عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2009-07-09, 12:04 AM
مسدد مسدد غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2008-06-24
المشاركات: 191
افتراضي

أثر الحوار في التربية
أن من أهم الطرق لإعداد الأمة هو البناء التربوي التراكمي المؤصل، أن البناء التربوي التراكمي المؤصل يندرج تحته عدة معان:
فهو أولا من البناء، والبناء يخالف الهدم فهو عمل إيجابي.
ثم هو عمل تربوي، أي: يتعلق بتربية الأمة رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، شباباً وكهولاً، بنين وبنات، فهو بناء تربوي يدل اسمه على الفئة المستهدفة، والبرنامج المتخذ لتحقيق هذا الغرض.
ثم هو أيضا تراكمي، أي أنه لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها، وإنما يبنى بعضه على بعض حيث إن اللاحق يستند على السابق، والمتقدم يكون لما بعده ارتباط به.
بمعنى آخر: عندما نضع نوعاً أو منهجاً من هذه المناهج يجب أن لا نجعل المناهج منفصلة أي ينفصل بعضها عن بعض بل ينبغي أن تكون مترابطة متماسكة، كترابط الجسم فكل عضو في الجسم له ارتباط بالعضو الآخر كما بين النبي صلى الله عليه وسلم فمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فهو يدل على الترابط الوثيق بين جميع أجزاء البدن، فكذلك البناء التربوي التراكمي هناك ترابط بين جميع أجزائه، وهو أيضاً يتصف بالمرحلية، ففي الوقت الذي هو مجموعة من الأجزاء في الوقت الواحد، فكذلك لا يمكن أن يكون في مدة معينة واحدة، وإنما في أوقات زمنية قد تستغرق سنوات عدة، بل قد يستغرق البناء التربوي التراكمي أحياناً عشرات السنين.
بل إن المؤمن ما دام حياً فإنه يتلقى التربية حتى آخر لحظة من حياته.
أما كلمة المؤصل، إنه بناء يعتمد على أصول عريقة، يعتمد على الأصلين الشريفين الكتاب والسنة وما استمد منهما من منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، فهو بناء مؤصل قاعدته ضاربة في الجذور عميقة في دلالتها ومنطلقاتها لا تهزها رياح؛ لأن هناك بناء تربوي تراكمي لكنه ليس مؤصلاً، مثلاً: كالبناء المبني على العرف أو العادة هذا يتغير بسرعة عندما ينتقل الإنسان من مجتمع إلى مجتمع، فإنه يتأقلم مع المجتمع الجديد وينسى ما كان عليه وربي عليه في المجتمع السابق؛ لأنه لم يرب تربية مؤصلة، أما المسلم الذي يربى تربية تراكمية مؤصلة فإنه في أي أرض كان، وفي أي زمن كان لا تتغير سيرته ولا منهجه ولا قناعاته، مادام قد ربي على منهج أصيل على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح.
لا توجد أمة من الأمم يتم بناؤها إلا بالتربية الجادة بالتربية المؤصلة، فالتربية هي الأساس الذي تبنى عليه الأمم، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما بعث أول ما بدأ عندما بلغ ودعا للتوحيد سراً كانت الوسيلة لتبليغ رسالة ربه وللقيام بالمهمة العظمى التي بعث بها هي التربية، فبقي ثلاث سنوات صلى الله عليه وسلم وهو يربي الأمة في دار الأرقم سراً، وعندما كون جيلاً صلباً وإن كان عدده قليلاً، ولكن التربية التي تلقاها كانت ضخمة ومؤصلة وقوية هنالك أعلن دعوته، حيث وجدت الأركان والدعائم التي تبنى عليها الأمة، وتكون منطلقاً للرسالة والدعوة.
 تقدّموا إلى الحوار، الرأس مرفوع والوجه مكشوف، فحرية الرأي تعني مسؤولية الرأي. والمسؤولية لا تكون من وراء قناع موضوع على اللثام.
 تقدّموا إلى الحوار بلغة الحوار.
 تقدموا إلى الحوار بعقلية من يذهب لمأدبة لا لمعركة.
 تقدموا إلى الحوار والفكر مفتوح مثلما القلب، لا عقدة نقص ولا عقدة تفوّق، لا بحث عن نصر اللهم إلا إذا كان النصر على الذات.
 تقدّموا للحوار بعقلية التبادل وليس بعقلية الفرض والإكراه والغلبة، بروح الرياضي الذي يحترم الآخر ويفرض عليه الاحترام.
 تقدّموا للحوار بأفكار تعتبرونها مجرّد أدوات لفهم عالم بالغ التعقيد متواصل التغيير والتعامل معه بأقصى قدر ممكن من الفعالية.
 تقدّموا للحوار بمنهجية مبنية على دقّة المعلومة ومتانة الحجة وخاصة بوعي حادّ لتعقيد كل المواضيع وقابليتها لقراءات مختلفة.
 تقدموا للحوار ورائدكم النزاهة عبر الاعتراف للآخر بحق الاختلاف وإمكانية أن يكون هو المصيب.
 تقدموا للحوار بنية استغلال ذكاء الآخر وخبرته إلى أقصى درجة لا بنية التفوق والانتصار عليه.
في البدء كان الحوار:
في البدء كان الحوار .. إذ وجد الحوار حتى قبل أن يوجد الإنسان.
فحاور اللهُ جلّ وعلا ملائكته الكرام, ثم حاور من بعد ذلك آدمَ عليه الصلاة والسلام.
والقرآن الكريم هو كتابُ الحوار، فالحوارُ هو المنهج القرآني المفضل لنقل المبادئ والأفكار.
والحوار هو "الموعظة الواحدة" قال الله تعالى:"قل إنما أعظكم بواحدة ، أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكّروا" (سورة سبأ، الآية: 46).
 التفكر الثنائي هو حوار هادئ هادف، والتفكر الفردي هو حوار داخلي عميق مع النفس أمام مرآة الفطرة.
 المربي الناجح يحاور طفله في كل همومه، وفي جميع اهتماماته، بلغة محببة يفهمها الطفل.
 المربي الناجح لا يستهين بإمكانات طفله الفكرية، وبقدرته على الاستيعاب, فكل ما يتصل بالطفل لن يكون بسيطا على الإطلاق.
 إنّ روح الطفل متوثّبة تَوّاقة لاكتشاف جديد العوالم, والأب الحكيم والأم الحكيمة لا يضيقان ذرعاً بأسئلة طفلهما المتلاحقة, بل يجيبان عنها بعناية وبرحابة صدر، حتى لا يقتلا فيه روح الدهشة والتساؤل.
 بالحوار المنطقي السليم يستطيع الأبوان أن يثيرا اهتمام طفلهما, وأن يغرسا فيه القيم والأفكار.
 بالحوار يقدر الأبوان أن يُعلماه التفكير العميق والمنطق الحسن, وأن ينفيا عنه عقليّة البُعد الواحد.
 بالحوار تنغرس في نفس المربي الثقة بأن طفله يصاحبه متنقلاً في درجات سلّم الأفكار.
يتبع ..
[/font]
رد مع اقتباس