عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 2010-04-02, 12:28 PM
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 716
افتراضي


وقفة مع غوستاف لوبون مؤسس علم نفس الجماهير




يمكن تلخيص أهم الأفكار التي لفتت نظري في كتاب (سيكولوجية الجماهير) لغوستاف لوبون بما يلي كما جاء في المقدمة التي كتبها مترجم الكتاب هاشم صالح:
[LIST][*]الميزة الأساسية للجمهور هي انصهار أفراده في روح واحدة وعاطفة مشتركة تقضي على التمايزات الشخصية، وتخفض من مستوى الملكات العقلية. وهو يشبه ذلك بالمركب الكيمياوي الناتج من صهر عدة عناصر مختلفة. فهي تذوب وتفقد عناصرها الأولى نتيجة التفاعل ومن أجل تركيب المركب الجديد. إن المتغيرات التي تطرأ على الفرد المنخرط في الجمهور مشابهة تماماً لتلك التي يتعرض لها الإنسان أثناء التنويم المغناطيسي.[*]الفرد يتحرك بشكل واعٍ ومقصود، أما الجمهور فيتحرك بشكل لا واع؛ ذلك أن الوعي فردي تحديداً، أما اللاوعي فهو جماعي.[*]إن الجماهير أياً تكن ثقافتها أو عقيدتها أو مكانتها بحاجة لأن تخضع إلى قيادة محرك. وهو لا يقنعها بالمحاجات العقلانية والمنطقية، وإنما يفرض نفسه عليها بواسطة القوة. كما أنه يجذبها ويسحرها بواسطة هيبته الشخصية تماماً كما يفعل الطبيب الذي ينوم المريض مغناطيسياً.[*]إن الإشاعة أقوى من الحقيقة. وإن الدعاية ذات أساس لا عقلاني. يتمثل بالعقائد الإيمانية الجماعية. ولها أداة للعمل تتمثل بالتحريض من قريب أو بعيد. أما التفكير النقدي وانعدام المشاعر اللاهبة فيشكلان عقبتين في وجه الانخراط والممارسة. ويمكن تجاوزها عن طريق التحريض والدعاية. ولهذا السبب ينبغي أن تستخدم الدعاية لغة الصور الموحية والمجازية، أو لغة الشعارات البسيطة والقاطعة التي تفرض نفسها فرضاً دون مناقشة.[*]إن هناك نمطين من الفكر: الأول يستخدم الفكرة المفهومية، فيعتمد على قوانين العقل والبرهان والمحاجة المنطقية. أما الثاني فيستخدم الفكرة المجازية أو الصورية، ويعتمد على قوانين الذاكرة والخيال والتحريض. وأكبر خطأ يرتكبه السياسي هو أن يحاول إقناع الجماهير بالوسائل العقلانية الموجهة إلى أذهان الأفراد المعزولين. فالجماهير لا تقتنع إلا بالصور الإيحائية، والشعارات الحماسية والأوامر المفروضة من فوق.[/LIST]
وإذا تجاوزنا المقدمة إلى الكتاب نفسه فإن مؤسس علم نفس الجماهير يقول:



[LIST][*]الروح الجماعية للجمهور[/LIST]
إن ذوبان الشخصية الواعية للأفراد وتوجيه المشاعر والأفكار في اتجاه واحد يشكل الخصيصة الأولى للجمهور1... والظاهرة التي تدهشنا أكثر في الجمهور النفسي هي التالية: أياً تكن نوعية الأفراد الذي يشكلونه، وأياً يكن نمط حياتهم متشابهاً أو مختلفاً، وكذلك اهتمامهم ومزاجهم أو ذكاؤهم، فإن مجرد تحولهم إلى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية. وهذه الروح تجعلهم يحسون
ويفكرون ويتحركون بطريقة مختلفة تماماً عن الطريقة التي كان سيحس بها ويفكر ويتحرك كل فرد منهم لو كان معزولاً... إنهم يشبهون بالضبط خلايا الجسد الحي التي تشكل عن طريق تجمعها وتوحدها كائناً جديداً يتحلى بخصائص جديدة مختلفة جداً عن الخصائص التي تمتلكها كل خلية.
وعلى عكس الرأي الشائع الذي يدهشنا أن يتبناه فيلسوف في حجم وألمعية هيربيرت سبنسر فإنه لا يوجد في التجمع الذي يشكله جمهور ما حاصل ومتوسط العناصر، وإنما يوجد فقط تركيب وخلق للخاصيات. وهذا يشبه ما يحصل في مجال الكيمياء. فبعض العناصر المستخدمة في التركيب كالقواعد والحوامض مثلاً تتداخل في بعضها البعض وتتركب من أجل تشكيل مادة جديدة مزودة بخصائص مختلفة عن تلك الخصائص التي كانت تتحلى بها العناصر المفردة قبل تركيبها.
هكذا نلاحظ بسهولة إلى أي مدى يكون الفرد المنخرط في الجمهور مختلفاً عن الفرد المعزول1.


[LIST][*]الحياة اللاواعية للروح الجماعية للجمهور[/LIST] إن الظواهر اللاواعية تلعب دوراً حاسماً ليس فقط في الحياة العضوية أو الفزيولوجية،
وإنما أيضاً في طريقة اشتغال الذهن أو آلية العقل. والحياة الواعية للروح البشرية لا تشكل إلا جزأً ضعيفاً جداً بالقياس إلى حياتها اللاواعية... فأفعالنا الواعية متفرعة عن جوهر لا واعٍ مشكَّل من التأثيرات الوراثية بشكل خاص. وهذا الجوهر ينطوي على البقايا اللانهائية الموروثة عن الأسلاف، وهي التي تشكل روح عرق بشري ما. ذلك أنه وراء الأسباب الظاهرية لأعمالنا تربض أسباب سرية مجهولة من قبلنا. ومعظم أعمالنا اليومية ناتجة عن دوافع مخبوءة تتجاوزنا.
إن أفراد عرق ما يتشابهون خصوصاً بواسطة العناصر اللاواعية التي تشكل روح هذا العرق. وهم يختلفون عن بعضهم البعض بواسطة العناصر الواعية الناتجة عن التربية، ثم بشكل أخص عن الوراثة الاستثنائية. والبشر الأكثر اختلافاً وتمايزاً من حيث الذكاء لهم غرائز وانفعالات وعواطف متماثلة أحياناً. والرجال الأكثر عظمة وتفوقاً لا يتجاوزون إلا نادراً مستوى الناس العاديين في كل ما يخص مسائل العاطفة: من دين وسياسة وأخلاق وتعاطف وتباغض، إلخ... فمثلاً يمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم رياضيات شهير وصانع أحذيته على المستوى الفكري، ولكن من وجهة نظر المزاج والعقائد الإيمانية فإن الاختلاف معدوم غالباً، أو قل: إنه ضعيف جداً.
وهذه الصفات العامة للطبع التي يتحكم بها اللاوعي والتي يمتلكها معظم الأفراد الطبيعيين لعرق ما بنفس الدرجة تقريباً هي بالضبط


تلك التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير. فالكفاءات العقلية للبشر وبالتالي فرادتهم الذاتية تمَّحي وتذوب في الروح الجماعية. وهكذا يذوب المختلف في المؤتلف وتسيطر الصفات اللاواعية1.


[LIST][*]ضعف جدوى المحاججات العقلانية مع الجمهور [/LIST] إن الجماهير غير ميالة كثيراً للتأمل، وغير مؤهلة للمحاكمـة العقلية. ولكنها مؤهلة جداً للانخراط في الممارسة والعمل. والتنظيـم يجعل قوتها ضخمة جدا2. إن الجمهور هو دائماً أدنى مرتبة من الإنسان المفرد فيما يخص الناحية العقلية والفكرية3.
إنه بمجرد أن ينضوي الفرد داخل صفوف الجمهور فإنه ينزل درجات عديدة في سلم
الحضارة. فهو عندما يكون فرداً معزولاً ربما يكون إنساناً مثقفاً متعقلاً ، ولكنه ما إن
ينضم إلى الجمهور حتى يصبح مقوداً بغريزتـه وبالتالي همجياً4.
لا ينبغي علينا أن نعتقد أن مجرد البرهنة على صحة فكرة ما يعني أنها سوف تفعل مفعولها حتى لدى الناس المثقفين فعلاً. ويمكننا أن نتحقق من ذلك عندما نرى أن البرهنة الأكثر وضوحاً ليس لها تأثير على معظم البشر. صحيح أنه يمكن للحقيقة الساطعة أن تلقى أذناً صاغية لدى السامع المثقف، ولكنه سيعيدها فوراً بواسطة لا وعيه إلى تصوراته البدائية. حاولوا أن تروه بعد بضعة أيام فسوف ترونه يستخدم من جديد محاجاته القديمة وبنفس الألفاظ تماماً. وذلك لسبب بسيط هو أنه واقع تحت تأثير الأفكار السابقة التي تحولت إلى عواطف وترسخت. وهذه الأفكار هي وحدها التي تؤثر علينا وتحرك بواعثنا القديمة التي تربض خلف أعمالنا وكلامنا5.
لا يمكننا القول بشكل مطلق أنه لا يمكن التأثير على الجماهير بواسطة المحاجات العقلية. ولكن الحجج التي تستخدمها وتلك التي تؤثر عليها تبدو من وجهة النظر المنطقية جداً متدنية إلى حد أنه لا يمكننا وصفها بالعقلانية إلا عن طريق القياس والتشبيه... وأما سلسلة المحاجات العقلانية الصارمة فلا يمكن أن تفهم إطلاقاً من قبل الجماهير. ولهذا السبب يمكن القول بأنها لا تفكر أو تفكر بشكل خاطئ، ولا يمكن التأثير عليها عن طريق التفكير العقلاني6. لنذكّر هنا فقط بمدى عناد واستمرارية الخرافات الدينية طيلة قرون


تلك التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير. فالكفاءات العقلية للبشر وبالتالي فرادتهم الذاتية تمَّحي وتذوب في الروح الجماعية. وهكذا يذوب المختلف في المؤتلف وتسيطر الصفات اللاواعية1.


[LIST][*]ضعف جدوى المحاججات العقلانية مع الجمهور [/LIST] إن الجماهير غير ميالة كثيراً للتأمل، وغير مؤهلة للمحاكمـة العقلية. ولكنها مؤهلة جداً للانخراط في الممارسة والعمل. والتنظيـم يجعل قوتها ضخمة جدا2. إن الجمهور هو دائماً أدنى مرتبة من الإنسان المفرد فيما يخص الناحية العقلية والفكرية3.
إنه بمجرد أن ينضوي الفرد داخل صفوف الجمهور فإنه ينزل درجات عديدة في سلم
الحضارة. فهو عندما يكون فرداً معزولاً ربما يكون إنساناً مثقفاً متعقلاً ، ولكنه ما إن
ينضم إلى الجمهور حتى يصبح مقوداً بغريزتـه وبالتالي همجياً4.
لا ينبغي علينا أن نعتقد أن مجرد البرهنة على صحة فكرة ما يعني أنها سوف تفعل مفعولها حتى لدى الناس المثقفين فعلاً. ويمكننا أن نتحقق من ذلك عندما نرى أن البرهنة الأكثر وضوحاً ليس لها تأثير على معظم البشر. صحيح أنه يمكن للحقيقة الساطعة أن تلقى أذناً صاغية لدى السامع المثقف، ولكنه سيعيدها فوراً بواسطة لا وعيه إلى تصوراته البدائية. حاولوا أن تروه بعد بضعة أيام فسوف ترونه يستخدم من جديد محاجاته القديمة وبنفس الألفاظ تماماً. وذلك لسبب بسيط هو أنه واقع تحت تأثير الأفكار السابقة التي تحولت إلى عواطف وترسخت. وهذه الأفكار هي وحدها التي تؤثر علينا وتحرك بواعثنا القديمة التي تربض خلف أعمالنا وكلامنا5.
لا يمكننا القول بشكل مطلق أنه لا يمكن التأثير على الجماهير بواسطة المحاجات العقلية. ولكن الحجج التي تستخدمها وتلك التي تؤثر عليها تبدو من وجهة النظر المنطقية جداً متدنية إلى حد أنه لا يمكننا وصفها بالعقلانية إلا عن طريق القياس والتشبيه... وأما سلسلة المحاجات العقلانية الصارمة فلا يمكن أن تفهم إطلاقاً من قبل الجماهير. ولهذا السبب يمكن القول بأنها لا تفكر أو تفكر بشكل خاطئ، ولا يمكن التأثير عليها عن طريق التفكير العقلاني6. لنذكّر هنا فقط بمدى عناد واستمرارية الخرافات الدينية طيلة قرون وقرون على الرغم من تناقضها مع أبسط حدود المنطق. فخلال ألفي سنة تقريباً اضطرت أعظم العبقريات للانحناء أما قوانينها7.


[LIST][*]ضرورة تكرار الفكرة وتأكيدها [/LIST] عندما نريد أن ندخل الأفكار والعقائد ببطء إلى روح الجماهير فإننا نجد أن أساليب
القادة تختلف. فهم يلجأون بشكل أساسي إلى الأساليب الثلاثة: أسلوب التأكيد، وأسلوب
التكرار، وأسلوب العدوى. لا ريب في أن تأثيرها بطيء، ولكنه دائم.
إن التأكيد المجرد والعاري من كل محاجة عقلانية أو برهانية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير. وكلما كان التأكيد قاطعاً وخالياً من كل برهان فرض نفسه بهيبة أكبر... ولكن الإعلان لا يكتسب تأثيراً فعلياً إلا بشرط تكراره باستمرار، وبنفس الكلمات والصياغات ما أمكن ذلك. كان نابليون يقول بأنه لا يوجد إلا شكل واحد جاد من أشكال البلاغة هو: التكرار. فالشيء المؤكد يتوصل عن طريق التكرار إلى الرسوخ في النفوس إلى درجة أنه يقبل كحقيقة برهانية... فعندما نكرر الشيء مراراً وتكراراً ينتهي به الأمر إلى الانغراس في تلك الزوايا العميقة للاوعي حيث تصنع دوافعنا كل أعمالنا. فبعد أن تمر فترة من الزمن ننسى من هو مؤلف القول المكرر وينتهي بنا الأمر إلى حد الإيمان به. وعلى ضوء ذلك يمكننا أن نفهم القوة الهائلة للإعلان... وعندما يتاح لتوكيد ما أن يكرر بما فيه الكفاية، وأن يكرر بالإجماع... فإنه يتشكل عندئذ ما ندعوه بتيار الرأي العام. وعندئذ تتدخل الآلية الجبارة للعدوى وتفعل فعلها. وفي الجماهير نجد أن الأفكار والعواطف والانفعالات والعقائد الإيمانية تمتلك سلطة عدوى بنفس قوة وكثافة سلطة الجراثيم. ويمكننا أن نلاحظ هذه الظاهرة لدى الحيوانات نفسها، وذلك عندما تتجمع على هيئة جمهور. فصهال حصان في إسطبل ما سرعان ما يعقبه صهال الأحصنة الأخرى في نفس الإصطبل. وأي خوف أو حركة مضطربة ما تصيب بعض الخراف سرعان ما تنتقل إلى بقية القطيع...8والتقليد الذي تعزى إليه تأثيرات كثيرة في الظواهر الاجتماعية ليس في الواقع إلا مجرد أثر من آثار العدوى... إن الإنسان يشبه الحيوان فيما يخص ظاهرة التقليد. فالتقليد يشكل حاجة بالنسبة له بشرط أن يكون هذا التقليد

سهلاً بالطبع.. ومن هذه الحاجة بالذات يتولد تأثير الموضة (أو الأزياء الدارجة). وسواء أكان الأمر يتعلق بالآراء أم بالأفكار أم بالتظاهرات الأدبية أم بالأزياء بكل بساطة فكم هو عدد الذين يستطيعون التخلص من تأثيره؟ فنحن نستطيع قيادة الجماهير بواسطة النماذج والموديلات وليس بواسطة المحاجات العقلانية1.


[LIST][*]الزمن[/LIST] إن الزمن بالنسبة للمشاكل الاجتماعية كما بالنسبة للمشاكل البيولوجية أحد العوامل
الأكثر تأثيراً ونشاطاً. فهو يمثل المولد الحقيقي والمدمر الكبير... وهو الذي يجعل كل العقائد تتطور وتموت فبه تمتلك قوتها وجبروتها، وبه تفقدها... إن الزمن هو الذي يطبخ آراء وعقائد الجماهير على ناره البطيئة، بمعنى أنه يهيء الأرضية التي ستنشأ عليها وتتبرعم. نستنتج من ذلك أن بعض الأفكار التي يمكن تحقيقها في فترة ما تبدو مستحيلة في فترة أخرى. فالزمن يراكم البقايا العديدة جداً للعقائد والأفكار، وعلى أساسها تولد أفكار عصر ما. فهذه الأفكار لا تنبت بالصدفة أو عن طريق المغامرة. وإنما نجد جذورها تضرب عميقاً في ماض طويل2.
هذه بعض أهم الأفكار التي قررها لوبون في كتابه (سيكولوجية الجماهير)، وهي في عمومها توافق وتعمق ما قررناه سابقاً من قواعد في أصول وعوامل تغيير المجموع التي تختلف عنه فيما يخص الفرد.
والآن ننتقل للحديث عن الأساليب الجماعية الخاصة بتغيير الشيعة.




القسم الثاني
الأساليب والمبادئ الخاصة


بناءً على التركيبة النفسية التي يختلف بها الشيعة عن غيرهم، مع الأخذ بنظر الاعتبار تلك العقد النفسية التي أثبتناها سابقاً نقول: لا بد أن هذا الاختلاف وتلك العقد لها آثارها على الأساليب التي يراد لها أن تؤثر في جمهور الشيعة فتنقلهم خطوة أو خطوات إلى الأمام. وأنا في هذا القسم من الفصل أحاول الكشف عن هذه الأساليب الخاصة دون أن أدّعي أنني بلغت القول الفصل في كل ما أقرره من ذلك. لكنني قبل ذلك أتقدم بتمهيد مهم جداً بين يدي الموضوع. فأقول ومن الله العون والتسديد:


أ. تمهيد
الشيعة أكثر إدراكاً واستخداماً للأساليب الجماعية من أهل السنة
إن سر النجاح المطرد للشيعة على حساب تقهقر أهل السنة هو اعتماد الشيعة في نشر مذهبهم على الأساليب الجماعية في التغيير، دون أن يهملوا التعامل مع الأفراد. من هذه الأساليب المعتمدة:
[LIST][*]أسلوب الدعاية والإشاعة، وعلى طريقة غوبلز مدير دعاية هتلر: (اكذب.. اكذب حتى يصدقك الناس) الذي لا يعدو أن يكون قزماً قميئاً أمام عمالقة الكذب والدعاية الفارسية.[*]أسلوب الإيحاء باستعمال مثيرات العاطفة والخيال كالصور والتمثيل وما يسمى بـ(الشعائر الحسينية) من النواح واللطم الجماعي وما يسمى بـ(التشابيه) وهي قصص المآسي الممثلة. واستعمال (الملايات) اللواتي يدرن على البيوت حيث تجتمع النساء فتقوم (الملاية) بقراءة أسطورة المقتل على مسامعهن بصوت حزين مع الدق على الصدور الذي يتطور إلى نواح ولطم وعويل.[*]الاستعراض عن طريق تظاهرات المشي على الأقدام إلى المراقد في مناسبات خاصة تتكرر على مدار الأشهر خصوصاً في موسم محرم وصفر. [*]قبب المراقد المبهرجة المذهبة، وما لها من تأثير نفسي كبير على عقول العامة.[*]أسلوب الإعلان بدعوتهم بما فيها من أفكار شاذة وتهجم على الآخرين وتكفيرهم، مع أن أصل دعوتهم باطنية تعتمد على مبدأ (التقية)![*]أسلوب الهجوم المكشوف (ومنه السب والتشهير)أكثر من الدفاع.[*]أسلوب التهجير والتطهير العرقي ومضايقة المخالفين من أهل السنة. وهذا قد حصل في إيران ولبنان والعراق وغيرها.[*]أسلوب التخويف وإرهاب المخالف وتشكيل عصابات القتل والغدر والاغتيال على مر التاريخ. وبهذا أسكتوا الخصوم، وتسببوا في إصابتهم بعقدة (الرُّهاب Phobia) التي لم يسلم منها أشجع الرجال. وهي السبب في المجاملات والمداهنات السنية للشيعة. وهذا هو الذي أضاع الحق على عامة الناس، الذين لم يعودوا يدركون حقيقة الخطر ما داموا يسمعون من علمائهم عبارات التقريب الرنانة التي من أشهرها: (لا فرق بين شيعي وسني) وهي عبارة مجملة موهمة قد تسوغ في المزايدات السياسية، وليس في دائرة الدين القائمة على الوضوح والحق المبين. فسكت من سكت، وهاجر من هاجر ومن بقي ذاب إلا من رحم، خصوصاً مع التضييق عليهم في أرزاقهم وأشغالهم. ومن أبرز الأمثلة الناجحة على هذا الأسلوب في تاريخ الشيعة ما فعله الصفويون في إيران، وقتلهم الذريع لأهل السنة وإرعابهم وتشريدهم حتى تحولت إيران بفعل هذا الأسلوب من دولة سنية إلى أخرى شيعية. ولم يشغلوا أنفسهم بأي نقاش علمي، أو مناظرة كلامية أو غيرها من الأساليب العقلانية التي لا نحسن غيرها، هذا والماء – كما يقال – يجري من تحتنا.[/LIST] أود التنبيه هنا على أن علماء الشيعة حين يقول أحدهم: (لا فرق بين شيعي وسني) وأمثالها من العبارات، فإن هذا ليس له تأثير في الوسط الشيعي لسببين:
[LIST][LIST=1][*] الأول هو مبدأ (التقية) الذي به يعرف الشيعي أن مرجعه لا يعني ما يقول، وأن هذا الكلام التقريبي خرج مخرج (التقية) لا أكثر.[*] والثاني هو التعبئة النفسية لدى الشيعي، التي تقف حاجزاً بين هذه العبارات وبين حصول أثرها في نفسه.[/LIST][/LIST] وعلى هذا الأساس فإن النتيجة الوحيدة الحاصلة هي انخداع السني بكلام علماء الشيعة حين يسمعهم يطلقون هذه الكلمات، إضافة إلى صدورها في الوقت نفسه عن علماء السنة؛ فيثبت لديه الأمر على أنه حقيقة؛ فيزيده ذلك وهناً على وهن.
[LIST][*]أسلوب الهجرة والغزو السكاني الجماعي للمناطق السنية. فقضاء الزبير في البصرة لم تتغير صبغته السنية الصافية بسبب تحول أهله إلى شيعة، وإنما صار أهل الناصرية والعمارة وغيرهم يتحولون فيسكنون فيه بالجملة. وهكذا فبعد أن كان قضاء الزبير قبل أربعين سنة منطقة سنية مغلقة صار اليوم ما يقارب الأربعين بالمائة (40٪) من أهله شيعة. فهذا أسلوب تغييري جماعي ناجح غفلنا عنه وانشغلنا متفاخرين - بسذاجة نحسد عليها - بنتائج التغيير الفردي![/LIST] ونجح الشيعة في أسلوبهم هذا أيما نجاح خصوصاً في العاصمة بغداد قلب العراق وشريان العروبة النابض. فقبل خمسين عاماً لم تكن نسبة الشيعة في بغداد تتجاوز السدس (1/6) ارتفعت النسبة اليوم إلى ما يقارب الأربعين بالمائة (40٪) أو أكثر ، وذلك بعد أن قام الرئيس عبد الكريم قاسم بنقل مئات الآلاف من الشيعة من جنوب العراق وإسكانهم في بغداد في مدينة الثورة والشعلة وغيرهما. ويقال: إن لقاسم ميولاً شيعية بسبب والدته الشيعية. وأنا أرجح أحد أمرين فيما فعل: إما أنه استدرج من قبل الشيعة عن طريق أخواله. وإما أنه فعل ذلك لأسباب سياسية غير محسوبة. وأيّاً كانت الدوافع فإن هذا هو الذي حصل. كذلك فعل الشيعي صالح جبر حين تولى رئاسة الوزراء في العهد الملكي من قبل. وهكذا تغيرت بغداد لا بالدعوة وتشييع أهل السنة، وإنما بهذا الأسلوب الواقعي الذكي!
وبالأسلوب النفساني لا العقلاني تغير قضاء تلعفر في الموصل من أغلبية سنية كاسحة (أكثر من95٪ ) في منتصف القرن الماضي إلى أغلبية ضعيفة اليوم (60٪ )وقد بدأ تشييعها في عام 1947م عندما استلم رئاسة الوزارة في العراق (رجل الدين) الشيعي (محمد الصدر) والذي تسلم من بعد (عام 1949) رئاسة مجلس الأعيان .
ذهب وفد من ( تلعفر) حينها لتهنئته بمناسبة تسلمه منصب رئاسة الوزراء، وكان الوفد برئاسة شيخ عشيرة (السادة الموسوية) محمد يونس عبد الله وهب آغا. وهي عشيرة سنية. أظهر (محمد الصدر) استغرابه من كون (السادة الموسوية) من أهل السنة. ولما رجع الوفد تأخر عنه رئيسه محمد يونس آغا لعدة أيام استطاع (محمد الصدر) فيها أن يقنعه بالعدول عن مذهب أهل السنة، والتحول إلى طائفة الإمامية الاثنى عشرية. واستعمل لذلك مؤثرات نفسية، منها وجود نزاع بين عشيرة محمد يونس وعشيرة أخرى، كان يدور حول اراض زراعية فساومه (محمد الصدر) على حسم قضية الأراضي لصالحه مع عشرة آلاف (000 10) دينار، كانت في ذلك الزمان تمثل ثروة كبيرة جداً. ليرجع بعدها إلى (تلعفر) شيعياً يمارس دور نشر التشيع في تلك المدينة. ومن يومها بدأ العد التصاعدي للشيعة فيها.
انظر إلى هذه الأساليب تجدها جميعاً ليست فكرية عقلانية، وإنما نفسانية واقعية.


نفسية معقدة وقيادة مقنَّعة فهل من سبيل؟
كلما نظرت إلى جموع المتظاهرين وهي تحمل الرايات الخضر وترفع صور المراجع الفارسية والعمائم الشعوبية التي تقطر حقداً على العرب والبلد وأهله، وتهتف لها بالعظمة والعزة والبقاء، وجلت ببصري في تلك الجموع المسكينة فرأيت اللباس العربي: العقال واليشماغ والعباءة، واستحضرت تلك التركيبة المتشابكة من العقد التي غزت نفوسها قلت في نفسي: متى يعرف هؤلاء الحقيقة؟ ويدركون أنهم مخدوعون مغرر بهم؟ وأنّى لهم ذلك وهم يسيرون معصوبي الأعين وراء من لا يريد لهم خيراً، ولا يرقب فيهم إلاً، وإنما ينفذ بهم مخططاً فارسياً لا يعلم غوره إلا الله والراسخون في العلم؟!
كيف نتعامل مع هذه النفسية المعقدة؟ وكيف نفصل هذه الجموع عن هذه القيادة المخادعة المقنعة؟ هذه هي مهمتنا إذا كنا جادين في مواجهة التشيع، وهذا هو السبيل الصحيح بمعالمه الكبرى.


هل من أمل بالشفاء ؟
في تاريخ الإسلام تجارب ناجحة، وأخرى لم تبلغ الغاية المرجوة من التغيير. لقد نجح الرسول  مع العرب فتغيروا بكاملهم من الكفر والشرك إلى الإيمان ودين الإسلام. لكن اليهود لم يتغيروا رغم كل المحاولات التي بذلت من قِبَله  ! وحين تدرس الأسباب المانعة تجدها كامنة في النفسية المعقدة التي يعاني منها اليهود. والتي لخصها القرآن الكريم بكلمة واحدة هي (الأهواء) فقال: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)وقال: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:145). وهي السبب في الصرف الرباني لهم عن الحق والطبع على قلوبهم فلا يهتدون كما قال سبحانه: (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (الروم:29)، وقال: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف:146). فالهداية هدية الرب من السماء لا يمنحها إلا لمن يستحقها، وليست هي سِقْطاً ملقى على قارعة الطريق يمر به العابرون فيتكرم عليه بالأخذ بعض ويعافه الآخرون!
وقد لفت نظري آيات من القرآن في سورة (البقرة)، وقفت عندها كثيراً متفكراً متحيراً ! وهي ما جاء من قوله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ*وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ*أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ*وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ*فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ*وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:75-80).
إن هذه الآيات تقرر أنه لا أمل بإيمان قوم ارتكبوا المخالفات الخمس الآتية:
[LIST=1][*]تحريف كلام الله[*]التقية في إظهار الموافقة وإبطان المخالفة[*]عدم تدبر كتاب الله[*]اتخاذ الدين حرفة والتكسب بكتاب الله بالباطل[*]ادعاء الضمان بعدم دخول النار إلا أياماً معدودة[/LIST] وهذه المخالفات الخمس بنصها موجودة عند الشيعة، سوى أنهم زادوا فادعوا الضمان بعدم دخول النار مطلقاً. وزادوا الطعن في أصحاب نبيهم وأزواجه، وزادوا تمزيق الكتاب وحرقه، وزادوا... وزادوا!
ثم إن بين النفسية الفارسية واليهودية – كما بينا سابقاً - تشابهاً كبيراً، سواء من حيث اشتراكهم في (عقدة النقص) التي هي أصل العقد النفسية عندهم، أو ما تفرع عنها من عقد أخرى. ولعل هذا الشعور المشترك هو الباعث على التناغم والميل النفسي لبعضهما البعض، والتعاون اليهودي الفارسي في الكيد لدولة العراق وإسقاطها، والذي تكرر في التأريخ أكثر من مرة منذ أن أسقط كورش الفارسي ابن اليهودية دولة بابل سنة 559 ق.م وإلى إسقاطها أخيراً يوم الأربعاء الأسود 9/4/2003 ، واتخاذ ذلك عيداً من قبل اللوبي الفارسي في مجلس الحكم العراقي الذي عينه بريمر. مروراً بسقوط بغداد سنة 1258م على أيدي التتر والمحاولة الفاشلة سنة 1991م بحركتها الغوغائية الإيرانية الشعوبية الخائبة.
فإذا كان ما فهمته من الآيات السابقة - مع هذه الإطلالة النفسية التاريخية السريعة - على وجهه فإن هذا يدعونا إلى تساؤل كبير علينا أن نجيب عليه: هل من أمل أو مطمع في إيمان الشيعة ورجوعهم إلى دين الحق وشرعة الإسلام الصحيح؟ أم إن الحال معهم كحال الذين قال الله فيهم آنفاً: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ...)؟
فإذا كان الاختيار واقعاً على الجواب الثاني فعلينا أن نعيد الحساب من جديد ونقلع عن كل الأساليب الانبطاحية الفاشلة، والمجاملات الزائدة، والمداهنات والتنازلات التي بذلناها، وماء الوجه الذي سكبناه على عتبة (التقريب) الزائفة؛ فإننا لن نجني - ولم نجن - من ورائها شيئاً؛ فلا داعي لمزيد من الخسارة في صفقة محكوم عليها بالخسارة سلفاً. وعلينا أن نتوجه إلى صفنا السني الداخلي فنهتم بتقويته واستعادة مناعته وعافيته قبل فوات الأوان.
وهنا أنبه على أن المقصود بالإيمان والتغيير هو المجموع وليس الفرد؛ فلا يعترضن أحد فيقول: كيف هذا ونحن نجد كثيراً من الشيعة في السنين الأخيرة قد تحولوا عن دينهم وصاروا من أهل السنة؟ نعم هذا حاصل ولسنا غافلين عنه. لكن وجهة البحث - كما قلت -إلى المجموع، وليست إلى الأفراد. ولقد أسلم أفراد من اليهود لكن هذا لم يغير من حال مجموعهم شيئاً، وفي مثله قال القائل:


ما زادَ حنونُ في الإسلامِ خردلةً ولا النصارى لهم شغلٌ بحنونِ


ولم يستعمل الرسول المداراة مع اليهود مجاملة لأولئك الأفراد، أو خشية من نفورهم وارتدادهم.
على أن هذا كله على افتراض اليأس من هداية الشيعة وتغيرهم. وهو اختيار لا أجزم به، إنما هو فكرة برزت لي من خلال الآيات التي أوردتها آنفاً، تدعمها وجود تلك المنظومة المتشابكة من العقد النفسية. كما أن هناك اختياراً آخر قائماً على الأمل والطمع بهدايتهم وتغيرهم من حالهم التي هم عليها اليوم من الانحراف عن الدين الحق والحقد والتكفير والتعصب الطائفي إلى ما هو أفضل، بصرف النظر عن درجة التغير: جزئية كانت أم كلية. وفي هذه الحال نطرح التساؤل التالي: كيف السبيل إلى ذلك؟ وقد فشلت جميع المحاولات السابقة، ما عدا تجربة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي عليه رحمة الله . لكن هذه التجربة حصلت من موقع القوة والتمكين، ونحن اليوم لا نمتلك هذا الموقع؛ فالقياس عليها لا يصح إلا إذا كنا ننطلق من الموقع نفسه؛ فنترك مناقشة التجربة إلى حين ذاك، وما هو على الله ببعيد، واضعين في الحسبان جميع العوامل الداخلة في معادلة التغيير، ومنها اختلاف طبائع الشعوب التي تجري عليها التجربة. لكن قد يقول قائل: إن هذه التجربة تشير إلى أن التغيير لا يتم إلا من خلال سلطة قوية راشدة ؛ فلا أمل بالتغيير ونحن على غير هذه الحال. فأقول: قد عدنا إلى ما قررناه قبل قليل من وجوب إعادة الحساب إذا كان الرأي قد استقر على خيار اليأس من بلوغ الهدف. لكنني الآن بصدد الكلام عن الخيار أو الاحتمال الآخر، وهو الأمل أو الطمع بهدايتهم، تدعمه تجربة دعوية أفلحت في إحداث تغيير ملحوظ إلى درجة يمكن أن نمنحه بها النجاح. تلك التجربة التي حصلت في ناحية (جْبلة) أو مشروع المسيب الكبير التابعة لقضاء المحاويل في محافظة بابل. وهي تجربة تحتاج إلى دراسة خاصة نتعرف بها على الآلية التي تم بها التغيير، والظروف والعوامل الخاصة والعامة التي خدمت أو أعاقت ذلك التغيير، حتى نخرج بنتيجة تخدمنا في تقرير كونها إما حالة خاصة لا نستطيع تعميمها، أو أنها حالة قابلة للتعميم والتكرار في مكان آخر. وليس هذا الكتاب محلاً لهذه الدراسة، ولا أحتاجها هنا ضرورة ؛ لأني أناقش الموضوع بناءً على الاحتمالين. فأقول:


آثار العقد الفارسية على الأساليب الدعوية
إذا رجعنا إلى أول الكتاب واستحضرنا العقد النفسية التي تعاني منها مجتمعات التشيع الفارسي فإن هذا يضع أصابعنا على جملة من المؤشرات أهمها:
إن عقدة النقص من خلال عقدة السيد أو الاستعلاء الناتجة عنها تجعل أي محاولة للتقرب يبذلها الآخر ينظر إليها الشيعي على أنها تعبير عن الضعف؛ فلا المجاملات ولا المداهنات تنفع معهم، بل إنها لا تزيدهم إلا اقتناعاً بما هم عليه من باطل، وبعداً عما ندعوهم إليه من التقارب والتصالح والتفاهم. إنهم لا يلجأون إلى هذه الأساليب إلا في حالة الضعف، وهذا يجعلهم لا يفهمون صدور مثلها عن الآخر إلا إذا كان فعله نابعاً عن هذا الهاجس. أما عقدة الشك والتوجس فتمنع إضفاء أية مصداقية على ما يصدر من فعل إيجابي في حقه. وبـ(إسقاط) صفة الخداع مع الكذب لا يرى أي تصرف حسن إلا على أنه مكر ومخادعة. كما أنه يقوم بـ(إسقاط) صفاته على الآخر فينتج لديه – عن طريق التماهي الإسقاطي - ازدراء واحتقار ونفور ضد كل من يقوم بمراسيم التقريب تجاهه. وتكمل المنظومة بدخول عقدة اللؤم وإنكار الجميل في المعادلة ليتبخر أثر الإحسان مادياً كان أم معنوياً، بل ليتحول إلى سبب من أسباب الكره والنفرة تجاه المحسن. نعم قد ينفع الإحسان المادي مع الأفراد، لكنه على مستوى المجموع لا أثر له. بل إنه يجلب المشاكل لسبب أو آخر، ومن جرب عرف. والتجارب الكثيرة شاهد لا يكذب: لقد ذهبت آلاف رؤوس الأغنام لحوماً للأضاحي، ومئات أطنان الرز والطحين الأبيض والدهون والأطعمة والألبسة هباءاً منثوراً في محافظات الجنوب، لقد كانوا يزدحمون أفواجاً أفواجاً على أبواب المساجد السنية من أجل استلام حصصهم من المساعدات، حتى إذا أخذوها صاروا يتلمظون قائلين: (وهابية، نواصب كفرة، أوقافية، عملاء الدولة...). وبسبب الشعور العميق بالغبن والمظلومية فإنهم لا ينظرون إلى أي إحسان يحصلون عليه إلا على أنه حق من حقوقهم الكثيرة المغتصبة استردوه من غاصبيه؛ فلا فضل لأحد عليهم فيه. لقد اغتصب الشيعة العشرات من مساجد أهل السنة، وحين فاتح وفد هيئة علماء المسلمين بموضوعها أحد الذين تولوا كبر هذه الجريمة، وهو محمد سعيد الحكيم، كان جوابه: كم هو عدد تلك المساجد؟ ثم قال مستهزئاً: فقط ؟! إن حقنا هو أن نناصفكم المساجد التي بنيتموها في العراق جميعا !.وكذلك أجاب الصعلوك مقتدى.


لا فائدة من الأساليب الترضوية
وعليه فإن التغني الزائد بموضوع (النسب والمصاهرة) بين الصحابة وأهل البيت، والمديح الزائد لشخوص البيت العلوي، والطعن الساذج في البيت العباسي أو الأموي. وعبارات مثل: الإمام، وكرم الله وجهه، وعليه السلام، والآل أو أهل البيت الأطهار والصحب الأبرار، وآله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين، وإخواننا الشيعة، وديننا واحد وعقيدتنا واحدة، وإيران الجارة والدولة المسلمة، والترحم على رؤوس الكفر والضلالة من مثل الخميني الدجال إلى آخر الجوقة الكهنوتية التي أقل ما تعتقده وتصرح به تكفير الصحابة وسبهم على رؤوس الملأ. الخ... كل هذا لا فائدة ترتجى من ورائه سوى ما قلته عن آثار المجاملة والإحسان المنعكسة عن النفسية المعقدة لدى الشيعي. مع مزيد من الوهن والانهزام في صفوف أهل السنة1. ألا ما أبعدنا عن الحقائق التي أجهد علماء النفس في اكتشافها وتثبيتها! هل تعلم أن سلوك المرء يتوقف دائماً على كيفية إدراكه: صواباً كان أم خطأً ؟ خذ هذه الملاحظة البسيطة: قد يستجيب المرء لابتسامة شخص بالغضب إن ظنها ابتسامة سخرية، بينما قد لا تكون في الواقع
كذلك2. وقِسّ.
ولقد قلنا هذا وأكثر!فماذا كانت النتيجة؟ إدخال المحتل إلى بلادنا، ومعاونته من أجل البقاء في أرضنا، وتقديم كل العون له من قتل ومطاردة أهل السنة والتعذيب الوحشي في السجون، وثقب الرؤوس بـ(الدريل، أو المثقاب الكهربائي) وقلع الأظافر والعيون، والحرق بالنار والتيزاب. ولم يسلم منهم حتى الترضويون


المجاملون! بل كانوا أول ضحاياهم! ولو شئت لسميت، ولكن الستر هنا أولى.
إن أساليب عباس السيسي رحمه الله، وجميع الأساليب الدعوية المصرية الجميلة - وما تأثر بها فوضع على غرارها من أساليب - فشلت في علاج التشيع عندنا، لا لخلل فيها من حيث الموضوع، ولكن لكونها وضعت أصلاً في أجواء سنية سوية، فهي لا تصلح للتطبيق في سواها من الأجواء ما لم نُجر عليها التحويرات المناسبة لنفسية منحرفة معقدة.


الأسلوب الشمولي في الخطاب القرآني
لقد انشغلنا بهذه الأساليب التقليدية المستوردة، وما شابهها من النسخ التقليدية المجردة، الجامدة على لون واحد لا يرى أمامه من آيات الكتاب سوى قوله تعالى: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طـه:44). انشغلنا بهذا عن الأسلوب القرآني الشمولي والمنوع حسب الجهة المخاطبة، وحسب الحال التي يتم في إطارها الخطاب. انظر إليه كيف يخاطب الحبيب محمداً  فيقول له موجهاً ومصححاً: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة:43). لكنه يشتد أحياناً فيقول له: (لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (الأنفال:68). ويقول: (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى*وَهُوَ يَخْشَى*فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى*كَلاْ) (عبس:8-11). فلم يجمد الخطاب الإلهي معه  على لهجة واحدة، وهو من هو في منزلته وقربه من الله !
وفرّق في أسلوب مخاطبة (الآخر) بين الملتزم بحدود الأدب وبين من ظلم منهم فتجاوز تلك الحدود، فقال تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (العنكبوت:46). واشتد في مخاطبة اليهود أكثر من النصارى حتى قال: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)(المائدة:82).المشكلة أن أهل السنة تمسكوا بأسلوب (أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً) وتركوا أسلوب (أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً).أما المنافقون فقد اشتدت لهجة الخطاب معهم فلم تقِلَّ عنها مع اليهود حتى قال فيهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا)(النساء:145).
تأمل هذا التنوع القرآني الإلهي في أسلوب الخطاب ليونة وشدة، وقارن بينه وبين الأسلوب الانهزامي الترضوي الجامد على نسق واحد هو التلطف والتلين، متستراً على سوأته بإضفاء تسمية شرعية جذابة عليه هي (الحكمة)! ومع من؟ مع الشيعة أشباه المنافقين واليهود! بل الغريب أنه كلما اشتد الشيعة لان السنة، وزادوا من عروض تنازلاتهم!


الهزيمة النفسية لدى أهل السنة تجاه الشيعة
أرى أن أهل السنة يعانون من هزيمة نفسية تكتسح جمهورهم أمام الشيعة. تتمثل هذه الهزيمة في مظاهر كثيرة منها: اتخاذ موقف الدفاع وليس الهجوم تجاه المسائل الخلافية. فمثلاً حين يهجم الشيعي متهماً إياهم بكره (أهل البيت) تجدهم يتوقفون عند دفع التهمة مع التظاهر بالحب الطاغي لهم من خلال العبارات الترضوية الزائدة عن الحد في مدحهم والثناء عليهم. ولا يتجاوزون ذلك إلى الهجوم باتهام الشيعة بكره الصحابة وتكفيرهم، بل الإساءة إلى أهل البيت أنفسهم، وجعل هذا هو القضية، وليست كره أهل البيت الذي هو مجرد أسطورة لا أثارة من دليل أو شبهِهِ عليها. لقد نجح الشيعة في اختلاق قضية من العدم، بينما فشلنا في تثبيت قضية تشهد لها كل معطيات الواقع والتاريخ!
ومن مظاهر الهزيمة النفسية توقف المنابر - وحتى المؤلفات والنشرات والصحف - الذي يكاد يكون تاماً عن انتقاد عقائد الشيعة، وممارساتهم العملية، وفضحها على رؤوس الملأ، كالإمامة والعصمة والتحريف وتكفير الأمة وسب الصحابة والتقية والمتعة والزيارة الخ...ما جعلهم يتجرأون في طرحها ونشرها، ورسّخها أكثر في أوساطهم، بل صارت تزحف إلى محيط أهل السنة الذين فقد جمهورهم الحساسية تجاهها.
ومن مظاهرها بحث الكثير من علماء أهل السنة وكتابهم والناطقين باسمهم عن صلات وعلاقات قربى بين العقائد والشعائر المختلفة عند الفريقين. فبينما تجد نعمة الله الجزائري يقول بكل ثقة وعنجهية ووقاحة فارسية: (إنا لم نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك لأنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد rنبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا)!1. ولم يردها أو ينكرها عليه أحد من الشيعة. بل هو موضع تبجيل وتقديس لديهم. وتجد محمد حسين فضل الله الذي يتظاهر بالتسامح والدعوة إلى تقريب المذاهب، لا يجيز التعبد بمذاهب أهل السنة، ويجيب سائلاً يسأل: هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟ فيقول: لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة)2 ! تجد الكثير من علمائنا يكيلون العبارات التقريبية جزافاً من مثل: دينا واحد ونبينا واحد وعقيدتنا واحدة، حتى أجازوا التعبد بالفقه الشيعي الذي أسموه جهلاً أو تجاهلاً بالفقه أو المذهب الجعفري! ومنهم من



قال: إننا متفقون في أكثر من 95%من المسائل الفقهية والاعتقادية! ومن هذا الصنف شيخ عراقي مشهور سئل في فضائية دبي في برنامج (الكلمة وأخواتها): عن حكم سب الصحابة؟ فأجاب: من سب أهل البيت فهو كافر، ومن سب الصحابة فهو فاسق!! الشيخ هذا نفسه كان يصرخ من فوق منبر جامع أبي حنيفة في أول خطبة جمعة بعد الاحتلال في بغداد، وذلك في 18/4/2003: (بيّض الله وجوه الشيعة) وقد كررها ثلاثاً! ولا أدري علام يبيض الله وجوه الشيعة: أعلى عمالتهم وممالأتهم للغزاة؟ أم على نهب البلد وتخريبه وإحراقه؟ أم على أي شيء ذلك يكون؟! أخبروني مأجورين؛ فأنا لا أدري! سوى أن هذا هو ديدن الترضويين في كل زمان ومكان.
وإن أنس لا أنس حين ذهبنا بعدها بأسبوع واحد لا غير، وذلك يوم الجمعة 25/4/2003 إلى اجتماع كبير دعي إليه أئمة مساجد أهل السنة للاجتماع بأحد الوجوه السنية البارزة، ومقدم كبير في الحزب الإسلامي، والاستماع إلى توجيهاته القيمة من أجل رسم الخطوط البارزة للسياسة الحكيمة التي ينبغي أن ينتهجها الشيوخ والدعاة في تلك المرحلة الحرجة التي تجد الحليم فيها حيران لا يدري أين يضع قدمه! وكان مما قاله (علينا بتكوين مرجعية لأهل السنة). هل تستطيع أن تحزر أيها القارئ لماذا؟ (مرجعية مؤهلة لأن تجلس أمام المرجعية الشيعية)!!! ثم أردف وهو يشير إلى القاعة المكتظة بحشود الحاضرين قياماً وقعوداً وقد فاضت بهم فاضطر الكثيرون إلى التجمع خارجها: (من منا مؤهل لأن يجلس أمام المرجعية الشيعية؟ أهؤلاء الشباب؟!)!!! نعم! المهزوم لا يرى في أتباعه إلا صورة نفسه المهزومة المأزومة؛ فهو لا يثق بهم، ولا يحترمهم. جموع حاشدة بالمئات لا يرى فيها أخونا واحداً يصلح للجلوس أمام من؟ مرجعية خائبة، خانعة تافهة، لا تجيد غير التكبر الفارغ على الآخرين لا سيما المهزومين! أي هزيمة تجتاح نفوس (قادتنا)! وهل ينتصر مجموع مهما بلغ من الشجاعة والحكمة إذا كان يقوده أمثال هؤلاء المهزومين المأزومين؟!


لا تناقض بين الشجاعة الفردية والهزيمة النفسية الجمعية
رأيت الكثيرين - عندما تتحدث لهم عن هذا الوباء المتفشي في صفوفنا - يحاولون بكل الطرق نفي وجوده كما ينفي المجرم التهمة عن نفسه، لا سيما حين يصل الأمر إلى تسمية بعض الأشخاص المعروفين ووصمهم بالهزيمة النفسية محتجين بشجاعتهم، ومستشهدين بمواقف تثبت هذه الشجاعة. وهذا يعبر عن قلة إحاطة بعلم النفس. لقد مر بنا في موضوع مصطلحات علم النفس أن العقدة (استعداد نفسي لا شعوري مكبوت يقسر الفرد على ضروب شاذة من السلوك الظاهر والشعور والتفكير). والهزيمة النفسية عبارة عن عقدة فهي مترسبة في (اللاوعي أو الخافية) تجعل صاحبها يتصرف بشكل لا شعوري تصرفات لا تتناسب وحجمه أو عمره أو شخصيته، ما لم يمنع من ذلك موانع قاهرة تؤدي به إلى مزيد من الاضطراب. فمثلاً تجد رجلاً يخاف من حشرة معينة أو زاحف من الزواحف كالأفعى أو سام أبرص (أبي بريص) ولا يحتمل التقرب منه، بينما تجده لا يهاب الموت إذا استدعى الموقف. وتجد آخر لا يطيق النوم وحده في بيت خالٍ مظلم، ويخاف أن يخرج يده من تحت الغطاء. وثالثاً يخشى النظر من الأسطح العالية، أو ركوب الطائرة، أو (دولاب الهواء) في حدائق الألعاب. ولا علاقة لكل هذا بالشجاعة من عدمها. لقد ظل عمر بن الخطاب  يخطب في جموع العرب من الصحابة وغيرهم ثلاثة أيام من أجل التطوع لحرب الفرس، فما تقدم منهم أحد! حتى إذا كان اليوم الثالث غضب منهم غضباً شديداً وصار يعنفهم، فكان أولَ من حمي أنفه منهم أبو عبيد الثقفي الذي صاح من وسط الصفوف المحتشدة: (أنا لها أنا لها) فقال له عمر: (لقد وليتك). بينما كان هؤلاء أنفسهم يتدافعون إلى حرب الروم. أوَ يشك أحد في شجاعة أبي عبيد؟ أم في شجاعة أحد من الصحابة وعموم العرب؟ ولكنها العقدة النفسية المتراكمة تجاه الفرس من طول ما عانوا من أذاهم ومكرهم وغدرهم وفتكهم. وقد توارثنا نحن هذه العقدة، التي لم تزدها الأيام إلا رسوخاً.
وليكن معلوماً أننا أمام عقدة نفسية جماعية، وليست فردية. فإذا عرفنا أن الفرد عادة ما تذوب صفاته في وسط المجموع أو الجمهور، وتتشكل نفسيته حينما يواجه موقفاً جماعياً تشكلاً جديداً يتقمص أو يتماهى به مع نفسية المجموع، فيمسي تصرفه معبراً عن النفسية الجمعية أكثر مما يعبر عن أصل خصائصه النفسية الذاتية، التي تبرز في المواقف الفردية. أقول: إذا عرفنا هذا عرفنا أن لا تناقض بين شجاعة الفرد وبين كونه يعاني من عقدة خوف أو هزيمة نفسية تجاه أمر ما. فالشجاعة صفة فردية تعبر عن نفسها إما في المواقف الفردية، وإما في المواقف الجماعية تجاه تحدٍ لا يعاني المجموع إزاءه من الهزيمة: كالموقف من الغزو الغربي عموماً والاحتلال الأمريكي لبلادنا خصوصاً. أما التحديات التي يشعر المجموع إزاءها بالهزيمة فعادة ما يتصرف الفرد تجاهها طبقاً للنفسية الجمعية، يدفعه إلى ذلك ترسبات الهزيمة في خافيّته (= لا شعوره) الخاصة به. ولا يجد غضاضة في ذلك ما دام يتصرف ضمن المجموع. إن الجو الجمعي يتلاشى فيه وقع التصرفات المعيبة. فقد ينهزم الفرد مع المنهزمين في ميدان المعركة إذا كان جندياً من الجنود، لكنه ربما لا ينهزم لو كان في موقع القائد. وقد يبكي الشخص مع جموع الباكين، لكنه قد لا يبكي لو كان الموقف يحسب عليه وحده. والعكس صحيح: فإن الجبان في وسط الجمهور الزاحف يبدو وكأن صفته قد اختفت فصار يتصرف كما يتصرف الشجاع؛ لأنه يتصرف بالصفة الجمعية للجمهور1. ومعروف في أوساطنا الشعبية


أن (ابن الأصول) - أو ابن الحَمولة كما في لهجتنا الدارجة – لا ينحرف كما ينحرف المنبتر عن أصله وعشيرته. والسبب استحضاره – في اللحظة والموقف المعين - للعناصر الجمعية للعشيرة أو العائلة المعروفة التي ينتمي إليها. وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في كون عقوبة الجارية الزانية على النصف من عقوبة الحرة، كما قال تعالى: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) (النساء:25). وشبيه به ما جاء عن هند بنت عتبة رضي الله عنها أنها قالت : (أو تزني الحرة يا رسول الله؟).
أيها الشجعان! إنكم مصابون بعقدة (الرُّهاب) من الفرس وورثتهم أصحاب التشيع الفارسي. فبادروا إلى علاجها يرحمكم الله.


المهزوم لا يأتي بحل
في لمحة سريعة للدكتور نوري المرادي وهو يتكلم في برنامج (الاتجاه المعاكس)
يوم 24/11/2004 عن مؤتمر (شرم الشيخ) الخاص بمحاولة رسم خطوط عامة لحل مشكلة العراق. في هذه اللمحة تظهر لنا حقيقة عظيمة ما أحرانا أن نقف عندها ! قال
د. المرادي: (جميع الحكام مهزومون نفسياً. والمهزوم نفسياً لا يستطيع أن يأتي بحل.
وإن أتى، فهو انعكاس لهزيمته النفسية).
إن هذا يقودنا إلى البحث عن علاج آخر مخالف تماماً للعلاجات المطروحة في الساحة؛ فهي جميعاً ليست أكثر من انعكاس للهزيمة النفسية التي يعاني منها أصحاب تلك الطروحات المهزومة. وعن علاج ناجع لهذه الهزيمة النفسية الشائعة كالوباء في أوساطنا.


دواء واحد فقط للعلاج
عندما تجمع في صفحة واحدة بين عقدة النقص عند مجموع الرافضة، والهزيمة النفسية عند مجموع أهل السنة تجد أن الوصفة الأفضل لعلاجهما دواء واحد يصلح لكليهما مرة واحدة، ولا حاجة لتعدد الأدوية وتشتيتها.
بعض المتحذلقين يحاول أن يتفلسف فيقول: لا بد من الاحتواء أولاً ثم الاختراق ثانياً. وما هذا إلا التفاف على العمل الجاد من أجل العلاج، ورجوع إلى نقطة الصفر، يعبر عن هزيمة مقنّعة لا تدع صاحبها يضع خطوة صحيحة على الطريق. وذلك تجنباً لمخاطره


وهرباً من تكاليفه. والحقيقة أنه لا يريد غير المضي في طريق الاحتواء، الذي لا يعني غير المجاملة أو المداهنة، والابتعاد عن طريق ذات الشوكة.إن العقل اللاواعي المهزوم يدرك أن العمر ينفد قبل الوصول إلى نقطة النهاية في طريق الاحتواء، وأن النقطة المؤدية إلى طريق الاختراق بعيدة وليست في حدود دائرة النظر. إنه المنهج الترضوي بثوب جديد! والإسلام لا يعرف هذه الفلسفة.
لا تستغرب من هذا أيها الأخ الباحث عن الحقيقة! فقد مر الصحابة بمثل هذه الحال، ورصدها القرآن فسجلها في قوله تعالى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (الأنفال:5-8).لكن الصحابة سرعان ما أفاقوا ونهضوا ليتخلصوا من عوارض الوهن، ونحن لا زلنا في وهننا سادرين، لولا بوادر الوعي التي اجتاحت محيطنا أخيراً بسبب انكشاف الأمور على حقيقتها، حين اصطف عامة الشيعة – إلا القلة من الأصلاء منهم - مع المحتلين، وكشروا عن وجههم الطائفي البغيض، فصار يراه الناس أجمعين. لكننا نخشى عند استقرار الأمورأن ينسى الناس ما تكشف لهم من حقائق، ويعودوا إلى ما كانوا عليه من الصمت والمجاملة ومراسيم التقرب والتقريب، لا سيما وكثير من الترضويين أو المتسيسين لا زالوا على أصنامهم الأولى عاكفين.


ب. الأساليب والمبادئ

1. الخطاب القوي هو الدواء
ذكرت قبل قليل أن عقدة النقص عند الشيعي تجعل أي محاولة للتقرب منه يبذلها الآخر ينظر إليها على أنها تعبير عن الضعف. كما أن عقدة السيد أو الاستعلاء الناتجة عنها تجعله لا يعير اهتماماً لأي خطاب لين، أو تبدو عليه أية علامة تفسر لديه على أنها إشارة ضعف. إن السيد لا يحترم إلا سيداً مثله، ولا يستجيب لخطاب العبد بما يليق بمقام السادة. فإذا كنت محترماً فعليك أن تعامله بما يُفهمه أنك سيد بكل معاني الكلمة. أما المتسيد - وهو صاحب عقدة النقص – فلا يحترم إلا من يذله، ولا يشفيه إلا خطاب فوقي يشعره أن الآخر يستحق ليس الاحترام فحسب، وإنما السيادة عليه، والمتبوعية في العلاقة المتبادلة. هكذا يتعامل سادة الشيعة وعلماؤهم مع جمهورهم وعامتهم. وبهذه الطريقة فرضوا عليهم احترامهم ومتبوعيتهم. إن الشيعي يتذلل لـ(رجل الدين) عندهم، ويخضع له خضوعاً عجيباً إلى حد أنه يجلس بين يديه بكل خشوع ليسلمه أمواله ثم يقبل يده وهو يسلمه تلك الأموال، وينفذ أوامره بلا نقاش. ويهدي إليه ابنته كنذر، ليتزوجها بلا مهر! الواقع أن سادة الشيعة وكبراءهم لا يحترمون أتباعهم، بل يستهينون بهم ويتعالون عليهم. وبهذا فرضوا احترامهم وطاعتهم العمياء لهم! وما مثلهم ومثل شيعتهم إلا كمثل فرعون وقومه الذين قال الله عز وجل فيهم: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ) (الزخرف:54)، ومثل اليهود والنصارى مع أحبارهم ورهبانهم الذين قال الله فيهم: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) (التوبة:31).
الخطاب الصريح القوي وحده هو الذي يمكن أن ينفذ إلى عقول هؤلاء، ويلفت انتباهم، ويحظى عندهم بالتقدير والاحترام. وما دونه لا يفسر إلا على أنه علامة ضعف، وكذب وزيف. على أن يستمر هذا الخطاب على قاعدة (الطرق المستمر)، ويسير في اتجاهين:
[LIST=1][*] أولهما: كشف ما عليه التشيع من باطل في العقائد والشرائع، والتاريخ والواقع، وأخلاق وأحوال المتسيدين والمتفقهين والمراجع. وفضح أصله الفارسي، وعلاقته بإيران بداية ووهدفاً وغاية. وهذا يقدم في الطرح على الاتجاه الثاني وهو:[*] بيان الحق المقابل، ودعوتهم إليه. مع التأكيد بوضوع على أنهم ليسوا على شيء حتى يتركوا ما هم عليه، ويقيموا الحق والدين الصحيح.[/LIST] هذا بالنسبة لجمهور الشيعة.
وأما جمهور السنة فإن الخطاب المجامل والضعيف للشيعة لا يزيد أهل السنة إلا انهزاماً ووهناً. إنهم بأمس الحاجة إلى خطاب قوي مدوٍّ ، وقيادات قوية تتقدم صفوفهم، وهي تكشف - بصراحة تامة، ودون تردد أو تلعثم - زيف التشيع، وخطورة المؤامرة الشعوبية، وتعرض الحق والبديل الصحيح بوضوح تام ولو كره المجرمون.
هذا هو السبيل الوحيد لعلاج الأزمة النفسية التي يعانون منها، وإعادة الثقة إلى نفوسهم، والطريقة الوحيدة التي بها تنطلق قواهم وتتفجر طاقاتهم. وهذا هو الذي قصدته بقولي: إن دواءاً واحداً نحتاجه لعلاج الحالتين، ولا داعي للتفلسف وتعدد الأدوية.


2. فصل جمهور الشيعة عن مراجعهم
هذا من أهم الأساليب الجماعية في علاج التشيع الفارسي. وأظنه يمثل نصف المسافة في طريق العلاج. أو نصف جهد العمل كله.
لقد حصلت الانعطافة الكبرى في مسيرة التشيع بعد القرن الثالث الهجري عندما تمكن زنادقة الفرس - في غيبة الأئمة الكبار من رجال أهل البيت وغيرهم من علماء الأمة - من قيادته والإمساك بزمامه. ولبسوا لذلك العمامة الدينية، وتلبسوا بالزي الديني، وتظاهروا بحب أهل البيت والتباكي عليهم. لقد كان وجود رجل بزي عالم يروي رواية، أو ينشر فكرة، أو يبتدع بدعة ينسبها إلى محمد الباقر أو جعفر الصادق أو غيرهما من أئمة أهل البيت مجرد نسبة يكفي تماماً عند كثير من العوام لقبول ذلك كله مهما كان مخالفاً للمنقول أو مناقضاً للمعقول. وهكذا تمكنوا من تحويل التشيع من مساره إلى دين قائم بذاته أريد له أن يكون هو البديل عن الدين الذي جاء به النبي محمد . فكان ذلك إيذاناً بحدوث الانحراف الخطير في تاريخ التشيع: فقد تحول إلى دين قائم بذاته أصولاً وفروعاً، عقيدة وشريعة وأخلاقاً وسلوكاً1.
العلاج يمكن أن يتم باتباع الطريقة نفسها، ولكن بمضمون صحيح. وذلك بأن يستلم
زمام قيادة التشيع علماء صادقون، ودعاة جادون يلبسون الزي نفسه الذي به قاد المزورون جمهور الشيعة. ويقومون بإزاحة أولئك الدجاجلة المزورين شيئاً فشيئاً، وطردهم من مواقعهم في قيادة المسيرة. ولست ممن يستعجل النتائج، فقد صبر زنادقة الفرس بضعة قرون، أفلا يصبر دعاة الحق بضعة عقود ليحصدوا ثمار جهودهم؟
أما الشروط المطلوب توفرها في هؤلاء العلماء والدعاة فهي:
[LIST=1][*]عقيدة سليمة [*]إيمان صادق[*]حب الصحابة[*]حب الوطن والاستعداد التام للدفاع عنه[*]حب العرب وتبني مبدأ العروبة[*]معاداة الشعوبية والشعوبيين[*]معرفة كافية بالعجم ودسائسهم[*] تبني القرآن الكريم مصدراً لأمهات العقائد والشرائع[*]الاحترام الكامل لبقية المسلمين[*]رفع السب واللعن عن جميع رموز الأمة من الصحابة فمن دونهم. [*]إعادة النظر في كل التراث المنسوب إلى أهل البيت، وتنقيته على أسس علمية صحيحة.[*]أن لا تكون لهم تبعية للرموز الحوزوية. ولا يعتمدون عند الظهور فـي موثوقيتهم لدى الجمهور على تزكيتها، بل يُظهرون مخالفتها، ويعملون على تسقيطها، [/LIST] واستلام المبادرة لتكوين مرجعية عربية، تكون هي الأساس والمرجع في التوثيق والتجريح.
[LIST=1][*] أن يكونوا ممن أثبتت الشواهد والاختبار والتجربة صدقهم وموثوقيتهم.[/LIST] قد يقول قائل: ما الفرق بين هؤلاء وبين أهل السنة؟ وأقول: ومن قال: إن هناك فرقاً مؤثراً بين التشيع الأصيل والتسنن؟ نحن نريد الرجوع بالتشيع إلى أصله، وهو حب أهل البيت الذي هو أحد مفردات السنة. ثم لا بأس أن يزيد عند البعض فيتميزوا به عن


غيرهم - دون الوقوع في محظور الغلو - فنسميهم شيعة. هؤلاء هم إخواننا الذين نأمل أن يعودوا بالتشيع إلى أصله الصحيح، ويعيدوا له وجهه المشرق القديم بعد أن سوده أساطين التشيع الفارسي، والجهلة المخدوعون من جمهور المتشيعين.
يحتاج هذا إلى مهاجمة رؤوس باطل التشيع الفارسي، وتسقيطهم من خلال فضح عقائدهم وبدعهم، وسلوكهم وسوءات أخلاقهم، وهي كثيرة. وهذا منهج قرآني أعرضنا عنه فخسرنا كثيراً. انظر كيف هاجم القرآن المرجعية الباطلة كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة:34)وقال: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31). وقال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة:5).
ومن هذا الباب تنديده بأبي لهب مشخصاً إياه بالاسم فقال: (تَبَّتْ يَدَاأَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) إلى آخر سورة (المسد). وذكر مرجعيات للكفر أخرى لكنه اكتفى بذكر الأوصاف الدالة دون الاسم كما في قوله: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ *أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (القلم:10-16). وقوله: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى) (العلق:9-10). وقوله: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً) إلى قوله: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (المدثر:11-26)، وغيرها من الآيات كثير.


3. فضح تعلق الشيعة المزيف بـ(أهل البيت)
لا تجد جماعة مبطلة إلا وتتعلق برمز صالح من الأقدمين، تنتسب إليه، وتستمد مشروعيتها من هذا الانتساب المزور. إن فضح هذا الزيف ضرورة من ضرورات إضعاف أهل الباطل؛ لأنه يسحب بساط المشروعية التي يعتاشون عليها، ويستمدون بقاءهم واستمرارهم من خلالها. لذا يؤكد القرآن الكريم على قطع هذه الصلة بين أهل الباطل ورموزهم الصالحة التي يدّعون الانتساب إليها من الأنبياء وغيرهم من الصالحين. كما قال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67). وقال: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران:68).
إن الشيعة والتشيع يعتمد في بقائه على ادعائه الانتساب إلى (أهل البيت)، ويستمد قوته وأسباب وجوده واستمراره من هذه الدعوى. فتجريده منها يسحب البساط من تحته، ويظهر وجهه الكالح على حقيقته. أما الاقتصار على مدح علي tفهو اعتراف ضمني بصحة تلك النسبة المزيفة. إنه عبث آن الأوان لأن نضرب على يد أولئك الحمقى المنهزمين كي ينتهوا عنه.


4. بيان بطلان (خمس المكاسب)
لو أردت تلخيص التشيع بجملة واحدة لقلت: (دين فاسد وخمس مكاسب). وإذا شبهنا التشيع بالبناء فإن (الخمس) هو أساسه الذي لا يمكن بدونه أن يبنى وتستقر أركانه. إن هذا الدين الفاسد ما كان له أن يقوم لولا تلك الأموال الطائلة التي يستولي عليها كهنة التشيع باسم (الخمس) و(الحقوق الشرعية) وما شابه من المسميات الباطلة. إذن فضح ممارسات أولئك الكهنة في هذه القضية، وكشف زيفها وعدم استنادها إلى أي أساس شرعي يشكل إحدى الفقرات المهمة في عمود التغيير الجماعي المنشود.
ومما يبشر بالنجاح في هذه المَهَمة أننا وجدنا إقناع العوام – بل حتى النخبة غير المستفيدة – بعدم مشروعية (الخمس) ليس بالأمر الصعب أبداً لو وجد له دعاة مثابرين؛ لكونه يرفع عن كاهلهم التزاماً مادياً مرهقاً ما كانوا يؤدونه لولا اعتقادهم الساذَج بمشروعيته ووجوبه. إن حب المال مركوز في فطرة الإنسان؛ فلا يمكن أن يتخلى عما في يده إلا لدافع قوي كالوجوب الشرعي، فإذا انهار هذا الدافع تخلى عن الدفع. وقد أشار القرآن إلى أصل هذه الحقيقة بقوله تعالى: (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ) (محمد:36،37).وقد جربنا ذلك في الواقع فوجدنا سهولة واضحة في تخلي الشيعي عن قناعته بمشروعية (الخمس) أكثر بكثير من إقناعه ببطلان أصول عقيدتهم كـ(العصمة) و(الإمامة) وزيارة المراقد، بل وكثير من فرعيات بدعهم. وهذا يشكل لنا مدخلاً مناسباً لضرب الأسس الأخرى للتشيع الفارسي، فإن اهتزاز القناعة بأي مسألة يثير الشك – ولا بد – في بقية المسائل.


4. اتباع كل الوسائل الجماعية الأخرى
ليكن معلوماً أن هذا الكتاب موضوع لرسم المنهج المطلوب بخطوطه أو مبادئه العامة. وليس هو موضوعاً للحديث عن العلاج بمسائله التفصيلية؛ فإن هذه جزئيات تتغير بتغير الواقع؛ ولا نحتاج لها إلا عندما نبدأ بالتحرك للتطبيق حسب الظرف أو الواقع المعين. وهنا يجتمع أهل الحل والعقد من غير الترضويين ليضعوا العلاج في ضوء تلك الخطوط والمبادئ العامة. وإذا كان هناك من شيء يضاف هنا فأقول: علينا باتباع كل وسيلة تغييرية جماعية حتى لو كانت هي الهجرة أو التهجير.
ولا أرى العراق يستقر على حال ما دامت بغداد منتشراً فيها سرطان الشيعة الذي كان السبب الأول في سقوطها بيد الغزاة الأمريكان، والسبب الأول في إطالة أمد بقائهم، من خلال الاستحواذ عليهم ومنعهم من المؤمنين. والحل الأمثل هو برجوع بغداد إلى حالها الأول، وإخراج الوافدين العملاء منها إلى جحورهم القديمة.
ولمن كبر عليه وقع هذا الكلام أقول: قد استعمل الرسول الأكرم  هذا الأسلوب فقد أجلى اليهود أكثر من مرة كلما نقضوا العهد، أو اصطفوا مع الغازي الخارجي ضد وطنهم. فأجلى بني قينقاع وبني النضير وغيرهم، وأباد بني قريظة عن آخرهم حين ارتكبوا الخيانة العظمى فتآمروا مع الغزاة، وجلبوهم ليحتلوا المدينة المنورة دولة الإسلام الأولى المصغرة، وفي ذلك يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ*وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ*ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر:2-4).
بل جاء الأمر الإلهي صريحاً في تهجير أهل الفتن، كما قال تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلَِ) (البقرة:191).
وقال فيمن يتعرض لأمهات المؤمنين بأذى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:60-62).


هشاشة صف الخصم
يقول الاختصاصي النفساني عبد الله مصطفى ناقلاً عن البروفسور مصطفى زيور: (إن ما يجمع بين التجمعات اليهودية الإسرائيلية بالرغم من اختلافها في كل شيء، إنما يتلخص بهذا التوحد بالمعتدي الذي أتاح لليهود التحول من المذلة إلى الطغيان، ومن الخنوع إلى السفاحية. لذلك يستنتج المحلل الحاجة الإسرائيلية - النفسية لممارسة العدوان. فشخصية المتوحد بالمعتدي تفقد تماسكها إن هي توقفت عنه. لأن العدوان يطمئنها، مانعاً تفجر موجات القلق والرعب فيها. وكأن لسان حالها يقول: ما دمت أنا المعتدي فلا خوف علي من الارتداد إلى ما كنت عليه يهودياً تائهاً رعديداً يفتك به الناس في كل مكان.
من هنا يمكن استنتاج هشاشة الشخصية الإسرائيلية. وعدم قدرتها على تحمل أي إحباط. كون الإحباط يصيب هذه الشخصية بالتهاوي والتفكك مهدداً بزوال الهوية الزائفة. لذلك فان القادة الإسرائيليين مجبرين على تأمين أفضل مستويات الروح المعنوية ليهودهم. وبناء على هذه الهشاشة وعدم القدرة على تحمل الإحباطات تقوم إسرائيل باعتداءات دورية غير ذات هدف محدد، سوى دعم مشاعر القدرة على العدوان وإثباتها).
وأنا أطمئن أهل السنة فأقول:
إن الشخصية الشيعية شخصية اضطهادية. تعاني من النقص والخوف والشعور بالضعف والاغتراب والقلق. لا تعرف الوسطية؛ فهي إما ذليلة خانعة مستكينة – إن هي فقدت أسباب القوة - وإما طاغية متجبرة متوحشة، متى ما شعرت أنها تمتلك سبباً من أسباب القوة. ولا تعرف التعايش مع الآخر. فإما أن تأكله، وإما أن يلجم فمها ليستمر. يجمع بينها وبين مثيلاتها – كالشخصية اليهودية – سمة (التوحد بالمعتدي). ما يعني أنها تفقد تماسكها إن هي توقفت عن العدوان، وعدم قدرتها على تحمل أي إحباط؛ لكون الإحباط يصيب هذه الشخصية بالتهاوي والتفكك والزوال؛ فما علينا إلا العمل على إيقاف ممارستها للعدوان، وعدم إعطائها الفرصة لممارسته في المستقبل.
إن هذه الشخصية غير قادرة على تحمل حالة النصر أو الهزيمة. فهي إن انتصرت اعتدت وخربت ودمرت. وإن انهزمت أحبطت وتهاوت وتفككت؛ لذا علينا أن نعمل على إلحاق الهزيمة بها، وإبقائها خائفة ضعيفة. واعلموا أنها ستتهاوى عند أول ضربة قوية؛ لأن ذلك يشعرها سريعاً بالإحباط، وهي غير قادرة على تحمل أي بادرة له. أما ما ترون من علامات القوة عندها، فالحقيقة غير ذلك. إنها انتفاشة وانتفاخ كاذب يعبر عن خواء ونقص وضعف، أكثر مما يعبر عما يتوهم المتوهمون.
وأنا أبشر نفسي وإخوتي والأمة جمعاء بقول الله تعالى فيهم وفي أمثالهم:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ * لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ * كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ* فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (الحشر:11-17).
وصدق من قال: العقائد التي يبنيها الحقد يهدمها الانتقام.
والحمد لله رب العالمين.




مصطلحات مهمة


في علم النفس والأمراض النفسية


هذه مجموعة من المصطلحات العلمية المستعملة في علم النفس والأمراض النفسية التي وردت في هذا الكتاب. عمدت إلى طرحها بأسلوب مبسط قدر الإمكان، محاولاً أن لا يبعدني ذلك كثيراً عن التفسير العلمي الفني أو الأكاديمي للمصطلح، الذي يتميز عادة بتعقيده وانغلاقه؛ ما يجعله صعب الفهم بالنسبة إلى القارئ غير المتخصص؛ فيحتاج إلى تبسيط قد يؤدي – بطبيعة الحال - إلى الخروج شيئاً ما عن المعنى العلمي الدقيق للمصطلح. وقد اعتمدت في عرضها على كتاب (التخلف الاجتماعي) للدكتور مصطفى حجازي، وكتاب (أصول علم النفس) للدكتور أحمد عزت راجح.


العقدة
Complex
استعداد نفسي لا شعوري مكبوت يقسر الفرد على ضروب شاذة من السلوك الظاهر والشعور والتفكير. مركب من ذكريات وأحداث مكبوتة مشحونة بشحنة انفعالية قوية من الذعر أو الغضب أو الكراهية أو الاشمئزاز أو الغيرة أو الإحساس الخفي بالذنب. والعقدة استعداد لا شعوري أي لا يفطن الفرد إلى وجوده ولا يعرف أصله ومنشأه، وكل ما يشعر به هو آثار العقدة في سلوكه وشعوره وجسمه: كالقلق الذي يغشاه، أو الشكوك التي تساوره، أو اضطرابات في وظائف أعضاء الجسم كالمعدة أو القلب أو التنفس.
قد تنشأ العقدة من صدمة انفعالية واحدة، أو من خبرات مؤلمة متكررة، أو من تربية في عهد الطفولة، تسرف في الكبح والتخويف أو التدليل أو التأثيم أي إشعار الطفل بأنه خاطئ مذنب من كل ما يفعل. مثل هذه التربية من شأنها أن تولد في نفسه مشاعر بغيضة بالنقص والذنب والقلق والغيرة، أو عواطف هدامة كالحقد والكراهية. وهي مشاعر وعواطف ثقيلة على النفس لا تلبث أن تكبت فتنشأ عنها عقدة أو عدة عقد. وقد تكون عناصر العقدة وملابساتها منسية نسياناً تاماً، أو جزئياً.
عقدة النقص
Inferiority complex
يشعر الفرد بالنقص حين يدرك أن بينه وبين غيره فرقاً في جسمه وقوته، أو ذكائه وعلمه، أو حالته الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها، حقيقياً كان هذا النقص أم متوهماً. إذ ليس من الضروري أن يكون بالفرد نقص حتى يتملكه هذا الشعور الذي يدركه إدراكاً مباشراً ويعترف به مع نفسه. وقد يدفع هذا الشعور صاحبه إلى التفوق والارتقاء بطريق مباشر كما يعمد ضعيف الجسم إلى تقوية بنيته، أو بطريق غير مباشر كما يفعل الطالب المتخلف في دراسته على التفوق في مجال النشاط الرياضي مثلاً.
أما عقدة النقص فتتولد حين يتعرض الفرد لمواقف كثيرة متكررة تشعره بالعجز والفشل وقلة الحيلة، مع فشله في التعويض الناجح؛ فيلجأ إلى كبت شعوره أي إلى إنكار وجوده، بل وإلى عدم الاعتراف بما لديه من عيوب فعلية. ويلجأ كذلك إلى التعويض الوهمي، كأن يصاب بمرض نفسي كالهستريا يتخذه عذراً وجيهاً عن عجزه ونقصه؛ إذ لو لم يكن مريضاً لما عرف العجز إليه سبيلاً، بل لتفوق على غيره. وهكذا يعفوه المرض من لوم الناس، بل من لوم نفسه. أو يلجأ إلى الدعاوى الفارغة وأوهام العظمة.
والمصاب بعقدة النقص كل ما يذكره بالنقص يحمله على الفور وبطريقة تلقائية على الدفاع عن نفسه بأن يستجيب بعنف.


التعويض الزائد
Overcompensation
التعويض هو كل محاولة لإخفاء نقص أو التغلب عليه. وكثيراً ما يكون التعويض ستراً للنقص لا التماساً للقوة وإصلاح العيب. وقد يطلق التعويض على كل محاولة للتحرر من الشعور بالنقص؛ لذا فقد يعتبر التبرير والإسقاط وأحلام اليقظة والعدوان على الغير مثلاً صوراً من التعويض لكنه تعويض فاشل.
أما التعويض الزائد فهو مهاجمة النقص بعنف بما يؤدي إلى تضخم مظاهر التعويض، كالشخص الضعيف البنية الذي يمارس الألعاب الرياضية ولا يقنع أن يصير جسمه عادياً بل يجهد نفسه ليكون من الأقوياء. ويتخذ التعويض الزائد صوراً كثيرة منحرفة منها اصطناع ضروب من التصرف المتكلف السخيف طمعاً في جلب انتباه الآخرين. والتباهي بأعمال عظيمة، أو الخروج على الناس بأفكار مغربة، أو التمشدق في الحديث، أو اللباس غير المحتشم. بل قد يتخذ شكل عدوان وإجرام كي يثبت الفرد لنفسه وللناس أنه غير ضعيف، وأن لديه من القوة ما يتحدى به حتى القانون. ومن الأمثلة على التعويض الزائد العمامة الكبيرة الزائدة عن الحد التي يلبسها (رجل الدين) الإيراني عادة ومن لف لفه ، وتقيده بملابس ذات تصميم خاص ملفت للنظر لإخفاء الجهل الذي يعاني منه. وكتابة المؤلفات المستعصية على الفهم للسبب نفسه.


عقدة الذنب
Guilt complex
الشعور بالذنب أو وخز الضمير (Sense ofguilt) هو الشعور الذي ينجم عن قيام الفرد بعمل لا يرضاه ضميره، وهو شعور سوي ذو قيمة في تهذيب الفرد. غير أن هناك شعوراً بالذنب يكون هائماً طليقاً غير واضح المصدر – مثله كمثل القلق العصابي – وكثيراً ما يقترن بالقلق واستصغار الذات أو الاشمئزاز منها. فترى المصاب لا يعرف لماذا هو يشعر بالذنب، يغشاه شعور غامض موصول بأنه مذنب آثم حتى إن لم يكن أذنب أو أتى شيئاً يستحق عليه العقاب، أو يلوم نفسه على أمور لا يلومه عليها أحد، ويرى في أخطائه ذنوباً لا تغتفر.
في هذه الحال يكون الفرد يعاني من ((عقدة الذنب)). كما أنه يشعر بحاجة ملحة إلى التكفير - ولو بعقاب نفسه – التماساً للراحة، وتخففاً مما يكابده من توتر مجهول المصدر. وتفسير ذلك التنشئة منذ الصغر على تهويل الذنوب مهما صغرت، ولوم الطفل وعقابه وتأنيبه وإشعاره بالذنب من كل ما يفعل، وأنها لا تكفر حتى يحل العقاب، فتراه لا يشعر بالراحة إلا إذاتعرض له. حتى إن فتاة منعها والداها من قراءة كتاب معين، غير أنها أخبرتهما ذا يومٍ – كذباً – أنها قرأته فأوقعا عليها العقاب، إذ ذاك شرعت تقرأ الكتاب وهي مطمئنة مرتاحة البال.
وهكذا ترى أن من يعاني عقدة ذنب يندفع من تلقاء نفسه إلى عقاب نفسه، تدفعه حاجة لا شعورية ملحة إلى هذا النوع من العقاب. سواء كان هذا العقاب مادياً أو معنوياً، فتراه يورط نفسه – عن غير قصد ظاهر منه – في متاعب ومشاكل مالية أو مهنية أو عائلية أو صحية لا يناله منها إلا التعب والمعاناة والمشقة والعذاب. بل قد يستفز عدوان الغير عليه، أو عدوان المجتمع بارتكاب جريمة. فإذا حل به العقاب زال عنه ما يغشاه من توتر أليم. والانتحار أقسى حالات عقاب الذات. ومن هؤلاء من يتقبل الإهانات دون دفاع عن نفسه، وهو يفتش عما يؤذيه ليجد الراحة بل اللذة في هذا الأذى أو العقاب. ويطلق على هذا الشخص لقب المازوخي أو الماسوشي (Masochist). وتظهر عقدة الذنب واضحة لدى الشيعي وهو يجلد نفسه جلداً دونه جلد الزناة في شرع الإسلام، ويلطم صدره ويشدخ رأسه إلى حد فقدان الوعي أو الموت تحت ذريعة خيالية هي حب الحسين! وتجد الماسوشية جلية في تفشي اللواطة في المجتمع الإيراني خصوصاً في المراكز الدينية وما حولها. وقد انتقلت هذه الرذيلة إلى المراكز نفسها في النجف وغيرها والتجمعات التي تأثرت بها. وتقوم عملية ((الإسقاط))بدورها في إلصاق هذا العمل الخسيس بخصومهم، حتى إنهم يتهمون به خيرة الصحابة! بل كل من تسمى بـ((أمير المؤمنين))من خلفاء المسلمين في تاريخهم بدءاً بعمر بن الخطاب  وأرضاه !


اللاوعي
(= الخافيّة ، اللاشعور ، العقل الباطن)
Unconscious
يعتبر التحليل النفسي أن النفس الإنسانية تقسم إلى قسمين أساسيين: النفس الواعية وتسمى الوعي (الشعور)، وهي مركز العمليات الذهنية العادية من تفكير وإدراك وإحساس وإرادة وتخطيط وتفاعل مع العالم. والنفس اللاواعية (اللاشعور)، وهي تضم كل القوى النزوية وكل الميول الطفلية والبدائية ذات الطابع الحيواني التي لا تعرف المنطق ولا تراعي الزمان ولا المكان.
هذه القوى تظل بعيدة عن إدراكنا، ولكنها تؤثر فينا وتوجه سلوكنا وعلاقاتنا واختياراتنا دون أن ندري حتى إنها قد تتقنع باعتبارات عقلانية منطقية.
واللاوعي يشكل الجانب الأكبر من الحياة النفسية، وتأثيره حاسم في بنية الشخصية وتوجهاتها الأساسية. تحتاج محتويات اللاوعي إلى إشباع عن طريق التنفيس الذي يتخذ أشكالاً رمزية ومقنعة، وينبث في كل تصرفاتنا اليومية. فيظهر عادة بشكل مقنع في الأحلام والهفوات وفلتات اللسان. وبما أن هذه المحتويات إجمالاً من النوع غير المقبول خلقياً أو اجتماعياً؛ ولذلك يتنكر لها صاحبها أشد التنكر ويقاومها الوعي بشدة؛ لأن الوعي بها يثير قلقاً شديداً يصعب على الشخص احتماله.
وفي رأيي أن النفس اللاواعية لا تضم الميول البدائية والشريرة التي يتنكر لها الشخص في وعيه فحسب، بل تضم الميول والدوافع الخيرة أيضاً التي يختزنها الشخص في لا وعيه، وتحكم تصرفاته بصورة تلقائية غير واعية إجمالاً.ويتم ذلك كله عن طريق الكبت.


الإيحاء (=الاستهواء)
Suggestion
التأثير دون إقناع منطقي، ودون أمر أو قسر لقبول رأي معين أو احتضان اتجاه معين أو أداء فعل معين.
يقوم الإيحاء بدور كبير في تكوين اتجاهاتنا وعواطفنا إزاء الآراء والأفكار والمعتقدات والنظم الاجتماعية. تزداد قابلية الفرد للإيحاء أي لتقبله ما يوحى به إليه دون مناقشة أو نقد أو تمحيص في حالة كونه طفلاً أو جاهلاً أو منفعلاً أو مريضاً أو في حشد من الناس، أو كان الإيحاء صادراً من شخصيات بارزة أو ذات نفوذ. على هذا النحو يتشرب الطفل كثيراً من الآراء والاتجاهات والمعتقدات الشائعة في أسرته دون قصد منه، ودون نقد أو تحليل لاتجاهات الأسرة نحو الدين والوطن والنظام الاجتماعي أو الاقتصادي، نحو المباح أو المحظور، نحو النظام أو الفوضى، نحو المسالمة أو العدوان، نحو حب جماعة أو كره أخرى. لذا فنحن نحمل معنا من عهد الطفولة كثيراً من الانحيازات الضحلة والاتجاهات الحمقاء إزاء بعض الأشخاص أو الجماعات أو الآراء والمعتقدات. وليست الأسرة وحدها مصدر ما نكتسبه من اتجاهات عن طريق القابلية للإيحاء، فهناك المدرسة والصحافة والدعاية والمطالعات الخاصة وأفكار قادة الرأي، والأصدقاء.على هذا النحو تتكون الكثرة من اتجاهاتنا وعواطفنا، فنحن لم نكتسبها عن طريق التعقل والتفكير والتحليل، بل بطريقة لا شعورية غير مقصودة عن طريق التكرار والعدوى الاجتماعية. على أن هذا لا ينفي أننا نكتسب اتجاهات وعواطف نتيجة التفكير الذاتي والتحليل. لكن هذا له تأثير كما للآخر من تأثير.
وقد عرف أساطين التشيع الفارسي هذه الخاصية النفسية فاعتمدوا في نشر أفكارهم ومعتقداتهم وطقوسهم عن طريقها بالدرجة الأساس، مستغلين زمن الطفولة لغرسها، وجهل الناس بالكتاب والسنة وحقيقة الأمور. وكذلك اعتماد التهييج العاطفي عن طريق النياحة والقصائد المرنمة الشجية، والاستعراضات والحشود الجماهيرية وما يسمى بالمواكب الحسينية، والألقاب الضخمة للشخصيات التي تتقدم المسيرة والمرجعية مع العمامة الكبيرة والملابس الخاصة، وإخفاء المرجع في أكثر الأحيان لإضافة هالة من السرية والإبهام والفوقية على شخصيته، كل هذا من أجل أن يؤدي الإيحاء وظيفته لغرس ما يريدون في نفوس الناس قبل عقولهم. فيكون ترسيخ المعتقدات في العقول لا عن طريق الممر الطبيعي وهو مخاطبة العقل مباشرة، وإنما تسريبها إليه من النافذة الخلفية وهي النفس؛ لأنهم يعلمون أنها لو سلكت الطريق المعتاد وحاولت دخول العقل من بابه لربما صدت ولم تتمكن من الدخول. وهو ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح ((التفكير النفسي)). هذا مع اعتماد وسيلة الدعاية والإعلام والتكرار المستمر دون كلل أو ملل للأفكار نفسها على أسماع الجماهير.


الكبت
Repression
عملية نفسية دفاعية أساسية يتمكن الأنا الواعي بواسطتها من طرد الرغبات والأفكار والانفعالات المصاحبة لها خارج حيز الوعي إلى حيز اللاوعي هرباً مما يسببه الوعي بها أو تنفيذها من قلق نظراً لتعارضها مع رغبات أخرى أو مع أوامر الأنا الأعلى (الضمير). فهو ينكر ويعمى عن عيوبه ونقائصه ودوافعه المستكرهة ومقاصده السيئة؛ ليحفظ له كبرياءه واحترامه لنفسه. فالكبت هو أحد العوامل الأساسية لتكوين اللاوعي، به نصرف انتباهنا عن فكرة أو شعور أو حادث بصورة متعمدة ومستمرة حتى نستبعد هذه الأشياء من الوعي في النهاية فلا نستطيع استرجاعها. لكن الرغبات المكبوتة لا تزول، بل تظل نشطة وهي كامنة في اللاشعور تمارس ضغطاً مستمراً كي تبرز إلى حيز الوعي والتحقيق من خلال السلوك والتصرف عندما يتعرض المرء إلى ما يستفزه من ظروف ويثيره من مواقف.


الإسقاط
Projection
عملية نفسية ينسب الشخص من خلالها ويحوِّل إلى غيره صفاته هو أو مشاعره أو رغباته أو نزواته أو أفكاره التي لا يرغبها ويخجل من الوعي بكونها جزءاً من ذاته. فهو يتهرب لا شعورياً منها بطردها عن نفسه أولاً، ثم إلصاقها بالغير أو اتهامه بها ثانياً كنوع من تبرئة الذات أو الدفاع السلبي عنها. إنه عبارة عن تخلص من كل ما هو سيء في الذات باتهام الآخرين به. فهي عملية أو حيلة نفسية دفاعية مزدوجة. وتتخذ في الخارج مظهرين:
[LIST][*] أولهما أن ننسب عيوبنا ونقائصنا ورغباتنا المستكرهة المكبوتة إلى غيرنا من الناس والأشياء أو الأقدار أو الحظ وسوء الطالع؛ وذلك تنزيهاً لأنفسنا، وتخففاً مما نشعر به من قلق أو خجل أو نقص أو ذنب. كل ذلك بطريقة لا شعورية. فالكاذب أو الجحود [/LIST] أو الأناني أو المتعصب الذي لا يفطن إلى وجود هذه الخصال في نفسه، ينسب الكذب والجحود والأنانية والتعصب إلى غيره. ومن هذا الباب لا يصدق الكذاب ما يقوله الناس؛ لأنه يرى فيهم نفسه المطبوعة على الكذب. ومن أمثلة ذلك: الزوج الذي تنطوي نفسه على رغبة مكبوتة في خيانة زوجته يميل إلى اتهامها بالخيانة. والأب الفاشل في عمله يميل إلى اتهام ابنه بالإهمال في دراسته. والمدرس الكسول لا يغفر لتلاميذه الكسل؛ لأنهم يصورون له الناحية التي يكرهها من نفسه. كذلك نرى القاضي الذي تعتلج في نفسه ميول إجرامية يميل إلى الصرامة في أحكامه. ومتى رأينا عيوبنا في الناس ملنا إلى وعظهم واشتددنا في محاسبتهم على عيوب نتسم بها ولا ندري. فيكون الوعظ في هذه الحالة مظهراً للإسقاط. من هنا نرى أن أحكامنا على الغير كثيراً ما تكون أحكاماً على أنفسنا، فهي اعترافات أكثر من أن تكون اتهامات. ولكن أكثر الناس لا يشعرون.
من ذلك ترى اتهام الشيعة لأهل السنة بالتكفير والإرهاب وأنهم يظلمونهم ويضطهدونهم ما هو إلا عملية إسقاط يزيحون بها عيوبهم ونقائصهم ورغباتهم المكبوتة إلى الآخرين، ليتخففوا من الشعور بإثمها وعارها أولاً، وليبيحوا لأنفسهم ظلم غيرهم واضطهادهم على اعتبار أنهم يفعلون ذلك من باب الانتصاف والرد بالمثل، والدفاع عن النفس. ومن ذلك وصف جورج بوش للمقاومة العراقية بالقتلة والمتوحشين والمجرمين. وإنما هي صفاتهم يسقطونها على غيرهم.
[LIST][*] أما المظهر الثاني للإسقاط فهو لوم الغير على ما نلقاه من صعوبات وفشل وما نقع فيه من أخطاء. فكثيراً ما نعزو الرسوب في الامتحان إلى صعوبته، والفشل في المشروعات إلى الحظ، وسوء سلوك الطفل إلى وراثته لا إلى سوء تربيتنا إياه.[/LIST] من ذلك نرى أن الإسقاط يؤدي غرضاً مزدوجاً: ففيه نتخفف من مشاعرنا ودوافعنا البغيضة، وفيه نكون في حل من نقد الآخرين ولومهم وتوجيه الأذى إليهم قبل أن يوجهوه إلينا. والإسقاط يختلف عن التبرير في أن التبرير دفاع واعتذار، بينما الإسقاط اتهام وقذف واعتداء.
ولا يتم فهم معنى الإسقاط إلا بفهم عمليتين نفسيتين أخريين هما: الاجتياف والتماهي.


اجتياف
Introjection
الاجتياف هو العكس المكمل للإسقاط .إنه تلقي وتمثل أو تقمص كل ما هو مرغوب فيه، وتصوره جزءاً من الذات كما يتمثل الجسم الطعام. مأخوذ من إدخال الطعام إلى الجوف. وهو عملية نفسية دفاعية لا واعية إجمالاً. وقد يجتاف الشخص غير المرغوب فيه من الصفات.


التماهي (= التوحد ، التقمص)
Identification
عملية نفسية يتمثل أو يتقمص الشخص من خلالها جانباً أو خاصية أو صفة من الآخر، ليتحول كلياً أو جزئياً على غراره. والفرق بينه وبين الاجتياف في أن الاجتياف هو العملية التي يتحقق بها التماهي، وأنه أعم من التماهي الذي يقتصر على التعامل مع الشخص الآخر، بينما الاجتياف يتعامل مع الصفات عموماً ارتبطت مع ذات أخرى أم كانت مجردة. وهو يختلف عن المحاكاة في أن الأخيرة تظل سطحية وواعية، أما التماهي فهو عملية نفسية لا واعية تؤدي إلى انبناء الشخصية تبعاً لنموذج معين. فتأثير التماهي (أي أن يكون الشخص هو الآخر، أو أن يكتسب هويته) حاسم في تكوين الشخصية.
علماً أن بناء الشخصية يتم عبر سلسلة من التماهيات الجزئية بأشخاص يعتبرون مرجعيين كالوالدين والأساتذة والرؤساء والزعماء والأصدقاء إلخ... ومن ذلك تقمص الطفل شخصية أبيه ليشعر بالقوة التي يصبو إليها، والفتاة المحرومة شخصية الممثلة التي تعجب بها، وتعلق التلميذ الضعيف تعلقاً شديداً بمدرس المادة المتخلف فيها، وتقمص الآباء المحرومين في طفولتهم شخصيات أبنائهم فينعمون عليهم بما كانوا قد حرموا منه من ملذات الحياة، ويشعرون بشدة بما يشعرون به من حزن وسرور وحب وكره. ومن ذلك حالة رجل لا يريد أن ينجب أكثر من طفل واحد، ويصر على ذلك إصراراً يبرره بأن تحديد النسل خير طريقة لتربية الأطفال. غير أن التحليل النفسي دل على أن لديه رغبة قديمة دفينة في أن يكون وحيد أمه. وقد اتخذ من طفله وسيلة لتحقيق هذه الرغبة فتقمص شخصية طفله أو أمه وأخذ يدلل ابنه على غرار ما كان يرجو أن تدللـه أمه هو! أي كان الغرض من تحديد النسل لم يكن في الحقيقة مصلحة الابن، بل حاجة الأب إلى تحقيق رغبته الطفلية اللاشعورية. فالشعور بالحرمان والنقص والعجز من الدوافع القوية للتماهي أو التقمص. ومن محفزاته الإعجاب. ويكون طبيعياً وعادياً حين يكون جزئياً يكتسب الإنسان من خلاله صفات مرغوباً فيها يتمتع بها الآخر. لكنه يكون مرضياً حين يكون كلياً بحيث يفقد الشخص استقلاليته وذاتيته في حالة من الذوبان في الآخر.
والتماهي يكون خطراً على المجتمع حين يكون تماهياً إسقاطياً وحين يكون تماهياً بالمعتدي:


التماهي الإسقاطي
Projective identification
وهو عملية نفسية يحاول الشخص من خلالها إدخال ذاته لا شعورياً داخل شخص آخر مكروه بالنسبة إليه كي يسيء إليه ويمتلكه ويسيطر عليه، من خلال استخدامه كمجسد لإحدى نزعاته التي يخشاها كالغدر والعدوانية، أو صفاته التي ينفر منها كالحقد، وذلك بالتنكر لها في النفس وإسقاطها على الشخص الآخر الذي يتعامل معه تبعاً لموقفه من تلك الخاصية (النزعة أو الصفة) وبصورة أسطورية؛ إذ يعتبره رمزاً مضخماً لما هو ممنوع ومكروه في داخله. وقد يعمل التماهي الإسقاطي باتجاه الحب بالطريقة نفسها بصورة معكوسة إذ يصبح الآخر المحبوب رمزاً أسطورياً للمثالية والطهر والخير الذي يرغب أن يتمثله في ذاته. فمبالغات الكره والعدوان، وكذلك مبالغات الحب والإحسان تقوم على هذه العملية النفسية.
ومثاله عقيدة الشيعي بالإمام أو المرجع. وما يرتكبه الشعوبيون اليوم والغزاة من جرائم بحق أهل العراق.


التماهي الدفاعي (= التماهي بالمعتدي)
Identification with the aggressor
وهي عملية نفسية دفاعية لمجابهة القلق. ومعناها تمثل وتقمص عدوانية المعتدي التي يخشاها الشخص أيما خشية عندما يحس بالعجز عن التصدي لها بقوته الذاتية، مع البحث عن ضحية أضعف منه يصب عليها عدوانه بدلاً من المعتدي القوي كتعويض عن عدم قدرته على تصريف غضبه باتجاه الهدف الصحيح لخشيته المفرطة منه. وبهذا يثبت لنفسه وغيره أنه ليس ضعيفاً ولا يخاف، بل هو قوي ومخيف يستطيع أن يوقع الأذى بالغير ويخيفه. وبذلك يسيطر الإنسان على قلقه. وقد لوحظ ذلك في المعتقلات النازية إذ كان بعض الأسرى نتيجة الخوف الشديد من حراسهم قد صاروا يحاكونهم في حركاتهم ولباسهم وأفكارهم ومشاعرهم ويستسلمون لهم استسلاماً، بل ويعاملون من يفد إلى المعسكرات من أسرى جدد معاملة جافية عاتية تماثل معاملة الحراس لهم. وقد لوحظت هذه الظاهرة أيضاً في زنازين الأسرى العراقيين في إيران نتيجة الخوف الشديد بسبب التعذيب الوحشي الذي كان يوقعه الحراس الإيرانيون بالأسرى العراقيين.
وهذه العملية لا تتم إلا مع عملية التماهي الإسقاطي التي من خلالها يتم إسقاط كل الصفات والنزعات غير المرغوبة على الضحية كي يبرر ممارسة العدوان عليها، وكأنه من خلالها يقوم -لا شعورياً – بمعاقبة نفسه على ضعفها وتخاذلها تجاه المعتدي الحقيقي.
تشيع هذه الظاهرة عند الأطفال في مجابهة قلقهم: فالطفل الذي يخشى اللص يلعب دور اللص محاولاً بث الذعر في نفس طفل أصغر منه. وبذلك يسيطر على خوفه. والطفل الذي يخشى عقاب الأم يلعب دور الأم المعاقبة فيعنف أخاه الأصغر على غلطته.
وتشيع هذه الظاهرة بين الشعوب المستعمرة، التي يتماهى بعض أفرادها بعدوان المستعمر فيقلدونه في سلوكه وصفاته وأدواته وممارسة الاعتداء على الضحية من أبناء بلدهم. وما يفعله ما يسمى بـ(الحرس الوطني) اليوم في العراق – وهم في الغالب شيعة شعوبيون حاقدون - تجاه أهل السنة على الخصوص أوضح مثال. والمعادلة النفسية كالآتي: محتل يجب على المواطن أن يقاومه ويقاتله، لكنه يخاف منه أيما خوف. وهذا ما يؤدي به إلى القلق والخشية من مواجهة الذات بضعفها وجبنها. وحتى يتغلب على هذا القلق - وبدلاً من أن يواجه المحتل الذي يخشاه - يقوم بتقمص صفات المحتل وعدوانيته مع إسقاطها على ضحية مناسبة، ينتقم فيها لا شعورياً - وبكل قسوة - من نوازعه وصفاته التي يكرهها ويخشاها، ويعاقب من خلالها نفسه التي لا تستحق – في لا شعوره - إلا الاحتقار والعقاب. وهنا يأتي دور اختيار الضحية اعتماداً على الخلفية الطائفية؛ فيكون أهل السنة هم الضحية التي يثبت من خلال الاعتداء عليها ذاته في أنه قوي وأنه لا يخاف. وبهذه الحيلة النفسية يتجنب أمرين لا يريد أن يواجههما في وعيه ولا واقعه: فهو لا يريد أن يعي حالته في كونه خائفاً متهرباً من واجبه في مقاومة المحتل، ولا كونه طائفياً حاقداً عدوانياً. ولا يريد أن يقاوم المحتل الذي يخافه ويرتجف منه، وإلا أدت به الحالة الأولى إلى الانهيار النفسي، والثانية إلى ركوب الخطر. وكلتا الحالتين أحلاهما مر.


العدوان
Aggression
هو إيذاء الغير أو الذات وما يرمز إليهما. ويقترن دائماً بانفعـال الغضب، ويتخذ صوراً شتى منها العنف الجسمي، أو العدوان باللفظ والتشهير والكيد. أو يكون غير مباشر كعصيان الطفل أوامر والديه، أو الغمز والتندر بالنكتة اللاذعة.
قد يكون العدوان وسيلة للتمويه على شعور بالنقص، أو لتوكيد الذات وإعلان الشخص الخامل الذكر عن وجوده، أو لأنه يتوقع أن خصمه سيباغته على حين فجأة.
وقد يحبط الفرد فلا يستطيع توجيه عدوانه إلى من اعتدى عليه أو هدد أمنه أو أساء إليه، فيلجأ إلى تصريف عدوانه عن طريق إزاحة هدف العدوان، فإذا بالشخص يوجه عدوانه إلى الناس والأشياء أو إلى نفسه.
العدوانالمزاح : إنحالتعقبات دون العدوان المباشر على مصدر الإحباط كأن يكون شخصاً مرهوب الجانب كالأب، أو محبوباً كالأم، أو محترماً كصديق تحول العدوان لينصب على أول ((كبش فداء))يلقاه في طريقه: إنساناً كان أم حيواناً أم جماداً. كالأب الغاضب من رئيسه في الدائرة قد يصب جام غضبه على أولاده. والطفل الغاضب من والديه قد يكسر لعبته. والجماعة التي يحكمها رئيس مستبد قد تختار واحداً منها يكون ضعيفاً فتعزو إليه سوء سير الأمور. وقد دل إحصاء أمريكي على أن حوادث الاعتداء على الزنوج تزداد كلما هبطت أسعار القطن! كأن الزنوج هم المسؤولون عما يحل بالمحصول من بوار. وفي هذا ما يشهد بأن الإنسان ليس مخلوقاً منطقياً بل مخلوق سيكولوجي أو نفساني. فهنا نراه ينزع بطبعه إلى استعادة توازنه النفسي دون نظر إلى من يصب عليه عدوانه: ظالماً كان أم مظلوماً.
العدوان المرتد : هو ارتداد العدوان إلى الذات. حين يحال بين الفرد وتصريف عدوانه بأي طريقة. كالطفل المغتاظ حين يضرب رأسه بالحائط، أو يشد شعره، أو يلقي بنفسه على الأرض. ويتخذ العدوان المرتد صوراً شتى منها: إسراف الفرد في لوم نفسه، أو إصابته بالهبوط والاكتئاب، أو بمرض عضوي كارتفاع ضغط الدم، أو الانتحار حين يكون بديلاً عن قتل الغير. ومن أوضح الأمثلة على العدوان المرتد طقوس اللطم والتطبير عند الشيعة.


اهتياج (= هياج، هوَس)
Agitative mania
حالة مرضية تتسارع فيها كل العمليات العقلية والنفسية، ويستثار الجهاز الحسي الحركي. فينطلق المريض في نشاط عارم ومشتت: يرقص، يغني، يركض، يتحرك، يتحدث بدون انقطاع، منتقلاً من فكرة إلى أخرى بدون أي ترابط سوى تداعي الأفكار والألفاظ . كل ذلك في نوع من النشوة العارمة، والشعور بالسعادة والوفاق مع الوجود، والرضى عن الذات، وتضخمها يعطي الإحساس بنسف كل الحدود والقيود.
وإذا لم يتخذ الأمر طابع المرض العقلي الصريح والكامل فقد يكون الاهتياج عبارة عن رد فعل نفسي وجداني من الإحساس بالقوة والجبروت والسطوة على العالم الخارج، يرافقه مشاعر غبطة ورضى عن الذات، لا تستند جميعاً إلى أي أساس من الواقع. والاهتياج بهذا المعنى عبارة عن رد فعل على مشاعر العجز والتقصير والمهانة وما تولده من قلق شديد، وهو نوع من القلب السحري للمعادلة الوجودية لمصلحة الإنسان المسحوق والعاجز، أو الذي يعاني من عقدة الاضطهاد، حين يسنح الظرف وتنحاز القوة إلى جانبه في يوم من الأيام.


الرُّهاب (= خُواف، ذُعار)
Phobia
خوف مرضي من أشياء أو كائنات أو أماكن أو وضعيات لا يفترض أن تثير الخوف عند الإنسان الراشد العادي، فيصاب المريض بذعر شديد عندما يلتقي بما يخيفه من هذه الموضوعات كالحشرات والحيوانات والأماكن المغلقة، والأماكن المرتفعة. وقد نجد هذه الظاهرة حتى عند أبطال الحرب والمغامرة كالخوف من حشرة أو من الحقنة إلخ... . ومن ذلك خوف العرب من مواجهة الفرس وتفضيلهم قتال الروم دونهم.


الشرعنة
Legitimation
عملية نفسية تهدف إلى تبرير العدوان على الغير من خلال تأثيمه وتحميله مسؤولية ما يوجد من شر أو مأزق أو خراب، مع تبخيس إنسانيته والحط من قدره وتحويله إلى عقبة وجودية في طريق السعادة والوصول إلى تحقيق الذات أو الهدف. يترافق ذلك مع رد فعل يتلخص ببراءة الذات التي تصور كضحية لذلك الغير. وبهذا ينفتح السبيل أمام إطلاق العنان للعدوانية الذاتية في رد فعل تهجمي تدميري ضد الآخر المسؤول تحت شعار الدفاع المشروع عن النفس. وعماد شرعنة العدوان على الغير هو الإحساس بالغبن، وبروز الاتجاه الانتصافي أو الثأر للذات.
وأوضح مثال واقعي للشرعنة ما يفعله الغزاة الأمريكان والشيعة في العراق اليوم بعد أن أمسكوا بزمام القوى الأمنية في البلد، ومن خلال منظماتهم الدينية والسياسية إذ يسومون الشرفاء سوء العذاب متهمين إياهم بشتى التهم التي تبرر لهم ممارسة عدوانهم عليهم كالوهابية والإرهاب والتكفير وقتل المدنيين والأبرياء إلخ... .


العُظام
(= أوهام الاضطهاد أو العظمة)
Paranoia
مرض عقلي (ذُهان) يتميز بأوهام ومعتقدات ذات طبيعة اضطهادية تطغى على المصاب به لها في نظره صفة اليقين القاطع، وهي غير قابلة للتغيير بالإقناع أو البراهين العلمية أو العملية، مع أنها لا تستند إلى أي دليل أو واقع موضوعي! يقتنع المصاب بهذا المرض أنه ضحية مؤامرة تحاك ضده وتريد النيل منه، وأنه مظلوم ومضطهد ومغبون الحقوق. ويستجيب لهذه الأوهام بمجموعة من الإجراءات الدفاعية والهجومية ضد من يعتقد أنهم يضطهدونه تستغرق كل وقته وتصرفه عن مصالحه الحياتية أشدها هذيان الدعاوى، وهذيان الاضطهاد، وهذيان التأويل. ويكون تصرفه عدوانياً يتخذ طابع الدفاع المشروع من خلال سلوك الاضطهاد المضاد. فيكون في الحقيقة هو الظالم المضطهِد (بكسر الهاء) بينما هو يتوهم أنه مظلوم مضطهَد (بفتح الهاء) مع ممارسته ظلم الآخر واضطهاده! ويرافق ذلك نوع من مشاعر العظمة حيث يضع المريض نفسه في مرتبة من الأهمية تبلغ حداً فوق التصور. يتمتع المريض بكل صفائه الذهني خارج إطار موضوع التوهم، وميل مرضي للملاحظة والتحليل المتربص بكل شيء. والعظام من أشد الأمراض العقلية المزمنة، وشفاؤه صعب التحقيق. ومثاله اتهام الشيعة أهل السنة بعداوة أهل البيت، وأنهم مضطهدون من قبلهم.


الغبن المفروض (الموهوم)
Injustice subie
يصاحب مرض العُظام مرض آخر هو الغبن الموهوم، وهو شعور يطغى على الجاني يحس به أنه ضحية اعتداء وقع عليه من قبل ضحيته، أو أنه ضحية ظروف ظالمة؛ ما يؤدي إلى تراكم العدوانية ضد الضحية، وتفجير الحقد، واصطباغ العلاقة معها أو مع المحيط بصبغة اضطهادية يتحول العالم بسببها إلى وجود لا مكان للحب فيه. ويفجر هذا الإحساس ((رد فعل البراءة))أي نفي المسؤولية فيما آلت إليه الأمور عن الذات، ونفي تهمة العدوانية. وهنا يتحول العدوان على الضحية أو المحيط إلى فعل مبرر ومشروع متخذاً صفة الدفاع عن النفس. كما يؤدي الشعور بالغبن المفروض إلى بروز الاتجاه الإنصافي، وكلاهما يؤدي إلى شرعنة العدوان على الغير وتبريره.


عقدة الخُصاء
Castration complex
الإحساس بالنقص والعجز عن توكيد الذات أمام الآخرين، يؤدي بصاحبه إلى الفشل لأنه يحس بانعدام الجدارة، أو انعدام الحق في النجاح الحياتي. وأرى - من خلال استشفاف ما كتبه علماء النفس، ومن خلال الملاحظة الذاتية – أن هذه العقدة تتولد بسبب التربية الخاطئة التي يمارس الأب أو من يقوم مقامه علاقة تسلطية شديدة تجاه الطفل، تفرض عليه احتراماً مفرطاً، وإحساساً بالعجز تجاه الأب. تنعكس هذه المشاعر اجتماعياً بالصورة نفسها تجاه أي سلطة أو رمز يقوم مقام الأب. إن كل نجاح أو تصرف لتوكيد الذات أمامه هو مضاهاة للأب، بينما هو ممنوع عليه أن يضاهيه أو يعبر عن نفسه معه؛ ولذلك يظل في وضعية العجز والقصور.
وقد تكون الاستجابة ليس بالرضوخ وإنما بالإفراط في السلوك التعويضي على شكل مبالغة وتضخيم لمظاهر الذكورة والقوة والرجولة والإقدام إلخ... .


النُفاج
Megalomania
حالة من تضخم الذات الذي يأخذ طابع المبالغة الخرافية لقدراتها وممتلكاتها ومكانتها، بشكل يجعل المحيط يبدو منحسراً أمام الذات. إنه مبالغة في الادعاء لا تستند إلى أي إحساس من الواقع الذاتي أو الموضوعي. والنفاجي كائن مهووس بالعظمة وارتفاع الشأن، أو هو يقدم نفسه هكذا مباشرة بدون جهد فعلي للوصول إلى العظمة، فهو يبالغ في كل ما يمت إليه بصلة خصوصاً في تصوير قدراته. وقد يصل النفاج إلى حد هذيان العظمة، وادعاء ألقاب مفرطة في تفخيمها.
والنفاج نوع من رد الفعل التعويضي على مشاعر نقص ذاتية شديدة. إنه رد فعل تمرد خرافي على العجز، بحيث يكون التضخيم الخارجي متوازٍ عموماً مع النقص الداخلي. تجد المثال واضحاً للنفاج عند الشخصية الفارسية النموذجية لدى (رجل الدين الشيعي) من خلال عمامته الكبيرة وألقابه الرنانة (آية الله العظمى، المرجع الأعلى للمسلمين، زعيم الحوزة، الإمام الأكبر... إلخ.


النكوص
Regression
نكص تعني: رجع من حيث أتى. والنكوص نفسياً يعني العودة إلى أساليب في التعبير والسلوك يفترض أن يكون المرء قد تجاوزها خلال نموه وتقدمه نحو النضج الراشد. وأوضح ما يكون عند الأطفال حين تعترضهم أزمات جدية، فقد يعود الطفل إلى الحبو بعد أن صار يمشي تشبهاً بأخيه الأصغر الذي صار محور اهتمام والديه. ويعود إلى التشبث بأمه بعد أن بدأ يستقل عنها. أو يقوم بمص أصابعه عسى أن يصيبه شيء من الحنان المفقود. أما عند الكبار فالنكوص يحدث كرد فعل على مآزق لا يجد له منها مخرجاً؛ فينكص إلى أساليب طفلية وأكثر بدائية في مجابهة الواقع كأنه يريد أن يرجع إلى مرحلة الصغر التي كان يجد فيها من يحل له مشاكله ويؤمن حاجاته دون تدخل منه، أو يقول: أنا أصغر من أن يجب عليّ أن أتحمل هذه المآزق أو المسؤوليات. ومن أمثلة النكوص لدى الكبار لجوء المناقش الهادئ الرزين – حين يفحم - إلى الصياح واللجاج والمكابرة. وارتداد العالم الرصين إلى التفكير الخرافي والحجة الأسطورية. ومن مظاهره السب والصراخ والتمارض والغيرة والعناد والبكاء عند الارتطام بالمشاكل، ومنه التحكم في الأهل والاصدقاء، والإعراض عن الزواج خوفاً من تحمل التبعات، والإسراف في الحنين إلى الماضي. كذلك فإن شدة القابلية للإيحاء أي سرعة التصديق وتقبله للآراء والأفكار دون مناقشة لها أو تمحيص كما يفعل الأطفال قد تكون فعلاً نكوصياً، وكما يتقبل العامي الشيعي آراء المرجع دون نقاش.
التشيـيء
Chosification
هو اختزال وجود كائن إنساني إلى مرتبة الشيء. يتعلق هذا المصطلح بعمليات التبخيس التي تصيب قيمة الإنسان كآخر شبيه بنا ومعادل لنا في علاقة تكافؤ، فيحل محل الاعتراف بإنسانيته انهيار لقيمته في نظرنا. حتى تفقد هذه الإنسانية قدسيتها وما تستوجبه من احترام، وما تتطلبه من التزام تجاهها. يتحول الآخر في هذه الحالة إلى مجرد شيء، أو أداة، أو رمز، أو أسطورة، ويفقد خصوصيته كإنسان واستقلاليته كلياً ويدمج في مخططات مضطهده. ويتحول إلى شيء، إلى رمز مجرد للشر يجب إبادته. ومن أبرز الأمثلة عليه اليوم ما تفعله المليشيات الشيعية المقنعة بالقانون بأبناء السنة في العراق.


التفريج
(= التنفيس أو التصريف)
Catharsis
هو تفريغ الشحنة العاطفية ذات الطبيعة المؤلمة، من خلال وضعية يثار فيها الوجدان، وتنبعث الأحزان إلى درجة تزول معها الضوابط الواعية، في حالة من المشاركة بين الشخص الذي يعاني وآخرين يتعاطفون معه. يعقبه عادة ارتياح عام وعودة السكينة إلى النفس التي تنقاد للتعبير عن المعاناة أو المأساة بحرية تسمح بتصريف كل التوتر المتراكم. كالمشاركة الوجدانية في حالات الموت. وأبرز مظاهرها ما يسمى بمواكب العزاء الحسيني وما يتخلله من جلد ولطم وتطبير يفوق الوصف.
المصادر


[LIST=1][*]الأصول من الكافي ، محمد بن يعقوب الكليني ، مكتبة الصدوق ، طهران ، 1381هـ[*]مصباح الفقاهة ، أبو القاسم الخوئي ، مطبعة الغدير ، الطبعة الثالثة ، 1371[*]لا بد من لعن الظلام ، الدكتور طه حامد الدليمي ، الطبعة الأولى ، بغداد ، 2005[*]التخلف الاجتماعي سيكولوجية الإنسان المقهور ، الدكتور مصطفى حجازي ، معهد الإنماء العربي ، بيروت – لبنان ، الطبعة السادسة [*]أصول علم النفس ، الدكتور أحمد عزت راجح ، المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر ، الاسكندرية[*]الثورة الإيرانية والتمدن الحديث ، جاك ميلوك[*]إيران مستودع البارود ، أدور سابيليه[*]الصراع العراقي الفارسي ، نخبة من المؤرخين العراقيين ، بغداد ، 1983[*]الشيعة والدولة القومية في العراق 1914-1990 ، حسن العلوي ، دار الثقافة للطباعة والنشر ، إيران – قم.[*]ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ، أبو الحسن الندوي ، الطبعة العاشرة ، 1397 هـ ، 1977م ، دار الأنصار ، مصر[*]لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ، الدكتور علي الوردي ، مطبعة الإرشاد ، بغداد ، 1969[*]الموجز في التحليل النفسي ، سيجموند فرويد ، ترجمة سامي محمود علي وعبد السلام القفاش ، دار المعارف بمصر ، 1970 [*]منهاج الصالحين ، أبو القاسم الخوئي ، مطبعة الديواني ، بغداد[*]الشهاب الثاقب في بيان معرفة الناصب ، يوسف البحراني ، قم ، 1419[*]علم النفس الاجتماعي، د. حامد عبد السلام زهران ، عالم الكتب ، القاهرة، الطبعة الخامسة ، 1984 [*]دماء على نهر الكرخا ، حسن السوداني ، مطبعة الحضارة ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1980[*]المتعة ، الدكتورة شهلا حائري ، شركة المطبوعات والتوزيع والنشر ، بيروت – لبنان ، الطبعة السابعة ، 1996[*]التشيع العلوي والتشيع الصفوي ، الدكتور علي شريعتي[*]الإسلام بين الشرق والغرب ، علي عزت بيجوفيتش ، مؤسسة بافاريا للنشر والإعلام والخدمات ، الطبعة الأولى ، رجب 1414هـ [*]سيكولوجية الجماهير ، غوستاف لوبون [*](الأنوار النعمانية)، نعمة الله الجزائري ، مطبعة شركة بنجاب ، تبريز ، إيران[*]أساليب الإقناع وغسيل الدماغ ، جي. إي. براون. ترجمة الدكتور عبد اللطيف الخياط ، دار الهدى للنشر والتوزيع ، الرياض الطبعة الثالثة ، 1419هـ/1999م[*]الأستاذ الخميني في الميزان ، الدكتور موسى الموسوي[*]الطاغية ، د. إمام عبد الفتاح إمام . الطبعة الثالثة ، 1997 ، القاهرة[*]الحقد الفارسي لماذا ؟ المقدم عبد الجبار محمود السامرائي [*]الشيخ خزعل أمير المحمرة ، مجموعة من المؤلفين ، الدار العربية للموسوعات ، بيروت – لبنان[*]الحياة الروحية ، محمد طه الكرمي ، مطبعة قم ، سنة 1386[*]المرتضى ، أبو الحسن علي الحسني الندوي ، دار القلم ، دمشق ، الطبعة الثانية، 1419هـ ، 1998م[*]الجيتو اليهودي ، الدكتورة سناء عبد اللطيف حسين ، دار القلم ، دمشق ، الطبعة الأولى ، 1419هـ ، 1999م [*]الشخصية الإسرائيلية ، دكتور حسن ظاظا ، دار القلم ، دمشق ، الطبعة الثانية ، 1410هـ ، 1990م[/LIST]