عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 2011-04-02, 09:27 PM
عارف الشمري عارف الشمري غير متواجد حالياً
محـــــــــاور
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-12
المشاركات: 1,573
افتراضي

معجزة القرأن :



كم يصعب على المرء ان يكون عبداً بسيطاً حقير الشأن قليل العلم ثم يتصدى للنقل من العلما و لإنتقاء شىء من الدرر التى تعج بها كتبهم و مؤلفاتهم من بيان أوجه الإعجاز المختلفة فى كتاب الله و التفصيل فيها مع التمثيل و التحقيق
و إنا لمهمة شاقة إذ نحاول عدم الخروج بها البحث عن إطاره المحدد من نقاط معنونة و فى شرحها موجزة، و الله ولى التوفيق

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم متحدثاً عن معجزة القرأن : ((ما من نبي بعثه الله قبلي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة )) رواه البخارى

و هذا حديث عظيم يتضمن الإشارة إلى معجزة القرأن ، و إلى أنها معزة خالدة تمتاز عن غيرها من معجزات الأنبياء بالإستمرارية و التجدد على مر العصو و تعاقب الأجيال، لذا رجا عليه السلام أن يكون أكثر الأنبياء تابعاً لما تستلزمه العقول السوية من التصديق و الإتباع مع وجود المعجزة بكراً طريةً بين أيدجى الناس إلى أن يرث الله الأرض و من عليها
و قال عليه السلام فى القرأن: (( كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تختلف به الآراء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يخلق-يبلى- عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء ، من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)) (رواه ابن تيمية فى درء التعارض5/286 - و قال الألبانى له طرق و رجح البعض كونه موقوفاً على أمير المؤمنين على و هو كلام حسن صحيح)

فهذا الأثر الطيب جمع بين ثناياه الكثير من أوجه التحدى و الإعجاز التى يحويها القرأن البلاغية و التشريعية النفسية و الغيبية و الأخلاقية و العلمية
و لنتناول بإذت الرحمن بعض أوجه الإعجاز فى كتاب الله و منها:

الإعجاز الغيبى

إخبار القرأن بموت أبى لهب على الكفر :

قال تعالى ((َبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ))

و سبب نزول هذه السورة العظيمة كما فى الحديث الذى رواه البخارى من حديث اِبْن عَبَّاس: (( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْبَطْحَاء فَصَعِدَ الْجَبَل فَنَادَى " يَا صَبَاحَاهُ " فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْش فَقَالَ " أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي ؟ - قَالُوا نَعَمْ قَالَ - فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد فَقَالَ أَبُو لَهَب أَلِهَذَا جَمَعْتنَا ؟ تَبًّا لَك فَأَنْزَلَ اللَّه " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ " إِلَى آخِرهَا))

فنزلت هذه السورة فى بداية الدعوة الجهرية تذم أبا لهب و زوجه و تقرر مصيرهما و هما حيان يرزقان، و كان من اليسير أن يكيد أبو لهب للقرأن بادعاء الإسلام فيبطل اعجازها و يرد خبرها، لكن سبحان من أعمى قلبه عن ذلك بما كسبت يداه حتى هلك بعد ذلك بسنين طوال على الكفر هو و زوجه!


النبوءات فى أيات سورة الروم :
قال تعالى ((غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون * بنصر الله...)) (الروم: 2-5).
و فى هذه الأيات المباركات أخبر رب العالمين بثلاثة غيبيات باهرة و هى:-

أولا: "إنتصار الروم على الفرس فى بضع سنين"
بيد أن الأيات نزلت في وقت كادت دولة الفرس أن تزيل الإمبرطورية الرومانية من خارطة الدنيا، فقد وصلت جيوش كسرى أبرويز الثاني إلى وادي النيل، ودانت له أجزاء عظيمة من مملكة الرومان.
وأمام هذا الطوفان الفارسي أراد هرقل أن يهرب من عاصمة ملكه القسطنطينية، لولا أن كبير أساقفة الروم أقنعه بالصمود وطلب الصلح الذليل من الفرس.
ووسط هذه الأحداث - وخلافاً لكل التوقعات - أعلن القرأن فى أيات نزلت في أجواء مكة المتربصة أن الروم سينتصرون على الفرس في بضع سنين، أي فيما لا يزيد عن تسع سنين، علماً ان المدة تبدأ من وقت نزل الأيات اى بعد وصول الخبرو تفاعل الناس معه
يقول المؤرخ إدوار جِبن في كتابه "تاريخ سقوط وانحدار الإمبراطورية الرومانية": "في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة، لم تكن أية نبوءةٍ أبعدَ منها وقوعاً، لأن السنين العشر الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبرطورية الرومانية".

قال ابن عباس: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: أما إنهم سيَغلبون. فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم
فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال: ألا جعلته إلى دون العشر والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.....قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ((غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين )).
رواه الترمذي ح (3193)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (2551).

و تحققت نيوءة القرأن فإن هزيمة الروم من الفرس وقعت عام 614م، ثم في عام 623م شن ثلاث حملات ناجحة أخرجت الفرس من بلاد الرومان.
وفي عام 626م واصل الرومان زحفهم حتى وصلوا إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، واضطر الفرس لطلب الصلح مع الرومان بعد هزيمتهم في معركة نينوى، وأعادوا لهم الصليب المقدس - عندهم - وكان قد وقع بأيديهم.
و هاكم روابط تبين هذه الفترة التاريخية

http://www.roman-emperors.org/heraclis.htm


http://www.roman-empire.net/articles/article-012.html





ثانيا:"أخبر القرأن أن يوم تحقق انتصار الروم سيفرح المؤمنون بنصر الله "
و قد كان فقد تحقق الانتصار فى غزوة بدر الكبرى ما بين عام 623 و عام 624، على خلاف بين أهل التأريخ، و فى أى من التاريخين تتحقق النبوءة، فعام 623 هو العام الذى بدأت فيه انتصارات الروم على الفرس، و كذلك عام 624 هو العام الذى كللت فيه هذه الانتصارات بطرد الفرس تماماً من الامبراطورية الرومانية زد على ذلك مراعاة وقت وصول الخبر للمؤمنين، و عليه فإن الفرح بوصول الخبر كان متزامناً تماماً مع فرحة المؤمنين بيوم بدر


ثالثاً: "أشار القران إلى أن مكان معرة الفرس و الروم هو أدنى الأرض"
و كان المفسرون يجتهدون فى تفسيرها بأنها أقرب أرض من جزية العرب أو أقرب أرض تفصل بين الامبراطوريتين الى غير ذلك
و هو قول جيد لا نرده لكنه لا يعجز القرأن الذى قال عنه نبينا "لا تنقضى عجابه" و الذى يحوى جوامع الكلام،
إذ من معانى الدنو: الخفض و السفلية، و جاء من معانيه فى لسان العرب و القاموس المحيط (والأَدْنى : السَّفِلُ )
و العرب تعبر بالخفض على التذلل و التنازل و التواضع كما قال تعالى ((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ )) و قال عز و جل ((َاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ))
و قال عمر يوم صلح الحديبية ((علامَ نُعْطِي الدَّنِيَّة في دِينِنا)) أى لما نخفض لهم و ندنو عنهم و نجعلهم اعلى منا
و علي ذلك المعنى نفاجأ بأن قوله تعالى (أدنى الأرض) تضمن حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية وغيرها
فمن ذا الذي أخبر محمداً صلى الله عليه و سلم بهذه النبوءة العظيمة؟ إنه وحي الله، وهو دليل رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام.


إخباره بشأن الملك فى زمن يوسف :
أشار القران كتاب الله الحكيم إلى أن الحاكم فى مصر فى زمن يوسف عليه السلام كان يسمى (الملك) ((وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ)) و لم يقل أنه كان فرعوناً كهذا الذى كان فى زمن موسى

بينما نقرأ فى سفر (التكوين 39 ) أن حاكم مصر فى زمن يوسف فيها كان فرعوناً ، و هنا يتجلى إعجاز القرأن الغيبى و الخطأ الذى اشتملته التوراة المحرفة فى النقاط الأتية:
أ- أن الفترة ما بين داود و المسح عليه السلام و ما تخللها من حكم سليمان ثم انقسام المملكة من بعده ثم تتابع الملوك و النزاعات مروراً بالسبى مرتين ثم العودة ثم الاحتلال الرومانى ثم ميلاد المسيح تبلغ ألف سنة و هو ما تقرر تاريخياً و كذا عند أهل الكتاب
ب- أن الفترة ما بين يوشع بن نون و ما تلاه من حكم القضاة ثم بعثة صموئيل نبياً و قيام الملك لبنى إسرائيل على يد شاول ثم ملك داود من بعده تقدر ب 400سنة و هو ما تقرر تاريخياً و عند أهل الكتاب
ج- أن الفترة ما بين دخول بنى إسرائيل مصر إلى حكم يوشع بن نون تقدر بقرابة 290 سنة منها 250 فى مصر و 40 سنة فى التيه و هو ما تقرر تاريخياً و عند أهل الكتاب

فيكون دخول يوسف مصر بموجب هذه الفترات فى سنة 1700 قبل الميلاد تقريباً ، و هذه الفترة لا يمكن أن يكون الحاكم بها فرعوناً من الفراعنة لأنها كانت فترة إحتلال الهكسوس لمصر التى امتدت على حد تقدير خبراء و علماء التاريخ ما بين 1725ق.م إلى 1575 ق.م
http://www.mmc.gov.eg/History/gg1.htm


إخباره عن قود عاد :


لقد أخبر القرآن الكريم عن وجود عاد قوم نبى الله هود و لخص صفاتهم فى الأتى:
1) بين أنهم بنوا مدينة اسمها ( إرم ) و أنها كانت مدينة عظيمة مشهورة بالقصور المترفة و بالأعمدة الشاهقة الإرتفاع لا نظير لها :
((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ {7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ {8}))

2) و بين أنها تقع بالأحقاف - وهي الأرض الرملية و حددها المؤرخون بين اليمن وعمان- فأرسل الله إليهم نبيه الكريم هوداً فدعاهم ((وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ))

3) و بين أنه كان لقوم عاد بساتين وأنعام وينابيع: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ {132} أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ {133}وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ )

4) و بين أنهم كذبو رسولهم هوداً فعاقبهم القوى العزيز بأن أرسل عليهم ريحاً عاصفة محملة بالغبار والأتربة فأهكلتهم جميعا: (وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ)


الاكتشافات الأثرية لمدينة "إرم" :

فى بداية عام 1990 تم اكتشاف المدينة التاريخية على يد نيكولاس كلاب, عالم الآثارالتى استرشد فى بحثه بما جاء فى كتاب"أرابيا فيليكس" لمؤلفه "بيرترام توماس" الباحث الإنجليزي الذي ألفه عام 1932 ,
و "أرابيا فيليكس" هو الاسم الروماني للجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية و التي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان. و أطلق اليونان و من بعدهم علماء العرب فى العصور الوسطى على تلك المنطقة اسم "العرب السعيد" و "اليمن السعيدة", وسبب تلك التسميات أن السكان القدامى لتلك المنطقة كانوا أكثر من فى عصرهم حظاً بحكم موقعهم الاستراتيجي و ثرواتهم الطبيعية (كمال الصليبى , تاريخ العرب , كتب القبائل,1980)
وفى إحدى رحلاته إلى تلك المنطقة, أراه سكان المنطقة من البدو آثاراً شديدة القدم و قالوا إن تلك الآثار تؤدى إلى مدينة "عُبار" القديمة و لكنه توُفِى قبل أن يتمكن من إكمال بحثه. ( برترام توماس: "أرابيا فيليكس"/ (عبر الربع الخالى بشبه الجزيرة العربية) / نيويورك / شريبرز سانز 1932/ص:161)
و استأنف "كلاب" بحث سلفه و سلك طريقتين لإثبات وجود مدينة "عُبار":
أولاً: إستعان بوكالة ناسا الفضائية ليتمكن من الحصول على صور لتلك المنطقة بالقمر الصناعي ( تشارلز جراب / " اللبا ن" / اكتشاف / يناير 1993)
ثانياً: قام " بدراسة المخطوطات و الخرائط القديمة بمكتبة"هانتينجتون" بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة و وجد واحدة رسمها "بطلمى" عام 200 ميلادية , و هو عالم جغرافي يوناني مصري. وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتُشفت بالمنطقة و الطرق التي تؤدى إلى تلك المدينة
و بمقارنة صور الأقمار بالخريطة القديمة تبين له التطابق بينهما، و أخيراً تم اكتشاف مكان المدينة العريقة و بدأت عمليات الحفر, و بدأت الرمال تكشف عن آثار المدينة القديمة, ولذلك وُصفت بأنها ( أسطورة الرمال "عبار" ).
قال د. زارينز قائد عملية الحفر
[إنه بما أن الأعمدة الضخمة تُعد من العلامات المميزة لمدينة "عُبار", وحيث أن مدينة "إرَم" وُصفت في القرآن بأنها ذات العماد أي الأعمدة الضخمة, فإن ذلك يعد خير دليل على أن المدينة التي اكتُشفت هي مدينة "إرَم" التى ذكرت في القرآن الكريم
والتي أنشأت لِكي تَكُونَ فريدةَ جداً حيث تبدو مستديرة ويمر بها رواق معمّد دائري، بينما كُلّ المواقع الأخرى في اليمن حتى الآن كَانتْ التي اكتشفت كانت أبنيتها ذات أعمدة مربعة يُقالُ بأن سكان مدينة أرم بَنوا العديد مِنْ الأعمدةِ التي غطيت بالذهبِ أَو صَنعتْ من الفضةِ وكانت هذه الأعمدةِ رائعة المنظر ]

و رغم أن جزيرة العرب صحراء شاسعة إلا أن القرآن الكريم يقص فى تلك الأيات العطرة حقيقية غيبية أخرى ألا و هى أن هذه الصحارى كانت يوماً من الأيام جنات ويعيون.
فقال حاكياً عن هود عليه السلام (( أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فأتقوا الله واطيعون. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم))
وقد كشفت السجلات التاريخية أن هذه الأراضى تعرضت إلى تغيرات مناخية حولتها إلى صحارى، و كَانتْ قبل ذلك خصبة مُنْتِجةَ مغطاة بالخضرة كما أُخبر القرآنِ، قبل ألف أربعمائة سنة .
وكَشفَت صور الأقمار الصناعية عن نظامَ واسع مِنْ القنواتِ والسدودِ القديمةِ التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخصَ (Joachim Chwaszcza, Yemen, 4PA Press, 1992)
كما تم تصوير مجرى لنهرين جافين قرب مساكن قوم عاد حتى قال أحد الباحثين الذي أجرى أبحاثه في تلك المنطقة " لقد كانت المناطق التي حول مدنية مأرب خصبة جداً ويعتقد أن المناطق الممتدة بين مأرب وحضرموت كانت كلها مزروعة ."

كما وَصفَ الكاتبُ القديم اليونانيُ Plinyهذه المنطقةِ أنْها كانت ذات أراضي خصبة جداً وكانت جبالها تكسوها الغابات الخضراء وكانت الأنهار تجري من تحتها.
ولقد وجدت بعض النقوشِ في بَعْض المعابدِ القديمةِ قريباً من حضرموت، تصور بعض الحيوانات مثل الأسود التي لا تعيش في المناطق الصحراوية وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المنطقة كانت جنات كما أخبر القرأن المجيد
أما سبب اندثار حضارة عاد فقط فسرته مجلة A m'interesseالفرنسية التي ذكرت أن مدينة إرم أو"عُبار" قد تعرضت إلى عاصفةرملية عنيفة أدت إلى غمر المدينةبطبقاتمن الرمال وصلت سماكتها إلى حوالي 12 متر ( M’Interesse, January 1993)
هذا نقل للبحث القيم بتصرف و يمكن مراجعته تفصيلاً فى هذا الرابط


http://www.55a.net/firas/arabic/?pag...;select_page=1


قراطيس أهل الكتاب :


من الإعجاز الغيبى فى كتاب الله إخباره عن أشكال التحريف التى نالت كتب أهل الكتاب المختلفة من تبديل و زيادة و نقصان و إخفاء و كتمان و تأليف
و لكن نركزههنا مع أية عظيمة فى هذا الشأن و هى قوله تعالى ((...قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ))
فالله عز و جل يخبر أهل الكتاب ههنا أنهم أبدو شيئاً مما أوحاه الله و أخفو الكثير منها على شكل قراطيس أو وثائق مطوية و ملفوفة
و كان المستشرقون يشهرون بالقرأن و يتحدونه فى هذا كما قال صاحب كتاب"المسيحيون فى مكة" فى القرن التساع عشر: [ يزعم القرأن أن أهل الكتاب يخفون بعض ما أوحى إليهم على شكل لفائف و قراطيس و نحن نتحداهم أن يخبرونا أين ذلك فى العالم ]

و قد هلك هو و من شاكلته و بقى كتاب الله غضاً طرياً بحر لا يدرك غوره ، فشاء العليم الحكيم أن تكتشف فى وادى قمران عند البحر الميت فى احدى عشر كهفاً مخطوطات للكتاب المقدس تعود للقرن الثانى و الأول قبل الميلاد و تضم أكثر من 850 مخطوطة كثير من أسفارها ما كان يعلم الخلف من أهل الكتاب عنها شىء ، و كلها على شكل لفائف"قراطيس" حتى أطلق عليها علماء الأثار dead sea scrollsفانظر إلى دقة تعبير القرأن تنزيل عالم الغيب و الشهادة!

و الأعجب أن هذه المخطوطات بالتحديد تضمنت الكثير من البشارات المخفية برسول الله و أمته المؤمنة
و من ذلك فقط على سبيل المثال ما أورده الباحث هشام طلبة حفظه الله من موافقة حرفية لما ورد فى وصف المسلمين فى الانجيل فى خاتمة سورة الفتح و ما ورد على لسان المسيح عن أمة الملكوت فيما يعرف برسالة جيمس السرية" The Apocryphon Of James
(حيث يشبه المؤلف مملكة السماء-و هي دولة المسيح المنتظر, يشبهها بنخلة خرج منها برعم (شطأ-فراخ) ثم تدلي من هذا البرعم ثمار حوله, وأخرجت هذه الثمار ورقاً.و حين شبت استغلظت هذه الثمار تسببت في جفاف منبعها. و أصبحت هذه الثمار (الخارجة من البرعم) مع تلك الخارجة من الشجرة الأصلية.
Do not allow the kingdom of heaven to wither; for it is like a palm shoot whose fruit has dropped down around it . they (I.E, the fallen fruits) put forth leaves, and after they had sprouted , they caused their womb to dry up. So it is also with the fruit which had grown from this single root


http://www.gnosis.org/naghamm/jam.html


و هذا هو بالضبط قوله تعالى ((وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ ))
ملحوظة: ان هذه الاكتشافات الباهرة لا تعنى التسليم بكل ما فى هذه الأسفار المخفية ، فكل كتب أهل الكتاب طالتها التحريف و لكن شاء الله أن يبقى فى جميعها أثر للنور و البشارات الصريحة و البراهين الساطعة على صدق الوحى المحمدى سواء فى الكتاب المقدسة لدى القوم أو المكتشفة فى أغوار الكهوف!


اخباره بأجله عليه السلام فى سورة النصر :


كذلك من الغيبيات التى اشتمل عليها القرأن أن نعى للنبى صلى الله عليه و سلم نفسه بعد فتح مكة و دخول الناس فى دين الله بينما هو فى حجة الوداع و بالفعل مات بعدها رسول الله صلى الله عليه و سلم فى نفس العام، فقال تعالى
((إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3)))

فأخبره تعالى أن النصر و الفتح قد تحققا و دخل الناس فى الدين أفواجاً فاستعد يا رسول الله للقاء ربك بكثرة التسبيح و الاستغفار، لذا لم ينفك رسول الله منذ نزلت هذه السورة يقول فى ركوعه و سجوده (سبحانك اللهم ربنا و بحمدك اللهم اغفر لى)

و عن ابن عباس قال : (( كَانَ عُمَر يُدْخِلنِي مَعَ أَشْيَاخ بَدْر فَكَأَنَّ بَعْضهمْ وَجَدَ فِي نَفْسه فَقَالَ لِمَ يَدْخُل هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاء مِثْله ؟ فَقَالَ عُمَر إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ فَدَعَاهُمْ ذَات يَوْم فَأَدْخَلَنِي مَعَهُمْ فَمَا رَأَيْت أَنَّهُ دَعَانِي فِيهِمْ يَوْمئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَد اللَّه وَنَسْتَغْفِرهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا وَسَكَتَ بَعْضهمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَالَ لِي أَكَذَلِكَ تَقُول يَا اِبْن عَبَّاس ؟ فَقُلْت لَا فَقَالَ مَا تَقُول ؟ فَقُلْت هُوَ أَجَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ قَالَ " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " فَذَلِكَ عَلَامَة أَجَلك قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب لَا أَعْلَم مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُول)) رواه البخارى

و روى الحافظان أبو بكر البزار و البيهقى عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : ((أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَة " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَط أَيَّام التَّشْرِيق فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاع فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاء فَرُحِّلَتْ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاس فَذَكَرَ خُطْبَته الْمَشْهُورَة))


سيقول السفهاء :


لما نسخ الله تعالى اتخاذ بيت المقدس قبلة و أمر باستقبال المسجد الحرام ، اعترض بعض السفهاء على مشيئة الله و تصرفه فى ملكه و شنعوا بذلك فأنزل تعالى قوله ((سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))
و فى الأية اشارة الى أن القول لن يتوقف و انما سيستمر مستقبلاً فقال تعالى (( سيقول))

قال القرطبى: (أَعْلَمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ سَيَقُولُونَ فِي تَحْوِيل الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الشَّام إِلَى الْكَعْبَة , مَا وَلَّاهُمْ . و " سَيَقُولُ " بِمَعْنَى قَالَ , جَعَلَ الْمُسْتَقْبَل مَوْضِع الْمَاضِي , دَلَالَة عَلَى اِسْتِدَامَة ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ يَسْتَمِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْل)

و بالفعل نحن نرى الى يومنا هذا تشنيع أعداء الإسلام على النسخ فى الأحكام بيد أن النسخ علم يشتمل على حكم باهرة و اعجازات تشريعية فريدة ليس هذا محل بحثها
لكن الشاهد كما قلنا أن القرأن أخبر بأن الاعتراض على تحويل القبلة سيظل يقال ، سبحان الله لو أراد أحد هؤلاء العمى أن يبطل إعجاز الأية لأحجم عن الكلام فى النسخ و الإعتراض على تحويل القبلة لكننا نراهم بأعيننا و نسمعهم بأذاننا فى يومنا هذا يرددون نفس الاعتراض الذى أجابه الله ببساطه بأنه مالك الملك و المالك يتحكم فى ملكه كيف يشاء فله المشرق و المغرب و أينما نولى وجوهنا فثم وجه الله لكنها عبودية الطاعة و الملك لله تعالى


الإخبار عن إنتصار الدين و ظهوره :


أخبر رب العزة فى غير ما موضع من كتابه عن التمكين لدينه و إتمام نوره ، و كانت تتنزل هذه الأيات فى أشد مراحل الدعوة شقاءً و استضعافاً، و من ذلك قوله تعالى:
((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))

و قال تعالى ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))

و بالفعل أتم الله نوره و أكمل دينه و حفظ رسالته كما قال عز و جل ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً))

و بلغت الرسالة المحمدية أقطار الدنيا و دانت بها الأمة العريقة و انتصر الصحابة الفقراء المستضعفون و صنع الله المجد بأيديهم فحكموا العالم و ساسوه باذنه مصداقاً لقوله جل و علا ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ))
و قوله سبحانه ((و َنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))


النبوءة بنصر بدر العظيم :


وذلك في وقت كان المسلمون يعانون في مكة صنوف الاضطهاد ويُسامون سوء النكال؛ وفي وسط هذا البلاء نزل على النبي  قوله تعالى: (( أكفاركم خيرٌ من أولئكم أم لكم براءةٌ في الزبر * أم يقولون نحن جميعٌ منتصرٌ * سيهزم الجمع ويولون الدبر* بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ )) (القمر: 43-46).

فقال عمر بن الخطاب أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله صلى الله عليه و سلم يثِب في الدرع، وهو يقول: ((سيهزم الجمع ويولون الدبر)) فعرفتُ تأويلها يومئذ. جامع البيان (22/602).

فهذه الآية نزلت قبل الهجرة بسنوات؛ تتحدث عن غزوة بدر واندحار المشركين فيها، وتتنبأ بهزيمتهم وفلول جمعهم.
وقبيل معركة بدر أدرك النبي صلى الله عليه و سلم اقتراب تحقق الوعد القديم الذي وعده الله، فقام إلى العريش يدعو ربه ويناجيه: ((اللهم إني أنشِدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئت لم تُعبَد بعدَ اليوم)) ثم خرج عليه السلام من عريشه، وهو يقول: (( سيهزم الجمع ويولون الدبر * بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر )). رواه البخاري ح (2915).


البشارة بفتح مكة و تحقق رؤيا رسول الله :


لما أخرج المشركون رسول الله مهاجراً إلى ربه و الحزن يملأ قلبه على فراق وطنه مكة أنزل العليم الحكيم بشارة عظيمة على قلب رسوله وهو قريب من الجُحفة فقال له مواسياً فى ختام سور القصص: (( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ))

قال القرطبي: "ختم السورة ببشارة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم بردِّه إلى مكة قاهراً لأعدائه .. وهو قول جابر بن عبد الله وابن عباس و مجاهد وغيرهم". الجامع لأحكام القرآن (13/248).

- و فى سنة ست من الهجرة رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم فى رؤياه أنه يأتى المسجد الحرام و يطوف به فأخبر أصحابه، فسُروا بذلك، و لكن ظنوا أن ذلك يكون في عامهم، فتجهزوا مع النبي صلى الله عليه و سلم آمّين البيت الحرام معظمين لحرْمَته، فصدتهم قريش عن البيت، وانتهى الأمر بإبرام صلح الحديبية الذي ألزم المسلمين بالعودة إلى المدينة، وأن يعتمروا من عامهم القابل.
وشعر الصحابة بغبن الشروط التي تضمنها الصلح، فجاء عمر الفاروق يستفسر من رسول الله و يراجعه فقال عليه السلام: ((يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبداً)) ... فنزلت سورة الفتح -إنا فتحنا لك فتحا مبيناً -فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم على عمر إلى آخرها.فقال عمر: يا رسول الله أوَفتح هو؟ قال: ((نعم)). وأنزل الله في إثرها آياتٍ من سورة الفتح
رواه البخاري ح (4484)، ومسلم ح (1785).

فسبحان العليم الخبير اللذى سمى صلح الحديبية الذى ظاهره التنازل فتحاً، وقد كان
قال [الزهري]: [لم يكن في الإسلام فتحٌ قبلَ فتح الحديبية أعظمَ منه, وإنما كان الكفر حيث القتال, فلما أمن الناس كلهم؛ كلم بعضُهم بعضاً، وتفاوضوا في الحديث والمنازعة، ولم يكن أحد في الإسلام يعقِل شيئاً إلا بادر إلى الدخول فيه , فلقد دخل في تلك السنتين مثلُ من كان دخل في الإسلام قبل ذلك أو أكثر] .
قال ابن هشام: [ويدل عليه؛ أنه صلى الله عليه و سلم خرج في الحديبية في ألف وأربعِمائة، ثم خرج بعد سنتين إلى فتح مكة في عشرةِ آلاف] . فتح الباري (7/506)، وانظر سيرة ابن هشام (2/321).

و لما هم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعودة إلى المدينة عام الحديبية أتاه عمر فقال: أوليس كنتَ تحدثُنا أنا سنأتي البيت فنطوفَ به؟ قال: ((بلى، فأخبرتُكَ أنّا نأتيه العام؟)) فقال عمر: لا. فقال صلى الله عليه و سلم: ((فإنك آتيه ومطَوِّفٌ به)). رواه البخاري ح (2734).

ونزلت آيات القرآن تؤكد صدقَ ما رآه النبي صلى الله عليه و سلم في رؤياه وتنبأ بحتميةَ تحققِ ما أوحى الله إليه في رؤياه: (( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون ))
وقد تحقق ذلك في عمرة القضاء في العام الذي يليه فطاف رسول الله و اعتمر هو و أصحابه أمنين محلقين و مقصرين، و الحمد لله رب العالمين


البشارة بفتحٍ خيبر و مغانمها :


أثاب الله الصحابة على صدق بيعتهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم عند شجرة الرضوان بفتح قريب ومغانم وفيرة، أثابهم بفتح خيبر، فقال واعداً إياهم: (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً * ومغانم كثيرةً يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً *وعدكم الله مغانم كثيرةً تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آيةً للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً ))

قال الطبري: [ وأثاب الله هؤلاء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم تحت الشجرة - مع ما أكرمهم به من رضاهُ عنهم وإنزالِه السكينة عليهم وإثابتِه إياهم – فتحاً قريباً ، معه مغانمُ كثيرةٌ يأخذونها من أموال يهود خيبر، فإن الله جعل ذلك خاصة لأهل بيعة الرضوان دون غيرهم] جامع البيان (11/347).

والتنبؤ بفتح خيبر لم يكن تنبؤاً بأمر ميسور قريب النوال، بل هو أمر دونه خرط القتاد؛ فإن خيبر حصون منيعة ، وفيها عشرة آلاف من المقاتلين الشجعان ، أي ما يساوي سبع مرات عدد المسلمين القادمين لفتحها ، لكنه موعود الله.
وما إن لاحت بالأفق حصونها حتى قال صلى الله عليه و سلم: ((خرِبت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ، قال أنس: فهزمهم الله)). رواه مسلم ح (3361).


إخبار القرأن عن قتال بنى حنيفة :


إذ أُنزل فى القرأن وعد للأعراب الذين لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه و سلم إلى عمرة الحديبية، فقال لهم الله مختبراً صدقهم وإيمانهم: ((قل للمخلفين من الأعراب ستُدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً ))

قال رافعٍ بنِ خَديج رضى الله عنه: ((والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) فلا نعلم من هم، حتى دعانا أبو بكرٍ إلى قتال بني حنيفة، فعلمنا أنهم هم)). الجامع لأحكام القرآن (16/231).
فكان هذا الوعد غيباً آخرَ أطلع الله عليه نبيه، حين بشره بالنصر والظفر على قوم أولي بأس شديد، يُدعى هؤلاء الأعراب إلى قتالهم، وكان ذلك في حروب المرتدين أتباعِ مسيلمةَ الكذاب و التى كانت من أشرس المعارك بل أشرسها فى جزيرة العرب و إنتهت بانتصار المؤمنين و قتل الكذاب و إسلام قومه و لله الحمد و المنة

يتبع إن شاء الله.....
__________________
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس :إنّ فيك خَصلتين يُحبهما الله:الحلمُ ، والأناةُ )رواه مسلم :1/48
وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(من أحبّ لِقاء الله أحبّ الله لقاءهُ ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءهُ ) رواه مسلم : 4/2065
رد مع اقتباس