عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 2010-08-22, 07:47 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة رمضانيات/د. عثمان قدري مكانسي/ويقتلون الذين يأمرون بالقسط

سلسلة رمضانيات

ويقتلون الذين يأمرون بالقسط

الدكتور عثمان قدري مكانسي


ذم من الله تعالى أهل الكتاب بما ارتكبوه من المآثم والمحارم في تكذيبهم قديما وحديثا بآيات الله ، وبما بلغتهم الرسل استكبارا عليهم ، وعنادا لهم ، وتعاظما على الحق ، واستنكافا عن اتباعه . ومع هذا قتلوا من قتلوا من النبيين حين بلغوهم عن الله شرعَه بغير سبب ولا جريمة منهم إلا لأنهم دعَوهم إلى الحق ، وهذا غاية الكبر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " الكبر بطر الحق وغمط الناس " .

قال تعالى: { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم } (الآية 21 آل عمران)
لقد قتلت بنو إسرائيل الأنبياء وتكبروا عن الحق واستكبروا على الخلق ، فقابلهم الله على ذلك بالذلة والصغار في الدنيا والعذاب المهين في الآخرة فقال تعالى " فبشرهم بعذاب أليم " وموجع مهين. ، وعودة إلى الآية الكريمة نفسها نجد أنفسنا واقفين على المعاني التالية :

1- إنهم يأبون الهداية ، ويكفرون بالرسالات السماوية ، ران الصدأ على قلوبهم والعفنُ على عقولهم ، فما يدرون حقيقة الأمر ، ولا يفرّقون بين النور والظلام والحق والباطل ، ومن كانوا هكذا فالاستكبار ديدنهم والاستعلاء صفتهم .

2- فلا يقبلون نصحاً ولا يرتضون هدياً . وتراهم بدل تكريم المصلحين والاستفادة منهم يعاملونهم معاملة المجرمين ، فيعتدون عليهم بالضرب والتعذيب والقتل . ويطمسون كل خير ويسعون في كل شر ،

3- ويتابعون المتنوّرين من أتباع المصلحين بالاستئصال والقتل والتعذيب ، ويضيقون عليهم سبل الحياة ويحاربونهم في رزقهم ومعيشتهم ، ويغسلون أدمغتهم بالترغيب والترهيب. وهم غير قادرين على رؤية من يخالفهم رأياً وطريقة ، ولا سماع آرائهم ومحاورتهم للوصول إلى الصواب. وهذه وهدة الأنانية ، وجور الديكتاتورية ، ومقتل الإنسانية .

4- إنهم لا يرون العدل عدلاً إلا إذا صبّ في مصلحتهم ، ولا الخير خيراً إلا إذا كان في خدمتهم ، فالمعروف في شريعتهم أن تحابيهم وتسير في ركابهم ، والمنكر في قانونهم أن تنبههم على أخطائهم وتطالبهم بما عليهم من واجبات .

5- ومن رأى نفسه فوق الآخرين ، فعاملهم معاملة الدون وجعلهم عبيداً له وخوَلاً ، وسلبهم حقهم وافتأت عليهم ، فقد تجاوز حده ، وظلم نفسه ، وكان العقاب له جزاءً والهوان له مآلاً ، والعذاب له مصاحباً ، والألم له رفيقاً .

6- إن الإنذار للعذاب والهوان ، والبشرى للتكريم والإعزاز ، أما أن تستعمل كلمة البشرى في مكان الإنذار والتهديد " فبشرهم بعذاب أليم " فهي للتحقير والهزء والسخرية بمن تعالى على الناس وغَمَطَهم حقوقهم .

وما نراه في عالمنا الواقع من تغييب للمفكرين الأحرار في السجون والمعتقلات ، ومن تكميم الأفواه المنادية بإنسانية الإنسان ، وتهجير الشرفاء ، والتضييق عليهم وعلى من يتعاطف معهم ويمد لهم يد العون لدليلٌ على واقعية الآية الكريمة التي وضعت الملح على الجرح ، فدعت إلى الإصلاح والعمل به ، وإلى تكريم المصلحين والحفاظ عليهم والاقتداء بهم .
وكان التهديد واضحاً ، والوعيد مجلجلاً لمن وقف في طريقهم وآذاهم وتنكب مسيرتهم ، واستكبر عن الحق وأهله . ولئن ظهر في الدنيا فظهوره امتحان له يودي به المهالك ، ولا يحق إلا الحق ، ولا ينتصر إلا أهله ، ولو بعد حين
" كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قويٌ عزيزٌ " .

*بتصرف بسيط عن المقالة الأصلية

يتبع
رد مع اقتباس