عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2013-06-30, 09:33 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

الشرح


قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب رياض الصالحين: باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية وتحريم طاعتهم في معصية الله
ثم استدل لذلك بقوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).

ولاة الأمور، ذكر أهل العلم أنهم قسمان: العلماء والأمراء.

أما العلماء فهم ولاة أمور المسلمين في بيان الشرع، وتعليم الشرع، وهداية الخلق إلى الحق، فهم ولاة أمور في هذا الجانب، وأما الأمراء فهم ولاة الأمور في ضبط الأمن وحماية الشريعة وإلزام الناس بها، فصار لهم وجهة لهؤلاء وجهة.

والأصل : العلماء ؛ لأن العلماء هم الذين يبينون الشرع ويقولون للأمراء هذا شرع الله فاعملوا به، ويلزمُ الأمراءُ بذلك، لكن الأمراء إذا علموا الشرع ولا طريق لهم إلى علم الشرع إلا عن طريق العلماء؛ نفذوه على الخلق.

والعلماء يؤثرون على من في قلبه إيمان ودين؛ لأن الذي في قلبه إيمان ودين ينصاع للعلماء ويأخذ بتوجيهاتهم وأمرهم.

والأمراء ينصاع لهم من خاف من سطوتهم وكان عنده ضعف إيمان، يخاف من الأمير أكثر مما يخاف من العالم، أو يخاف بعضهم أكثر مما يخاف من الله والعياذ بالله .

فلذلك كان لابد للأمة الإسلامية من علماء وأمراء، وكان واجباً على الأمة الإسلامية أن يطيعوا العلماء وأن يطيعوا الأمراء، ولكن طاعة هؤلاء وهؤلاء تابعة لطاعة الله؛ لقوله تعالى: :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ولم يقل أطيعوا أولي الأمر منكم؛ لأن طاعة ولاة الأمر تابعة لا مستقلة، أما طاعة الله ورسوله فيهي مستقلة، ولهذا أعاد فيها الفعل فقال: أطيعوا وأطيعوا، أما طاعة ولاة الأمور فإنها تابعة ليست مستقلة.

وعلى هذا فإذا أمر ولاة الأمور بمعصية الله؛ فإنه لا سمع لهم ولا طاعة؛ لأن ولاة الأمور فوقهم ولي الأمر الأعلى جل وعلا وهو الله، فإذا أمروا بمخالفته فلا سمع لهم ولا طاعة

أما الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله؛ فمنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)).

قوله (( على المرء)) هذه كلمة تدل على الوجوب ، وأنه يجب على المرء المسلم بمقتضى إسلامه أن يسمع ويطيع لولاة الأمور فيما أحب وفيما كره، حتى لو أمر بشيء يكرهه؛ فإنه يجب عليه أن يقوم به ولو كان يرى خلافه، ولو كان يكره أن ينفذه. فالواجب عليه أن ينفذ، إلا إذا أمر بمعصية الله ، فإذا أمر بمعصية الله فطاعة الله تعالى فوق كل طاعة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وفي هذا دليلٌ على بطلان مسلك من يقول: لا نطيع ولاة الأمور إلا فيما أمرنا الله به، يعني إذا أمرونا أن نصلي صلينا، إذا أمرونا أن نزكي زكينا. أما إذا أمرونا بشيء ليس فيه أمر شرعي؛ فإنه لا يجب علينا طاعتهم؛ لأننا لو وجبت علينا طاعتهم لكانوا مشرعين، فإن هذه نظرة باطلة مخالفة للقرآن والسنة؛ لأننا لو قلنا: إننا لا نطيعهم إلا فيما أمرنا الله به لم يكن بينهم وبين غيرهم فرق، كل إنسان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فإنه يطاع.
رد مع اقتباس