عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 2009-07-09, 12:05 AM
مسدد مسدد غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2008-06-24
المشاركات: 191
افتراضي

الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة:
تُخاطب الحكمة عقل الطفل فتُقنعه, والموعظةُ الحسنة لا الخَشِنة تخاطب وجدانه فتُمتعه.
فالأسلوبُ جزءٌ من الفكرة, والأسلوبُ الحسن يزيد الفكرة حُسناً, أما الأسلوب الخشن فيُضيع المضمون الحسن.
وما أجملَ أن يُمهّدَ المربّي لموعظته بكلماتِ الحب, فيخاطبُ القلب بالمحبة, قبل أن يخاطب العقل بالمعرفة, مقتدياً بمنهج المربّي الأعظم صلى الله عليه وسلم حين وعظ معاذ بن جبل يوماً, فأخذ بيده وقال: ((يا معاذ, والله إنّي لأُحبُّك, أوصيك يا معاذ لا تَدعَنَّ في دُبُر كلّ صلاةٍ تقول: اللّهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) رواه أبو داود بسند صحيح.
فقد مهدّ النبي صلى الله عليه وسلم لموعظته بإثارة اهتمام معاذ, وبتأكيده لمحبّته, باللمس إذ أخذ بيده و مستخدماً أداة النداء يا, ومنادياً له باسمه (معاذ), ومن منّا لا يتنبه وعيهُ عند ذِكر اسمه؟!.
ثم أكد الحبّ مُقسماً بالله سبحانه (والله), وأكدّ ثانيةً بقوله (إني) وثالثةً بلام التوكيد (لَأحبُّك)
ورابعة بذكر كلمة الحب التي يتفتّح لها كلُّ قلب!
فما الذي بوسع معاذ أن يَصنع أمام هذا العطاء النبوي إلا أن يقول: لبيّك يا رسول الله؟..
نسأل الله تعالى الذي قدّر لنا محبته, ولم يقدّر لنا رؤيته, ألا يحرمنا منها يوم النعيم..
وليس للمربي أن يَمَلّ من تكرارِ الموعظة, ففي الوصيّة النبوية: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبع واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر)) رواه أبو داود. قد يتكرر الأمر بالصلاة في ثلاثِ سنواتٍ لأكثر من خمسة آلاف مرة.
ومما يضاعفُ من أثر الحوار والموعظة, أن يأتيا في سياق سرد القصص، حيث تطلق هذه القصص العنان لخيال الطفل, وتنمّي لديه القدرة على التصوّر،وتغرس فيه العِبَر, وخيرُ من يقوم بهذا الدور هو الأم, وخاصة قبل النوم..
الحوارات الأسرية:
الحوار من الأساليب التربوية المهمة؛ ذلك لأن الكلمات المؤمنة والأحاديث الطيبة لها أثر في النفوس، وتترك بصماتها في الأفئدة والعقول؛ ولهذا أمر الله تعالى نبيه بالحوار فقال:
﴿وجادلهم بالتي هي أحسن ﴾ النحل، الآية: 125. فحاور عليه أفضل الصلاة و السلام وجادل بالحكمة والموعظة الحسنة؛ بل جعل الكلمة الطيبة التي هي وحدة بناء الحوار نوعاً من الصالحات، وضرباً من ضروب الطاعات والقربات، فقال صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة" رواه مسلم.
وقد عُني القرآن الكريم بالحوار عناية بالغة، حيث بلغ عدد المرات التي كررت فيها "قال" أكثر من خمسمائة مرة، وهذا أمر لا غرابة فيه؛ إذ إن الحوار هو الطريق الأمثل للإقناع، والإقناع هو أساس الإيمان الذي لا يمكن أن يفرض فرضاً، وإنما ينبع من داخل الإنسان؛ ومشكاة النبوة قد تضمنت أيضاً الكثير من الحوارات التي حاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بكلمات نورانية تأسر القلوب وتقنع العقول وتعظ النفوس. والأسرة المسلمة أولى المحاضن التربوية في الإفادة من أسلوب الحوار في غرس المفاهيم التربوية وتثبيت وتقوية الأسس العقدية وبناء الشخصية الإسلامية، والوقاية من نزغات الشيطان التي تطرأ على اللسان لا سيما وقد كثرت المشكلات الأسرية التي قد يكون من أسبابها في أحيان كثيرة، كلمة طائشة وعبارة نابية وحوار غاضب ولغ فيه الشيطان فكان بعد ذلك النزاع والخلاف والشقاق الذي انتهى بدوره إلى هجر وفراق؛بل ربما تحول إلى طلاق!
والذي ينظر إلى حوارات السلف الصالح التي كانت تدور في بيوتهم يجد فيها نفائس إيمانية ولطائف تربوية ينبغي أن تكون منهجاً لنا في حواراتنا مع أهلينا، نقتبس من مشكاتها ونسير على ضوئها أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.
أخطاء يكثر وقوعها في الحوارات الأسرية:
 الحوار في ظروف غير مناسبة.
 الاستئثار بالكلام.
 عدم ضبط النفس عند الحوار.
 عدم الاعتراف بالخطأ.

الحوار التربوي في البيت والمدرسة:
لعل ما يدعو إلى الحوار مع الأولاد (بنين وبنات) داخل المدرسة والبيت هو الإيمان بهدف نبيل وهو تحقيق التقبل عن طريق التواصل اللفظي وغير اللفظي مع الأولاد، وهذا يتحقق عن طريق الحوار الإيجابي الذي يتيح فرصة لنمو الأولاد وبناء شخصياتهم بعيداً عن اللوم والحكم المتسرع والتوجيه الجاف وغرس الكبت والعداء في نفوس الأولاد. إنّ الاختلاف بين البشر أمر وارد والحوار المحمود من شأنه تقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل وسط يرضى به المحاورون.
فوائد الحوار التربوي:
 يعزّز استراتيجيات بناء العلاقات الإيجابية بين الوالدين والأولاد من جهة وبين الأولاد ومنسوبي المدرسة من جهة أخرى حيث يؤكّد الاحترام المتبادل والتقبل ونبذ الصراع.
 يبني ويعزز ثقة الأولاد بأنفسهم ويؤكد ذواتهم وينمّي استقلاليتهم، ويشجعهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم وهذا من أهم أهداف التوجيه والإرشاد الطلابي.
 يدرب الأولاد على تقبل الاختلاف مع الآخرين وأن ذلك لا يُعدّ تهديداً لهم.
 يدرّب الأولاد على تحقيق وتقرير مبدأ القيم المقبولة فهو مناخ ممتاز لتعديل السلوك.
 ينمّي المبادرة والمنافسة، وحب الاكتشاف فهو تنمية للروح الاجتماعية حيث يساعد في التغلب على الخوف الاجتماعي والخجل، ويعطي مناعة ضد ذلك مستقبلاً.
 يظهِر الحوار، للآباء والمعلمين والمرشدين بشكل صريح أو بشكل إسقاطي، ما يعانيه الأولاد من مشاعر عدائية أو قلق أو خوف أو صراعات نفسية وإحباطات وكبت، وهذه فرصة يجب أن تنتهز لعلاج تلك المشكلات ودعم النمو الانفعالي واستنطاق المشاعر والتنفيس ومن ثمّ العلاج. وهذا من صلب العملية الإرشادية.
 يساعد الأولاد على تصحيح أخطائهم بأنفسهم بالاقتناع نتيجة التعلم.
 يساعد على رفع مؤشّر التحصيل الدراسي حيث يفرغ كثيرا من المكبوتات كما أن ما يسقطه من فلتات اللسان قد يوظف إرشادياً مما يدعّم التحصيل الدراسي إيجابيا.
 يساعد الطالب على اكتساب أصدقاء جدد قد يهدونه إلى ما فيه الخير.
 الحوار يدعّم فعالية التوجيه والإرشاد إذْ أن المقابلات الإرشادية تستهل بالحوار كما أن المقابلة تستخدم فنيات (مهارات) أساسية كالإصغاء والاستماع والنظر والصوت والأسئلة…الخ وهذا يتم في الحوار الإيجابي أيضاً.
 تعليم المحاورين الشجاعة النفسية في القبول عند ظهور الدليل من المحاور الآخر.
توظيف الحوار تربوياً:
على المربين من الآباء والأمهات والمرشدين والمعلمين أنْ يراعوا النقاط الآتية:
 أن يكونوا قدوة صالحة يحتذى بها في الحوار وتطبيق أصوله.
 اتخاذ الوسائل المعينة في تعديل السلوك، وعدم التركيز على جوانب القصور لدى الأولاد وعدم نقدهم وتحقيرهم.
 إعطاء الفرصة بشكل أكبر للأولاد للمحاورة والتشجيع على ذلك لأن كثرة كلام الأب تقلل فرص استماع الولد إلى الكلام.
 على المربين تحرّي الصدق في طرحهم أثناء الحوار وفي سلوكهم دائما وعدم التناقض الانفعالي.
 على المربين انتهاج النهج العلمي التربوي السليم في التعامل مع الأولاد.
 على المربين أن يجعلوا الجو المحيط بالأولاد جواً ودياً دافئاً بعيداً عن التسلط أو التسيّب؛ جوّاً يسوده فهم المشاعر وتقديرها وتنميتها، وتوظيف التفاعلات المنطقية المقبولة، ومن شأن ذلك تحقيق النمو الشامل والتركيز على التواصل الإيجابي المبني على التقبل بصفته أهم قاعدة لإنشاء علاقة إيجابية في ضوء التواصل اللفظي وغير اللفظي البنّاء.
 على الوالدين التخلّص من الشعور بالدونيّة عندما يتحاوران مع أولادهما.
 المحاولة الجادة من قبل المربين للتعرف عن طريق الحوار على الدوافع الداخلية لسلوك الأولاد في البيت والمدرسة، ومن ثمّ إشباع حاجاتهم وعلاج مشكلاتهم.
 على المربين تقديم الثواب الفوري ، والاستمرار في التعزيز عندما يمارس الأولاد الحوار.
 على المربين التنبّه لطبيعة الحوار إذ أن حوار الصغار يتطلّب الدخول في علاقة تفاعلية تشاركهم نفس المشاعر وفق الإصغاء والتقبّل والتشجيع على التعبير عن المشاعر ليستمر المحاور الصغير في قول المزيد دون توجيه أو دون اللجوء إلى المنطق العقلي. أمّا حوار المراهقين فهو مزيج ممّا ذُكر، وتوظيف المنطق العقلي معاً، مع التذكر أن الهدف بنائي.
 على المربين أن يوجّهوا الأولاد إلى انتهاج الأسلوب القرآني في الحوار.
 على المربين أن يتذكروا أن الحوار وسيلة تربوية فعّالة في الإقناع، وبالتالي تغيير الاتجاه نحو الأمور ومن ثمّ تعديل السلوك وفقَ النسق المراد.
 تعليم الأولاد بالقدوة أن يقول أحدهم (لا أدري) عندما لا يعرف الإجابة. وذلك في ثنايا الحوار معهم.
 لإنهاء الحوار بطريقه تربوية مثمرة يجب ألا يٌنظر على انه هناك خاسر ورابح أو فرض سلطه وأوامر فقط.
يتبع ..
رد مع اقتباس