وإذا عالجنا قضية السنة فى هذا الإطار وجدنا أن حجية السنة النبوية فى التشريع قد ارتكزت على عدة عناصر منها الإجماع. فقد أجمعت الأمة على حجية السنة النبوية فى التشريع ، فالذين نقلوا إلينا القرآن هم أنفسهم الذين نقلوا إلينا حجية السنة ، وهم أنفسهم الذين أخبروا بحجية السنة فى تشريع الإسلام.
يضاف إلى هذا ، دلالة القرآن على حجية السنة وهو الأمر المذكور فى آيات القرآن الكريم على نحو متواتر ونسوق ها بعض هذه الآيات للتذكرة:
· قال تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) ) [النساء].
· قال تعالى : (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر : 7].
· قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)) [ النساء ].
· قال تعالى : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)) [ المائدة ].
· قال تعالى : (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)) [ النور ].
· قال تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)) [ النور ].
· قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)) [ محمد ].
· قال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [ النور : 63 ].
وغيرها من الآيات الكثيرات.
ودلالة هذه الآيات على حجية السنة فى التشريع دلالة واضحة وظاهرة وعميقة ومؤكدة ولا تقبل المناقشة ولا الرد. بل إن الكافرين أنفسهم ، عندما تعاملوا مع القرآن وقرأوه ، وتوقفوا عند دلالة هذه الآيات وجدوا أنها دالة على حجية السنة ، ولم يرفضوا هذا ، ولا أدل على هذا من توجيههم لسهام الطعن إلى السنة النبوية ، ولولا هذا لما اهتموا لأمرها ، ولو كانت السنة عند هؤلاء غير ذات حجية لما اكترثوا لها ، ولما تعرضوا لنقدها ، ولما صنفوا الكتب من أجل وضع الشبهات فى السنة النبوية!!
ينضم إلى دليل القرآن ودليل الإجماع فى حجية السنة دليل ثالث وهو دليل عقلى. على النحو الآتى:
القرآن الكريم هو كلام الله ، وهو فى أعلى مراتب الفصاحة والبلاغة والبيان ، والإنسان ، مهما بلغ علمه محدود الفهم ، يعجز عن فهم مراد رب العالمين فهماً صحيحاً شاملاً ، فلابد من واسطة للربط بين المحدود - وهو عقل الإنسان - وبين المطلق - وهو كلام الله -.
وحتى يكون الربط صحيحاً ، فلابد أن تكون واسطة الربط ذات صبغتين ، واحدة إلهية والأخرى بشرية ، فأما الوجه الإلهى فى هذ الواسطة فهو المعنى ، وأما الوجه البشرى فهو اللفظ الحامل للمعنى. وهذه هى السنة.
إذاً حجية السنة النبوية فى تشريع الإسلام ، باعتبار أدلة القرآن والإجماع والعقل ، قد بلغت حد اليقين من حيث الأصل التشريعى ، والطاعن فيها طاعن فى القرآن أو العقل أو كليهما ، فهو إما كافر وإما مجنون وإما كافر مجنون!!!
ولذا فإن الذى يرد حجية السنة فى التشريع ليس من أهل القبلة ، بل هو كافر كفراً أكبر مخرج من الملة ، تجرى عليه جميع أحكام المرتد فيستتاب ، فإما أن يتوب ويرجع ويقر بحجية السنة ، وإما يقام عليه حد الردة وأحكام المرتد بأن تطلق زوجته ، ولا يرث ، ولا يورث ، ويذهب ماله لبيت مال المسلمين ، ولا يدفن فى مقابر المسلمين. حيث أنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة.
__________________
قـلــت : [LIST][*] من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*] ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*] ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*] ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|