عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2008-03-13, 10:57 AM
سالم سالم غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2007-12-11
المشاركات: 66
افتراضي

تريد أن يتفرقوا عنك؟ حدثهم بغير إسناد. فقال: انظروا إلى هذا يأمرني أن أصعد فوق البيت بغير درجة. قال صالح : يعني أن الحديث بلا إسناد

ليس بشيء، وأن الإسناد درج المتون، به يوصل إليها(54).

هـ- ما روي عن الأوزاعي :
روي عن الأوزاعي أنه قال : ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد(55).

و- ما روي عن شعبة :
روي عن مؤمل بن إسماعيل أنه قال : سمعت شعبة يقول. كل حديث ليس فيه: حدثنا وأخبرنا، فهو مثل الرجل في الفلاة معه البعير ليس له

خطام(56).
وفي رواية : كل حديث ليس فيه : حدثنا وأنبأنا فهو خل وبقل(57).
وفي أخرى : كل حديث ليس فيه (( أنا وثنا)) فهو خل وبقل(58).


ــــــــــــــــــــــــــــ
(54) الخطيب : الكفاية 557 وابن عيينة : هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام سفيان بن عيينة بن ميمون ، ابو محمد الهلالي الكوفي ،

محدث الحرم متفق علي أمانته والاحتجاج به ، مات سنة 198 هـ تذكره الحفاظ 1/262وما بعدهاً . وأما صالح فهو الحافظ : صالح بن

أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح بن قيس بن هذيل بن يزيد بن العباس بن الأحنف ابن قيس . أبو الفضل التميمي ، كان من أركان الحديث

وكان ثقة حافظاً : مات سنة 384 هـ : تذكره الحفاظ 3/985
(55) ابن رجب : شرح علل الترمذي 88 ، والأوزاعي : هو الإمام شيخ الاسلام أبو عمرو ، عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الدمشقي

مات سنة 157 هـ تذكره الحفاظ 1/178 وما بعدها .
(56) ابن حبان : المجروحين 1/27
(57) ابن حبان : المجروحين 1/28
(58) الخطيب : الكفاية 412 وشعبة : هو الحافظ الحجة شعبة بن الحجاج بن الورد أبو بسطام الأزدي العتكي ، مولاهم الواسطي نزيل

البصرة ومحدثها ، مات سنة 160هـ انظر تذكره الحفاظ 1/193 وما بعدها .

------

ز- ما روي عن عبد الله بن المبارك :
قال ابن المبارك : الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء(59).
وقال : طلب الإسناد المتصل من الدين(60).
وقال أيضاً : بيننا وبين القوم القوائم : يعني الأسانيد(61).
وعنه قال : مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرقى السطح بلا سلم(62).

حـ- ما روي عن الشافعي :
روي عن الشافعي أنه قال : مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل(63).

ط- ما روي عن حماد بن زيد :
روي عن بقية بن الوليد أنه قال: ذاكرت حماد بن زيد بأحاديث، فقال: ما أجودها لو كان لها أجنحة: يعني إسناداً(64).

ــــــــــــــــــــــــــــ
(59) مسلم : بشرح النووي 1/ 87وابن حبان المجروحين1/ 26 وعياض الإلماع 194 ، والرامهرمزي : المحدث الفاضل 209 بلفظ

كل ماشاء وابن المبارك : هو الأمام الحافظ عبدالله بن المبارك بن واضح أبو عبد الرحمن الحنظلي ، مولاهم المروزي ، قال شعبة : ماقدم

علينا مثل ابن المبارك ، مات سنة 181 هـ تذكره الحفاظ 1/274
(60) الخطيب الكفاية 557
(61) مسلم : بشرح النووي 1/88وفيه تشبيه الحديث بالحيوان ، لايقوم بغير اسناد كما لايقوم الحيوان بلا قوائم
(62) الخطيب الكفاية 558
(63) الزرقاني : شرح المواهب 5/453 والسخاوي : فتح المغيث 3/5هو الأمام العلم حبرالأمة، ابو عبدالله ، محمد بن ادريس بن

العباس بن عثمان بن شافع الشافعي القرشي المطلبي ، مات بمصر سنة 204 تذكره الحفاظ 1/ 361وما بعدها
(64) الزرقاني : شرح المواهب 5/453وحماد بن زيد هو الامام الحافظ حماد بن زيد بن درهم شيخ العراق أبو اسماعيل الأزدي

مولاهم البصري ، قال ابن معين ليس أحد أثبت من حماد بن يزيد ، مات سنة 179 هـ تذكره الحفاظ 1 / 228– 229 . وبقية بن الوليد : هو

الإمام الحافظ محدث الشام ، أبو يحمد الكلاعي الحميري ، الميتمي ، الحمصي كان واسع العلم وكان يدلس كثيراً ، مات سنة 197 هـ تذكره

الحفاظ 1/ 289- 290
----------

ي- ما روي عن عبد الله بن طاهر :
روي عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنه قال: كان عبدالله ابن طاهر إذا سألني عن حديث فذكرته له بلا إسناد، سألني عن إسناده ويقول :

رواية الحديث بلا إسناد من عمل الزمني، فإن إسناد الحديث كرامة من الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم(65).
ك- ما قاله الحاكم فيه :
قال الحاكم : فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له، وكثرة مواظبتهم على حفظه، لدرس منار الإسلام، ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع

الأحاديث، وقلب السانيد، فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود السانيد فيها كانت بتراً(66).
ل- ما قاله ابن حبان :
قال ابن حبان : ولو لم يكن الإسناد وطلب هذه الطائفة له لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائر الأمم(67).

م- ما قاله القاضي عياض :
قال القاضي عياض : فاعلم أن مدار الحديث على الإسناد فيه فبه تتبين صحته ويظهر اتصاله(68).

ــــــــــــــــــــــــــــ
(65) الرزقاني : شرح المواهب5/ 453 والزمني : المرضي ، وعبدالله بن طاهر : ابن الحسين ، ابو العباس الخزاعي ، امير خراسان

، للخليفة المأمون ، مات سنة 230 هـ تاريخ بغداد 9 / 483 وما بعدها .
(66) الحاكم : معرفة علوم الحديث 6 ، والحاكم : هو الحافظ الكبير ، أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد بن حمدويه النيسابوري

المعروف بابن البيع ، صاحب المستدرك وغيره من التصانيف المفيدة توفي سنة 405 انظر : تذكره الحفاظ 3/ 1039وما بعدها
(67) ابن حبان : المجروحين 1/ 25وابن حبان : هو الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي البستي ، صاحب

التصانيف ، كان من فقهاء الدين وحفاظ الآثار ، توفي سنة 354 هـ انظر تذكرة الحفاظ 3/ 920 وما بعدها
(68) عياض : الالماع 184 باختصار ، وعياض : هو القاضي عالم المغرب أبو الفضل عياض بن موسي بن عياض بن عمرو

اليحصبي البستي الحافظ صاحب كتاب الشفاء وغيره من المصنفات المفيدة : قال ابن خلكان : هو إمام الحديث في وقته ، توفي سنة 544 هـ

تذكره الحافظ 4 / 1304 وما بعدها

------

ن- ما أنشده القعنبي في الثناء عليه :
أنشد القعنبي في الثناء على الإسناد أبياتاً قال فيها :

إذا لم يكن خبر صحيح عن الأشياخ متضح الطريق
فلا ترفع به رأسا ودعه فإني ناصح لك ياصديقي
وإسقاط المشائخ من حديث أشد عليّ من ثكل الشقيق
وما في الأرض خير من حديث له نور بإسناد وثيق(69).

هذا وقال اللكنوي بعد إيراده لبعض هذه الأقوال : فهذه العبارات بصراحتها أو بإشارتها تدل على أنه لابد من الإسناد في كل أمر من أمود الدين،

وعليه الاعتماد، أعم من أن يكون ذلك الأمر من قبيل الأخبار النبوية أو الأحكام الشرعية، أو المناقب والفضائل والمغازي والسير والفواضل

وغير ذلك من الأمور التي لها تعلق بالدين المتين والشرع المبين، فشيء من هذه الأمور لا ينبغي عليه الاعتماد، ما لم يتأكد بالإسناد،

ولاسيما بعد القرون المشهود لهم بالخير(70).

4- أقسام الإسناد وأنواعه :
ينقسم الإسناد إلى : متصل وغير متصل.
أما المتصل : فهو الذي اتصلت سلسلة رواته من أوله إلى منتهاه وهو يشمل المرفوع والموقوف والمقطوع(71)، ويسميه

بعضهم المسند على القول بأن المسند هو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(69) عياض : الإلماع 197 – 198 والقعنبي : هو الحافظ عبدالله بن مسلمة بن قعنب ، أبو عبد الرحمن الحارثي الضبي المدني ،

نزيل البصرة ثم مكة ، احد رواه الموطأ عن مالك بن أنس ، ثقة حجة ، مجاب الدعوة ، توفي سنة 221 هـ تذكره الحفاظ 1/383-384
(70) اللكنوي : الاجوبة الفاضلة 27 واللكنوي : هو الإمام أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي المتوفي سنة 1304 هـ
(71) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 121 ، والنووي : التقريب بشرح السيوطي108 والمرفوع : هو ما انتهي الي النبي صلي الله

عليه وسلم والموقوف : ما انتهي الي الصحابة رضي الله عنهم والمقطوع ما انتهي الي التابعين موقوفا عليهم من اقوالهم وأفعالهم .

----------

ما اتصل إسناده، سواء كان مرفوعاً أو موقوفاً أو مقطوعاً(72).
وقد يكون الإسناد المتصل صحيحاً، إذا كان رجاله عدولا ضابطين وقد لا يكون صحيحاً إذا فقد رجاله أو بعضهم العدالة أو الضبط،

أو هما معاً(73).
وأما غير المتصل فهو ما سقط من سلسلة رجاله راو أو أكثر، من أوله أو وسطه أو منتهاه. ويعتبر بذلك السند ضعيفاً، لفقده

شرط الاتصال، وهو أنواع:
النوع الأول: المرسل ، وهو ما سقط منه الصحابي، سواء قال التابعي الكبير فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو التابعي الصغير

وهو ضعيف عند جمهور المحدثين وكثير من الفقهاء والأصوليين وذهب فريق من العلماء إلى القول: بأنه صحيح(74).
النوع الثاني : المنقطع، وهو ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان انقطاعه، وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعي عن

الصحابي، كمالك بن أنس عن عبد الله بن عمر.
وقيل : هو ما اختل منه رجل قبل التابعي محذوفاً كان أو مبهماً، كرجل، أو أثنين لا على التوالي(75).

النوع الثالث : المعضَل ، يفتح الضاد، وهو ما سقط منه اثنان فأكثر.
قال ابن الصلاح : وهو لقب خاص من المنقطع، فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضلا(76). وفرق السيوطي بينهما فقال: هو ما سقط

من إسناده اثنان فأكثر بشرط التوالي، أما إذا لم يتوال فهو منقطع من موضعين(77).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(72) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 119 ، والنووي : التقريب بشرح السيوطي 107
(73) انظر السخاوي : فتح المغيث 87
(74) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 130 وما بعدها والنووي التقريب بشرح السيوطي 117 وما بعدها
(75) النووي : التقريب وشرحه للسيوطي 126-127
(76) ابن الصلاح : علوم الحديث147
(77) السيوطي : تدريب الراوي 129 والمعضل من الرباعي ، والمتعدي ، يقال أعضله ومعضل وعضيل وأعله المرض فهو عليل

بمعني معل ، والعضيل المستغلق الشديد انظر فتح المغيث 1 /151

-----
النوع الرابع : المعلق، وهو أن يحذف من أول الإسناد واحد فأكثر، واستعمله بعضهم في حذف كل الإسناد كقوله: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم(78). فما كان منه في كتاب التزمت فيه الصحة، وكان بصيغة الجزم كقال، وفعل، وأمر، وروى، وذكر فلان. فهو حكم

بصحته عن المضاف إليه ، لأنه لا يستجيز أن يجزم بذلك عنه إلا وقد صح عنده عنه، وما ليس فيه جزم، كيروى، ويذكر، ويحكى، ويقال

وروي ، وذكر، وحكي عن فلان كذا، فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه(79).

النوع الخامس : التدليس ، وهو قسمان :
أحدهما : تدليس الإسناد، وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، موهماً أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يقله موهماً

أنه قد لقيه وسمعه منه، ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر، ومن شأنه أن لا يقول في ذلك أخبرنا فلان، أو عن فلان وغيرهما من صيغ

الاحتمال.
وثانيهما : تدليس الشيوخ ، وهو أن يروي عن شيخ حديثاً سمعه منه، فيسميه، أو يكنيه، أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي

لا يعرف(80).
والذي يهمنا منه هو تدليس الإسناد، إذ هو الذي يتصور فيه السقط دون تدليس الشيوخ، وهو مكروه جداً، ذمه أكثر العلماء، ثم

قال فريق منهم: من عرف به صار مجروحاً مردود الرواية، وان بين السماع، والصحيح التفصيل، وإن ما رواه المدلس بلفظ محتمل لم يبين

فيه السماع والاتصال حكمه حكم المرسل، ومارواه بلفظ مبين للاتصال نحو: سمعت، وحدثنا، وأخبرنا، وأشباهها فهو مقبول محتج به. وفي

الصحيحين وغيرهما من هذا الضرب كثير(81).

ــــــــــــــــــــــــــــ
(78) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 96 والنووي التقربي بشرح السيوطي 136
(79) انظر النووي : التقريب وشرحه للسيوطي 60 وما بعدها
(80) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 165 وما بعدها والنووي التقريب بشرح السيوطي 139وما بعدها
(81) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 169وما بعدها والنووي التقريب بشرح السيوطي 143 – 144

------

هذا و يتنوع الإسناد باعتبارات أخرى إلى أنواع عديدة منها: المعنعن، وهو الذي يقال فيه: فلان عن فلان. عده بعض الناس من

قبيل المرسل والمنقطع، والصحيح الذي عليه العمل، وقاله الجمهور من أصحاب الحديث والفقه والأصول إنه من قبيل الإسناد المتصل، بشرط أن

لا يكون المعنعن مدلساً، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضاً، ومن المحدثين من لم يشترط اللقاء(82).
ومنها : الإسناد المؤنن ، وهو الذي يقال فيه مثلا: حدثنا الزهري أن سعيد بن المسيب حدثه بكذا وكذا. فقال أحمد بن حنبل،

وجماعة من العلماء: لا تلتحق أن وشبهها بعن، بل يكون منقطعاً حتى يتبين السماع.
وقال الجمهور : أن كعن، ومطلقة محمول على السماع بالشرط المتقدم في المعنعن(83).
ومنها : الإسناد العالي والنازل ، والعالي خمسة أقسام:
أولها : القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح، وهو أجل أقسام العلو، لأن قرب الإسناد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه

وسلم، والقرب إليه قرب من الله عز وجل.
الثاني : القرب من إمام من أئمة الحديث، وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث : العلو بالنسبة على رواية الصحيحين، أو أحدهما أو غيرهما من الكتب المعتمدة.
الرابع : العلو يتقدم وفاة الراوي.
مثل ذلك : ما يرويه راو عن شيخ أخبر به واحد عن البيهقي عن الحكم أعلى

ــــــــــــــــــــــــــــ
(82) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث : 152 والنووي التقريب بشرح السيوطي 132 – 133 والسخاوي : فتح المغيث 1 /155

وما بعدها
(83) انظر النووي : التقريب وشرحه للسيوطي 134 والسخاوي فتح المغيث 1 / 159 / وما بعدها

----


من روايته لذلك عن شيخ أخبره به واحد عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم وإن تساوى الإسنادان في العدد لتقدم وفاة البيهقي على وفاة ابن

خلف(84).
ومثال ذلك : أن يسمع شخصان من شيخ واحد، وسماع أحدهما من ستين سنة مقلا، وسماع الآخر من أربعين سنة، فإذا تساوى السند إليهما

في العدد، فالإسناد إلى الأول الذي تقدم سماعه أعلى(85).
ومن العلماء من جعل هذا القسم والذي قبله قسماً واحداً(86).
وأما الإسناد النازل : فهو ضد العالي، وهو خمسة أقسام أيضاً ، وتعرف أقسامه من ضدها(87).
وقد فضل العلماء الإسناد العالي على النازل وخاصة القسم الأول منه، إذ العلو كما قال ابن الصلاح: يبعد الإسناد من الخلل، لأن كل رجل من

رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا، ففي قلتهم قلة جهات الخلل، وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل(88).
ومنها : الإسناد المسلسل، وهو ما تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة واحدة، وينقسم إلى ما يكون صفة للرواية والتحمل، وإلى ما يكون

صفة للرواة وحالة لهم، وصفاتهم إما أقوال أو أفعال، وأنواع كثيرة غيرها(89).
ومثال ما يكون صفة للرواية والتحمل، ما يتسلسل بلفظ: سمعت فلانا، قال: سمعت فلانا إلى آخر الإسناد، أو: حدثنا فلان، قال: حدثنا فلان، أو

أخبرنا فلان قال أخبرنا فلان، إلى أخره.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(84) البيهقي : هو الامام الحافظ الفقيه أبو بكر أحمد بن الحسين علي بن موسي الخسرو جردي البيهقي صاحب السنن وغيرها من

المصنفات المفيدة ، توفي سنة 458هـ: تذكره الحفاظ 3 / 1132 وما بعدها واما ابن خلف : فتوفي سنة 487 : علوم الحديث لابن الصلاح

386
(85) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 378 وما بعدها والنووي : التقربي بشرح السيوطي 158 وما بعدها
(86) انظر السيوطي :تديب الراوي 366
(87) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 388 والنووي : التقريب بشرح السيوطي 367
(88) ابن الصلاح علوم الحديث 380
(89) انظر ابن الصلاح علوم الحديث 401 ومابعدها والنووي التقريب وشرحه للسيوطي 380 وما بعدها

-----

ومن ذلك : أخبرنا والله فلان، قال: أخبرنا والله فلان... إلى أخره.

ومثال ما يرجع إلى صفات الرواة وأقوالهم ونحوها، كمسلسل التشبيك باليد، وهو حديث أبي هريرة: شبك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه

وسلم، وقال: خلق الله الأرض يوم السبت.. الحديث، فقد تسلسل تشبيك كل واحد من رواته بيد من رواه عنه، ومسلسل العد فيها، وهو حديث:

اللهم صلِّ على محمد ... إلى آخره، مسلسل بعد الكلمات الخمس في يد كل راو من رواته.
ومن المسلسل بأحوالهم القولية ، حديث معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يامعاذ إني أحبك، فقل دبر كل صلاة: اللهم أعني

على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك تسلسل بقول كل راو من رواته: وأنا أحبك فقل.
ومن فوائد التسلسل زيادة الضبط.
ومن أنواع الإسناد أيضاً : المعلل والمضطرب والمدرج والمصحف وغيرها من الأنواع الأخرى.
فيقال : هذا سند معلل، وهذا سند مضطرب ، وهذا مدرج أو مدرج فيه، وذاك مصحف، كما يقال: هذا حديث معلل أو مضطرب أو مدرج أو

مصحف.
والسند المعلل : هو الذي اعترته عله من العلل القادحة كالانقطاع فيما ظاهره الوصل، والوقف فيما ظاهره الرفع وغيرهما من العلل

الأخرى(90).
واما المضطرب : فهو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة ويقع الاضطراب في الإسناد كما يقع في المتن، بل وقوعه في الإسناد أكثر من

وقوعه في المتن، وهو يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعدم الضبط.
ومن أمثلة اضطراب السند، ما رواه أبو داود وابن ماجة من طريق إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده حريث عن

أبي هريرة مرفوعاً : إذا صلى أحدكم فليجعل شيئاً تلقاء وجهه... الحديث، وفيه: فإن لم يجعل عصا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(90) انظر السخاوي : فتح المغيث 209 وما بعدها والسيوطي : تدريب الراوي 161 وما بعدها

-----

ينصبها بين يديه فليخط خطاً، اختلف فيه على إسماعيل اختلافاً كثيراً(91).

وأما السند المدرج ، أو مدرج الإسناد، فمنه أن لا يذكر المحدث متن الحديث، بل يسوق إسناده فقط، ثم يقطعه قاطع، فيذكر كلاماً فيظن بعض

من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد(92).
وأما التصحيف : فيكون في المتن والإسناد.
ومن أمثلة مصحف الإسناد، أو الإسناد المصحف، العوام بن مراجم، بالراء والجيم – صحفه ابن معين فقال: ابن مزاحم، بالزاي والحاء(93).

5- تفاوت الأسانيد في الصحة :
تفاوتت الأسانيد في الصحة ، ففيها ما هو صحيح وما هو أصح وذلك بناء على التفاوت الحاصل بين رجالها في الحفظ والعدالة والضبط، وقد

تتبعها العلماء لمعرفة ذلك التفاوت، ومعرفة أصحها على الإطلاق فرويت عنهم في ذلك أقوال.

منها : ما روي عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أنهما
قالا: أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر(94).

ــــــــــــــــــــــــــــ
(91) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 204 وما بعدها والسخاوي : فتح المغيث 221 وما بعدها والسيوطي تدريب الراوي 169

واسماعيل بن أمية هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي ثقة كثير الحديث مات سنة 144 هـ وقيل قبلها : تهذيب التهذيب 1/ 283– 284
(92) انظر السخاوي : فتح المغيث 1/223 والمدرج بضم الميم وفتح الراء
(93) انظر النووي التقريب وشرحه للسيوطي 383 – 284 وابن معين : هو الامام سيد الحفاظ بحيي بن معين أبو زكريا المري

مولاهم البغدادي قال ابن المديني : انتهي علم الناس الي يحي بن معين ، توفي سنة 233 هـ تذكره الحفاظ 2 / 429
(94) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 84 والنووي تهذيب الأسماء واللغات 91/1 والسخاوي : فتح المغيث1 / 22 – 23

------

ومنها : ما روي عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة: أن أصح الأسانيد كلها الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي

طالب(95).
ومنها : ما روي عن علي بن المديني والفلاس وغيرهما: أن أصح الأسانيد: محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي بن أبي

طالب(96).
ومنها : ما روي عن يحيى بن معين أنه قال : أجودها : الأعمش عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس عن عبدالله بن

مسعود(97).
ومنها : ما روي عن البخاري أنه قال : أصحها مالك بن أنس عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر(98). وهي المسماة بسلسلة الذهب

(99).
ومنها : ما روي عن النسائي أنه قال : أحسن أسانيد تروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه

عن علي، والزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس عن عمر، وأيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي،

ومنصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود(100).

ــــــــــــــــــــــــــــ
(95) انظر الخطيب : الكفاية 562 وابن الصلاح : علوم الحديث 85 والسخاوي فتح المغيث 1/ 24 والصنعاني : توضيح الأفكار 1/ 31

وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني ، وابن أبي شيبة هو أبو بكر عبدالله بن محمد بن ابي شيبة ، الواسطي الأصل ، الكوفي ثقة حافظ توفي

سنة 235 هـ تقريب التهذيب 1/ 92
(96) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 84 والسيوطي تدريب الراوي 32 والفلاس هو عمرو بن علي بن بحر ، ابو حفص الصيرفي ،

الباهلي ، البصري ، ثقة حافظ ، مات سنة 249 هـ تقريب التهذيب 2/ 75
(97) انظر ابن الصلاح علوم الحديث 84 والسيوطي : تدريب الراوي 32
(98) انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 85 والسيوطي : تدريب الراوي 32
(99) انظر السيوطي تدريب الراوي 33
(100) النسائي : تسمية من لم يرو عنه غير رجل واحد 58

------


ومن العلماء من خصص القول في أصح الأسانيد بصحابي أو بلد مخصوص، فقال الحاكم ينبغي تخصيص القول في أصح الأسانيد بصحابي أو

بلد مخصوص، بأن يقال: أصح إسناد فلان أو الفلانيين كذا، ولا يعمم، قال: وأصح أسانيد عمر: الزهري عن سالم عن أبيه عن جده.
وقال ابن حزم : أصح طريق يروى في الدنيا عن عمر : الزهري عن السائب بن يزيد عنه.
وقال الحاكم : وأصح أسانيد أهل البيت : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي. وقال: أصح أسانيد أبي هريرة،

الزهري عن سعيد بن المسيب عنه، وعن ابن المديني أنه قال: من أصح الأسانيد: حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي

هريرة.
وقال الحاكم : وأصح أسانيد ابن عمر: مالك عن نافع عنه. وأصح أسانيد عائشة: عبيدالله بن عمر عن القاسم عنها، وقال: ومن أصح الأسانيد

أيضا: الزهري عن عروة بن الزبير عنها، وأصح أسانيد ابن مسعود: سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عنه، وأصح أسانيد

أنس: مالك عن الزهري عنه.
وقال أحمد بن صالح المصري : أثبت أسانيد أهل المدينة:
إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان عن أبي هريرة.
وقال الحاكم : وأصح أسانيد المكيين : سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر، وأصح أسانيد اليمانيين معمر بن راشد عن همام عن

أبي هريرة، وأثبت أسانيد المصريين: الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر، وأثبت أسانيد الخراسانيين:

الحسن بن واقد عن عبدالله بن بريدة عن أبيه. وأثبت أسانيد الشاميين: الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة. قال ابن حجر: ورجح

بعض أئمتهم رواية: سعيد بن عبدالعزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الحولاني عن أبي ذر.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ليس بالكوفة أصح من هذا الإسناد: يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن

الحارث بن سويد عن علي.
هذا وقد فضل جماعة أحاديث الحجاز على ماعداها، حتى روي عن مالك أنه قال: إذا خرج الحديث عن الحجاز انقطع نخاعه(101).

6- تفاوتها في الضعف :

وكما تفاوتت الأسانيد في الصحة، فإنها قد تفاوتت في الضعف أيضاً فمنها ما هو ضعيف وما هو أضعف، كما أن منها ما هو صحيح وما هو

أصح، وذلك بحسب شدة ضعف رواتها وخفته، وقد تتبعها العلماء أيضاً لمعرفة ما بينها من التفاوت في الضعف. ومما جاء عنهم في هذا

المجال: ما روي عن الحاكم أنه قال: فأوهى أسانيد الصديق: صدقة الدقيقي عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عنه، وأوهى أسانيد أهل البيت:

عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الحارث الأعور عن علي رضي الله تعالى عنه، وأوهى أسانيد العمرين: محمد ابن عبد الله بن القاسم بن

عبدالله بن عمر ابن حفص عن عاصم عن أبيه عن جده.
وأوهى أسانيد أبي هريرة : السري بن إسماعيل عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه عنه. وأوهى أسانيد عائشة: نسخة عند البصريين عن

الحارث بن شبل عن أم النعمان عنها.
وأوهى أسانيد بن مسعود: شريك عن أبي فزارة عن أبي زيد عنه إلى أن قال: وأوهى أسانيد المكيين: عبدالله بن ميمون القداح عن شهاب بن

خراش عن إبراهيم بن

ــــــــــــــــــــــــــــ
(101) انظر السيوطي : تدريب الراوي 36-37 والبلقيني : محاسن الاصطلاح 86-87 والنخاع مثلث هو الخيط الأبيض في جوف

الفقار ينحدر من الدماغ وتشعب منه شعب في الجسم ، والعامة تستعمله بمعني المسنح : محيط المحيط 2/ 2053 مادة نخع

-----

يزيد عن عكرمة عن ابن عباس، وأوهى أسانيد اليمانيين: حفص بن عمر العدني عن الحكم ابن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
قال البلقيني: لعله أراد إلا عكرمة، فإن البخاري يحتج به.
قال السيوطي : قلت : لاشك في ذلك ، وأما أوهى أسانيد ابن عباس مطلقا: فالسدي الصغير محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عنه،

وقد سمى ابن حجر هذه السلسلة سلسلة الكذب. ثم قال الحاكم: وأوهي أسانيد المصريين: أحمد بن محمد بن الحجاج ابن رشدين عن أبيه عن

جده عن قرة بن عبد الرحمن عن كل من روى عنه، وأوهى أسانيد الشاميين: محمد بن قيس المصلوب عن عبيدالله بن زحر عن علي بن زيد

عن القاسم عن أبي أمامة، وأوهى أسانيد الخراسانيين: عبدالرحمن بن مليحة عن نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس(102).
هذا وفائدة معرفة ما بين الأسانيد من تفاوت في الصحة أو في الضعف: ترجيح بعض الأسانيد على بعض، وتمييز ما يصلح منها للاعتبار مما

لا يصلح لذلك(103).

7- عدم التزام صحة الإسناد صحة المتن :

من المعلوم أنه لا تلتزم صح الإسناد صحة المتن، ولا صحة المتن صحة الإسناد، إذ قد يكون الإسناد صحيحاً لاستجماع شروطه من الاتصال

والعدالة والضبط، ولا يكون المتن كذلك، لشذوذ أو علة وقد يكون المتن صحيحاً، لسلامته من الشذوذ والعلة، و وروده من طريق أو طرق

أخرى صحيحة(104). ولا يكون الإسناد كذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(102) السيوطي : تدريب الراوي 106 – 107 وصدقة الدقيقي هو ابن موسي الدقيقي أبو المغيره ، ويقال أبو محمد السلمي البصري ،

ضعيف تهذيب التهذيب 4/ 418
(103) انظر السخاوي فتح المغيث 1/26
(104) انظر السخاوي : فتح المغيث /1 /87والسيوطي : تدريب الراوي 91-92

-----

8- اختصاص المسلمين بالأسانيد المتصلة :

اختصت الأمة الإسلامية دون غيرها من الأمم بالأسانيد المتصلة الصحيحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى الصحابة والتابعين ومن بعدهم

إذ هيأ الله تعالى لها من أبنائها من وهبوا أنفسهم لحفظ أخبار نبيهم صلى الله عليه وسلم، ونقلها بكل أمانة وصدق وإخلاص.
روي عن محمد بن حاتم بن المظفر أنه قال : إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد

إنما هي صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم اخبارهم، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل، وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار

التي أخذوها عن غير الثقات. وهذه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تناهى

إخبارهم، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة، ثم يكتبون

الحديث من عشرين وجهاً أو أكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطون حروفه ويعدوه عداً، فهذا من فضل الله على هذه الأمة(105).
وقال أبو حاتم الرازي : لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم، أمة يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة(106).
وقال ابن حزم : نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلي الله عليه وسلم مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل ، وأما مع الإرسال

والإعضال فيوجد في كثير من اليهود ، لكن لايقربون فيه من موسي قريناً من محمد صلي الله عليه وسلم ، بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين

موسي أكثر من ثلاثين عصراً ، وإنما يبلغون الي شمعون ونحوه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(105) السخاوي : فتح المغيث 3/3-4
(106) السخاوي : فتح المغيث 3/4 واللكنوي : الاجوبة الفاضلة 23 بلفظ أمناء وأبو حاتم الرازي هو الأمام الحافظ محمد بن إدريس بن

المنذر الحنظلي ، مات سنة 277 هـ، تقريب التهذيب 2/ 143

-----

قال وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل الا تحريم الطلاق فقط . وأما النقل بالطريق المشتملة علي كذاب أو مجهول العين فكثير في

نقل اليهود والنصاري . قال . وأما أقوال الصحابة والتابعين ، فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلي صاحب نبي أصلاً ولا إلي تابع له ، ولا يمكن

للنصارى أن يصلوا إلي أعلي من شمعون وبولص (107) .
وكان هؤلاء الأئمة وغيرهم من أئمة الإسلام يعتمدون في ذلك حقائق التاريخ وما نقل عن أهل الكتاب أنفسهم مما يؤكد وبلا ريب أنه ليس لدي

أهل الكتاب من النقول ما له سند متصل صحيح ، بل جميع أسانيدهم منقطعة بما في ذلك أسانيد كتبهم السماوية ، التي طرأ عليها الكثير من

التبديل والتحريف .
قال رحمه الله الهندي : إن السند المتنازع بيننا وبينهم السند المتصل ، وهو عبارة أن يروي الثقة بواسطة أو بوسائط عن الثقة الآخر بأنه قال

: إن الكتاب الفلاني تصنيف فلان الحواري ، أو فلان النبي ، وسمعت هذا الكتاب كله من فيه ، أو قرأته عليه ، أو أقر عندي أن هذا الكتاب

تصنيفي . وتكون الواسطة أو الوسائط من الثقات الجامعين لشروط الرواية فنقول : إن مثل هذا السند لا يوجد عندهم من آخر القرن الثاني أو

أول القرن الثالث إلي مصنف الأناجيل ، وطلبنا هذا السند مراراً وتتبعناه في كتب إسنادهم فما نلنا المطلوب بل اعتذر القسيس (فرنج) في مجلس

المناظرة أنه لا يوجد السند الكذائي عندنا لأجل وقوع الحوادث العظيمة في القرون الأولي من القرون المسيحية .
وقال المرحوم عبد الوهاب النجار : بعد أن أفاق المسيحيون من الاضطهادات التي كانت تتوالي عليهم نظروا في تلك القصص واختارت الكنيسة

من بينها القصص التي لا تتعارض مع نزعتها وسلمت بها وجعلتها قانونية ، ولم تكترث لما بين

ــــــــــــــــــــــــــــ
(107) ابن حزم : الفصل 2/ 81 وما بعدها

----

مضاميتها من التخالف والتناقص مادام ذلك لا يخالف المنزع العام الذي قصدته الكنيسة ، والأناجيل جميعها منقطعة السند ، ولا توجد نسخة

إنجيل بخط تلميذ من تلاميذ ذلك المؤلف ولا ما يضمن شبهة صحة فيها .

9- دور المحدثين في الاسناد وفضلهم فيه علي غيرهم من علماء الأمة :

وإذا كانت الأمة الإسلامية قد امتازت علي غيرها من الأمم بالإسناد الصحيح ، فإن للمحدثين الفضل فيه علي غيرهم من علماء الأمة . إذ هم

الذين بحثوا عنه وواظبوا علي حفظه والعناية به إلي أن قام عوده واشتد ساعده وأصبح الأساس الذي تقوم به الروايات الحديثية والتاريخية

واللغوية وغيرهاً .
قال ابن حبان : ولو لم يكن الإسناد وطلب هذه الطائفة له ، لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائر الأمم ، إلي أن قال : فحفظت

هذه الطائفة السنن علي المسلمين ، وكثرت عنايتهم بأمر الدين ، ولولاهم لقال من شاء بما شاء (108).
وقال الحاكم : فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له ، وكثرة مواظبتهم علي حفظه ، لدرس منار الإسلام ، ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع

الاحاديث و قلب الأسانيد ، فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بتراً (109).
وقال الرافعي : لولا الحديث لما خلصت اللغة ولجاءت مشوبة بالكذب والتدليس ، ولفسد هذا العلم وما بني عليه وذلك قليل من بركة رسول الله

صلي الله عليه وسلم ، إلي أن قال : وقد عني المحدثون بعلم الرجال أتم عناية وأكملها ، بحيث لا يتعلق بغبارهم في ذلك مؤرخو الأمم جمعاء ،

حتي جعلوا الإسناد عاليه ونازله كأنه علم الأخلاق التاريخي (110).


ــــــــــــــــــــــــــــ
(108) ابن حبان : المجروحين 1/25
(109) الحاكم : معرفة علوم الحديث 6
(110) الرافعي : تاريخأداب العرب 229-300

------

وقال الدكتور أسد رستم : وأول من نظم نقد الروايات التاريخية ووضع القواعد لذلك علماء الدين الإسلامي فإنهم اضطروا اضطراراً إلي الاعتناء

بأقوال النبي وأفعاله لفهم القرآن وتوزيع العدل ، فقالواً : (ان هو إلا وحي يوحي) ما تلي منه فهو القرآن وما لم يتل فهو السنة ، فانبروا

لجمع الأحاديث ودرسها وتدقيقها فأتحفوا علم التاريخ بقواعد لا تزال في أسسها وجوهرها محترمة في الأوساط العلمية حتي يومناً هذا (111)

.
وقال ايضاً في فصل تحري النص : وهذه مأثرة أخري من مآثر علماء الحديث فإنهم قالوا بالأمانة في نقل الحديث وفرضوا وجوب تحري النص

لأجل الوقوف علي اللفظ الأصلي ، ومنهم من أبي أن يصلح الخطأ أو يقوم اللحن واكتفي بإبداء رأيه علي الهامش ، هذا ما توصل إليه علماء

الحديث في القرون الأولي ، وهو المعول عليه الآن لدي المؤرخين المعاصرين (112).

ــــــــــــــــــــــــــــ
(111) أسد رستم : مصطلح التاريخ : المقدمة
(112) أسد رستم : مصطلح التاريخ 33-34<!-- / message -->
رد مع اقتباس