عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2010-06-04, 01:18 AM
أم مريم السنية أم مريم السنية غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-10
المكان: دار الفنـــــــاء
المشاركات: 621
افتراضي

المغالطات التي غالطت بِها المسيحية قُرّائها:


المغالطة الأولى التي يعْتمِدُ عليْها المسيحي ...

إغْفالُ أو تمويهِهِ أن من يُحدِّد النفقة الواجِبة هو العُرف وليْس الشرْعِ ..
وإغْفالُه أنّ الشرْعُ يحْكُم في النفقاتِ حسْبَ الأعراف السائِدة




وأما النفقة الواجِبَةُ فهي : نفقة المأكلِ والملْبَسِ والمسْكَنِ حسْبَ العُرْف ... ولابُدّ من التأكيدِ على كلِمَةِ حسْبَ العُرْف ... فالإسْلام لم يحدد نفقة معينة وقدْر معيّن ... وإنّما أوجب النفقة حسْبَ العُرْف الخاص بالقرية او البلدة .. أي ترَكَ أمْرَ تحديدِ قيمتِها ونوْعِها حسْبَ العُرْفِ السائِد.

أظُنُّنا نفْهَم الآن لما لم يجْعَل الفقهاء الدواء اليوْمَ ضمن النفقة الواجِبة ؟!!


لأن النفقة لا تكونُ إلا حسْبَ العُرْف .. وزاد الإسْلامُ على ذلِكَ الوجوب .. وجوب الأخْْذ بالعُرْف
.. يعني مخالفةُ العُرْفِ في النفقاتِ, صارت مُخالفة للشرْع, يأثَمُ من يُخالِفُ شرْع الله .. ويخْرُجُ عن العُرْفِ .. وهذا انْفِرادٌ لدينِ الله وخصيصةٌ لدينِ الإسْلامِ ينْفرِدُ بِها عن باقي الأديانِ الوضْعِيّة ...

وإلّا فليقُل لنا المعترِضُ ..
أيْن في اي تشْريعٍ وجَبَ اعتِبار العُرْف من شرْعِ الله؟!!!


فمن يُحدد ما يدْخُل ضِمْنَ النفقة الواجِبة هو العُرْف وليْسَ الشرْع كما زعَمَت وغالطَت هذة النصرانية:



والدواء في الزمان الماضي يكاد يكون معدوم , أو الحاجةُ إليْهِ شبه منعدِمة .. ليْس كما هو الحال اليوم ... انقلب الحالُ واختلَفَ الأمر ... حيث صار لكل مرض دواء وصار لكل شهر حصيلة مضاد حيوي .. وصارت هناكَ تحاليل كشف أمراض وراثية , وأمراض مبكرة , وتطعيمات , ودواء للضغط وآخر للسكر وآخر للقلب , ومجموعة للأعصاب , أو للأنيميا أو للتحاليل الطبية , أو للعمليات الجراحِية ... أو الولادت القيْصرية والطبيعية , أو عمليات ختان الرجال , أو أدوية الصداعٍ والاسبرين والاسهال والإمْساك والتليين ... والخ الخ ...

فالدواءُ اليوْمَ عُرْفٌ في النفقةِ لا يخْتلِفُ عليْهِ اثْنانِ:

ولِذا لو لم يكُن الدواء بالأمْسِ ضِمْنَ اعرافِ الناسِ .. فإنّهُ اليوْمَ عُرْف لا يخْتلِفُ عليْهِ اثنان , ونحن مأمورونَ بِوجوبِ الأخْذِ بالعُرْف ... فإنّهُ بالعُرْفِ إذاً يدْخُل الدواءُ اليوْم ضِمْنَ النفقةِ الواجِبة ... بل ويُصْرف له ميزانِية مخصصة ... وصار هذا عُرْفاً عاماً لا جِدال فيهِ ...

والأمر الواجِب يكون على حسْبِ ما يقْتضيهِ العُرْف ... وانظُر إلى حديثٍِِ رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم ... خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ ... فالمعروف هنا أي المتعارف عليه بين الناس لو ضمنه الدواء فهو حقك , لو ضمنه سيارة فهو حقك , ولو ضمن العرف طيارة فهو حقك ... حسْب العرف ...

وماهي الكمية التي تأخذها؟!!!..
ما يكفيها " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ" ... إذا الأمر متروك للعرف ...


القواعِدُ والأعراف ... ما بيْنَ النُّدْرَة والغالب:

القاعِدَةُ تقولُ أن مَا كَانَ نَادِرًا[1] لَا يُلْتفَت إلَيه فِي الْأَحكَامِ الشَّرعِيَّة[2] .. وكذلِكَ في العُرْف المتعارَف بِِهِ بيْن الناس فإنّ ما ينْعَدِمُ الحاجةُ إليْهِ , وما يندُر ولم تقُم بِهِ الحاجةُ والضرورةُ ولا تستقيم الحياةُ بِهِ لا يدْخُل ضِمْنَ النفقةِ في أعْرافِ الناسِ ...

تتفِقُ الأعراف والشرائِعُ بالأحكامِ على كل ماهو كثيرٌ غالِب ... فتكونُ الأحكام على ما جرت بِهِ العادة واشْتَهَر بيْنَ الناسِ ... ولِذا الفقه يستخلِص الأحكام حسْب الأعراف وعادات الناس في كل زمان ومكان وكل ذلِكَ في حدود الشريعةِ الإسْلامِيّة .. التي أمرتنا بالأخذِ بالعُرْف في النفقات مع وضْعِ قاعِدةٍ رئيسِيّة ينْدرِجُ تحتها كل المتعارفِ عليْهِ وهي (المسْكن, الملْبس , والمأكل ).


إذاً فالأمْرُ في دخول الدواءِ أو خروجِهِ من النفقةِ مناطُهُ للندرة او الغلبةِ حسْبَ العُرْفِ .. فماهو نادِر اليوم قد يكون غالِباً غداً ...
ولِذا فتستبينُ حِكْمَةُ اللهِ عزّ وجلّ حينَ وكل النفقةَ بالعُرْفِ الغالِب على المجتمعات .. فالدّواءُ كانَ نادِراً في ذلِكَ الزّمانِ فلم يدْخُلُ في النفقةِ .. وهو اليوم غالِب ضروري , والحاجة إليه كالحاجة للطعام , فيدْخُلُ الدواءُ اليوم ضِمْنَ النفقةِ حسْبَ العُرْفِ .... فهكذا فإن الشرْعَ الذي أخْرَجَهُ بالعُرْفَ من النفقةِ في الماضي .. هو نفْسُ الشرْعِ الذي يُدْخِلهُ بالعُرْفِ ضمْنَ النفقةِ اليوْم ..



والعرف لا بد له من شروط أرْبَعَة حتى نعمله, وهي:

1-إن يكون العرف مطردًا غالبًا وهذا ما يعبرون عنه بقولهم: العبرة للغالب الشائع دون النادر.

2-أن يكون العرف غير مخالف للشريعة، فالمخالف للشريعة لا عبرة به.

3-أن يكون العرف سابقا غير لاحق، فإن عرفنا أنهم كانوا يُحددون النفقة بكذا درهم منذ الف عام , فإننا يجِب إرْجاعُ معنى الدرْهمِ إلى حسْبِ ما ارتأوه في ذلِكَ الزمان وليْسَ حسْبَ معنى الدرْهَمِ اليوْم.

4-ألا يوجد تصريح شرْعِي يخالف العرف، فإذا وجد تصريح يخالف العرف فالعبرة بالتصريح لا بالعرف.

ونسْتطيعُ الآن من شروطِ العُرْفِ والشرْعِ أن نعْرِفَ لِما خرجَت نفقةُ الدواءِ من العرف قديما ودخلت في العرف حديثاً:


1-أن النفقة تكون على الأمر المتيقن , بينما المرَض قد يزول دون الحاجة لدواء .. وبالتالي يسْقُط من النفقة الواجِبة على الزوج لأحتِمال زوالِهِ دون علاج.

2-ان النفقة تكون على الامر المُسْتَمِر المعتادِ (او المطرد الغالب), وليْسَ الأمر العارِض النادِر , والحاجةُ إلى الدواءِ أمْرٌ عارِض نادِر .. وبالتالي يسْقُط من النفقة الواجِبة على الزوج لأنه من العوارِض النادِرة . ويُعلِّل ذلِكَ شمْسُ الأئِمّةِ السرْخَسِيِّ في المبْسوطِ بالقوْلِ : " الْحَاجَةُ إلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ ، بَلْ هِيَ نَادِرَةٌ وَالنَّادِرُ لَا يُسْتَحَقُّ بِطَرِيقِ الْعَادَةِ"

3-لأن النفقة يدْفعها الزوجُ وجوباً على كل شيءٍ ينتفِعُُ فيه من زوْجتِه وبالتالي يسْقُط وجوب النفقةُ في الدواء لأن المستفيد منه جسد الزوجةِ وصحتها , وبالتالي تدفعه الزوجةُ من مالِها الخاص إن كانت موسِرة , أو يدفعه عنها وليُّ أمْرِها.

_____________________________

[1] النَّادِر ما قَل وجوده وإِنْ لَم يخَالِف الْقِياس فَإِن خالَفَه فَهو شاذ

[2] الفتاوى الهِنْدِيّة , بدائِع الصنائِع 2/ 83.

__________________




رد مع اقتباس