عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2014-10-17, 02:52 AM
السيف الغالب السيف الغالب غير متواجد حالياً
عضو مطرود من المنتدى
 
تاريخ التسجيل: 2014-10-10
المشاركات: 94
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم , اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعداءهم

المحور الأول : إثبات أو نفي نزول آية الإفك في عائشة

نبدأ نقاش قضية الإفك وسأناقشها مع ابن عائشة من عدة أوجه في المحور الأول .. أول وجه هو (مصدر الحديث)

خلاصة قصة الإفك –على رواية عائشة المحرفة- أن بعضاً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد قذفها بالزنا بشاب يُقال له : صفوان بن المعطل السلمي , فأنزل الله براءتها في كتابه واصفاً الذين اتهموها بالزنا بالإفك أي الكذب والإفتراء

أما التفاصيل فلابد من معرفتها من الرجوع إلى أحاديث عائشة المتكثرة والتي ابتدعت فيها كثيراً من التفاصيل الخيالية التي تجعل من الواقعة قصة درامية لا مثيل لها ! وسأذكر حديثاً واحداً من البخاري وهو غيض من فيض ومن ثم سأناقش القضية ككل :

عن ابن شهاب الزهري قال : (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ وَيَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَرَى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ مُتَبَرَّزُنَا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ أَوْ فِي التَّنَزُّهِ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ نَمْشِي فَعَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالُوا؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي إِلَى أَبَوَيَّ قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي: مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَّا خَيْرًا وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَسَلْ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقَالَ: يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنِ الْعَجِينِ فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذُرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ وَبَكَيْتُ يَوْمِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي قَالَتْ: فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِيَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وَقَدْ مَكَثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً وَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَبَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [سورة يوسف آية: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِي: يَا عَائِشَةُ احْمَدِي اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾ [سورة النور آية: 11] الْآيَاتِ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [سورة النور آية: 22] فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ . قالت: وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك! قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول : سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط! قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله)

إننا نجد جميع روايات قصة الإفك ترجع إلى عائشة وحدها ! وهو ما يستعصي قبولها والتسليم بها إذ أن العقل يأبى التسليم لمنقولة تاريخية بهذا الحجم والتفصيل دون أن يرويها سوى شخص واحد ! فضلاً عن أن هذا الشخص هو المستفيد من رواياته لتزكية نفسه !! وكون هذا الشخص له سوابق بالكذب (كحديث المغافير) وغيره يجعلنا لا نستطيع التسليم بكلامه أو على الأقل الشك فيه !
لقد وقعت القضية أثناء قفول جيش يربو على سبعمئة مقاتل من المسلمين (السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص 297) فضلاً عن أن معهم من أسرى بني المصطلق وذراريهم وهم أكثر من مئتين (الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص64) وعلى حد قول عائشة أن أمرها شاع في كل هؤلاء بعدما رأوها وصفوان في نحر الظهيرة ثم تتابعت أحداث القضية وتطوراتها ولم تكن بمعزل عن أي من الناس , فإنهم جميعا شهدوا ما قاله أهل الإفك فيها وشهدوا خطب رسول الله (ص) التي تلت ذلك , كما شهدوا شجار الأوس والخزرج في هذا الشأن حتى كادوا أن يقتتلوا في المسجد , وأُبلغوا بنزول سورة الواقعة , ورأت أعينهم كيف يجرى الحد على رجلين وامرأة بالجلد .. إلى هنالك من أحداث جسام وتطورات في القضية -التي استمرت أكثر من شهر- وأصبحت قضية الرأي العام الأولى آنذاك بما فيها من زخم هائل ...

فأين توارى واختفى كل هؤلاء الذين شهدوا هذه القضية الكبرى فلم يصلنا منهم حتى حديث واحد يتضمن شهادتهم على جانب من جوانبها !!؟ كأن يقول أحدهم (رأيت عائشة يقود بعيرها صفوان وقد جاءا متأخرين بعد رجوعنا من المريسيع فارتاب الناس) أو يقول آخر (سمعت عبد الله بن أُبي يقول كذا في عائشة ورد عليه فلان بكذا) أو يقول ثالث (خطب بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستعذراً من الذين رموا أهله بالفاحشة) أو يقول رابع (كنت حاضرا في المسجد وقد هم الحيان الأوس والخزرج أن يقتتلوا فجرى كذا وكذا) أو يقول خامس (جُلِد حسان ومسطح وحمنة يوم كذا في مكان كذا وضُربوا بكذا) ؟!!!

وأين اختفى بطل القصة والذي هو صفوان بن المعطل فلم ينبس ببنت شفة عما ناله وما جرى عليه فلم يرو لنا تفاصيل وملابسات القضية الخطيرة ولو بحديث واحد يصلنا من طرفه لا من طرف عائشة عنه ؟! سيما أنه عاش بعد الحادثة فترة طويلة حتى عهد عمر حيث قُتل في غزوة أرمينية سنة تسع عشر, وعلى قول آخر أنه عاش حتى عهد معاوية حيث قتل بأرض الروم سنة أربع وخمسين!!(قال ابن حجر في فتح الباري ج8 ص349 تعليقاً على قول عائشة أن صفوان قتل شهيداً "مرادها أنه قتل بعد ذلك لا أنه في تلك الأيام , وقد ذكر ابن اسحاق أنه اسشتهد في غزاة أرمينية في خلافة عمر في سنة تسع عشرة , وقيل: بل عاش إلى سنة أربع وخمسين فاستشهد بأرض الروم في خلافة معاوية")

على الأقل أن يصلنا عن واحد من عامة المسلمين أنه قد سأل صفواناً عن حقيقة الأمر فأخبره بكذا وكذا , أو أن صفوان حين رمي بما رمي صاح في جمع "أنا بريء" أو ما هو من هذا القبيل , فإن من عادة الناس المستمرة إلى اليوم أن لا تترك هكذا قضية مهمة دون اقتفاء الأثر والسؤال ولو بدافع الفضول ! فكيف اختفى عنا أي حديث بلسان بطل القصة ومحورها بعد عائشة مع أنه روي له من الحديث ما ليس في شأن الإفك وما هو أقل منه أهمية بكثير ؟! (قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج2 ص 548 "وروي له حديثان , حدث عنه سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وسعيد المقبري وسلام أبو عيسى")

ولو قيل بأن صفوان كان كما لا يقرب النساء –على زعم عائشة- فإنه لا يقرب الحديث فما بال غيره من أبطال القصة سكتوا أو سكت الرواة عن النقل عنهم !؟ أين أحاديث علي عليه السلام وأسامة وهما اللذان استشارهما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟؟ لم لم يردنا عن أي منهما قولاً من قبيل (استشارني الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين تحدث أهل الإفك عن عائشة فقلت كذا وكذا) ؟؟! أين أحاديث الأوس والخزرج التي كادت أن تشب معركة بينهم ؟! أين أحاديث الذين أقيم عليهم الحد كحسان ومسطح وحمنة ؟! بل أين أحاديث المهاجرين والأنصار ؟؟! أكل هؤلاء تواطئوا على إغلاق أفواههم وترك المجال لعائشة فقط لتتحدث بهذا الشأن ؟! وما بالهم التزموا بهذه الواقعة دون غيرها من الوقائع العامة فحدث كل منهم بما شاهد بنفسه أو بلغه عن غيره ؟!


إن قيل : قد روي لصفوان بيتان من الشعر يومئان إلى قصة الإفك فيكون هذا بمنزلة حديث متلقى منه يدل على صدق المروي عن عائشة والبيتان هما :

تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ مِنِّي فَإِنَّنِي غُلامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرٍ
وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حَمَايَ وَأَنْتَقِمْ مِنَ الْبَاهِتِ الرَّامِي الْبَرَاءِ الطَّوَاهِرِ

قلنا : إن هذين البيتين اللذين يرويهما الطبراني والحاكم إنما هما مرويان عن صفوان عن طريق عائشة نفسها !!! فقد جاء في الرواية قبلها (قالت عائشة: وقعد صفوان بن المعطل لحسان ابن ثابت بالسيف فضربه , فقال صفوان لحسان في الشعر حين ضربه : تلق ذباب السيف.. إلخ) (المعجم الكبير للطبراني ج23 ص 114 ومستدرك الحاكم ج3 ص519)
ثم إنه بالعودة إلى مصادر السيرة والتاريخ الأقدم من معجم الطبراني ومستدرك الحاكم لا نجد سوى البيت الأول المنسوب إلى صفوان وقد قاله في أمر آخر بعيد حقيقةً عن قصة الإفك التي اختلقتها عائشة !! بينما البيت الثاني لا وجود له ! فقد روى ابن اسحاق وابن هشام والطبري وغيرهم ما حاصله أن حسان بن ثابت هجا صفوان بن المعطل وجماعة من قريش من أصحاب الجهجاه بن مسعود الغفاري حين تقاتلوا مع الأنصار على ماء المريسيع بعد انتهاء الحرب وقد كان الماء قليلاً حيث أدلى كل منهم بدلوه وما إن التبست الدلاء تنازعوا وتضاربوا وسالت الدماء بينهم ثم شهروا السلاح وكادوا يقتتلون (صورة من صور عدالة الصحابة وأن جميعهم على حق!) حينها هجا حسان المهاجرين ومنهم صفوان بأبيات مطلعها:

أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا
وابن الفريعة أمسى بيضة البلد

فخرج صفوان مصلتا سيفه وضرب حسان وقال البيت الأول من شعره !

واحتكموا إلى النبي وقد لام حسان على شعره وصفوان على فعله فكان اعتذاره (يا رسول الله آذاني وهجاني وسفه علي وحسدني على الإسلام فاحتملني الغضب فضربته) فأمر بحبس صفوان وأخيراً فقد تم الصلح بأن عوض النبي (ص) حسان عن تنازله عن حقه بالقصاص من صفوان بأن أهداه أرضاً واسعة وجارية وهي سيرين أخت مارية القبطية عليها السلام (سيرة ابن هشام ج3 ص352 وتاريخ الطبري ج2 ص618 عن سيرة ابن اسحاق)

فاعتذار صفوان إنما كان منحصراً في كون حسان آذاه وهجاه وسفهه وحسده ولم يقل أنه قد قذفه ولو كانت ما ترويه عائشة من قصة الإفك صحيحا لكان من باب أولى في عذره أن يقول (يا رسول الله قد قذفني ورماني بالزنا بامرأتك) !! بل لو كانت القصة صحيحة لما أهدى الرسول حساناً أرضا وجارية وهو الذي بهت زوجته بمثل هذه التهمة الخطيرة !!

إن قيل : قد جاء حديث ابن عمر فيه ذكر الإفك وما تعرضت له عائشة فكيف تقولون بأن طريق الحديث انحصر بها ؟؟

قلنا : هذا هو الحديث الذي ذكره الطبراني وفيه بعد مقدمة وجيزة من ابن عمر عن القرعة التي كان يجريها النبي (ص) حين يخرج : (قالت عائشة: فقلت في نفسي إلى ما يصلحوا رحل أمس سلمة أقضي حاجتي.. إلخ) فالحديث إذن أخذه ابن عمر عن عائشة !!

وإن قيل : أن ابن عباس جاء بحديث في شأنها

قلنا : أيضا الذي ذكره الطبراني , ولا ريب أنه أخذه من عائشة أيضاً , لأن ابن عباس قدم للمدينة مهاجراً مع أبيه قبيل فتح مكة بقليل أي في السنة الثامنة من الهجرة (الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ج3 ص511) فيما غزوة بني المصطلق التي تزعم عائشة حصول الحادثة عقيبها وقعت إما في السنة الرابعة من الهجرة كما ذكره البخاري عن موسى بن عقبة (صحيح البخاري ج5 ص54 وذكره المسعودي في مروج الذهب ج2 ص289) وإما في السنة الخامسة كما ذكره الواقدي (مغازي الواقدي ج1 ص404) , وإما في السنة السادسة كما ذكره البخاري عن ابن اسحاق (صحيح البخاري ج5 ص54 وعليه جل المؤرخين كسيرة ابن هشام ج3 ص302 والبداية والنهاية ج4 ص156) ولم يتعد أحد من أهل السير السنة السادسة كحد أقصى وعليه لا يكون ابن عباس حاضرا الحادثة ولا شاهدها فلا يكون حديثه إلا مرويا عن عائشة سيما مع ملاحظة مافيه من تفاصيل لم يروها أحد غيرها ولا يمكن لسواها رويه

على أن حديثه هذا فيه عللاً تقدح في صحته وتمنع من التسليم به إذ ورد فيه "فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم والناس قد ارتحلوا.. " وهذا محال إذ لا يمكن أن يرتحل المسلمون والنبي (ص) نائم ومن دون أن يأمر هو بذلك ! كما ورد فيه :"فاستيقظ رجل من الأنصار يقال له صفوان بن المعطل , وكان لا يقرب النساء.. " وهذا مضحك لأن صفوان بن المعطل كان من المهاجرين ولم يكن من الأنصار بالإجماع !!

وإن قيل : قد جاء حديث عن أبي اليسر الأنصاري

قلنا : وهو الذي رواه الطبراني , هو مأخوذ من عائشة أيضاً إذ جاء فيه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: يا عائشة قد أنزل الله عذرك. فقالت : بحمد الله ولا بحمدك! ) ولم يكن أبو اليسر بطبيعة الحال حاضرا بين النبي وعائشة في البيت ويسمع ما يجري بينهما في هذه المحاورة فلا شك أنه تلقاه منها

وإن قيل : ثمة حديث عن أبي هريرة وهو الذي رواه البزار وابن مردويه

قلنا : هذا حديث أيضا مأخوذ من عائشة ! ذلك لأن أبا هريرة بالاتفاق لم يكن حاضرا في غزوة المريسيع أو غزوة بني المصطلق فإنه قدم المدينة مهاجرا في السنة السابعة من الهجرة حين كان النبي صلى الله عليه وآله مشغولا بخيبر كما ذكر البخاري في التاريخ الصغير , وقال النووي في المجموع (قدم أبو هريرة على النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبعة من الهجرة) أما المريسيع فقد وقعت على أبعد تقدير في السنة السادسة كما أثبتنا وقد أكد ابن حجر في فتح الباري أن أبا هريرة ( هاجر بعد قصة الإفك بزمان ) فلا مفر من القول أنه إنما أخذ هذا الحديث عن عائشة

ويؤكد أخذه عنها أن فيه قولها للنبي صلى الله عليه وآله (بحمد الله لا بحمدك) فمن أين علم بأنها قالت هذا وهو لم يكن حاضرا معهما لولا أن عائشة حدثته به أو غيرها عنها !

وإن قيل : قد روى الواقدي في شأن نزول قوله تعالى (وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) عن أفلح مولى أبي أيوب أن أم أيوب قالت لأبي أيوب ( ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال : بلى , وذلك الكذب أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك ؟ فقالت : لا والله قال: فعائشة والله خير منك ) فنزلت الآية , فلم تنحصر أحاديث الإفك بما روي عن عائشة فها هو ذا أبو أيوب الأنصاري وامرأته

قلنا : مع صرف النظر عن أن الواقدي نفسه قد روى نظير هذا الحديث بعده عن أبي ابن كعب فوقع الترديد الذي يُشعر باختلاق الحديث , ومع الصرف النظر أيضا عن أن أفلح لم يكن حين وقوع قضية الإفك المزعومة موجودا في المدينة ولم يكن قد صار بعد مولى لأبي أيوب لأنه من سبي عين التمر في عهد أبي بكر فإن أصل هذا الحديث وهو نزول الآية في شأن ما جرى بين أبي أيوب رحمه الله وامرأته جاء من عائشة !! وذلك ما رواه الواحدي عن الزهري عن عروة ( أن عائشة رضي الله عنها حدثتنا بحديث الإفك وقالت فيه : وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته وقالت : يا أبا أيوب ألم تسمع بما تحدث الناس قال : وما يتحدثون فأخبرته بقول أهل الإفك فقال : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم قالت : فأنزل الله عز وجل الآية ) (أسباب النزول للواحدي ص 116 وتاريخ دمشق لابن عساكر ج29)

وعليه ليس هذا الحديث بخارج عن فلك عائشة وما اصطنعته من آثار وروايات وأساطير لتدعيم وقوع الإفك عليها!


فبعد كل هذا سؤالي الآن : هل يوجد لديك حديث صحيح عن طريق غير طريق عائشة ؟؟

لأنه يستحيل تصديق القصة من طريقها فقط للأسباب التي ذكرتها آنفاً !

هذا هو سؤال الافتتاح وسأناقش القضية بعده من عدة جوانب أخرى غير جانب (مصدر الحديث) والتي ستثبت عدم صدق القصة

( السلام على شيخ الرافضة المعظم أسأل الله سبحانه أن يشركنا بأجره ويجعل ذلك شفيعا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )


أنتظر ردك