق). انظر كيف أنه لم يعط للقاتل سوى وصف (العرب)! ثم أردف قائلاً بلا أدنى تردد، أو حياء: (لا بد

أن نمحوهم من الوجود، ونثأر لكل واحد منا بعشرة منهم. ولن نتوقف حتى نحقق ما نريد)!.


إسقاط حقدهم على خصومهم
تأمل كيف يسقطون حقدهم هذا على خصومهم: معمم كبير العمامة عظيم الهامة اسمه محمد تقي بور المدرسي ظهر على شاشة إحدى الفضائيات يتباكى من ظلم صدام حسين وكيف أن مدينة الثورة (يسميها – هو وأمثاله - الصدر) التي يقطنها ثلاثة ملايين ونصف المليون كان صدام يمنع بناء الحسينيات فيها حتى إن ثلة من أهلها تجرأوا فبنوا حسينية لكن الحكومة هدمتها على رؤوسهم وقامت بإعدامهم. ويعلم الله أن هذا محض افتراء وكذب لا يستحي (الفارسي) منه. أما مدينة الثورة فلا يبلغ عدد سكانها – بما فيهم من سنة ونسبتهم في حدود 15٪ - تسعمائة ألف. وأما الحسينيات فتعج بها تلك المدينة الخربة في عهد صدام وغيره. ومن المعروف جداً أن أغلب الحسينيات في العراق تبنى من دون موافقة وزارة الأوقاف، بينما يستحيل أن يسمح لأهل السنة ببناء مسجد دون موافقة رسمية أصولية. أما الذي يهدم المساجد على رؤوس أهلها ويقوم بإعدامهم فهم الإيرانيون. وحادثة إعدام خمسة من أهل السنة تقدموا بطلب بناء مسجد لأهل السنة في العاصمة طهران معروفة لأهل الشأن. ومن المعلوم أن مركز العاصمة الإيرانية لا يوجد فيها مسجد لأهل السنة، بينما لا تخلو من معابد لليهود والمجوس!

يرضعون الحقد لأطفالهم
إن هذا الحقد الغريب يلقنه الشيعة لأولادهم، ويرضعونهم إياه مع الحليب. حدثنا أخ أحوازي آخر أنه كان مسافراً في قطار من الأحواز إلى مدينة إيرانية، وكان بالقرب منه امرأة فارسية معها ابنها الصغير فقالت هذه المرأة: ابني يقول: أريد الذهاب إلى طهران لأشرب البيبسي هناك، لا أريد أن أشرب من بيبسي الأحواز؛ إن فيه رائحة العرب.
يذكرني هذا بشاب من أهل مدينة (بلد) هداه الله فتحول من دين الرفض إلى دين الحق. قص على صاحب لي كيف أنه عندما كان غلاماً صغيراً جاء أهله بخروف كان يلهو به ويلعب معه حتى إذا تعلق به وصار لا يستطيع عنه فكاكاً استيقظ صباح أحد الأيام فهاله رؤية الخروف الحبيب قريباً من وسادته مذبوحاً ملطخاً بدمه! يقول: فصرت أصرخ فزعاً حزيناً وأقول: من فعل هذا؟ فأخبروني: إنه عمر! يقول: ومن ذلك اليوم حقدت على عمر بن الخطاب حقداً ما بعده حقد!
وفي بعض مناطق الجنوب العراقي يأتون للطفل بصندوق فيه فتحتان: واحدة لعلي، إذا مدّ الطفل يده أخرج منها قطعة حلوى. وواحدة لعمر، إذا مدّ يده أصابتها شوكة أو جمرة أو ما يشبه!


ومن أبيات الشعر الفارسي المتداولة عند الفرس:



عرب دربيابان ملخ مي خورد

وسـﮓ أصفهان أب يخ مي خورد




أي:العربي في الصحراء يأكل الجراد، بينما الكلب في أصفهان يشرب الماء البارد.
يغذون الحقد لشعوبهم
ذهب أحد الأصدقاء إلى إيران في مايس 2006، فشاهد العديد من العجائب. منها ما حدثني عنه فقال: وجدت على طول الطريق من مهران إلى أيلام، وكذلك من مهران إلى دهليران، ومن اندم شك إلى الأهواز إلى عبادان صوراً (مرسومة باليد) لقتلى العسكريين الإيرانيين معلقة على الجانبين، مكتوباً عليها (شهداء جمهوري إسلامي) مع كلمات معناها أن صدام وجيشه هم من قتلوهم. فتذكرت أين شهدائنا من الضباط والجنود؟ حيث لا ذكرى ولا صورة ولا من يترحم عليهم!
وشاهدت أمراً آخر عجباً! دبابات عراقية مدمرة، على جانبي طريق إيلام – مهران وعلى مسافة (80 كم)، مرفوعة على منصات حجرية مرصوصة ومبنية بإحكام مكتوب عليها: (دبابات صدام). فشعرت أنهم يعيروني فبكيت في داخلي من المرارة.


حقد شعوبي
وأبو القاسم الفردوسي صاحب (الشاهنامة) يسب القدر ويبصق عليه في بيت من
الشعر في شاهنامته تلك قائلاً: (تفّ تفّ لك أيها الفلك الدوار؛ العرب الحفاة العراة آكلو الضباب يدوسون أرض إيران الجميلة)! حدثني بهذا المرحوم الفريق كامل الساﭽت رحمه الله يقول: ذهبت في زمن الشاه في بعثة عسكرية إلى إيران فدخلت أحد المتاحف العسكرية هناك فرأيت ديوان (الشاهنامة) مكتوباً على جلد موضوعاً على طاولة كبيرة ومفتوحاً على البيت المذكور الذي ظهر واضحاً وباللغة العربية!!!
أما بهشتي فيقصر وصف (الجاهلية) الوارد في القرآن على العرب فقط دون بقية الأُمم!ويقول عنهم: لم يكن لدى العرب قبل الإسلام من شيء سوى الشعر.
وقد بلغ بهم الحقد حداً بحيث لو سألت فارسياً فقلت مثلاً: أي يوم من أيام الأسبوع غداً؟ فإذا كان اليوم يوم جمعة عبّر فقال: بعد غد هو يوم السبت، ولا يذكر الجمعة لأنها ترمز إلى يوم مقدس في (دين العرب).
ويحتج الفرس على العرب في الأحواز بحديث باطل ينسبونه للرسول  وضعوه تنفيساً عن شعوبيتهم نصه: (أنا عربي وليس العرب مني). وفي مقبرة الخفاجية الواقعة بعد مدينة البسيتين توجد لافتة كبيرة على حائط كبير مكتوب عليها: (تعلموا الفارسية لأنها لغة الله ولغة أهل الجنة)! ويسمون مقابر العرب (لعنة آباد) ومقابر الفرس (جنة آباد)! وفي المنهج الدراسي للصف الأول الابتدائي قصيدة يقول أحد أبياتها: (كلنا أرقى من العربي أكال الجراد).
ويحيي الإيرانيون ذكرى شاعر اسمه أهبان، له ديوان شعر اسمه (فصل الشتاء) يمجد فيه عبادة النار بقوله: (النار مظهر الطهارة، جاء العرب فوضعوا ماءاً نجساً عليها ليطفئوا تلك الطهارة).


تعذيب أسرانا
ومن أبرز صور الحقد الفارسي ما فعلته إيران بأسرانا ، الذين أذاقتهم صنوف العذاب الخارجة عن كل معقول. ولا زالت تحتفظ ببعضهم منذ أكثر من ربع قرن!. وأما الحديث عن صور التعذيب فلا يحيط به مجلدات ومجلدات! وليس هذا موضعه. ولكن لا بأس من إيراد لمحة خاطفة عنه، هي من مشاهدات أخينا الأحوازي سابق الذكر.يقول: كان الضباط الإيرانيون يوصوننا نحن الجنود: "إذا أمسكتم بأسير فاقتلوه، ولا تأتونا به". ورأيت بعيني كيف جاء الحرس الثوري الإيراني بمائة وثلاثة وأربعين أسيراً عراقياً، كانوا في حالة مزرية، والكثير منهم مصاب بحروق وجروح بالغة، حفاة ممزقي الملابس، يتلاوبون من العطش، يستسقون الماء فلا يسقون، والمسؤولون عنهم ينادون: "الماء محرم في حق هؤلاء"! وعلى جسر الخفاجية رأيتهم كيف قتلوهم وهم على هذه الحال! وأفرغوا في كل واحد منهم شاجوراً كاملاً وهم يقولون: قربان قربان!
فما هذا الحقد الذي صار به قتل العرب عند العجم قرباناً يتوسلون به إلى الله؟!
وصدق من قال: (ما حن عجمي على عربي قط ورب الكعبة)!