عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2009-06-28, 04:09 AM
حفيدة الحميراء حفيدة الحميراء غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2008-11-30
المكان: مــصـــر مــقــبرة الـروافــض
المشاركات: 907
افتراضي

ثامناً. الانشغال عَنْ الْحَدِيْث :

الْحَدِيْث النبوي الشريف أحد المراجع الرئيسة للفقه الإسلامي ، لذا كَانَ علم الْحَدِيْث رِوَايَة ودراية من أشرف العلوم وأجلها ، بَلْ هُوَ أجلها عَلَى الإطلاق بَعْدَ العلم بالقرآن الكريم الَّذِيْ هُوَ أصل الدين ومنبع الطريق المستقيم ، فالحديث هُوَ المصدر الثاني للتشريع الإسلامي ، بعضه يستقل بالتشريع ، وكثيرٌ مِنْهُ شارح لكتاب الله تَعَالَى مبينٌ لما جاء فِيْهِ .

قَالَ تعالى ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (168) من هَذَا أدرك المسلمون أهمية الْحَدِيْث النبوي الشريف فعانوا ما عانوا من أجل حفظ الْحَدِيْث النبوي الشريف، فتخلوا عَنْ كُلّ شيء أمام هَذَا الهدف العزيز الغالي، وَهُوَ حَدِيْث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَعَالَى: ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (169).

وللحرص الشديد عَلَى حفظ السنة، اهتمَّ المسلمون بمذاكرة الْحَدِيْث ومدارسته من أجل حفظه وضبطه وإتقانه ، فكان الْمُحَدِّثُوْنَ يكتبون بالنهار ويعارضون(170) بالليل ويحفظون بالنهار ويتذاكرون بالليل.

وهكذا شأن الْمُحَدِّثِيْنَ ، ومن لَمْ يَكُنْ كذلك فلا يسمى من أهل الْحَدِيْث ، وأسند الإمام مُسْلِم في مقدمة صحيحه (171) عَنْ أبي الزناد (172) قَالَ : (( أدركت بالمدينة مئة ، كلهم مأمونون ما يؤخذ عَنْهُمْ الْحَدِيْث يقال : ليس من أهله )) (173) .


وَقَالَ مالك بن أنس (174) : (( أدركت مشايخ بالمدينة أبناء سبعين وثمانين لا يؤخذ عَنْهُمْ ، ويقدم ابن شهاب وَهُوَ دونهم في السن فتزدحم الناس عَلَيْهِ )) (175) .


وهناك أمور جعلت عدداً من جهابذة الْمُحَدِّثِيْنَ لا يأخذون عَنْ عدد كبير من الرُّوَاة هي أن هؤلاء الرُّوَاة كانوا يتشاغلون عَنْ الْحَدِيْث . والتشاغل عَنْ الْحَدِيْث مدعاة لعدم ضبط الْحَدِيْث وعدم إتقانه وربما كَانَ مآل ذَلِكَ إلى دخول بعض الوهم والعلل والاختلافات ؛ لأن المذاكرة والمراجعة يعينان عَلَى ضبط الْحَدِيْث وإتقانه .

والانشغال في بعض الأمور ربما يحول دون المذاكرة والمراجعة مِمَّا يؤدي إلى عدم ضبط الروايات.

ومن تِلْكَ الأمور :


أ. ولاية القضاء :


إنّ ولاية القضاء من الأمور الدينية المهمة، والمجتمع الإسلامي بحاجة لازمة إلى هَذَا المنصب قَالَ تَعَالَى : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ ) (176) .

ولمكانة هَذِهِ الوظيفة في الإسلام وأهميتها البالغة فالأمر يستدعي من القاضي توفيراً واسعاً لمزيدٍ من الوقت ، وتهيئة جوٍّ ملائم للقضاء ؛ لأن القضاء مسؤولية دينية ودنيوية ، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ وُلِّيَ القَضَاءَ ، أو جُعِلَ قاضِياً بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيرِ سِكِّين )) (177) .

إذن فهذه المسؤولية تستدعي تفرغاً وتفكُّراً ومراجعة ، والحديث النبوي يحتاج كَذَلِكَ إِلَى تفرُّغٍ نِسبِيٍّ للمراجعة والمذاكرة من أجل الحِفَاظ عَلَى الضبط .

وَقَدْ وجدنا حِيْنَ استقرأنا حال كَثِيْر من الرُّوَاة الَّذِيْنَ ولوا القضاء أنهم قَدْ خفّ ضبطهم لانشغالهم بهذا المنصب الوظيفي ،

ومن أولئك : شريك بن عَبْد الله النخعي الْقَاضِي ، حدّد ابن حِبّان تَخليطه بَعْدَ عام خمسين ومئة حِيْنَ تولى قضاء الكُوفَةِ (178) . وكذلك مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن أبي ليلى (179) قَالَ أبو حاتم الرازي : (( شغل بالقضاء فساء حفظه )) (180) .


ب. الاشتغال بالفقه :

الفقه الإسلامي يمثل الشريعة الإسلامية الغراء وذلك لما احتواه من الأصول العظيمة الَّتِيْ تصلح لكل زمان ومكان ، والفقه الإسلامي واسع في أصوله وفروعه . ومن يشتغل بهذا العلم العظيم يحتاج إلى خلفيات بعدة علوم . وهذا يستدعي وقتاً واسعاً وتفرغاً كبيراً، ومن كَانَ الفقه أكبر همه ربما قصَّر في ضبط بعض أحاديثه ؛ لأن ذَلِكَ ربما شغله عَنْ مراجعة حديثه. وكثير من الَّذِيْنَ يشتغلون بعلم من العلوم ويستفرغون العمر في تخصصهم يَكُوْن ذَلِكَ مدعاة للتقصير بالعلوم الأخرى .
وَقَدْ وجدنا بعض جهابذة الْحَدِيْث تَكَلَّمَ في بعض الرُّوَاة لِقَصْرِ تهممهم (181) عَلَى الفقه ، ومن أولئك حماد بن أبي سليمان (182) من كبار الفقهاء وشيخ أبي حَنِيْفَة النعمان (183) قَالَ عَنْهُ أبو إسحاق الشيباني(184): (( ما رأيت أحداً أفقه من حماد )) (185).

ومع هَذَا فَقَدْ نقل عَبْد الرحمان بن أبي حاتم (186) عَنْ أمير المؤمنين في الْحَدِيْث شعبة بن الحجاج قوله: (( كَانَ حماد – يعني : ابن أبي سليمان – لا يحفظ )) .

ثُمَّ عقّب ابن أَبِي حاتم عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ:
(( يعني : إن الغالب عَلَيْهِ الفقه وإنه لَمْ يرزق حفظ الآثار )) (187) . وَقَالَ أبو حاتم : (( هُوَ صدوق ولا يحتج بحديثه ، هُوَ مستقيم في الفقه ، وإذا جاء الآثار شوّش )) (188)

ومن هنا وضع علماء الجرح والتعديل قواعد في أنّ الفقهاء غَيْر الْمُحَدِّثِيْنَ يغلب عليهم الفقه دون حفظ المتون ، قَالَ ابن رجب الحنبلي : (( الفقهاء المعتنون بالرأي حَتَّى يغلب عليهم الاشتغال بِهِ ، لا يكادون يحفظون الْحَدِيْث كَمَا ينبغي ، ولا يقيمون أسانيده ولا متونه ، ويخطئون في حفظ الأسانيد كثيراً ، ويروون المتون بالمعنى ، ويخالفون الحفاظ في ألفاظه )) (189) .

وابن رجب مسبوق بهذا التنظير فَقَدْ قَالَ ابن حِبّان : [/COLOR](( الفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون وأحكامها وأداؤها بالمعنى دون حفظ الأسانيد وأسماء الْمُحَدِّثِيْنَ، فإذا رفع محدث خبراً ، وَكَانَ الغالب عَلَيْهِ الفقه ، لَمْ أقبل رفعه إلا من كتابه ؛ لأنه لا يعلم المسند من المرسل ، ولا الموقوف من المنقطع ، وإنما همته إحكام الْمَتْن فَقَطْ )) (190) .
__________________
وقال أبو الوفا بن عقيل رحمه الله:

انظر كيف اختار لمرضه بيت البنت، واختار لموضعه من الصلاة الأب، فما هذه الغفلة المستحوذة على قلوب الرافضة عن هذا الفضل والمنزلة التي لا تكاد تخفى عن البهيم فضلا عن الناطق.



و ما ضر المسك معاوية عطره
أن مات من شمه الزبال والجعل
رغم أنف من أبى

حوار هادئ مع الشيعة

اصبر قليلا فبعد العسر تيسير وكل امر له وقت وتدبير
رد مع اقتباس