الموضوع: الناس والشريعة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2020-10-19, 09:48 AM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,730
افتراضي الناس والشريعة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
((الناس والشريعة ))

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم ..أما بعد
أحبتي في الله ..
بعد أن ذكر القرآن الطريق من خلال سورة آل عمران كما بينت في الرسالة الماضية ، وجاءت سورة النساء لتتكلم عن أصل من أصول هذا المنهج وهو مراعاة الحقوق ، وكان على رأسها حقوق الضعفاء " النساء " جاءت سورة المائدة والتي قامت على اساس واضح في بيان عظم هذه الشريعة .
قال تعالى : "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ "
نعم لا يشعر بعظم الشريعة إلا أهل اليقين ، ولن يجاهد لتطبيقها إلا الموقنون الذين لن يقبلوا أن تزيف أو تبدل أو تميع أو يتنازل عنها " إن الحكم إلا لله "
لكن العجيب هو اسم السورة " المائدة " ما الرابط بين المائدة وبين الشريعة ؟!!
ارجع إلى آية المائدة المذكورة في خواتيم السورة :" قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ "
نعم المائدة رزق ، والشريعة رزق ، بل جالبة الرزق .
لذلك جاءت هذه الآية العظيمة في سورة المائدة لتحل لنا هذا الإشكال : " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ "
نعم تطبيق الشريعة هو الكفيل بالمائدة بالرزق ، وليس شيئا آخر ، ولو أننا أيقنا بذلك ، ولم نفكر في العواقب بطريقة الساسة ، ولا شغلنا بالتوافقيات على حال من قال فيهم القرآن "فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا "
هذا هو الحل لكن الناس مع الشريعة أقسام
(1) منهم من لا عقيدة له ، وبالتالي لا يقين عنده بمثل ذلك ، فهو كالأنعام كما ججاءت سورة الأنعام بعد ذلك تبين شأنه ، فسورة الأنعام هي سورة العقيدة والرد على باطل الشرك بالحجج ، وهي تقول بعبارة يسيرة : إنسان بلا عقيدة = أنعام
ولكن إنسان العقيدة هو من يرفع شعار ، حياتي كلها لله ، " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ "
(2) وهناك قسم متذبذب ، لذلك تهتف فيه السورة من البداية " فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ " هو على الأعراف ، بسبب غفلته وأحيانا كبره ، لا يريد الشريعة ، ويعيش يأخذ منها ما يناسب هواه ، ويترك ما يخالف هواه ، يظل لا يعي ولا يشعر بقيمة هذه الشريعة ، وفي حقيقية الأأمر مثله كمثل الفريق الأول ن لذلك جاء هذه الآية في سورة الأعراف ناطقة بهذه الحقيقية .
" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ "
وتنتهي السورة بذكر العلاج :
أولا : الذكر في مقابل الغفلة ذكرا مؤثرا يتغلغل النفس والقلب" وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ
ثانيا : التواضع والتذلل لله تعالى بكثرة السجود ، بالعبادة لله تعالى ، " إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ "
لاسيما أن هذا طريق الإصلاح كما وصفته السورة في أعظم بيان " :وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ "
نعم تمسك بالكتاب ، ومسِّك الناس الكتاب ، وأقم الصلاة ، وافزع لها في وقت المحن ، وكن صاحب عقيدة راسخة ، وجاهد بكل ما تستطيع لتطبيق الشريعة ، وليس لأي حسابات أخرى ، ساعتها يكون الطريق طريق الحق في مواجهة طرق الباطل ، ولا تتلون الصورة بالألاعيب أو الصفقات السياسية ، وساعتها الحق أبلج.
§§§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس