عرض مشاركة واحدة
  #72  
قديم 2012-11-17, 07:08 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 302
افتراضي

دور المنافقين قبل غزوة بني المصطلق‏‏
المنافقون الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كان رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول ، هذا الرجل قد نبهنا سابقا إلى أن الأوس والخزرج قد اتفقوا أن يجعلوه ملكا عليهم ، وكان يزين له تاج الملك في الوقت الذي هاجر فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فانشغل الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن أبي بن سلول فأغضبه ذلك جدا وحنق أي غضب وحقد على الإسلام والمسلمين وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة لأنه أخذ مكانه الذي كان يرجوه ، ولما رأى أن أمر الإسلام بدأ ينتشر بسرعة في المدينة قال مقولته المشهورة: إني أرى أن هذا الأمر قد توجه. فأظهر إسلامه وأظهر معه كثيرون ممن كانوا يتبعونه ويسيرون برأيه ومشورته أيضا أظهروا الإسلام على نفاق في قلوبهم .
ووقعت حادثتان من هذا المنافق في تلك الغزوة.

الحادثة الأولى:
فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان معه أجير يقال له‏:‏ جَهْجَاه الغفاري، ازدحم هذا جهجاه هو وسِنَان بن وَبَر الجهني على الماء(يعني تخاصما على الماء، هذا يقول دوري وهذا يقول دوري) فاقتتلا(صار بينهما عراك)، فصرخ الجهني‏:‏ يا معشر الأنصار، ثم صرخ جهجاه‏ وقال:‏ يا معشر المهاجرين، عند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم‏؟‏) . وهذا يدل على أن الناس إلى الآن فيهم ممن لم يدخل الإيمان قلبه تماما فيه بعض أمور الجاهلية ، وذلك بأنه دعا بدعوى الجاهلية. قال: يامعشر الأنصار. وذلك يقول: يا معشر المهاجرين.(يعني ذلك يريد أن يقوم معه الأنصار، وذلك يريد أن يقوم معه المهاجرين بغض النظر مع الحق مع من يكون) ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :أبدعوى الجاهلية؟ فسماها جاهلية صلوات الله وسلامه عليه " دعوها فإنها مُنْتِنَة‏"‏، فلما سمع عبد الله بن أبي بن سلول بذلك الحدث وهو أن هذا المهاجري قال يا معشر المهاجرين أمام الأنصاري وهم في بلادهم (يعني في المدينة) والأنصار كما تعلمون قد ءاووا المهاجرين وأسكنوهم في منازلهم وزوجوهم من نسائهم وأعطوهم من أموالهم فغضب عبد الله بن أبي بن سلول عند ذلك ثم قال‏:‏ أو قد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما نحن وهم إلا كما قال الأول‏:‏ سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأكُلْكَ(يقول يعني يتكلم عن المهاجرين ) يقول : هؤلاء كمثل من قال: سمن كلبك يأكلك. سمناهم وأعطيناهم ثم يأكلوننا في بلادنا .ثم قال: أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من حضره فقال لهم‏:‏ هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دياركم‏.‏
لما سمع زيد بن أرقم وكان حاضرا وكان شابا صغيرا، لما سمع هذا الكلام من عبد الله بن أبي بن سلول ذهب إلى عمه فأخبره، فأخبر عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر، فقال عمر‏:‏ يارسول الله مُرْ عَبَّاد بن بشر فليقتله‏ (لأن قوله: سمن كلبك يأكلك. وقوله: ليخرجن الألعز منها الأذل، هو لم يتكلم عن المهاجرين فقط بل شمل معهم رسولهم وسيدهم صلى الله عليه وسلم ).‏ فقال‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ ‏(‏فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه‏؟(يعني عند ذلك سيقول اللناس الذين لا يعلمون أن هذا الرجل من المنافقين سيقولون إن محمدا يقتل أصحابه). ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم . فلما ارتحل الناس جاء أسيد بن حضير رضي الله تبارك وتعالى عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما بلغك ما قال صاحبكم؟ يعني عبد الله بن أبي بن سلول لأن أسيد بن حضير من رؤوس الأنصار، كان سيدا من سادات الأوس. فقال: وما قال؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:‏ ‏(‏زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل‏)‏، فقال أسيد بن حضير‏:‏ فأنت يا رسول الله، تخرجه منها إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز، ثم قال‏:‏ يا رسول الله، ارفق به، والله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون له الخَرَز ليتوجوه، فإنه يري أنك استلبته ملكاً‏.‏يعني أن أسيد بن حضير هنا يعتذر لعبد الله بن أبي بن سلول.
ثم مشي النبي صلى الله عليه وسلم بالناس(أي في رجوعه من غزوة بني المصطلق) حتى أصبح، وصَدْر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فوقعوا نياماً‏(أي تعبانين).‏ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ما يريدهم أن يتكلموا بهذا الأمر، أتعبهم في المشي حتى مجرد أن يصلوا ينامون ولا يتكلمون في هذا الأمر ألا وهو كلام عبد الله بن أبي بن سلول في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
أما ابن أبي عبد الله فلما علم أن زيد بن أرقم بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الخبر، ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحلف وقال: والله يا رسول الله ما قلت ، وإنما كذب علي زيد . وقال من حضر من الأنصار: يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه،(نعم ممكن يكون الغلام أوهم) ولم يحفظ ما قال الرجل‏.‏ فصدّقه، قال زيد‏:‏ فأصابني هَمٌّ لم يصبني مثله قط(يلأنه كان يتهم بالكذب أو بعدم الفهم والأولى أقوى)،يقول: فجلست في بيتي من الحزن( يقصد بيته، إما أن يقصد المدينة عندما رجع، وإما يقصد بيته أي في حاله نزولهم في السفر)، يقول فأنزل الله جل وعلا
‏:‏ ‏{‏إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ‏ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } إلى قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا‏ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }‏ ‏[‏المنافقون‏:‏ 1 ـ 8‏]‏، هنا بين الله تبارك وتعالى أن زيدا لم يخطئ رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه وإنما أصاب بما قال وأنما عبد الله بن أبي بن سلول كاذب في مدعاه، عند ذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيد فقرأها عليه‏.‏ ثم قال‏ له:‏ ‏(‏إن الله قد صدقك‏) أي فيما قلت‏‏.‏
وإن هذا المنافق العجيب أنه كان له ولد إسمه كإسم أبيه إسمه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول وكان رجلاً صالحاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لما بلغه أن والده قال هذا الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقف في مدخل والده إلى المدينة وقال له: أأنت. يقول لوالده: أأنت الذي تقول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ؟ تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فوالله لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأعز وأنت الأذل. فحمية العقيدة هنا طغت على حمية الولادة وقدم حمية عقيدته على حمية ولادته. فقال لوالده: والله لرسول الله هو الأعز وأنت الأذل . ثم قال: والله لا تدخل إلى المدينة إلا وأنا قاتلك أو لئن يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عند ذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتركه ودخل إلى المدينة.
رد مع اقتباس