عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 2012-07-18, 05:28 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 302
افتراضي

الجهر بالدعوة:
ثم بعد ذلك ، أي بعدما أسلم هؤلاء المسلمون الأوائل أيام تلك الدعوة ،أو بداية الدعوة للنبي صلى الله عليه وسلم . أُمِرَ النبي صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى . وذلك في قوله جل وعلا :"يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر" . وذلك أن الله تبارك وتعالى انتزعه من النوم والتدثر والدفء ، إلى الجهاد والكفاح والمشقة . فقال [COLOR="rgb(255, 0, 255)"]:"يا أيها المدثر قم فأنذر "
فكأنه قيل له إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحا ، وأما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم ، وما لك والراحة ، وما لك والفراش الدافئ . قم للأمر العظيم الذي ينتظرك والعبء الثقيل المهيأ لك ، قم للجهد والنصب والكدّ والتعب ، فقد مضى وقت النوم والراحة وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل والجهاد الطويل الشاق ، قم فتهيأ لهذا الأمر ، واستعد. هكذا أمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوم ويجهر بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
وقد روى لنا أبو هريرة رضي الله عنه ، عن بداية دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وجهره بها صلوات الله وسلامه عليه . قَالَ أَبِو هُرَيْرَةَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ، دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، فَقَالَ: «يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا» رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا(جبل الصفا)، يقول فَهَتَفَ: «يَا صَبَاحَاهْ»(وهذه جملة كان يستعملها الناس في ذلك الوقت للمناداة ، ينادون الناس اجتمعوا الأمر مهم، عندي كلام أريد أن أقوله ، وما شابه ذلك. فقال [COLOR="rgb(46, 139, 87)"]:"يا صباحاه"[/COLOR]، قَالُوا: ومَنْ يَهْتِفُ؟ قَالُوا: مُحَمَّدٌ صلوات الله وسلامه عليه، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ،يقول فَقَالَ: «يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ،يقول: فَاجْتَمَعُوا علَيْهِ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟»،وفي رواية لو حدثتكم أن خلف الوادي جيش مصبحكم (أي سيدخل عليكم صباحا)[COLOR="rgb(46, 139, 87)"] أكنتم مصديقي.[/COLOR] (والله لو قالوا نصدقك لكفى ولكن أبى الله تبارك وتعالى إلا أن يشهدوا بالحق ، وإلا أن يقولوا الكلمة التي تكون شاهدة عليهم وعلى تكبرهم وعنادهم واعراضهم عن الحق الذي عرفوه ماذا قالوا؟) قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا قط(هكذا يشهد أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم على المشهور بعد ثلاث وأربعين سنة بأنهم ما جربوا عليه الكذب أبدا ، ولذلك سيأتينا من قصة أبي سفيان لما يسأله هرقل وذلك في بداية السنة السابعة من الهجرة بعد صلح الحديبية يقول :هل كان يكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال :لا . هكذا هي صفة النبي صلى الله عليه وسلم لا يكذب أبدا صلوات الله وسلامه عليه ) فقالوا:ما جربنا عليه كذبا قط ، فقَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ»(صلوات الله وسلامه عليه) ، فَقَام عم النبي صلوات الله وسلامه عليه أَبُو لَهَبٍ فقال: تَبًّا لَكَ أَمَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا، ثُمَّ قَامَ فَأنَزَلَ تبارك وتعالى آيات يدافع فيها عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه وتعالى :" تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ْ تَبَّ، ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد" هذا دفاع الله تبارك وتعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وردّ كلام أبي لهب على نفسه.

ثم كانت بعد ذلك الدعوة إلى الله تبارك وتعالى الجهرية ، يدعو إلى الله تبارك وتعالى .

يقول ابن إسحاق : ثم أمر الله تبارك وتعالى رسوله بعد ثلاث سنين من البعثة، بأن يصدع بما أمر وأن يصبر على أذى المشركين . يقول : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا ذهبوا إلى الشعاب واستخفوا بصلاتهم من قومهم. يقول: فبينما سعد بن أبي وقاص في نفر يصلون في شعاب مكة ،إذ ظهر عليهم بعض المشركين ، فناكروهم (أي أنكروا عليهم ) وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم . فيقول : فضرب سعد بن أبي وقاص رجلا من المشركين بلحى جمل فجشه(أي عظم من الجمل ) فجشه فكان أول دم أريق في الإسلام .
وبدأ الناس يدخلون في دين الله تبارك وتعالى فأسلم كما قلنا أبو بكر، وعلي، وزيد، وبلال، وخديجة. ثم أسلم عمار بن ياسر، وأسلم كذلك عثمان ، والزبير، وابن عوف، وسعد بن أبي الوقاص، وطلحة بن عبيد الله. ثم أسلم أبو عبيدة ، وأبو سلمة بن عبد الأسد،والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون، وسعيد بن زيد، وخباب بن الأرت ، وعبد الله بن مسعود، وفاطمة بنت الخطاب، وكل هؤلاء كان إسلامهم سرًّا أي كانوا يسرُّون بإسلامهم خوفا من أهل مكة.
ثم بعد ذلك بدأت الدعوة الجهرية(جاهر النبي صلى الله عليه وسلم كما فلنا بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى بعد أن أنزل الله تبارك وتعالى قوله جل وعلا:"فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين". قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعكر على خرافات الشرك وترهاته، ويذكر حقائق الأصنام ، وحقائق عبادتها ، وأنها لا تستحق العبادة ولا تستحق أن يسجد لها وأن تعبد من دون الله تبارك وتعالى . وبدأ يسفه الأحلام ويبين الضلال صلوات الله وسلامه عليه، ثم بعد ذلك بدأ النبي صلوات الله وسلامه عليه يجهر بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
عن خباب بن أرت رضي الله عنه :" كنت رجلا طيّنا(أي عبدا) وكان لي عند العاص بن وائل دين فأتيته أتقضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم . فقال: والله لا أكفر بحمد حتى تموت ثم تبعث. قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد فأعطيك، فأنزل الله تبارك وتعالى:" أرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولد" إلى قوله تعالى:[COLOR="rgb(46, 139, 87)"]"ويأتينا فردا"[/COLOR] أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وعن خباب قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد ببردة ، وهو في ظل الكعبة ، وقد لقينا من المشركين شدة فقلت: ألا تدعو الله ، فقعد وهو محمر الوجه فقال: [/COLOR]قد كان من كان قبلكم ليُمشَطوا بأمشاط الحديد.
رد مع اقتباس