عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2012-05-01, 12:15 PM
hakim hakim غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-05-01
المشاركات: 4
افتراضي قال سعيد بن جبير المرجئة يهود القبلة

بسم الله الرحمن الرحيم

فتوى الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي في الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله
فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي .. حفظه الله تعالى
ما رأيكم حفظكم الله في مسألة الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله تعالى، ويعتذر له البعض بأنه لم يضع تلك القوانين المخالفة لشرع الله بنفسه وإنما وضعها غيره؟
الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد
فلا بد أولا من معرفة مسألتين مهمتين مرتبطتين بهذا الموضوع:
الأولى: مسألة التشريع

وهذه حق خاص مطلق لله وحده لا شريك له، لا يجوز إشراك غيره معه قال تعالى: ﴿ إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ وقال تعالى: ﴿ وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب ﴾ ، وقال تعالى: ﴿ ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ﴾ ، قال الطبري -رحمه الله-: (ألا له الخلق كله، والأمر الذي لا يُخالف ولا يُرد أمره، دون ما سواه من الأشياء كلها، ودون ما عبده المشركون من الآلهة والأوثان التي لا تضر ولا تنفع، ولا تخلق ولا تأمر).
وقال البغوي -رحمه الله-: (له الخلق لأنه خلقهم، وله الأمر يأمر في خلقه بما شاء).
وقال تعالى: ﴿ ولا يشرك في حكمه أحدًا ﴾ ، قال شيخنا محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في هذه الآية: (شامل لكل ما يقضيه جل وعلا، ويدخل في ذلك التشريع دخولا أوليًا).
وقال تعالى: ﴿ إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ بل لله الأمر جميعا ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين * ولا تدع مع الله إلهاً آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئًا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض واللهُ ولي المتقين ﴾ .
وبهذا يتبين أن من شرع تشريعًا فيه مُخالفةٌ لما شرعه الله ورسوله فقد اعتدى على حق من حقوق الله تعالى التى اختص بها لنفسه، ويكفر بذلك الفعل حتى وإن لم يُحكم أو يُحَكم بما شرع من أنظمة وقوانين تضاد حكم الله تعالى.
الثانية: مسألة الحكم

قال تعالى: ﴿ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ﴾ .
وقال تعالى: ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ﴾ .
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: (إن الحاكم إذا كان دينًا لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار، وإن كان عالمًا لكنه حكم بخلاف الحق الذي يعلمه كان من أهل النار، وإذا حكم بلا عدل ولا علم كان أولى أن يكون من أهل النار، وهذا إذا حكم في قضية معينة لشخص، وأما إذا كان حكمًا عامًا في دين المسلمين فجعل الحق باطلا والباطل حقًا، والسنة بدعة والبدعة سنةً، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا، ونهى عما أمر الله به ورسوله، وأمر بما نهى الله عنه ورسوله، فهذا لونٌ آخر يحكم فيه رب العالمين وإلـه المـرسلين، مالك يوم الدين، الـذي ﴿ له الحمد في الأولى والآخـرة ولـه الحكم وإليه ترجعون ﴾ .
﴿ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا ﴾ )
قال شيخنا محمد بن إبراهيم -رحمه الله-: (السادس: ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات عن آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها [سلومهم] يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به، ويحضون على التحاكم إليها عند النـزاع بقاءً على أحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبة عن حكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلا بالله).
وقال شيخنا محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى ﴿ ولا يشرك في حكمه أحدا ﴾ : (ويفهم من هذه الآيات كقوله تعالى: ﴿ ولا يشرك في حكمه أحدا ﴾ أن متبعي أحكام المشرعين في غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم مبينًا في آيات أخر كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله: ﴿ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليُجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ﴾ فصرح بأنهم مشركون بطاعتهم، وهذا الإشراك في الطاعة واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى، هو المراد بعبادة الشياطين في قوله تعالى: ﴿ ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ﴾ ثم قال: (وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم)فالحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله تعالى فهو كافر بالله تعالى خارجٌ عن شريعته، ولو لم يكن راض بها لما حكم بها فإن الواقع يكذبه فالكثير من الحكام لديه الصلاحيات في تأجيل الحكم، وتغيير الدستور، والحذف وغيرها.
وإن تنازلنا وقلنا أنهم لم يضعوها ويشرعوها لشعوبهم فمن الذي ألزم الرعية بالعمل بها، ومعاقبة من خالفها، وما حالهم وحال التتار الذين نقل ابن تيمية وابن كثير -رحمهما الله- الإجماع على كفرهم ببعيد، فإن التتار لم يضعوا ولم يشرعوا [الياسق] بل الذي وضعه أحد حكامهم الأوائل ويسمى جنكيز خان، فصورة هؤلاء كحال أولئك.
وبذلك يتبين أن الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى قد يقع في الكفر من جهة أو من جهتين، الأول من جهة التشريع، والثانية من جهة الحكم إن حكم.
أملاه فضيلة الشيخ
أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
1 / 12/ 1420 هـ
رد مع اقتباس