الموضوع: ناقصات عقل
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2019-01-28, 04:22 PM
ايوب نصر ايوب نصر غير متواجد حالياً
مسئول الإشراف
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-23
المشاركات: 4,823
افتراضي ناقصات عقل

لا تحسبن يا صديقي انني اكتب هذه الكلمات و انشيء هذه المقالة لاجل البحث عن تبرير لقوله _ صلى الله عليه و سلم _ ، لا و الف لا ، فمن عرفني حق المعرفة ، و بلي بي و بعشرتي ، و صاحب نمط تفكيري ، علم انني لا ابرر شيئا من الاسلام ، و انني اذا جمعت فكري و شحذت عقلي للدفاع عن القران و حديث رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ اكون ابعد ما اكون عن اسلوب التبرير ، و ذلك منذ علمت ان الحورات و المساجلات العلمية و الفكرية لا يكون مصيرها الا الى : اقتناع او انقطاع ، ثم ادركت بعد ان الاقتناع عزيز ناذر ، فاصبح كل همي هو ان اقول برايي و اصدع بحجتي ، و من كفر فانما على نفسه و من امن فلها .


قال رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ : (( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن )) و قد تعلق بهذا الحديث اذناب الملاحدة و الطابور الخامس للمستشرقين من اريكيين و علمانيين ، و انصاف الذكور ممن نصبوا انفسهم عن حقوق المراة مدافعين .

ان نقصان العقل ، يكون مرده الى قوة العاطفة ، فلا ينقص عقل الا من قوة .العاطفة و سيطرتها و تحكمها ، و قوة العاطفة ادعى الى استدعاء الخيال و احضاره ، و الخيال هو عرين الادب و بيته المحصن ، فلا يقوم ادب من غير خيال .
و لازلت اذكر حين كنت ادرس العلوم ، كانت لنا استاذة عراقية يغلب عليها اللحن ، فكانت تاتي باخطاء نحوية تذهب بالمعنى و اثره ، و كنا نكثر من التصحيح ، فانزعجت يوما ، و قالت لنا : " نحن هنا في مادة علمية لا دخل فيها للغة ، و انما اتركوا اللغة لاهل الادب ، فنحن نتمتع بكتاباتهم و نتلذذ باقوالهم ، و لكن لا دخل لذلك في المواد العلمية ، و التي اساسها العقل "
و في كلامها يا صاحبي هنات تحتاج الى وقفات ، و لكن لها موضع اخر ، و ربما عدنا يوما و خصصنا لها مقالة ، نقيم فيها ما وقع منها ، و و نصوب فيها ما اخطات فيه ، و لكن الشاهد في كلامها هو قولها : " فنحن نتمتع بكتاباتهم و نتلذذ باقوالهم " ، فلا تجد احدا من عقلاء العالم و لا اذكياء بني ادم ، الا و هو في حاجة للادب ، و تجده قد خصص له قسطا من وقته ، و هذا ما اشارت اليه استاذتنا العراقية ، متعها الله بالصحة و السلامة ، و لكن قلما تجد اديبا مهتما بابحاث ماندل او نظريات غريفت ، فضلا ان يكون محتاجا لها، و ذلك مرده الى ان حاجة الانسان الى الادب الذي مسنده الخيال الذي اساسه العاطفة ، اقوى من حاجة الانسان الى العلم الذي اساسه التنظير و التجريب .

و هنا نكتة لطيفة في حديثه _ صلى الله عليه و سلم _ تتجلى في قوله (( أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن )) فكانت بعاطفتها تغلب و تتفوق على الرجل الحازم المحنك العاقل ، و ما تفوقها عليه و غلبتها اياه الا من جهة قلة عقلها و قوة عاطفتها ، و حاجته هو للادب اكثر من حاجته للعقل و العلم ، فهذه طبيعة انسانية ، و هي لا تستقيم بعيدا عن العاطفة و ما تولده من خيال .

و انا احضر لهذه المقالة ، شجعت حبيبا على ان يبدا في الكتابة ، فقال لي مداعبا : " احتاج الى محبوبة " ، فقلت له " اجعلها من خيالك و ولدها من فكرك " ، و انت ترى معي حتى الرجل اذا اراد الكتابة في موضوع ، فعليه ان يتخلى عن شيء من قوة عقله و حزم امره ،فيترك للعاطفة مجالا و للخيال نصيبا .

و اني على يقين ، لو ان النساء ، تركن النقاش في كمال عقولهن ، و وفرن ذلك الوقت في ايقاد عواطفهن و استغلالها ، لكان ذلك ادعى الى استقامة رجال الامة ، لان النساء بقوة عاطفتهن و خيالهن اكثر تاثيرا على الرجال من حزم الرجال و عقولهم ، و دليل ذلك ، هو انني لو كتبت لك الان مقالة علمية عقلية ، و سهرت الليالي في صياغتها باسلوب ادبي ، لما القيت لها بالا و لما اعرتها اهتماما ، و لقلت في نفسك : رد الله به اليه ردا جميلا و عفى عنه من هذه الهرطقات و التفاهات التي يخرج بها علينا كل حين ، بينما لو نشرت احداهن مقالا لا عقل فيه و لا حكمة و لا علم ، لرايت افول معجبين و جحافل المحبين ، لو وقف مثلهم على حدود فلسطين لتم تحريرها من غير سيف او دم مهراق .
و دليل اخر على ان عاطفة المراة ادعى الى استقامة الرجال الامة ، فهذه هند بنت عتبة _ رضي الله عنها و ارضاها _، و قد مر بها اعرابي فقال لها و هو يقصد ابنها خال المومنين معاية بن ابي سفيان : "إنني أتوسم فيه أن يسود قومه" فقالت له : "ثكلته إن لم يسد إلا قومه." ، و ردها هذا مرده الى عاطفتها القوية اتجاه ابنها ، فكان منه _ رضي الله عنه _ عن حكم العرب و غيرهم ، و انشأ دولة ترتعد لذكرها الفرائص ليوم الناس هذا .

ففي وصف رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ لهن بنقصان العقل مدح و ليس تنقيص ، و انما النقص ياتي من مخالفة المخلوق لطبيعته و فطرته التي فطره الله عليها .

كتب: الاثنين 28 جمادى الاولى 1440 ( 28/01/2019)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين

آخر تعديل بواسطة ايوب نصر ، 2019-01-28 الساعة 10:05 PM
رد مع اقتباس