عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2020-05-11, 12:43 PM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,734
افتراضي مقدار نورك يوم القيامة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( مقدار نورك يوم القيامة ))

اعْلَمْ أَنَّ أَشِعَّةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُبَدِّدُ مِنْ ضَبَابِ الذُّنُوبِ وَغُيُومِهَا بِقَدْرِ قُوَّةِ ذَلِكَ الشُّعَاعِ وَضَعْفِه، فَلَهَا نُورٌ، وَتَفَاوُتُ أَهْلِهَا فِي ذَلِكَ النُّورِ - قُوَّةً، وَضَعْفًا - لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.

فَمِنَ النَّاسِ مَنْ نُورُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي قَلْبِهِ كَالشَّمْسِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهَا فِي قَلْبِهِ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ.

وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهَا فِي قَلْبِهِ كَالْمَشْعَلِ الْعَظِيمِ.

وَآخَرُ كَالسِّرَاجِ الْمُضِيءِ، وَآخَرُ كَالسِّرَاجِ الضَّعِيفِ.


وَلِهَذَا تَظْهَرُ الْأَنْوَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَيْمَانِهِمْ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ، عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ، بِحَسَبِ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ نُورِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، عِلْمًا وَعَمَلًا، وَمَعْرِفَةً وَحَالًا.
وَكُلَّمَا عَظُمَ نُورُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَاشْتَدَّ أَحْرَقَ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا وَصَلَ إِلَى حَالٍ لَا يُصَادِفُ مَعَهَا شُبْهَةً وَلَا شَهْوَةً، وَلَا ذَنْبًا، إِلَّا أَحْرَقَهُ، وَهَذَا حَالُ الصَّادِقِ فِي تَوْحِيدِهِ، الَّذِي لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، فَأَيُّ ذَنْبٍ أَوْ شَهْوَةٍ أَوْ شُبْهَةٍ دَنَتْ مِنْ هَذَا النُّورِ أَحْرَقَهَا، فَسَمَاءُ إِيمَانِهِ قَدْ حُرِسَتْ بِالنُّجُومِ مِنْ كُلِّ سَارِقٍ لِحَسَنَاتِهِ، فَلَا يَنَالُ مِنْهَا السَّارِقُ إِلَّا عَلَى غِرَّةٍ وَغَفْلَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا لِلْبَشَرِ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَعَلِمَ مَا سُرِقَ مِنْهُ اسْتَنْقَذَهُ مِنْ سَارِقِهِ، أَوْ حَصَّلَ أَضْعَافَهُ بِكَسْبِهِ، فَهُوَ هَكَذَا أَبَدًا مَعَ لُصُوصِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، لَيْسَ كَمَنْ فَتَحَ لَهُمْ خِزَانَتَهُ، وَوَلَّى الْبَابَ ظَهْرَهُ.
وَلَيْسَ التَّوْحِيدُ مُجَرَّدَ إِقْرَارِ الْعَبْدِ بِأَنَّهُ لَا خَالِقَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، كَمَا كَانَ عُبَّادُ الْأَصْنَامِ مُقِرِّينَ بِذَلِكَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، بَلِ التَّوْحِيدُ يَتَضَمَّنُ - مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَالذُّلِّ لَهُ، وَكَمَالِ الِانْقِيَادِ لِطَاعَتِهِ، وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ، وَإِرَادَةِ وَجْهِهِ الْأَعْلَى بِجَمِيعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَالْمَنْعِ، وَالْعَطَاءِ، وَالْحُبِّ، وَالْبُغْضِ - مَا يَحُولُ بَيْنَ صَاحِبِهِ وَبَيْنَ الْأَسْبَابِ الدَّاعِيَةِ إِلَى الْمَعَاصِي، وَالْإِصْرَارِ عَلَيْهَا. أهــ

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين. (1/329)

§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس