عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 2007-08-06, 07:40 PM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,399
افتراضي

المرحلة الثالثة
من مراحل تدوين السنة النبوية
مرحلة النضج

مرحلة تدوين السنة على هيئة كتب مصنفة ومرتبة.
كل كتاب يخدم هدف معين وله مقصد صُنف من أجله.
(بدأت حوالى عام 100 هجرية وما تلاها).

وكان هذا بناء على أمر من عمر بن عبد العزيز.

ففي صحيح البخاري: "وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه؛ فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء).
وكان هذا عام 101هـ.

وروى عبد الرزاق عن ابن وهب، سمعت مالكا يقول: "كان عمر بن عبد العزيز يكتب إلى الأمصار يعلمهم السنن والفقه، ويكتب إلى المدينة يسألهم عما مضى، وأن يعملوا بما عندهم، ويكتب إلى أبي بكر بن حزم أن يجمع السنن، ويكتب بها إليه، فتوفي عمر بن عبد العزيز وقد كتب ابن حزم كتبا قبل أن يبعث بها إلينا..." اهـ

وكان أول من استجاب له في حياته وحقق له غايته عالم الحجاز والشام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المدني الذي دون له في ذلك كتابا، فغدا عمر يبعث إلى كل أرض دفترا من دفاتره، وحق للزهري أن يفخر بعلمه قائلا: "لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني" .

ويجب أن نتذكر هنا أن التدوين المقصود به هو الجمع فى كتب مستقلة ، وأن يكون الجمع من أجل التصنيف ذاته.

وقد ذكر بعض أهل العلم أن جماعة من الصحابة والتابعين كرهوا كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا كما أخذوا حفظا , لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه .

قلت : والكراهة لا تدل على عدم وجود الصحف والكتب ولكنهم كانوا يستحبون التحديث حفظاً.

فقد كثرت التصانيف فى ذلك الوقت خاصة فى عصر أتباع التابعين.

يقول ابن حجر: "فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح (توفي 160 هـ)، وسعيد بن أبي عروبة (156هـ) وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة؛ فدونوا الأحكام.

فصنف الإمام مالك "الموطأ" وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ومن بعدهم (توفي 179 هـ).
وصنف ابن جريح بمكة (توفي ببغداد 150هـ)، والأوزاعي بالشام (156هـ)، وسفيان الثوري بالكوفة (توفي 161 هـ)، وأبو سلمة بالبصرة (نوفي 176هـ)، ومعمر بن راشد باليمن (المتوفى 153هـ)، وجرير بن عبد الحميد بالري (توفي 188هـ)، وعبد الله بن المبارك بخراسان (المتوفى 181هـ).
ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث الني صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك على رأس المائتين.

فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندا (توفي 213هـ)، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا، وصنف أسد بن موسى الأموي مسندا (توفي 212هـ)، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندا.
ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد؛ كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء.

ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معا، كأبي بكر بن أبي شيبة.
ولما رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وجدها جامعة للصحيح والحسن، والكثير منها يشمله التضعيف؛ فحرك همته لجمع الحديث الصحيح، وقوى همته لذلك ما سمعه من أستاذه الإمام إسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم: "لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي وأخذت في جمع الجامع الصحيح".

ومما تقدم يتبين لنا أن علماء التدوين قد طوفوا الدنيا كلها، وانتشروا في البلدان والأمصار وأحاطوا بها يجمعون ويكتبون في حركة نشطة دائبة يواصلون الليل بالنهار؛ ليسجلوا أجلّ وأخلد سجل عرفته البشرية على الإطلاق، على امتداد تاريخها الطويل، فبعد كتاب الله جندوا أنفسهم وأقلامهم ليدونوا مصدر شريعتهم، ومنبع عزهم الدائم.
<!-- / message --><!-- sig -->
رد مع اقتباس