عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2007-09-17, 07:06 AM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,418
افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،،


قال تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ) فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من خصائص هذه الأمة ومن فرائضها ، ولكن يجب أن يكون بضوابطه ومن هذه الضوابط : الأمر بالمعروف ، بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، بلا منكر.


وهناك من العلماء من فسر حديث النبى -صلى الله عليه وآله وسلم - " من رأى منكر منكراً فليغيره بيده ... " الحديث . بأن مراتب التغيير تكون حسب من أنيط بهم التكليف ، فالتغيير باليد يناط بولاة الأمور والتغيير باللسان يناط به العلماء والتغيير بالقلب يناط به عامة الناس.


كذلك يجب أن يفهم هذا الحديث فى إطار حديث : " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " فمن كان راعياً فى موضع حق له التغيير بيده كالأب فى أسرته ، القاضى فى الرعية ، لأن هذين وأشباههما ممن يناط بهما التغيير باليد ، ولا يكون التغيير باليد لكل أحد حتى لا تحدث فتنة ، ونحن لم نسمع أن أحداً من أصحاب النبى - صلىالله عليه وسلم - كان يغير شيئاً من المنكر الذى ظهر فى عهدهم بيده ، بل اكتفوا بتغيير المنكر بألسنتهم ، ذلك أنهم كانوا أعلم أهل زمانهم ، ولو أنهم غيروا شيئاً من المنكر بأيديهم لكان هذا حجة لمن بعدهم ، ولكن هذا لم يحدث ، وما حدث فى نطاق محدود فقد خطّأ العلماء فاعله ، مثال ذلك عندما قام سيدنا معاوية بن أبى سفيان - رضى الله عنهما - بمحاولة تغيير المنكر بيده بخصوص إقامة الحد على قاتلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه. وقد حدث من جراء ذلك فتنة كبيرة كما هو معلوم.


نخلص من هذا إلى أن قضية التغيير المنكر باليد تكون من واجبات ولى الأمر ، وولى الأمر هنا يكون حسب كل حال فلا يقصد بها الحاكم تخصيصاً ولكن هذا فى إطار حديث : "كلكم راعٍ" كما سبق أن ذكرنا.


كذلك فإن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باليد يكون لمن وكله ولى الأمر بهذا نيابة عنه ، ويكون له فى هذا بحسب ما أعطاه ولىالأمر من الصلاحيات فى هذا.


والذى أراه أن هيئة أو جماعة الحسبة بالمملكة العربية السعودية هى هيئة مفوضة من قبل ولى الأمر لتغيير المنكر ، فهى هنا ولى أمر ، وراع ، وطالما أن ولى الأمر وكّل لها هذا فلا شك أن أمرها مطاع واجب التنفيذ : " وإن جلد ظهرك وأخذ مالك" كما فى الحديث الشريف.


ولا أرى - والله تعالى أعلم - أن فى قول نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - : " من رأى منكم" نصاً فى عموم التغيير باليد ، ولكن فيه نصاً فى عموم تغيير المنكر. نعم " من" من صيغ العموم ، ولكن العموم فى ماذا؟ فى التغيير باليد؟ لا ، ولكن فى إنكار المنكر ، أما كيفية التغيير ووسيلته فهذا شئ آخر كما بينا.


والذى أراه كذلك أن فى كلام فضيلة الشيخ القرضاوى ما يؤكد هذا - أى الدور الذىتقوم به الحسبة فى المملكة - ولا ينفيه :


حيث قال : "حكم الإمام أو القاضي في الأمور الخلافية يرفع الخلاف، ويلزم الأمة اتباعه. ولهذا إذا أخذت السلطات الشرعية بقول إمام أو اجتهاد مذهب في هذه القضايا فالواجب اتباعها، وعدم تفريق الصف. "


قلت : فإن كان ولى الأمر قد كلف أو أناب عنه أو صرح لفئة معينة أو هيئة بعينها تغيير المنكر ، كحال هيئة الحسبة فى المملكة العربية السعودية ، فلا شك أن أمرها هنا واجب الطاعة ، وإن عاقبت الناس على أمور مختلف فيها بين العلماء ، ورجحت قول على قول أو اتبعت مذهب دون آخر فلا مناص من طاعتها واتباع أمرها.


كذلك ما ذكره الشيخ القرضاوى فى : " الشرط الثالث: القدرة الفعلية على التغيير ، أي أن يكون مريد التغيير قادرًا بالفعل ـ بنفسه أو بمن معه من أعوان ـ على التغيير بالقوة. بمعنى أن يكون لديه قوة مادية أو معنوية تمكنه من إزالة المنكر بسهولة."

قلت : فإن هذا الكلام معناه يفيد بأنه إن كانت هناك هيئة أنابها الحاكم بفعل هذا فوجب عليها تغيير المنكر باليد ، وإلا فليس لها وجه فى هذا. فالعبرة إذن فى تفويض ولى الأمر لها.


والذى نحن عليه كذلك أنه لا يجوز لكل أحد أن يغير المنكر بيده ، دليلنا فى هذا من المسألة نفسها (كيف؟) نقول هل يجوز لأحد أن يفتى فى شرع الله - أى يغير بلسانه - بغير علم؟ الجواب معلوم بأنه لا يجوز له هذا ، ولماذا؟ لأنه ليس بذى أهليه للفتوى ولا بالتغيير باللسان ، فإن كان الأمر هكذا ، فلا يحق له - من باب أولى - التغيير باليد لأنه ليس بذى أهليه لهذا ، كما أن التغيير باليد لغير ذى اختصاص سيترتب عليه مفاسد أعظم.

والله تعالى أعلم وأحكم.
رد مع اقتباس