[ايوب نصر]

بسم الله الرحمن الرحيم
من الامور المشتركة بين الفرق الاسلامية الضالة ، انه لا يكادون يتوهمون انه قامت لهم حجة من جهة ، حتى تجد تلك الحجة تسقط من جهات اخرى ، و الاشعرية ليست بدعا و لا استثناء ، فبقولهم و معتقدهم يقفون على شفا جرف هار ، تكاد لوازمه تسقط بهم في نار جهنم ، و قد اوتي القوم من جهلهم ، و قصور في نظرهم .
و قد ناقشناهم في الصفات و خاصة صفة الكلام ، فاثبتنا انهم يهربون من التشبيه ليقعوا فيه ، و ما هذا كله الا نتيجة حصرهم المخلوق في البشر ، و كانه لا يوجد مخلوق غيره ، و ما هذا الا من جهلهم و تعصبهم ، و ضيق نظرهم و قصوره .

و اليوم نناقشهم في مسالة العلو ، فقد عمدوا الى ايات العلو فاولها ، و قالوا ان العلو علو مكانة لا علو مكان ، فاذا لم نثبت العلو فماذا نثبت ؟؟.
و ليس هذا السؤال الذي اريد جوابه في هذه الاسطر ، و انما اريد بيان مقتضى قولهم و لازمه ، فاذا كان مقتضى القول و لازمه فاسدا فان القول فاسد و باطل .
قال تعالى لعسي _ عليه السلام _ (( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ... الاية )) ال عمران 55 . و العلو عند الاشاعرة لا يكون الا علو المكانة ، و قولهم يقتضي تفسير رفع عيسى الى الله برفع مكانته الى الله ، مما يقتضي ان عيسى _ عليه السلام _ اله ، و هذا اللازم فاسد باطل ، يفسد و يبطل معه قولهم بعلو المكانة لا علو المكان ، و هذا هو عين معتقد النصارى ، فاذا قالوا ان العلو هنا علو مكان اسقطوا معتقدهم القائم على نفي العلو و الجهة ، و اثبتوا لله العلو و الجهة .
و مما يقتضيه قولهم ايضا ان قوله تعالى : (( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)) فاطر 10 ، ان الكلم الطيب العمل الصالح يرفعان رفع مكانة ، فجاوزوا النصارى ، لان النصارى جعلوا الله _ سبحانه و تعالى عما يصفون _ ثالث ثلاثة ، و هؤلاء الجهلة الاشعرية جعلوه رابع اربعة .

و لاننا _ اي اهل السنة حقا _ انصف الخلق و ارحمهم ، فلابد من قول وجب ان يقال ، حتى لا نكون من المتعسفين و نبخس الناس حقهم ، فالقوم لم يقصدوا ابدا ان يقولوا بهذا القول ، و انما كما قلت سابقا اوتوا من قبل جهلهم ، فاقتضى قولهم ان يوافقوا قول اهل الكفر و اهل الشرك ، و ليس لنا الا ان نرجوا لهم الهداية .

كتب يوم الخميس23 ربيع الثاني 1439 ( 11/01/2017 )