عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 2010-01-23, 05:10 PM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,401
قلم الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية

الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنةِ النبوية‏
الحلقةُ‎‎ الأولى
الحمدُ لله والصلاةُ والسلام على رسول الله وبعد ،،،‏
للحق أهلُهُ، كما‎‎ أنَّ للباطل أهلَه، وكِلا الفريقينِ يدّعي أنه على الحقِّ ومن خالفه على الباطل، ‏وكلاالفريقينِ يحشدُ الأدلةَ لإثبات صحةِ مذهبِه، وبطلانِ مذهبِ مُخالفه، وسيظلُّ الأسلوبُ ‏الأمثلُ ‎‎والأقوى للمحاجةِ أن تستخدمَ أدلةَ الخصمِ في إثباتِ صحةِ مذهبِك وبطلانِ مذهبِه.

ويحلو ‎‎لمنكري السنة -على اختلاف دركاتهِم- أن يجحدوا حجيةَ السنةِ النبويةِ في التشريعِ ‏‎‎جنباً إلى جنبٍ مع القرآنِ الكريم. وغنيٌّ عن البيانِ أنهم في هذا قد أنكروا صريحَ القرآنِ‏‎‎ وما ‏أجمع عليه أهلُ الإسلام -منذ عهدِ النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى الآن- من ‏‎‎اعتبارِ ‏السنةِ المصدرَ الثاني للتشريع في الإسلام‏.

ولا أَملُّ من ذِكر أن السنةِ‏‎‎ النبويةِ ليست في حاجةٍ لأن نثبتَ حجيتَها في التشريع الإسلاميِّ، ‏فأدلةُ حجيةِ السنةِ متواترةٌ ومتضافرةٌ ولا يمكنُ أن نذكرَ عددَ ولا حجمَ ولا قوةَ تلك الأدلةِ ‏حتى نذكرَ قولَ‏‎‎ الشاعر:
قد تُنكرُ العين ضَوءَ الشمسِ من رمدٍ ****** ويُنكرُ الفمُ طَعمَ الماءِ من ‏‎‎سَقمِ

وقولَ الشاعر‏:
ولربما جهِلَ الفتى سُبُلَ الهدى****** والشمسُ بازغةٌ لها أنوارُ‏

فأدلةُ حجيةِ السنةِ منها ما هو أدلةٌ شرعيةٌ ومنها ما هو أدلةٌ عقلية، ولكني سأعمدُ ‏‎‎إلى ما ذكرتُه ‏في بداية مقالي من أن أَمثَلَ أُسلوبٍ لمحاجةِ الخصمِ هو استخدامُ أدلتِه‎‎ لإثباتِ صحةِ مذهبِنا ‏وفسادِ مذهبِه.

فطائفةٌ من منكري السنةِ ينكرونها بدعوى أنها‏‎‎ تُعارضُ القرآنَ الكريم، ويدَّعون أن القرآنَ ‏الكريمَ هو المصدرُ التشريعيُّ الوحيدُ في‎‎الإسلام، ودون أن نخوضَ في تفصيلاتٍ كثيرةٍ يتضحُ ‏بها فسادُ وبطلانُ منهجِ منكري السنة،‏‎‎ سأُعرّجُ -سريعاً- على اتباعِ المنهج الذي حددتُه ‏والخطُّ الذي رسمتُه لنفسي سابقاً، وأقولُ ‏‎‎إن القرآنَ الكريم هو أعظمُ دليلٍ على حجيةِ السنةِ ‏النبويةِ المطهرةِ في التشريعِ‏‎‎ الإسلاميّ.

وعادةً ما يستدلُّ علماؤنا ودعاتُنا بآياتٍ معينةٍ ظاهرةِ الدلالةِ في إثباتِ‏‎‎حجيةِ السنةِ النبويةِ، ‏ولكنى أرى أن الأمرَ أكثرُ من هذا، فبإمعانِ النظرِ والتدبرِ في‎‎القرآن الكريم، قد نكتشفُ أن ‏كلَّ آيةٍ من آياتِ القرآنِ الكريمِ تُعدُّ دليلاً على حُجيةِ السنةِ النبوية‏.

أولاً : الآياتُ القرآنيةُ التي تنصُّ صراحةً على ‏‎‎حجيةِ السنةِ النبويةِ (وجوبُ طاعةِ الرسولِ ‏وتحذيرُ تاركها)‏.

ويكفينا هنا أن نوردَ تلك ‏‎‎الآياتِ ولسنا بحاجةٍ كبيرةٍ إلى تفسيرِها فكثرتُها ودلالتُها الظاهرةُ ‏تُغني عن تفسيرِها ‎‎ولكننا سنشيرُ –بإيجازٍ– إلى أحدِ أوجُهِها الاستدلالية.

1- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ‎‎ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ‎‎ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ ‏غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ‎‎ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [آل ‏عمران: 32‏‎‎].
وجه الاستدلال: القرآنُ يحكمُ بالكفرِ على من يعصي اللهَ ورسولَه.

2- وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ‎‎ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ ‏تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ‎‎اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ‎‎ذَلِكَ خَيْرٌ ‏وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59].
وجه الاستدلال: صدْرُ الآيةِ يصفُ ‏‎‎الذين يطيعون اللهَ ورسولَه بالإيمان، فهي كالمتممةِ لسابقتِها.

3- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا‎‎ عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * ‏وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا‎‎ وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ ‎‎الْبُكْمُ ‏الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ [الأنفال: 20–22].
وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جمعت بين كلا الأمرين: الأمرُ والنهيُ وتصفُ المخالفينَ لهما‏‎‎ بالدواب.

4- قال تعالى : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ ‏‎‎تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا ‏حُمِّلْتُمْ وَإِنْ ‎‎تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [النور:54].
وجه الاستدلال: هذه الآيةُ سابقةٌ لآيةِ الاستخلاف: وَعَدَ اللَّهُ ‎‎الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ‏لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ‎‎الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ‎‎ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ‏وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ ‎‎أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ‎‎ فَأُولَئِكَ هُمُ ‏الْفَاسِقُونَ [النور: 55] وكأنها تقولُ أنه لا استخلافَ في ‎‎الأرضِ ولا تمكينَ إلا بطاعةِ اللهِ ‏واتباعِ الرسول صلى الله عليه وسلم فهي كالسببِ‏‎‎ للنتيجة.

5- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ ‎‎وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33].
وجه الاستدلال: تنصُّ الآيةُ على أن مخالفةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أسبابِ ‏‎‎بطلانِ ‏الأعمال.

6- قال تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْتُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي‎‎قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ ‎‎أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 14].
وجه الاستدلال: الآيةُ تبينُ أنه لا إيمانَ إلا بطاعةِ اللهِ ورسولِه.

7- قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ ‎‎تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا ‏الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ ‎‎الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُيُدْخِلْهُ ‏نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 13-14].
وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت بالثوابِ لمن يُطيعُ اللهَ ورسولَه وبالعقابِ لمن يعصي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

8- قال ‎‎تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ ‎‎اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ‏وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ‎‎ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69].
وجه الاستدلال: هذه‎‎ الآيةُ جاءت بالدرجةِ في الجنةِ وتعيينِ جزاءِ من يطِيعُ اللهَ ورسولَه.

9- قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا ‎‎أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [‏النساء: 80].
وجه الاستدلال: هذه الآيةُ جاءت ‏‎‎بالقاعدةِ العظمى التي تبينُ أن طاعةَ الرسولِ هي طاعةٌ للهِ سبحانه ‏بلا خلاف.

10- قال‎‎ تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ ‎‎وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ‏سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ‎‎وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ‎‎اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ ‏هُمُ الْفَائِزُونَ [النور: 51–52].
وجه الاستدلال: تخبرُنا هذه الآيةُ أن من صفاتِ المؤمنين طاعةَ اللهِ ورسولِه.

11- قال تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 71].
وجه الاستدلال: آيةٌ من سورةِ الأحزابِ تبينُ أن طاعةَ اللهِ ورسولِه من‎‎ أسبابِ النصرِ في الدنيا والفوزِ ‏بسعادةِ الآخرة، وتُذكرُهم بما كان من أثرِ مخالفةِ أمرِ‏‎‎ النبيّ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ ‏وكأنها تدعوهم لعدم تكرارِ الأمرِ حتى لا ‏‎‎تتكررَ النتيجة‏.

12- قال تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى ‎‎الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ‏وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ‎‎وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْيَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح: 17].
وجه الاستدلال: آيةٌ من ‏‎‎سورة الفتحِ تخبرُ أن مِن أهمِّ أسبابِ الفتح طاعةَ اللهِ ورسولِه.

13- قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ‎‎ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ ‏عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ ‎‎الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ‏‎‎إِنَّ ‏اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأحزاب: 71].
وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تبينُ أن ‏‎‎من صفاتِ المؤمنين: الموالاةَ فيما بينهم، والأمرَ بالمعروفِ، ‏والنهيَ عن المنكر،‏‎‎ وإقامةَ الصلاة، وإيتاءَ الزكاة، وطاعةَ الله، وطاعةَ رسولِه، فجاءت طاعةُ ‏اللهِ ورسولِه ‎‎من جملةِ الأعمالِ الصالحةِ ومن جملةِ صفاتِ المؤمنين‏.

14- قال تعالى: يَا نِسَاءَ‎‎ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَاتَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ‏الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا‎‎ مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ‎‎ الْجَاهِلِيَّةِ ‏الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ ‎‎اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ‎‎ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 32-33].
وجه الاستدلال: تبينُ الآيةُ أن نساءَ النبيّ صلى الله عليه وسلم لَسن مَعفياتٍ من ‏‎‎طاعتِه ومن ثَم ‏فمَن دونهُن هو أولى بحُكمهِن. كما تُبين الآيةُ أن في طاعةِ اللهِ وطاعةِ‏‎‎ رسولِه إذهابٌ للرجسِ ‏وتطهيرٌ للمسلم‏.

15- قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ ‎‎تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ‎‎ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ ‏غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31].
وجه الاستدلال: هذه هي آيةُ‏‎‎ المحنةِ والاختبارِ لكل من يَدعي حُبَّ اللهِ سبحانه وتعالى، وتُقَيدُ هذا ‏الحبَّ باتباعِ النبيّصلى الله عليه وسلم – وأن نتيجةَ ذلك وجزاءَه، مغفرةُ الذنوب‏.

16- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ‎‎وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ ‏تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي ‎‎أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ ‎‎تُرْحَمُونَ [آل عمران: 130–132].
وجه الاستدلال: القرآنُ الكريمُ ينهى عن ‏‎‎الربا ، ولم يُحددْ تعريفَه ولا ماهيتَه، ثم يأمرْ بطاعةِ الرسول صلى الله عليه وسلم‏لأنه هو الذي سيبينُ معنى الربا ويُحددُ ماهيتَه في سُنته.

17- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ‎‎ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى ‏رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [المائدة:92].
وجه الاستدلال: هذه الآيةُ تكشفُ طاعتين: الأولى لله سبحانه، والثانيةَ للرسول‏ صلى الله ‏عليه وسلم؛ لترُد شبهةَ من يَدعي أن طاعةَ الرسولِ هي الأخذُ بالقرآن دون السنة. وسيأتيبإذن الله ‏‏– مزيدُ بيانٍ حول هذه المسألة‏.

18- قال تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ ‎‎الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ ‎‎وَأَصْلِحُوا ذَاتَ ‏بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ‎‎ مُؤْمِنِينَ [الأنفال: 1] ثم يتكرر الأمر في نفس السورة ‏‏: يَا أَيُّهَا‎‎ الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ‎‎ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال: 20] ‏ثم يتكررُ الأمرُ نفسُه في السورةِ نفسِها ‏‎‎للمرةِ الثالثة: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا ‏فَتَفْشَلُوا‎‎ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46].
وجه الاستدلال: ثلاثُ أوامرَ بطاعةِ الله ورسولِه في سورةٍ واحدةٍ، ولولا السنةُ‏‎‎ والأحاديثُ ما علِمنا ما ‏هي الأنفال‏.

19- قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ‎‎وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:‎‎‎56].
وجه الاستدلال: اقتصرت هذه الآيةُ على طاعةِ الرسولِ ولم تذكرْ (طاعةَ الله) لبيانِ‎‎ استقلاليتَها عن ‏طاعةِ اللهِ سبحانه، كما جاءت الايةُ في إطارِ الأمرِ بإقامةِ الصلاةِ‏‎‎ وأداءِ الزكاةِ للإشارةِ إلى أن ‏السنةَ هي المبينةُ لماهية كِليهما.

20- قال تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ‏‎‎ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ ‏عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ‎‎ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة: 13].
وجه الاستدلال: يتكررُ الأمرُ نفسُه بطاعةِ النبيِّ في سياقِ آياتٍ تشيرُ إلى أن مناجاةَ‏‎‎ الرسولِ صلى ‏الله عليه وسلم ليست كمناجاةِ أحدٍ من باقي الأمةِ ومن ثَمّ فإن طاعتَه‎‎ ليست كطاعةِ أحدٍ من ‏أُمتِه.

21- قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا‎‎الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ‎‎ الْمُبِينُ ‏‏[التغابن: 12].
وجه الاستدلال: الأمرُ بطاعةِ الرسول يأتي في سياقِ آياتٍ ‏‎‎تتحدثُ عن ضرورةِ تصديقِ الرسلِ وبيانِ ‏عقابِ الذين خالفوهم : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ‎‎الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ‎‎أَلِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ‎‎فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى ‏اللَّهُ‎‎ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن: 5-6]

22- قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا ‎‎مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا‎‎ أَنْفُسَهُمْ ‏جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ‎‎لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء: 64].
وجه الاستدلال: التأكيدُ على طاعةِ الرسولِ بعينِها وأن هذه هى سنةُ اللهِ في أنبيائِه أجمعين، وقال تعالى: ليطاعَ بإذن الله ولم يقل: "ليطاع الله" ليُعلمَ أن طاعةَ الرسلِ هدفٌ في ‎‎ذاتِها.

23- قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ‎‎ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي ‏أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا‎‎ قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65].
وجه الاستدلال: احتياجُنا‎‎ لحكمِ الرسول صلى الله عليه وسلم رغم وجودِ القرآنِ يشيرُ إلى أن ‏النبيَّ صلى الله‏‎‎ عليه وسلم يبينُ لنا الأحكامَ التي ينغلقُ علينا فهمُها من القرآنِ الكريم، ‏وهذا دليلٌ‎‎ قاطعٌ على حجيةِ السنة‏.

24- قال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ ‎‎الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ‏نَحْنُ ‎‎أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ ‏فَاكْتُبْنَا مَعَ‎‎ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: 52 – 53]
وجه الاستدلال: هذا كلامُ الحوارييّنَ‏لعيسى صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، وهم يُقرون باتباعِهم له، ‏ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم‏ في هذا أولى، لأنه خاتمُ النبيين. وتبينُ الآيةُ أن التصديقَ وحدَه لا يكفي، ولكن لا بُد من الاتباع، والاتباعُ لا يكون إلا بالعمل، ‏والعملُ لا‏‎‎يكونُ إلا بمنهج، ومنهجُ الرسولِ هو سنتُه، ولو لم تكنْ السنةُ لكان من الأولى أن ‏يكون ‎‎الخطابُ: "ربنا آمنا بما أنزلتَ واتبعناه"، ولكن هذا لم يكن، للدلالةِ على حجيةِ ‏‎‎السنة.

شبيهٌ بذلك:
25- قولُه تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ‏‎‎ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ‎‎اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21].
وجه الاستدلال: كيف تكونُ الأسوةُ إلا باتباعِ‏‎‎ خُطى المؤتسى به وانتهاجِ نهجِ المقتدى به؟!!

26- قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ ‎‎مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ‎‎الْمُؤْمِنِينَ ‏نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115].
وجه الاستدلال: الإعراضُ عن سنةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم من ‏‎‎مَشاقتِه، والآيةُ تؤكدُ على ‏ضرورةِ اتباعِ سبيلِ المؤمنينَ الذين نقلوا لنا هذا الدينُ‏‎‎ والذين أجمعوا بلا خلافٍ من واحدٍ منهم ‏على حجيةِ السنةِ الشريفة.

27- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ‎‎ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ ‏لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ‎‎وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 32]
وجه الاستدلال: الجمعُ بين الكفرِ بالله،‏‎‎ والصدُّ عن سبيلِه، ومشاقةِ الرسول، لبيانِ شناعةِ الجرمِ في ‏كلٍ.

28- قال تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا‎‎ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ ‏شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر: 7]
وجه الاستدلال :تأويلُها تنزيلُها.

29- قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ‎‎ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ ‏هُمْبِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ ‎‎الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي ‏التَّوْرَاةِ ‎‎وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ‎‎ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ‏الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ‎‎ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ‎‎ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ ‏وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ‎‎ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . [الأعراف: 156–157]
وجه الاستدلال :الآيةُ تَنسبُ إلى النبيّ الأمرَ والنهيَ والحِلَّ والتحريم، وتصفُ مُتبعيه ‏بالإيمان،‎‎ وتذكرُ: النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ عامةً، ولم تذكر القرآنَ خاصة‏.

30- قال تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ ‏الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ‎‎ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم: 1–5].
وجه الاستدلال: طالما أن القرآنَ يصفُ النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنه لا ينطقُ عن الهوى، ‏وأنه ينطقُ بالوحيِ، فلا شكَّ أن ما‏‎‎ ينطقُ به ملزِمٌ لأُمتِه. وخصوصُ سببِ نزولِ الآيةِ لا ينفي ‏عمومَ لفظها‏.

وآخر دعوانا أن ‎‎الحمد لله رب العالمين.
__________________
قـلــت :
[LIST][*]
من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )).
[*]
ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
[*]
ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )).
[*]
ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ).
[/LIST]
رد مع اقتباس