عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2016-05-16, 03:38 PM
ابن الصديقة عائشة ابن الصديقة عائشة غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-09-26
المكان: بلاد الله
المشاركات: 5,182
افتراضي

الشبهة الخامسة:
وهذه الشبهة ليست من إنشائهم، بل قال بها بعض منكري السنة السابقين، وبخاصة هؤلاء الذين اتخذوا من الاعتزال ستاراً يخفون وراءه زندقتهم، ثم يهاجمون الإسلام، من أمثال النظام وبشر المريسي وغيرهم.
وهذه الشبهة تقوم عندهم على الزعم بأن الاحتكام إلى السنة والالتزام بها مؤدّ إلى الشرك والكفر. فإن الاسلام يقوم على أن الحاكم هو الله وحده، وأن الحكم له وحده - سبحانه - يقول - تعالى -: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (الأنعام:57 ويوسف:40،67) . ويقول - عز وجل -: {أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} (الأنعام:62) . وإذا كان الإسلام يقوم على أن الحكم لا يكون إلا لله - سبحانه -، فإن الاحتكام إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه إشراك الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحكم مع الله - سبحانه -
وذلك كفر وشرك. ولا خروج من ذلك الشرك والكفر إلا بالاحتكام إلى كتاب الله القرآن وحده، ونبذ السنة وعدم اعتبارها.
الرد على الشبهة وتفنيدها:
هذه الشبهة تقوم على أمرين فرغنا من الحديث عنهما:
الأمر الأول: أن السنة ليست وحياً من عند الله - تعالى - وبالتالي فليست شرعاً يحتكم الناس إليه.
الأمر الثاني: أن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليست من طاعة الله - سبحانه - بل بين طاعة الرسول وطاعة الله تعارض وتضارب، بحيث تكون طاعة الرسول نقضاً لطاعة الله - تعالى - وبذلك يتحقق كونها عندهم شركا بالله.
وهذان الأمران قد سبق أن أوفينا الكلام فيهما. حيث أثبتنا أن السنة النبوية وحي من عند الله - سبحانه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق إلا بوحي الله - تعالى - ويكفي هنا أن نذكر بقول الله - عز وجل - في حق رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:3-4) . وكذلك قد بينا أن السنة شرع الله - سبحانه - كما أن القرآن شرع الله - عز وجل - وقد بينا - آنفاً - أن السنة بمنزلة القرآن من حيث حجية التشريع ومصدريته ويكفي - كذلك - أن نذكر هنا بقول الله - عز وجل - مخاطباً رسوله - صلى الله عليه وسلم – {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (النساء:65) ، ويقول الله - سبحانه – {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (النور:51) .
فهذه الآيات نصوص قرآنية قاطعة في أن السنة النبوية وحي من عند الله - تعالى - وأن كل ما يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو يفعل - فيما يتصل بأمور الدين - إنما هو الحق من عند الله، وكذلك تدل الآيات على وجوب الاحتكام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرضا بما يحكم به، والتسليم والإذعان لذلك. وأن من لم يحتكم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرض بحكمه هو خارج عن الإيمان، وليس له حظ من الإسلام.
أما كون طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واجبة على المسلم، وأنها من طاعة الله – تعالى - فقد أوفينا الكلام عنها كذلك. ويكفي أن نذكر بقول الله - عز وجل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} (النساء:80) .
فهذه آيات قاطعات في أن الاحتكام إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطاعته إنما هو احتكام إلى الله تعالى - وطاعة له - سبحانه - وقد قال الله - تعالى - {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} . وهؤلاء يقلبون الآية القرآنية فيزعمون أنه "من يطع الرسول فقد أشرك بالله" - عياذاً بالله، وليس بعد هذا الضلال ضلال.

[
رد مع اقتباس