عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2019-11-28, 09:03 PM
حسين شوشة حسين شوشة غير متواجد حالياً
داعية إسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2013-07-10
المشاركات: 357
افتراضي الدنيا سجن المؤمن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

أخرج مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر.

المراد بكون الدنيا سجنًا للمؤمن، إنما هو بالنسبة لما ينتظره في الآخرة من النعيم -ولو كان أنعم الناس في الدنيا-، وكذلك الكافر؛ فإن الدنيا له جنة بالنسبة لما ينتظره من العذاب في الآخرة -ولو كان أشد أهل الدنيا بؤسًا-، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة في المحبة: فأما ما وعد به المؤمن بعد الموت من كرامة الله، فإنه تكون الدنيا بالنسبة إليه سجنًا. وما للكافر بعد الموت من عذاب الله، فإنه تكون الدنيا جنة بالنسبة إلى ذلك. اهـ.

وقال الإمام ابن القيم في شفاء العليل: فالمؤمن منشرح الصدر، منفسحه في هذه الدار، على ما ناله من مكروهها. وإذا قوي الإيمان، وخالطت بشاشته القلوب، كان على مكارهها أشرح صدرًا منه على شهوتها ومحابها. فإذا فارقها، كان انفساح روحه، والشرح الحاصل له بفراقها، أعظم بكثير، كحال من خرج من سجن ضيق إلى فضاء واسع، موافق له؛ فإنها سجن المؤمن، فإذا بعثه الله يوم القيامة، رأى من انشراح صدره وسعته ما لا نسبة لما قبله إليه، فشرح الصدر كما أنه سبب الهداية، فهو أصل كل نعمة، وأساس كل خير. اهـ.

ومن اللطائف التي يجمل ذكرها ها هنا، ما حكاه المناوي في فيض القدير، قال: ذكروا أن الحافظ ابن حجر لما كان قاضي القضاة، مر يومًا بالسوق في موكب عظيم، وهيئة جميلة، فهجم عليه يهودي يبيع الزيت الحار، وأثوابه ملطخة بالزيت، وهو في غاية الرثاثة والشناعة، فقبض على لجام بغلته، وقال: يا شيخ الإسلام، تزعم أن نبيكم قال: الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر. فأي سجن أنت فيه، وأي جنة أنا فيها؟ فقال: أنا بالنسبة لما أعد الله لي في الآخرة من النعيم، كأني الآن في السجن، وأنت بالنسبة لما أعد لك في الآخرة من العذاب الأليم، كأنك في جنة، فأسلم اليهودي. اهـ.

والله أعلم.
رد مع اقتباس