عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2019-04-25, 10:55 PM
أبو بلال المصرى أبو بلال المصرى غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-11-08
المشاركات: 1,528
افتراضي رد: من دُرَر... إمامىّ الهدى ومُجددىّ الملة ::أُعجـــــوبتىّ الفُقــــــــهاء::.... مُتجد

قاعدة في مشاهد الناس في المعاصي والذنوب
الناس في البلوى التي تجري عليهم أحكامها بإرادتهم وشهواتهم متفاوتون بحسب شهودهم لأسبابها وغايتها أعظم تفاوت وجماع ذلك ثمانية مشاهد



أحدها شهود السبب الموصل إليها والغاية المطلوبة منها فقط وهو شهود الحيوانات إذ لا تشهد إلا طريق وطرها وبرد النفس بعد تناولها وهذا الضرب من الناس ليس بينه وبين الحيوان البهيم في ذلك فرق إلا بدقيق الحيلة في الوصول إليها وربما زاد غيره من الحيوانات عليه مع تناولها ولذاتها
المشهد الثاني من يشهد مع ذلك مجرد الحكم القدري وجريانه عليه ولا يجوز شهوده ذلك وربما رأى أن الحقيقة هي توفية هذا المشهد حقه ولا يتم له ذلك إلا بالفناء عن شهود فعله هو جملة فيشهد الفاعل فيه غيره والمحرك سواه فلا ينسب إلى نفسه فعلا ولا يرى لها إساءة ويزعم أن هذا هو التحقيق والتوحيد وربما زاد على ذلك أنه يشهد نفسه مطيعا من وجه وإن كان عاصيا من وجه آخر فيقول أنا مطيع الإرادة والمشيئة وإن كنت عاصيا للأمر وإن كان ممن يرى الأمر تلبيسا وضبطا للرعاع عن الخبط والحرمان مع حكم الطبيعة الحيوانية فقد رأى نفسه مطيعا لا عاصيا كما قال قائلهم في هذا المعنى
أصبحت منفعلا لما يختاره ... مني ففعلي كله طاعات
وأصحاب المشهد الأول أقرب إلى السلامة من هؤلاء وخير منهم وهذا المشهد بعينه هو المشهد الذي يشهده المشركون عباد الأصنام ووقفوا عنده كما قالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ,,,,وقالوا لو شاء الله ما أشركنا ولا أباؤنا ولا حرمنا من شيء



وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين أمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه

فهذا مشهد من أشرك بالله ورد أمره وهو مشهد إبليس الذي انتهى إليه إذ يقول لربه رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين والله أعلم
المشهد الثالث مشهد العقل الكسبي القائم بالعبد فقط ولا يشهد إلا صدوره عنه وقيامه به ولا يشهد مع ذلك مشيئة الرب له ولا جريان حكمه القدري به ولا عزة الرب في قضائه ونفوذ أمره بل قد فني بشهود معصيته بذنبه وقبح ما اجترمه عن شهود المشيئة النافذة والقدر السابق إما لعدم اتساع قلبه لشهود الأمرين فقد امتلأ من شهود ذنبه وجرمه وفعله مع أنه مؤمن بقضاء الرب وقدره وأن العبد أقل قدرا من أن يحدث في نفسه ما لم يسبق به مشيئة بارئه وخالقه وإما لإنكاره القضاء والقدر جملة وتنزيهه للرب أن يقدر على العبد شيئا ثم يلومه عليه فأما الأول وإن كان مشهده صحيحا نافعا له موجبا له أن لا يزال لائما لنفسه مزريا عليها ناسيا للذنب والعيب إليها معترفا بأنه يستحق العقوبة والنكال وأن الله سبحانه إن عاقبه فهو العادل فيه وأنه هو الظالم لنفسه وهذا كله حق لا ريب فيه لكن صاحبه ضعيف مغلوب مع نفسه غير معان عليها بل هو معها كالمقهور المخذول فإنه لم يشهد عزة الرب في قضائه ونفوذ أمره الكوني ومشيئته وأنه لو شاء لعصمه وحفظه وأنه لا معصوم إلا من عصمه ولا محفوظ إلا من حفظه وأنه هو محل لجريان أقضيته وأقداره مسوق إليها في سلسلة
إرادته وشهوته


رد مع اقتباس