عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2007-09-04, 03:42 PM
سيف الكلمة سيف الكلمة غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-23
المشاركات: 194
افتراضي

الفصل الثالث:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
في إعجاز القرآن:<o:p></o:p>
الوجه الأول: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته<o:p></o:p>
-قال القاضي أبو الفضل رحمه الله: <o:p></o:p>
اعلم ـ وفقنا الله وإياك ـ أن كتاب الله العزيز مُنطوٍ على وجوه من الإعجاز كثيرة، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه:<o:p></o:p>
أولها: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته، ووجوه إيجازه، وبلاغته الخارقة عادة العرب، وذلك أنهم كانوا أرباب هذا الشأن، و فرسان الكلام، قد خصوا من البلاغة و الحكم بما لم يخص به غيرهم من الأمم، وأوتوا من ذرابة اللسان ما لم يؤت إنسان، ومن فضل الخطاب ما يقيد الألباب جعل الله لهم ذلك طبعاً وخلقة، وفيهم غريزة وقوة، يأتون منه على البديهة بالعجب، ويدلون به إلى كل سبب، فيخطبون <o:p></o:p>
بديهاً في المقامات وشديد الخطب، و يرتجزون به بين الطعن والضرب، ويمدحون ويقدحون، ويتوسلون ويتوصلون، ويرفعون ويضعون، فيأتون من ذلك بالسحر الحلال، ويطوقون من أوصافهم أجمل من سمط اللآل، فيخدعون الألباب، ويذللون الصعاب، ويذهبون الإحَن، ويهيجون الدِّمن ويجرئون الجبان، ويبسطون يد الجعد البنان، ويصيرون الناقص كاملاً ويتركون النبيه خاملاً.<o:p></o:p>
منهم البدوي ذو اللفظ الجزل، والقول الفصل، والكلام الفخم، والطبع الجوهري، والمنزع القوي. <o:p></o:p>
ومنهم الحضري ذو البلاغة البارعة، والألفاظ الناصعة، والكلمات الجامعة، والطبع السهل، والتصرف في القول القليل الكُلفة، الكثير الرونق، الرقيق الحاشية. <o:p></o:p>
و كلا البابين لهما في البلاغة الحجة البالغة، والقوة الدامغة، والقدح الفالج، والمهيع الناهج، لا يشكون أن الكلام طوع مُرادهم، والبلاغة ملك قيادهم، قد حوَوا فنونها واستنبطوا عيونها، ودخلوا من كل باب من أبوابها، وعلوا صرحاً لبلوغ أسبابها، فقالوا في الخطير والمهين، وتفننوا في الغث والسمين، وتقاولوا في القل والكثر، وتساجلوا في النظم والنثر، فما راعهم إلا رسول كريم، بكتاب عزيز ((لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: 42)، أحمكت آياته، و فصلت كلماته وبهرت بلاغته العقول، وظهرت فصاحته على كل مقول، وتظافر إيجازه وإعجازه، وتظاهرت حقيقته ومجازه، وتبارت في الحسن مطالعه ومقاطعه، وحوت كل البيان جوامعه وبدائعه، واعتدل مع إيجازه حسن نظمه، وانطبق على كثرة فوائده مختار لفظه، وهم أفسح ما كانوا في الباب مجالاً، وأشهر في الخطابة رجالاً، وأكثر في السجع والشعر سجالاً، وأوسع في الغريب واللغة مقالاً، بلغتهم التي بها يتحاورون، ومنازعهم التي عنها يتناضلون، صارخاً بهم في كل حين، ومقرعاً لهم بضعاً وعشرين عاماً على رؤوس الملأ أجمعين:((أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (يونس: 38). <o:p></o:p>
((وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة 23) * (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: 24). <o:p></o:p>
و (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 88). <o:p></o:p>
و (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (هود: 13). وذلك أن المفتري أسهل ووضع الباطل والمختلق على الاختيار أقرب، واللفظ إذا تبع المعنى الصحيح كان أصعب، ولهذا قيل: فلان يكتب كما يقال له، وفلان يكتب كما يريد. <o:p></o:p>
و للأول على الثاني فضل، و بينهما شأو بعيد. <o:p></o:p>
فلم يزل يقرعهم أشد التقريع، ويوبخهم غاية التوبيخ، ويسفه أحلامهم، ويحط أعلامهم، ويشتت نظامهم، ويذم آلهتهم وآباءهم، ويستبيح أرضهم وديارهم وأموالهم، وهم في كل هذا ناكصون عن معارضتيه، محجمون عن مماثلته، يخادعون أنفسهم بالتشغيب و التكذيب، والإغراء بالإفتراء، وقولهم:(إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (المدّثر: 24)، و(سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) (القمر: 2)، و(إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ) (الفرقان: 4)، و (َأسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) (الأنعام: 25)، والمباهتة والرضا بالدنية، كقولهم: (وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ) (البقرة: 88). <o:p></o:p>
(وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ) (فصلت 5). (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فصلت: 26)) والادعاء مع العجز بقولهم:((وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ) (الأنفال: 31) <o:p></o:p>
وقد قال لهم الله: (وَلَن تَفْعَلُواْ ) (البقرة: 24)، فما فعلوا ولا قدروا. ومن تعاطى ذلك من سخفائهم ـ كمسيلمة ـ كشف عواره جميعهم، وسلبهم الله ما ألفوه، من فصيح كلامهم، وإلا فلم يخف على أهل الميز منهم أنه ليس من نمط فصاحتهم، ولا جنس بلاغتهم، بل ولوا عنه مدبرين، وأتوا مذعنين من بين مهتد و بين مفتون. <o:p></o:p>
ولهذا لما سمع الوليد بن المغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم: <o:p></o:p>
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل: 90) . <o:p></o:p>
قال: والله، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوةً، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر.<o:p></o:p>
-وذكر أبو عبيد أن أعرابياً سمع رجلاً يقرأ: <o:p></o:p>
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحجر: 94) فسجد، و قال: سجدت لفصاحته. وسمع آخر رجلاً يقرأ: ((فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً ) (يوسف: 80)<o:p></o:p>
فقال: أشهد أن مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام. <o:p></o:p>
-وحكي أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان يوماً نائماً في المسجد فإذا هو بقائم على رأسه يتشهد شهادة الحق، واستخبره، فأعلمه أنه من بطارقة الروم ممن يحسن كلام العرب وغيرها، وأنه سمع رجلاً من أسرى المسلمين يقرأ آية من كتابكم فتأملتها، فإذا هي قد جمع فيها ما أنزل على عيسى ابن مريم من أحوال الدنيا والآخرة، وهي قوله تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور: 52)<o:p></o:p>
-وحكى الأصمعي أنه سمع كلام جارية، فقال لها: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أو يعد هذا فصاحةً بعد قول الله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (القصص: 7)، فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين، وخبرين، و بشارتين. <o:p></o:p>
فهذا نوع من إعجازه منفرد بذاته، غير مضاف إلى غيره على التحقيق والصحيح من القولين. <o:p></o:p>
وكون القرآن من قِبَل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أتى به معلوم ضرورة، وكونه متحدياً به معلوم ضرورة، وعجز العرب عن الإتيان به معلوم ضرورة، وكونه في فصاحته خارقاً للعادة معلوم ضرورة للعالِمين بالفصاحة ووجوه البلاغة، وسبيل من ليس من أهلها علم ذلك بعجز المفكرين من أهلها عن معارضته واعتراف المفسرين بإعجاز بلاغته. <o:p></o:p>
وأنت إذا تأملت قوله تعالى:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 179 ). <o:p></o:p>
وقوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) (سبأ: 51)). <o:p></o:p>
وقوله:(إدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: 34). <o:p></o:p>
و قوله:(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود: 44)<o:p></o:p>
و قوله (فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت: 40).<o:p></o:p>
وأشباهها من الآي، بل أكثر القرآن حققت ما بينته من إيجار ألفاظها، وكثرة معانيه، وديباجة عبارتها، وحسن تأليف حروفها، وتلاؤم كلمها، وأن تحت كل لفظة منها جملاً كثيرة، وفصولاً جمة، وعلوماً زواخر، ملئت الدواوين من بعض ما استفيد منها، وكثرت المقالات في المستنبطات عنها. <o:p></o:p>
ثم هو في سرده القصص الطوال، وأخبار القرون السوالف، التي يضعف في عادة الفصحاء عندها الكلام ويذهب ماء البيان ـ آية لمتأمله، من ربط الكلام بعضه ببعض، والتئام سرده، وتناصف وجوهه، كقصة يوسف على طولها. <o:p></o:p>
ثم إذا ترددت قصصه اختلفت العبارات عنها على كثرة ترددها حتى تكاد كل واحدة تنسي في البيان صاحبتها، وتناصف في الحسن وجه مقابلتها، ولا نفور للنفوس من ترديدها، ولا معاداة لمعادها. <o:p></o:p>
__________________
سيدتي المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة
رد مع اقتباس