عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2020-11-29, 06:33 PM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,726
افتراضي عصمة النفوس في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-

(( عصمة النفوس في الإسلام ))
من المعلوم أن شريعة الإسلام جاءت بحفظ الضروريات الخمس، وحرمت الاعتداء عليها وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل. ولا يختلف المسلمون في تحريم الاعتداء على الأنفس المعصومة.

والأنفس المعصومة في الإسلام تشمل الأنفس المسلمة وغيرالمسلمة بضوابط شرعية وإليكم البيان:
أنفس المسلمين:
من الأنفس المعصومة في دين الإسلام" النفس المسلمة" فلا يجوز بحال الاعتداءُ على النفس المسلمة وقتلُها بغير حق، ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام يقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾[1] ويقول سبحانه: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾[2]. قال مجاهد رحمه الله: "في الإثم وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق."

ويقول النبي - صل الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"([3]) وفي سنن النسائي عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - عن النبي صل الله عليه وسلم قال: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم". ونظر ابنُ عمر - رضي الله عنهما - يومًا إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: "ما أعظمَك وأعظمَ حرمتَك، والمؤمنُ أعظمُ حرمةً عند الله منك"[4] كلُ هذه الأدلة وغيرهُا كثيرٌ تدل على عِظم حُرمة دم المرء المسلم، وتحريمِ قتله لأي سبب من الأسباب إلا ما دلت عليه النصوص الشرعية، فلا يحل لأحد أن يعتدي على مسلم بغير حق. يقول أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -: "بعَثَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحُرَقة فصبَّحْنا القومَ فهَزَمنَاهُم. ولحقتُ أنا ورجلٌ من الأنصار رجلًا منهم، فلما غَشِيناهُ قال: لا إله إلا الله فكفَّ الأنصاريُ فطعنتُه برمحي حتى قتلتُه. فلما قدمنا بلغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أسامة أقتلتَه بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قلت: كان متعوذًا، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم"[5].
وهذا يدل أعظم الدلالة على حرمة الدماء، فهذا رجل مشرك، وهم مجاهدون في ساحة القتال لما ظفروا به، وتمكنوا منه نَطَقَ بالتوحيد فتأول أسامةُ - رضي الله عنه - قتله على أنه ما قالها إلا ليكفُّوا عن قتله، ولم يقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عذره وتأويله، وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها.

أنفسالمعاهدينوأهلالذمةوالمستأمنين:
ومن الأنفس المعصومة في الإسلام أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي -صل الله عليه وسلم - قال: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا"[6].

ومن أدخله ولي الأمر المسلم بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له، ومن قتله فإنه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لم يَرَح رائحة الجنة"، وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين، ومعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم"[7] ولما أجارت أمُّ هانئ -رضي الله عنها- رجلًا مشركًا عام الفتح، وأراد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن يقتله ذهبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال -صلى الله عليه وسلم -: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ"[8] والمقصود أن من دخل بعقد أمان أو بعهد من ولي الأمر لمصلحة رآها فلا يجوز التعرض له ولا الاعتداء لا على نفسه ولا ماله.

إذا تبين هذا فإن ما تطالعنا به الأخبار من وجود شباب على اختلاف عقائدهم وأفكارهم وثقافاتهم يريدون تغيير الواقع من حولهم بقوة السلاح، وبإرهاب الناس أو قتلهم أو تدمير منافعهم فمثل هذا التخريب أمرٌ محرم لا يُقره دين الإسلام، وتحريمه جاء من وجوه:
١- أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين، وترويع للآمنين فيها.
٢- أن فيه قتلًا للأنفس المعصومة في شريعة الإسلام.
٣- أن هذا من الإفساد في الأرض.
٤- أن فيه إتلافًا للأموال المعصومة.

فليحذر المسلم من الوقوع في المحرمات المهلكات، وليحذر من مكايد الشيطان فإنه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك: إما بالغلو في الدين، وإما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله.
والشيطان لا يبالي بأيهما ظفر من العبد؛ لأن كلا طريقي الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن وعذابه.
وإن ما يقوم به منفذو هذه العمليات من قتل أنفسهم بتفجيرها فهو داخل في عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة"[9].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صل الله عليه وسلم -: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًّا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا"[10].

وإن عمليات النكاية بالكفار التي تُسمى الاستشهادية أجازها جماعةٌ من العلماء المعاصرين بشروط، لا تتحقق هذه الشروط في شيء من العمليات في المسلمين أو في بلادهم، فليتق امرؤٌ ربه، وليحذر أن يقابل ربه وهو يظن أنه يفرحُ به ويُدخلُه الجنة، ويكون الرب جل جلاله ساخطًا عملَه، مبغضًا صنيعَه وتهوره.

ثم ليعلم الجميع أن الأمة الإسلامية اليوم تعاني من تسلط الأعداء عليها من كل جانب وهم يفرحون بالذرائع التي تبرر لهم التسلط على أهل الإسلام وإذلالهم واستغلال خيراتهم فمن أعانهم في مقصدهم وفتح على المسلمين وبلاد الإسلام ثغرًا لهم فقد أعان على انتقاص المسلمين والتسلط على بلادهم، وهذا من أعظم الجرم.

ثم إنه يجب العنايةُ بالعلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة وفقَ فهم سلف الأمة في المدارس والجامعات وفي المساجد ووسائل الإعلام. وتجبُ العنايةُ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي على الحق فإن الحاجةَ بل الضرورةَ داعيةٌ إليه الآن أكثر من أي وقت مضى.
وعلى شباب المسلمين إحسانُ الظن بعلمائهم والتلقيْ عنهم، وليعلموا أن مما يسعى إليه أعداءُ الدين الوقيعةُ بين شباب الأمة وعلمائها، وبينهم وبين حكامهم حتى تضعفَ شوكتُهم وتسهُلَ السيطرةُ عليهم فالواجبُ التنبهُ لهذا.

§§§§§§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس