عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 2010-12-14, 07:42 PM
التل التل غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-10-12
المشاركات: 174
افتراضي

الحلقة
(12)


جواب شبهة من شبهات الإباضية

(منقول مع بعض التصرف)
أبو جهاد الجزائري


إن الكثير من الإباضية - هداهم الله - يظنون أن عقيدة خروج الموحدين من النار هي الدافع الذي يدفع الكثير من الناس لارتكاب المعاصي ، والفواحش ،

ويجعلون ما دلت عليه النصوص من الشفاعة للموحدين في الخروج من النار من قبيل قول اليهود "لن تمسنا النار إلا أياما معدودات" متجاهلين في استدلالهم هذا! الفرق العظيم بين كفر اليهود وشركهم الذي أوجب لهم الخلود في النار وتكذيب مقالتهم ،

وبين إسلام الموحدين وإيمانهم الذي ينجيهم الله به بعد الجزاء من الخلود مع المشركين ، وهذا الظن السيئ إنما نمى في عقول الإباضية عن طريق سوء الفهم ، أو سوء القصد ، إذ أننا -معشر أهل السنة والجماعة - لا نقول للناس تصريحا أو تلميحا أنه سواء عليكم عصيتم الله أو أطعتموه فإنكم في النار أو في الجنة ، وذلك أن معتقدنا ألا نحكم لمعين بجنة ولا بنار إلا من حكم له الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بذلك كالعشرة المبشرين بالجنة وغيرهم ممن ورد الدليل الصحيح في موضوعهم الأخروي.

بل إننا دوما نحذر العصاة من عصيانهم لله عز وجل ، ونخوفهم من التعرض لغضبه وسخطه وأليم عقابه وشديد عذابه ، فمن ذا الذي يدري ما يحل بالعاصي عند لقاء ربه وهو عليه غاضب ، ولعمله ساخط ؟! ومن ذا يدري كم يلبث في النار من يدخلها من الموحدين حتى يأذن الله بخروجه منها بعد العذاب العظيم؟!

ونحن عندما قلنا أن العاصي الموحد لا يخلد في النار فهذا لا يعني أنه بمفازة من العذاب الأليم ، ومن يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، فقد يمكث فيها السنين العديدة ، والأزمنة المديدة في العذاب المهين، على أن عذاب الله لا يطيقه عاص قل مكثه فيه أو كثر ، ولا يهونه قصر زمن أو طوله ، إذ اللحظة في العذاب تستحيل في نفس صاحبها وشعوره إلى أطول الأعمار والأزمان امتدادا فلا يعرف لعذاب اللحظة سابقا من نعيم أو خاتما من جحيم ، فكيف باللحظات والأحقاب ؟! إن من غُمس في النار غمسة واحدة أنسته تلك الغمسة الواحدة كل نعيم ذاقه ،وكل لذة عرفها ، وكل ترف عاشه ،ولو كان في دنياه ملكا منعما ! وشابا صحيحا مترفا! فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار فيقال اغمسوه في النار غمسة ، فيغمس فيها ، ثم يقال له: أي فلان! هل أصابك نعيم قط؟ فيقول: لا، ما أصابني نعيم قط .ويؤتى بأشد المؤمنين ضرا وبلاء فيقال: اغمسوه غمسة في الجنة، فيغمس فيها غمسة، فيقال له: أي فلان! هل أصابك ضر قط أو بلاء؟ فيقول : ما أصابني قط ضر ولا بلاء "..

فكيف يقال أننا ندفع الناس لفعل المعاصي ونحن نقول لهم أن غمسة واحدة في نار جهنم تنسي الإنسان نعيم الدنيا ولو كان من انعم الناس!؟

وهنا سؤال يتبادر إلى الذهن وهو حري بالإجابة من كل إباضي يرى أن صاحب الكبيرة مخلد في النار ، وهو : هل أثرت عقيدة خلود أصحاب الكبائر في أنفس الإباضية وسلوك مجتمعاتهم؟

بمعنى آخر هل انعدم العصاة الذين يعملون الكبائر من مجتمعات الإباضية خوفاً من الخلود في النار؟

وهل إذا قلنا لمرتكب الصغائر أنك لن تخلد في النار – كما يعتقد الإباضية أيضا – يكون ذلك دعوة له لأن يفعل الصغائر ويتجرأ عليها؟

مع ملاحظة قول الله تعالى (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره(

الإجابة لك أيها الإباضي .

ثم إن ترك المعاصي ، والاستقامة على الصراط المستقيم لا تكون إلا بهداية الله عز وجل لعباده ، وهي على نوعين :

1- هداية البيان والرشاد حيث يبين الله لعباده أمره ونهيه ، والطريق الموصلة إلى رضوانه ليترك المعاصي ويستقيم على أمر الله ، كما أرسل الله لنا النبي صلى الله عليه وسلم يدلنا على كل خير ، ويحذرنا من كل شر. قال تعالى ( إنا أرسلناك بالحق شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا (

2- هداية التوفيق من الله ، وهي من أعظم ما يمن الله تعالى به على عبده حيث ينقذه من المعاصي والإصرار عليها كبيرها وصغيرها بلطفه ، ومنه ، وكرمه.ويحبب إليه الإيمان ويزينه في قلوبهم ، ويكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان. وهذه الهداية لا تكون إلا من عند الله عز وجل ، ولا يملكها بشر لبشر ، قال تعالى "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء".

من غير هاتين الهدايتين يتهالك الإنسان في مواقعة المعاصي سواء كان يعتقد خلود الموحدين من أهل الكبائر في النار ، أو يعتقد خروج أصحاب الكبائر الموحدين منها ، وهذا واضح ملموس في كل المجتمعات وقد قال سبحانه وتعالى "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم"

وأخيراً هناك نقطة مهمة يجب التنبيه عليها والتنويه إليها ، وهي الجهود العظيمة والآثار الجليلة لأهل السنة والجماعة في محاربة المعاصي باختلاف أنواعها و توجيه الناس ونصحهم ، وتحذيرهم من مغبة الوقوع في ما يسخط الله عز وجل من دقيق الذنوب وجليلها ، وقد كتبت في ذلك الكتب المطولة منها والمختصرة في التحذير من المعاصي وبيانها وإنكارها ، كما توجد الأشرطة السمعية والمرئية والتي توزع على نطاق واسع حتى على الإباضية أنفسهم، واهتدى عليها كثير من الإباضية وغيرهم، ومن الله عليهم بترك المعاصي بجهد أهل السنة بعد فضل الله عز وجل !
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

__________________

حسب القوافي و حسبي حين ألقيها **** أني إلى ساحة الفاروق أهديها
لاهم هب لي بيانا أستعين به **** على قضاء حقوق نام قاضـيها
قد نازعتني نفسي أن أوفيها **** و ليس في طوق مثلي أن يوفيها
فمر سري المعاني أن يواتيني **** فيها فإني ضعيف الحال واهيها
رد مع اقتباس