[ايوب نصر]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الشبهة هي اشتباه الحق بالباطل ، و اختلاط الخطا بالصواب ، فهي ليست حقا خالصا و لا باطلا خالصلا ، و انما هي باطل مزين ببعض الحق ، و لذلك يصعب التمييز فيها بين ما هو حق و ما هو باطل ، و بين ما هو صواب و بين ما هو حق . و لهذا فان الشبهة لا تكون في الامور الواضحة التي لا غموض فيها و المفهومة ببداهة العقل ، بل تكون الشبهة في الامور المعقدة التي يصعب فيها التمييز بين الحق و الباطل .
استمعت لمناظرة جرت بين سني و احد الكافرين بالسنة ، و هذا الاخير هو " عدنان رفاعي " ، و كان الاخ السني يرد على ما يلقيه عدنان رفاعي من شبهات حول السنة ، و ردوده كانت جيدة ، لكن كان فيها ضعف بسيط ، فهذا الاخ السني لم يفهم طبيعة معتقد " عدنان رفاعي " و انه كافر بالسنة .

كانت كل شبه عدنان رفاعي تتمحور حول تناقض القران مع السنة ، و مخالفتها اياه في مجموعة من الامور _ كما زعم _ ، و من بينها ان قول رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ (( لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله)) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:(( ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.)) " يتناقض مع قوله تعالى (( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) الزخرف 72 .و ان الخلق سيدخلون الجنة بعملهم لا برحمة الله و فضله ، و الذي عجبت له ان الاخ السني لم يات برد على هذا الكلام ، بل و تجاهله و كانه لم يسمعه ، و معه حق في ذلك ، فاحيانا نعجز _ نحن اهل السنة _ عن الرد على بعض الشبه لما فيها من غباء ، فتحس ان الغباء جسد في تلك الشبهة .

و قبل ان اضع الرد على هذه الشبهة ، فاني اريد ان اوضح امرا اشرت له في عدة مواضع من سالف هذه المقالة ، و هو ان الشبهة هي ما صعب التفريق فيها بين الحق و الباطل ، و الخطا و الصواب ، و لا يسمى شبهة اذا كان الحق فيها ظاهرا ببداهة العقل ، و كلام عدنان الرفاعي لا يمكن اعتباره شبهة فالحق فيها واضح جلي لا اشتباه و لا غموض فيه ، و قد كان الناس قديما يأتون بشبه قوية تجعل من يسمعها يغتر بها و يدخل فيها حتى لا يستطيع الخروج منها ، اما عدنان رفاعي و اشباهه و شاكلته فشبههم لا ينخدع بها حتى العامي فضلا عن طالب العلم . و سيظهر لك ذلك و نحن نرد على كلامه .

و الرد على هذه الدعوى الباطلة سيكون من اوجه كثيرة و هي :
اولا : قوله تعالى ((فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ))الانشقاق 7و8. و هنا نسال : هل كونه حوسب فقط حسابا يسيرا و لم يحاسب حسابا عسيرا ، هل هذا من فضل الله و رحمه ام بعمله ؟؟ و ماذا لو حوسب حسابا عسيرا ؟؟
ثانيا : قوله تعالى (( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )) الانعام 150 . من عمل حسنة فله عشر امثالها ، و هذا لا يكون بالعمل بل بفضل من الله _ عز و جل _ و رحمته
ثالثا : قوله تعالى (( لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ ۖ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) الدخان 56و 57 . و هذا لا يحتاج بيانا
رابعا : الاية نفسها التي احتج بها عدنان الرفاعي و قال ان الحديث يناقضها ، و كلامه دليل فقدانه لبداهة العقل ، لان الاية تقول (( اورثتموها )) و ليس ((كسبتموها )) لان الكسب هو الذي ياتي مقابل العمل ، و ليس الارث ، فالارث لا يعمل الانسان لكسبه و لا يجتهد في تحصيله ، عكس الكسب الذي لابد للانسان من العمل لاجل الحصول عليه و امتلاكه ، و الجنة جاءت نتيجة ارث لم يكن ينفعهم اجتهادهم في التحصيل و لا العمل لدخولها لولا فضل من الله عليهم و رحمته بهم
خامسا : قوله تعالى (( لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )) الاحزاب 73. ماذا لو لم يتب على المؤمنين و المؤمنات ؟؟ و هل توبته عليهم _ مع عدم اشتراط توبتهم _ من عملهم او من رحمته _ عز و جل _ ؟؟؟

و اعتقد ان في هذا بيانا شافيا و ردا كافيا على المهاترات التي جاء بها هذا الجاهل المتعالم ، و الخوف كل الخوف ان ينزل مستوى مخالفينا عقلا و فهما و فكرا فيقفزون علينا يوما ما بشبهة مضمونها ان اللون الابيض يناقض اللون الابيض

كتبه عمر ايوب يوم الاثنين 15 ذو القعدة 1438 ( 7 غشت 2017 )