عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 2009-04-19, 01:04 AM
الصفوي الصفوي غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-04-18
المشاركات: 22
مصباح مضئ


قال البرَاء بن عازب من حديث له في أمر الخلافة :
فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح ، حتى دخلوا على العباس بن عبد المطلب في الليلة الثانية من وفاة رسول
الله صلّى الله عليه وآله .
قال : فتكلم أبو بكر فحمد
الله جل وعز وأثنى عليه ثم قال : إن الله بعث لكم محمداً نبياً ، وللمؤمنين ولياً ، فمنّ الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم ، حتى اختار له ما عنده ، وترك للناس أمرهم ليختاروا لانفسهم مصلحتهم متفقين لا مختلفين ، فاختاروني عليهم واليا ، ولامورهم راعيا ، فتوليت ذلك وما أخاف بعون الله وهناً ولا حيرة ولا جبنا ، وما توفيقي إلا بالله ، غير أني لا أنفك من طاعن يبلغني فيقول بخلاف قول العامة ، فيتخذكم لجأً فتكونوا حصنه المنيع ، وخطبه البديع ، فإمّا دخلتم مع فيما اجتمعوا عليه ، أو صرفتموهم عمَّا مالوا إليه ، فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الامر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك ، إذ كنت عم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وإن كان الناس أيضا قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا بهذا الامر عنكما .
فقال عمر(2) : إي و
الله ، واُخرى ، يا بني هاشم على رسلكم فإن رسول الله منا ومنكم ، ولم نأتكم لحاجة منا إليكم ولكن كرهنا أن يكون الطعنُ فيما اجتمع عليه المسلمون، فيتفاقم الخطب بكم فانظروا لانفسكم وللعامة .
فتكلم العباس فقال : إن
الله ابتعث محمدا ـ صلّى عليه وآله وسلّم‌ ـ‍ كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا ، فإن كنت برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ طلبت هذا الامر فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم ، ما تُقدّمنا في أمرك ولا تشاورنا ولا تؤامرنا ، ولا نحب لك ذلك إذ كنا من المؤمنين وكنا لك من الكارهين !!
وأما قولك أن تجعل لي في هذا الامر نصيبا، فإن كان هذا الامر لك خاصة ، فأمسك عليك فلسنا محتاجين إليك ، وإن كان حق المؤمنين فليس لك أن تحكم في حقهم ، وإن كان حقنا فإنا لا نرضى منك ببعضه دون بعض ، وأما قولك يا عمر إن رسول
الله منا ومنكم ، فإن رسول الله شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها فنحن أولى به منكم ؟!
وأما قولك إنا نخاف تفاقم الخطب بكم بهذا الّذي فعلتموه أوائل ذلك و
الله(3) فخرجوا من عنده وأنشأ العباس يقول(4) :
المستعان ما كنت‌ أحسب هذا الامر منحرفا * عن هاشم ثم منهم عن أبي حسـن
أليـس أول مــن صلّى لقبلتكم ‌* وأعلم الناس بالاثـار والســنـن
وأقرب الناس عـهدا بالنبي ومن
* ‌جبريل عون له بالغسل والكـفـن
من فيه ما في جميـع الناس كلهم
* ‌وليس في الناس ما فيه من الحـسن
مـن ذا الذي ردكم عـنه فنعرفه‌
* ها أن بيعتكم من أول الفـتـن (5)
____________
(1) هو: العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، يكنى أبا الفضل ، كان شريفاً مهيباً عاقلاً جميلاً ، صبيحاً حلو الشمائل ، وله عدة احاديث يرويها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ووردت في حقه روايات تتضمن اصرار النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ على اكرامه وعدم هضمه، أسلم قبل الهجرة ، وخرج يوم بدر مع المشركين مكرهاً واستأسر للمسلمين ثم فدى نفسه، كانت ولادته قبل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بثلاث سنين ، وتوفي سنة اثنين وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة .
راجع ترجمته في: سير أعلام النبلاء ج 2 ص 78 ، تاريخ البخاري ج 7 ص 2، تهذيب الكمال ج 14 ص 225 ، تنقيح المقال للمامقاني ج 2 ص 126 .
(2) فاعترض كلامه عمر وخرج الى مذهبه فى الخشونة والوعيد ، وإتيان الامر من أصعب جهاته . فقال : أي و
الله ، واخرى لم نأتكم حاجة اليكم ولكن كرهنا... (الخ) . هكذا في شرح النهج ج 1 ص 220 .
(3) الى هنا تجد هذه المناظرة في شرح ابن أبي الحديد ج 1 ص 220 .
(4) ذكر هذه الابيات الجويني في فرائد السمطين ج 2 ص 82 ونسبها الى العباس بن عبد المطلب (رض).
وذكرها ايضا اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 126 ط دار صادر بيروت ، وج 2 ص 103 ط‍ الغري النجف ، ونسبها الى عتبة ابن أبي لهب ، ولم يذكر البيت الخامس .
وذكرها الشيخ المفيد (ره) في كتابه الجمل ص 58 ونسبها الى عبد
الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب .
وذكرها ايضا ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 13 ص 232 ، ونسبها الى أبي سفيان بن حرب بن أمية .
(5) كتاب سليم بن قيس ص 76 منشورات دار الكتاب الاسلامية وط آخرى ص 27 بتحقيق السيد علاء الدين الموسوي .
كتاب سليم بن قيس كتابٌ مشهور معتمد عليه عند المحدثين والمؤرخين ، قال عنه ابن النديم في الفهرس ص 307 : أول كتاب ظهر للشعية كتاب سليم ، وذكر ذلك أيضاً في محاسن الرسائل في معرفة الاوائل ، وروى عن سليم غير واحد من أعلام العامة منهم : الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ، والجويني في فرائد السمطين ، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ، والسيد أبو شهاب الهمداني في مودة القربى وغيرهم
.
رد مع اقتباس