عرض مشاركة واحدة
  #88  
قديم 2009-06-23, 08:16 AM
صابر عباس صابر عباس غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 431
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


الجزء التاسع و العشرون من القرآن العظيم
ومبدأ التوحيد
( 3 )
وبعض آيات من سورة نوح


إن مبدأ التوحيد جاء لإنقاذ الإنسان من العذاب , سواء في الدنيا أو الأخرة
ففي الدنيا يجعل الإنسان حرا لا يعبد إلا الله تعالى المنعم والمتفضل علينا بأمن والرزق , ولولا فضل الله لعاش الإنسان في خوف دائم من الكوراث والأمراض والصراعات بين البشر حيث التناحر من أجل الدنيا الزائلة .
أما في الأخرة فإن النجاة للمؤمنين الموحدين حيث جنات النعيم والخلود والرضا والرضوان من رب العالمين .
والجحيم للمشركين والكافرين والملاحدة حيث الخلود في العذاب الأليم .
ومبدأ التوحيد كان دعوة جميع الأنبياء ,
ومع نموذج حي لهذه الدعوة .

إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (4)

إنا بعثنا نوحا إلى قومه, وقلنا له: أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب موجع أليم.
قال نوح: يا قومي إني نذير لكم واضح الإنذار من عذاب الله إن عصيتموه, وإني رسول الله إليكم فاعبدوه وحده, وخافوا عقابه, وأطيعوني فيما آمركم به, وأنهاكم عنه,
فإن أطعتموني واستجبتم لي يصفح الله عن ذنوبكم ويغفر لكم، ويُمدد في أعماركم إلى وقت مقدر في علم الله تعالى, إن الموت إذا جاء لا يؤخر أبدًا, لو كنتم تعلمون ذلك لسارعتم إلى الإيمان والطاعة.

قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10)
يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12)

قال نوح: رب إني دعوت قومي إلى الإيمان بك وطاعتك في الليل والنهار, فلم يزدهم دعائي لهم إلى الإيمان إلا هربًا وإعراضًا عنه,
وإني كلما دعوتهم إلى الإيمان بك؛ ليكون سببًا في غفرانك ذنوبهم, وضعوا أصابعهم في آذانهم ; كي لا يسمعوا دعوة الحق, وتغطَّوا بثيابهم؛ كي لا يروني, وأقاموا على كفرهم, واستكبروا عن قَبول الإيمان استكبارًا شديدًا, ثم إني دعوتهم إلى الإيمان ظاهرًا علنًا في غير خفاء, ثم إني أعلنت لهم الدعوة, وأسررت بها في حال أخرى,
فقلت لقومي: سلوا ربكم غفران ذنوبكم, وتوبوا إليه من كفركم, إنه تعالى كان غفارًا لمن تاب من عباده ورجع إليه .
إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا, ويزيد في أموالكم وأولادكم, ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها, ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم , حيث البركة والرخاء .

مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً (16)

مالكم -أيها القوم- لا تخافون عظمة الله وسلطانه, وقد خلقكم في أطوار متدرجة: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظامًا ولحمًا؟ ألم تنظروا كيف خلق الله سبع سموات متطابقة بعضها فوق بعض, وجعل القمر في هذه السموات نورًا, وجعل الشمس مصباحًا مضيئًا يستضيء به أهل الأرض؟

وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطاً (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً (20)

والله أنشأ أصلكم من الأرض إنشاء, ثم يعيدكم في الأرض بعد الموت, ويخرجكم يوم البعث إخراجًا محققًا. والله جعل لكم الأرض ممهدة كالبساط؛ لتسلكوا فيها طرقًا واسعة.

*****

بعد هذا التوضيح وهذا الجهد في تبليغ رسالة الحق
لم يؤمن مع نوح عليه السلام إلا قليل
وكان العقاب والعذاب للمكذبين في الدنيا حيث تم إغراقهم فدخولهم إلى الجحيم , نعوذ بالله من ذلك .
فعلى الإنسان العاقل أن يقي نفسه من العذاب , بالتوجه إلى الله الرحيم الذي أرسل رسله لهداية البشر وإسعادهم في الدنيا ودوام سعادتهم في الأخرة .

قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً (21) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً (25)
وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً (28)

قال نوح: ربِّ إن قومي بالغوا في عصياني وتكذيبي, واتبع الضعفاء منهم الرؤساء الضالين الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا ضلالا في الدنيا وعقابًا في الآخرة,
ومكر رؤساء الضلال بتابعيهم من الضعفاء مكرًا عظيمًا, وقالوا لهم: لا تتركوا عبادة آلهتكم إلى عبادة الله وحده, التي يدعو إليها نوح, ولا تتركوا وَدًّا ولا سُواعًا ولا يغوث ويعوق ونَسْرا - وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله,
وكانت أسماء رجال صالحين, لما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يقيموا لهم التماثيل والصور; لينشطوا- بزعمهم- على الطاعة إذا رأوها, فلما ذهب هؤلاء القوم وطال الأمد, وخَلَفهم غيرهم, وسوس لهم الشيطان بأن أسلافهم كانوا يعبدون التماثيل والصور, ويتوسلون بها,
وهذه هي الحكمة من تحريم التماثيل, وتحريم بناء القباب على القبور; لأنها تصير مع تطاول الزمن معبودة للجهال.
وقد أضلَّ هؤلاء المتبوعون كثيرًا من الناس بما زيَّنوا لهم من طرق الغَواية والضلال.
فبسبب ذنوبهم وإصرارهم على الكفر والطغيان أُغرقوا بالطوفان, وأُدخلوا عقب الإغراق نارًا عظيمة اللهب والإحراق, فلم يجدوا من دون الله مَن ينصرهم, أو يدفع عنهم عذاب الله.
وقال نوح -عليه السلام-: ربِّ لا تترك من الكافرين بك أحدًا حيًّا على الأرض. إنك إن تتركهم دون إهلاك يُضلوا عبادك الذين قد آمنوا بك عن طريق الحق, ولا يأت من أصلابهم وأرحامهم إلا مائل عن الحق شديد الكفر بك والعصيان لك.
ربِّ اغفر لي ولوالديَّ ولمن دخل بيتي مؤمنًا, وللمؤمنين والمؤمنات بك, ولا تزد الكافرين إلا هلاكًا وخسرانًا في الدنيا والآخرة


*******

وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
لله سبحانه وتعالى
الغني
قال تعالى :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الحميد - 15 فاطر
فهو المستغني عن كل ما سواه ..,
قال تعالى :
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ – 133 الأنعام
سبحان ربي فهو الغني بذاته و أسمائه وصفاته عن كل ما عداه
فقد كان ولم يكن شئ غيره .. سبحانه هو الغني المطلق

******
المغني
والمغني هو الله .. يغني من يشاء من عباده بما يشاء من أنواع الغنى ,
قال تعالى :
كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا – 20 الإسراء
ومازال العباد في حاجة إليه مهما بلغوا من الثراء
فهو سبحانه يمدنا بالهواء الذي يحتاجه الدم وهو سبحانه أمدنا بجميع ما تخرجه الأرض من ثمار وغلال وهو الذي أمدنا بالمياه التي جعلها سببا في حياة ما يدب على الأرض والنبات
قال تعالى:
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ – 30 الأنبياء
فكل الخلائق يفتقرون إليه .
قال تعالى :
وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ – 38 محمد
سبحن الله الغني المغني .

********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس